(إسرائيل).. مائة عام عزلة
غسان مصطفى الشامي
منذ أن وطأت أقدام الصهاينة أرضنا الفلسطينية المحتلة، وهم يحيون الوهم والخوف والعزلة والشتات بسبب نواياهم الماكرة الخبيثة في احتلال الأرض وسرقتها وطرد أهلها منها، وقد عملوا بكل قواهم من أجل تحقيق أهدافهم في احتلال أرض فلسطين وتحققت هذه الأهداف الخبيثة، إلا أن اليهود مازالوا على أرضنا المحتلة يعيشون مشاعر (العزلة) والدموية والإرهاب بحق أهل الأرض الأصليين؛وتاريخنا الفلسطيني يذكر أن الفلاحين الفلسطينيين الأوائل قاطعوا المستوطنين اليهود ورفضوا التعاون معهم، ورفضوا بيعهم الأراضي، فيما أسس المستوطنين اليهود (كيبوتسات) زراعية خاصة بهم، عاشوا فيها معزولين عن الآخرين، يعيشون يومهم كطائفة يهودية مستوطنة وليس أصحاب الأرض الحقيقيين.
وأخبرتنا مصادرنا التاريخية أن اليهود على مدار تاريخهم الدموي، كانوا يعيشون في حارات وقرى منفصلة عن الناس، يمارسون فيها طقوسهم وعاداتهم الرديئة، وعاشوا بين البشر يعيثون في الأرض فسادا؛ لذا يبذل اليهود الصهاينة جهودا كبيرة ويعملون على تزييف التاريخ، وتشويه الحقائق، بهدف كتابة تاريخ يهودي وهمي لهم؛ لكن رغم كل ما يبذله الصهاينة في تجميل صورة اليهود إلا أن العزلة تفرض نفسها على اليهود دوما، وذلك لتاريخهم الدموي الأسود بحق شعوب العالم، لذلك قرر العالم الغربي التخلص من اليهود في أوروبا ومساعدتهم في سرقة أرض فلسطين، لتكون (إسرائيل) غرس سرطاني يهدف إلى تفريق الأمة الإسلامية العربية ووئد أية وحدة عربية بين شعوب العرب.
تحيا(إسرائيل) في هذه الأيام في أوضاع صعبة ومرحلة دقيقة من مراحل حياتها القصيرة على أرضنا المباركة، فيما تبذل الدولة العبرية جهودا كبيرة في رفع العزلة عن الكيان وتطبيع العلاقات مع الدولة المحيطة، وكافة دول العالم، لذلك تتجه أنظار المسئولين الصهاينة في هذه الأيام بقوة لتوطيد العلاقات مع الحزب الهندي الجديد الذي فاز بالانتخابات التشريعية الأخيرة صاحب السجل الدموي الكبير بحق المسلمين في الهند، حيث كان رئيس الوزراء الصهيوني(نتنياهو) من أوائل رؤوساء العالم الذين اتصلوا على زعيم حزب (بهارتيا جناتا) الهندي (بنرندا مودي) لتهنئته بفوزه الكبير في الانتخابات التشريعية الهندية، خاصة أن (إسرائيل) تسعى منذ زمن بعيد لتوطيد وتقوية العلاقات مع الهند، خاصة أن الهند تصطف في المعسكر الفلسطيني، وجمدت العلاقات مع العدو الصهيوني منذ عام 1948م حتى عام 1990م، وتنشط المحافل (الإسرائيلية) الخارجية لرسم خطوط العلاقات الدولية الجديدة مع الهند، وعقد تحالفات واتفاقيات كبيرة بما يخدم المشروع الصهيوني على أرض فلسطين ويطيل عمر الكيان.
وأفادت المراكز البحثية الاقتصادية أن (إسرائيل) تمر في هذه الأيام تدهورا كبيرا في الكثير من الأمور على رأسها الاقتصاد والمال، الذي أدت لتذمر قطاعات واسعة من موظفي الكيان، وإعلان إضرابات واسعة عن العمل في (إسرائيل)، فقد شهد مؤخرا القطاع الطبي إضرابات واسعة للممرضين مطالبين بتحسين أوضاعهم ورفع أجورهم، كما أن هناك شبح كبير يخيف الصهاينة دوما وهو التدهور الأخلاقي والقيمي الكبير الحاصل وسط الجيل الصهيوني الجديد، وأبناء الشبيبة، فقد أشار مؤخرا التقرير السنوي للشرطة (الإسرائيلية) إلى أن حجم الأضرار الاقتصادية من عالم الجريمة في العام الماضي 2013م بلغ(15,4 مليار) دولار، وأن حجم الأضرار المتراكمة منذ العام 2001م وحتى العام الماضي 2013م بلغ قرابة (61 مليار) دولار.
