عادة الكلاب عند المتعاطفين مع أصحاب الانقلاب
أكثر من جهة في العالم كانت تود لو أن الانقلاب في تركيا نجح نكاية في حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية الذي أثبتت نجاح تجربته في الحكم والتفاعل الناجح مع الديمقراطية والتعايش مع قوى علمانية قوية أرغمتها اللعبة الديمقراطية على قبول تجربة هذا الحزب الإسلامي في تدبير شأن البلاد وهي قوى كانت ترفضه جملة وتفصيلا ،وتتوجس منه ، ومن تجربته في الحكم ، إلا أن رياح هذا الحزب جرت بما لم تشتهه سفن الانقلابيين ومن كان معهم خارج تركيا . وبعد فشل المحاولة الانقلابية بفضل الله عز وجل الذي وعد عباده المؤمنين بمعيته ونصره ،وبفضل وعي الشعب التركي الذي جرب الاستبداد العسكري من قبل لعقود كما جرب الديمقراطية في ظل حكم حزب العدالة والتنمية . وبنفس السرعة التي فشل بها الانقلاب العسكري انقلب تربص السقوط بحزب العدالة والتنمية عن طريق الانقلاب العسكري إلى تظاهر بتأييد الديمقراطية والتباكي بدموع التماسيح عليها بشكل مكشوف . وما كادت الشرعية تبدأ بملاحقة المتورطين في الانقلاب من ضباط برتب عليا وجنود وعناصر شرطة ودرك وقضاة ومدعين عام ... حتى بدأ التباكي على مصير هؤلاء علما بأن المتباكين عليهم لم يتباكوا على شعب أمطرته طائرات ودبابات وبنادق الانقلابيين بالقذائف والرصاص الحي . ونشرت بعض مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية صور الانقلابيين وقد جردوا من ثيابهم ووضعوا في عنابر، وذلك لجلب التعاطف معهم بالرغم من أنهم عصابات إجرامية أجرمت في حق الشعب التركي، وفي حق الشرعية والديمقراطية . وبدأ بعض المحسوبين على الفكر والتحليل من أمثال الفلسطيني عبد الباري عطوان الحربائي التوجه يتحدثون بسوداوية قاتمة عما بعد فشل الانقلاب العسكري في تركيا تماما كما كانوا يقولون قبل فوز حزب العدالة والتنمية التركي في الانتخابات وبعد ذلك . ولا يفوت هؤلاء الفرصة لتلفيق التهم للرئيس التركي من خلال تخويف الشعب مما سيفعله في الأيام المقبلة، علما بأن الرجل يجعل الأمر بيد شعبه ليقرر ما يشاء في موضوع الخيانة العظمى التي اقترفها الانقلابيون بإيعاز وتشجيع من قوى خارجية دلت عليهما مؤشرات لا يمكن القفز عليها أو التشكيك فيها أو التمويه عليها . وإذا كان المجرمون يعاقبون في كل دول العالم، فإن البعض لا يرى الانقلابيين في تركيا مجرمين، الشيء الذي يعكس رغبتهم الدفينة في تأييد الانقلاب إذ لا مبرر للتعاطف مع الانقلابيين إلا إذا كان من يتعاطف معهم يؤيدهم في ما قاموا به، علما بأن المجرمين لا يجب أن تأخذ الناس فيهم رأفة في دين الله . ويخشى المتعاطفون مع الانقلابيين أن يقر الشعب التركي عن طريق برلمانه عقوبة الإعدام حرصا على حياة مجرمي الانقلاب الذين كانوا مصرين على القتل و الفساد والإفساد والاستبداد . ويحاكي المتعاطفون مع الانقلابيين تصريحا أو تلميحا الكلاب في عادة لهثهم مهما كانت ظروفهم كما جاء في الذكر الحكيم في سياق الحديث عن الكافرين (( مثلهم كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث )) فالذين لهثوا قبل الانقلاب لهثوا خلال الانقلاب وهم يلهثون بعده لأن حزب العدالة والتنمية يتسبب لهم في غصة لا خلاص منها إلا بالتخلص منه بشكل أو بآخر سواء كان انقلابا عسكريا أو انقلابا انتخابيا كما حصل في مصر وتونس ، ذلك أن فضيحة الانقلاب العسكري في مصر هي التي جعلت عبقرية خصوم حزب النهضة التونسي ذي المرجعية الإسلامية تتفتق عن الانقلاب الانتخابي وهو أشد مكرا من الانقلاب العسكري . ومع فشل الانقلاب العسكري في تركيا ولى مؤيدوه وجوههم شطر الانقلاب الانتخابي من خلال بداية حملة انتخابية جديدة قبل الأوان ضد حزب العدالة والتنمية، وضد الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يتهم بمحاولة استرجاع الخلافة العثمانية على حد قول الذين يستهدفونه . ولا يتردد أشباه الكلاب من المتعاطفين مع الانقلاب من اتهام أردوغان بأنه سيصفي خصومه السياسيين مستغلا فشل المحاولة الانقلابية على حد زعمهم . ويحاول أشباه الكلاب استعداء المؤسسة العسكرية على أردوغان ،وقد بدت بعض ملامح هذا الاستعداء من خلال تسويق بعض الدعايات والأراجيف المغرضة من قبيل تعمد أردوغان إهانة الجيش عن طريق إهانة الانقلابيين بتجريدهم من لباسهم ، وفي هذه الدعاية ما يؤكد أن أشباه الكلاب قلوبهم كانت مع الانقلابيين الذين يعتبرونهم جزءا من الجيش التركي مع أنهم تنكروا له وتركوا ثكناتهم ومهمة حمايتهم للوطن وأرادوا السطو على الحكم لإعادة تركيا إلى فترة الاستبداد العسكري الذي أذاق الشعب التركي الويلات التي لا زالت آثارها عالقة في أذهان أبناء هذا الشعب الذي قفز قفزة نوعية في مجال الوعي السياسي أو النضج السياسي وذلك بفضل التجربة الديمقراطية التي أوصلت حزب العادلة والتنمية إلى مقاليد الأمور، وقد عبر عن طريق إنجازاته الكبرى عن اتقانه للعبة الديمقراطية واحترامه لها بل ودفاعه عنها باستماتة . وعلى الكلاب اللاهثة في وطننا العربي أن تحترم عادة الكلاب فيما يخص القضية التركية . وعلى هؤلاء أن يحولوا اهتمامهم إلى توجيه عناية شعوبهم المغلوبة على أمرها خصوصا في الأقطار التي يستفحل فيها الاستبداد كما هو الحال في مصر وسوريا للاستفادة من وعي وشجاعة وثبات وصمود الشعب التركي البطل .
وسوم: العدد 677