مدرسة الأمة لتحفيظ القرآن الكريم بمدينة وجدة تحتفي بالحفاظ
مدرسة الأمة لتحفيظ القرآن الكريم بمدينة وجدة تحتفي بالحفاظ والحافظات الجدد من طلبتها في ذكرى مرور عقدين من الزمن على تأسيسها
نظمت يوم أمس الأحد 29 مايو 2016 موافق 21 شعبان 1437 بعد صلاة العصر مدرسة الأمة لتحفيظ القرآن الكريم بمدينة وجدة حفلا بهيجا بمسجد الأمة لتحتفي بالمتفوقين الجدد من طلبتها الحفاظ والحافظات لكتاب الله عز وجل الذين ختموا حفظه هذه السنة . وانطلق الحفل بتلاوة مباركة من الذكر الحكيم تلتها وصلات مديح ديني لمجموعات إنشاد . وقرأت الفاتحة ترحما على روح المرحوم السيد الملحاوي مشيد مسجد الأمة . وقدم بعد ذلك الأستاذ عبد اللطيف وجان أستاذ مادة التربية الإسلامية بالثانوية التاهيلية المغرب العربي، وهو من المهتمين بشؤون هذه المدرسة كلمة كانت عبارة عن استعراض لما حققته من نتائج طيلة عقدين من الزمن مشيدا بجهود المشرفين عليها ، وأنشد عبد ربه قصيدتين شعريتين بالمناسبة . وألتحق بالحفل فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور مصطفى بنحمزة رئيس المجلس العلمي المحلي لمدينة وجدة وعضو المجلس العلمي الأعلى ، ومدير معهد البعث الإسلامي الذي ألقى كلمة قيمة بالمناسبة ركز فيها على كون القرآن الكريم هو صمام الأمان الذي يصون هوية الأمة في زمن تحاك ضدها المؤامرات عبر سلاح الإعلام الذي يروم طمس معالمها الحضارية . وشدد على أن طريقة تلقين كتاب الله عز وجل لا يمكن أن تتم إلا على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكل من نهج غير ذلك النهج لم يحقق الهدف من حفظ كتاب الله عز وجل . وذكر بأن غزوات النبي صلى الله عليه وسلم بدأت ببعثه قراء كتاب الله عز وجل إلى الأمصار لتلقين الناس رسالة السماء . وذكر من القراء كعب بن أبي رضي الله عنه الذي كان له دور ريادي في التمهيد لدعوة الإسلام عن طريق تلقين كتاب الله عز وجل . واستعرض تقاليد الشعب المغربي في التعامل مع كتاب الله عز وجل حيث كانت الأمة المغربية هي حاضنة هذا الكتاب ترعى الحفاظ وتميرهم حبا في القرآن الكريم ،وحرصا على هويتها الإسلامية حيث كانت تخصص ثلث الأعشار للنفقة على المدارس القرآنية ، وكانت صوامع المساجد ترفع الأذان لتنبيه الناس إلى حلول فترة جمع الأموال لفائدة طلبة تلك المدارس، فيسارع الناس إلى بيوت الله ينفقون من أموالهم ليظل كتاب الله عز وجل محفوظا في الصدور في أرض المغرب بغرب العالم الإسلامي . وحث فضيلته على ضرورة إحياء تقاليد المغاربة في خدمة كتاب الله عز وجل، بل اقترح أن يقام مهرجان سنوي يحتفى فيه بالحفاظ والحافظات . ولم تفت فضيلته الفرصة للإشادة بالعاملين في حقل تحفيظ كتاب الله عز وجل ، واعتبرهم جنودا مرابطين لحماية هوية الأمة الإسلامية ،كما أشاد بدورهم في توجيه الناس ودعوتهم إلى الاستقامة عن طريق تنويرهم بكتاب الله عز وجل . وانتقد فضيلته المحاولات المكشوفة التي تروم النيل من أهل القرآن الكريم عن طريق التندر بهم والاشتغال بنقدهم عوض الوقوف إلى جانبهم ودعمهم ماديا ومعنويا . وعرج في كلمته على ظاهرة المساجد في عاصمة المغرب الشرقي مدينة وجدة حيث صارت أول مدينة من حيث عدد المساجد، وعدد الأئمة و المؤذنين والخطباء ، وتنبأ لهذه المدينة بالشأن العظيم في مستقبل الأيام لأنها حاضنة القرآن الكريم بمساجدها ومدارسها القرآنية . وذكر إشعاعها الذي عم جهات أخرى في المملكة حيث شيد المحسنون من أبنائها مدرسة قرآنية بمدينة خنيفرة في منطقة الأطلس بتوجيه من فضيلته بعدما اتصل به في الموضوع الأستاذ المشمول بعفو الله ورحمته السيد محمد راشد مفتش مادة التربية الإسلامية سابقا بالمديرية الجهوية بمدينة جرادة ، وكان يحمل هم الدعوة رحمه الله . وبعد بناء مدرسة الإمام مالك بمدينة خنيفرة انتشرت مدارس أخرى بمنطقة الأطلس ، واتصلت سيدة فاضلة بفضيلته تزف له خبر إقبال نساء هذه المنطقة على حفظ كتاب الله عز وجل بشكل غير مسبوق . ولم يفوت فضيلته الفرصة دون الإشادة بالحافظات وعددهن في تزايد مستمر سنة بعد أخرى ، بل تحدث عن ظاهرة العالمات التي بدأت تظهر في المنطقة الشرقية ،وهن من المتخرجات