وقد تراجعت (إسرائيل) في الفترة الأخيرة في ترتيب سلم التصنيف الدولي في الدول الأكثر تطورا، وهبطت إلى المرتبة 24 بين 60 دولة متطورة في سلم التنافس العالمي الذي يجريه دوريا معهد البحوث السويسري (IMD) حسب مقايس وتصنيفات خاصة وهي الحصانة الاقتصادية، ونجاعة الاعمال التجارية، ومنظومة البنى التحتية، والنجاعة الحكومية، وفي كافة المقاييس السابقة تعاني ( إسرائيل) من تدهور كبير وهبوط نسبتها بين سلم الدول المتطورة.
كما يعاني الكيان الصهيوني في الكثير من دول القارة الأوربية من عزلة اقتصادية واسعة، ومقاطعة لمنتجات المستوطنات، مما أجبر(نتنياهو) على البحث عن بلاد أخرى لرفع العزلة الاقتصادية، وعمد الزعيم الليكودي (نتنياهو) على إبرام اتفاقيات ومعاهدات وصفقات اقتصادية ومالية كبيرة مع دول غير أوربية، مثل اليابان،والصين، ونيجريا، كما اتخذت الحكومة الصهيونية مؤخرا قرارات هامة بالتعاون مع خمس دول تشكل الاتحاد الباسيفيكي في أمريكا اللاتينية؛ وقد خاطب رئيس الوزراء الصهيوني (نتنياهو) أعضاء حكومته قائلا " هذا هو ردنا على أولئك الراغبين في عزلنا، ولدينا أيضا ردا على من يعتبرون قيام دولة اليهود في (إسرائيل) نكبة، والرد هو قانون أساس يُعرف دولة (إسرائيل) كدولة يهودية وديمقراطية، ونحن سنبدأ في تشريع هذا القانون خلال الدورة الخالية ".
كما تعاني الدولة العبرية في هذا العام من تدهور في الوضع الاقتصادي لديها، فقد أشارت معطيات اقتصادية نشرت حديثا الى انخفاض معدلات النمو في الربع الأولى من العام الجاري، و أن معدلات الاستهلاك والاستثمار في تراجع كبير، فقد أوضح خبراء الاقتصاد الصهاينة أن معدلات النمو في (إسرائيل) تراجعت بما يقترب من واحد بالمائة في الربع الأول من هذا العام، وأن (إسرائيل) تعاني من غلاء فاحش في الحياة واسعار المواد الاستهلاكية وارتفاع نسب الفقر والبطالة في دولة الكيان، فيما أجبرت الأوضاع الاقتصادية المتردية في الكيان العمل على تقليص ميزانيات الجيش الصهيوني، فقد حذر رئيس الأركان الصهيوني " بيني غانتس " من وقف التدريبات العسكرية لوحدات الاحتياط كافة في الجيش الصهيوني في ضوء العجز المالي، كما أعرب (غانتس) عن قلقه الكبير من سوء الاوضاع المالية، مشيرا إلى أن المنظومة الأمنية الصهيونية تواجه في هذه الأيام تحديات كبيرة غير مسبوقة على مستوى الموارد، وقد يكون لها تداعيات خطيرة على الأمن والجيش، وأن قرارات إلغاء تدريبات قوات الاحتياط الصهيونية يعد الأهم في سلسلة القرارات المؤلمة التي اتخذتها دولة الكيان، معربا عن تخوفه من جاهزية الجيش الصهيوني لصد ومواجهة أي عدوان جديد قد تتعرض له (إسرائيل) مستقبلا.
إذن شبح عزلة (إسرائيل) عن الآخرين، ومقاطعتها دبلوماسيا واقتصاديا، وتجاريا، يؤرق المسئولين الصهاينة بصورة كبيرة، ويثبط من عزيمتهم ومعنوياتهم، ويمثل عقبة كئود أمام تحقيق الكيان الصهيوني أهدافه على أرض فلسطين ومواصلة الجرائم (الإسرائيلية) بحق الأرض والإنسان والهوية.
إلى الملتقى ،،