حروب الشطرنج 3

د. حامد بن أحمد الرفاعي

التحالفات بين الأمم وبين أتباع الأديان والثقافات أمر مشروع..بل هو واجب ديني وضرورة حضارية ومسلك أخلاقي..وذلك من أجل التعاون والتعاضد لدرء المفاسد التي تهدد أمن مجتمعاتهم..أو لجلب مصالح ومنافع تتطلبها حياة شعوبهم..والإسلام يقرر هذا المبدأ الجليل ويؤكده منهجاً حضارياً إنسانياً راشداً..ويقرر القرآن أن التدافع والتعاضد بين الناس مصدر أساس لصرف الفساد عن الأرض وأهلها لقوله تعالى:"وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ"كما يقرر الإسلام العظيم..أن التدافع والتفاهم والتعاون والتضامن بين الناس..نهج حكيم فاعل لحماية الأديان والثقافات لقوله جلَّ شأنه:"وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا"فحماية المعابد رسالة ربانية واضحة جلية..تؤكد احترام وتعزيز منابر التكوين الفكري والثقافي والمعرفي للناس..وتؤكد أن الأديان والثقافات تبقى العامل الأقوى في صياغة ذهنية ووجدان الأجيال..وضبط سلوكهم والتحكم بأدائهم السوي في ميادين الحياة..ولكن ما هي المعايير الصحيحة الإيجابية للبناء المعرفي والوجداني للأجيال..؟بكل تأكيد أول هذه المعايير هو العدل..فإقامة العدل يقف سداً منيعاً دون ولادة المظالم والمفاسد..التي هي أساس نشوء حالة الغضب والنزق والجنوح السلوكي..وثانيها إجلال قدسية حياة الإنسان وكرامته وحريته وعدم انتهاكها..فإنها معايير صدقٍ وبرهانٍ لجديَّة وإخلاص ما يؤمن به المرء ويستقر في وجدانه..وثالثها الإعلاء من شأن قدسية ممتلكات الإنسان وطموحاته وأمنه..ورابعها حماية البيئة بشقيها المادي والمعنوي وعدم إفسادها..وخامسها السلام والتعايش العادل بين المجتمعات..هذه هي معايير إي تحالف إيجابي أو تدافع حضاري راشد بين الأمم..نأمل أن تؤخذ هذه المعايير بعين الاعتبار عند المتحالفين والمتدافعين..حيثما يكون التحالف والتدافع والتعاون والتنافس في ميادين الحياة..والله سبحانه الهادي إلى سواء السبيل.

وسوم: العدد 672