من مؤسسة دار الفقيهة الكائنة بمنزل المرحوم المناضل عبد الرحمان حجيرة رحمه الله ، والذي أوقف أبناؤه وزير العمران السابق، وعمدة مدينة وجدة الحالي بيته لله لتكون معهد تكوين العالمات والفقيهات . وذكر فضيلته أنه تقديرا لجهود حفظة كتاب الله عز وجل، فإنه يقترحهم دائما خطباء الجمع بين يدي أمير المؤمنين ، ويرى أنهم الأولى بهذا الشرف من غيرهم من الذين يزاحمونهم أو ينافسونهم من أساتذة وغيرهم . وأثنى فضيلته على الفقيه الفاضل السيد عبد الرحمان جامعي الذي رابط لعقدين من السنين في مدرسة الأمة لتحفيظ القرآن الكريم بنكران ذات، وتضحية ، وصبر، واحتساب، وصمت ، وأثنى عليه الثناء الحسن وعلى أمثاله من المرابطين في المدارس القرآنية في الجهة الشرقية . وذكر فضيلته بجهودهم المشكورة في الدورات الصيفية لـتحفيظ القرآن الكريم التي تقام خلال العطل الصيفية من كل سنة ، ويستفيد منها مئات بل آلاف الأطفال الذين يرسلهم أولياء أمورهم إلى المساجد والمدارس القرآنية لتحصيل بعض السور من الذكر الحكيم بدافع حب القرآن الكريم .وأوصى فضيلته خيرا بالناشئة التي تتوجه في قيظ الصيف إلى المساجد لحفظ كتاب الله عز وجل ، وحث المحفظين على الجدية في العناية بهم ، واعتبرالمقصر في ذلك أكبر خائن للأمة لأنه يعبث بفلذات الأكباد التي يضعها الآباء والأمهات والأولياء رهن إشارته ، ويستأمنونه عليها ، وهي أخطر أمانة . وشجع فضيلته الآباء والأولياء على توجيه أبنائهم إلى المدارس القرآنية منبها إلى أن توجيه أبنائهم إلى التعليم العتيق يضمن مستقبلهم بما أصبح يتيحه لهم من دراسة عليا تنتهي بالحصول على شواهد عالية بما في ذلك شهادة الدكتوراه ، والتي تخول لهم الحصول على مناصب عليا كما هو شأن الحاصلين على الشواهد العليا في مختلف التخصصات ، وأشاد بنوعية خرجي التعليم العتيق علما وخلقا واتزانا وقد انتشروا في كل جهات العالم ، وأسس بعضهم معاهد ومدارس قرآنية تعكس الإسلام السمح الداعي إلى التعايش والسلم والأمن في العالم . وأنهى كلمته بالدعاء للساهرين على تعليم كتاب الله عز وجل ، وللداعمين لهم بالجهد والمال . وتناول الكلمة بعد فضيلته الفقيه الفاضل السيد عبد الرحمان جامعي محفظ مدرسة الأمة الذي كانت عادته عدم الكلام خلال عشرين سنة إلا أنه قرر بمناسبة مرور عقدين من الزمن على انطلاق الدراسة بها الحديث عن تجربته ، وكشف أمام فضيلة العلامة لأول مرة عن سر من الأسرار ، وهو تبرمه في بداية مهمة التحفيظ من اعتداء ولي أمر أحد الطلبة عليه ،الشيء الذي جعله يتعمد إظهار عدم الاهتمام بطلبته ،وأكثر من ذلك طلب منهم إبلاغ أمره لفضيلة العلامة الذي انتدبه لتحفيظ القرآن، فاستدعاه هذا الأخير ، واستفسره عن الأمر فحاول الفقيه التمويه على حقيقة تبرمه مشتكيا من عدم استفادته من مقابل فثارت ثائرة العلامة قائلا له : "ّ وهل الإسلام مسؤولتي وحدي ؟ " فكانت هذه العبارة الحافز الذي ظل يصاحب الفقيه السيد عبد الرحمان جامعي طيلة عقدين يحفظ القرآن الكريم محتسبا أجره عند الله عز وجل، ولا يريد من أحد جزاء ولا شكورا. وانتهى الحفل بتكريم فضيلة العلامة الدكتور مصطفى بنحمزة حيث قدم له تذكار المدرسة ، كما كرم الفقيه محمد المومني وقدم له تذكار المدرسة أيضا، وكرم بعض الساهرين على دعم مدرسة الأمة من المحسنين ومن المتطوعين لخدمتها ، كما كرم الفقيه المحفظ السيد عبد الرحمان جامعي . وتم توزيع الجوائز على الحفاظ والحافظات ، وكانت من بينهم ربة بيت، وهي السيدة الفاضلة مريم يوسفي حرم السيد الفاضل بنعيسى قماد أستاذ مادة التربية الإسلامية بالثانوية التاهيلية زيري بن عطية لأكثر من عقدين ، وهو خطيب جمعة ، ومشتغل بالدعوة ، ومهتم بشأن المدارس القرآنية بأحواز مدينة وجدة ، وكان عضوا في خلية الأحواز بالمجلس العلمي المحلي ، ويسعى مشكورا في توفير الدعم لهذه المدارس ، وهي روافد تمد معهد البعث الإسلامي للتعليم العتيق وغيره بالحفاظ . وتم توزيع جائزتين على الجمهور الحاضر المحتفي بالحفاظ والحافظات تشجيعا له على الحفاوة والحضور. وختم الحفل بالدعاء الصالح لأمير المؤمنين وللأمة المغربية والأمة الإسلامية .
وسوم: العدد 670