حسن الهلالي في اسطنبول
ذكّرنا بعض نعال البيادة بالفيلم القديم الشهير " أمير الانتقام " الذي أنتج في عام 1951وكان بطله الممثل المعروف " أنور وجدي " وقام بدور (حسن الهلالي) الشاب النبيل الذي دبر له غريمه مكيدة ظالمة ، ليقبض عليه ليلة زفافه، ويدخل السجن ويقضي مدة طويلة دون تهمة أو محاكمة . يتعرف في السجن على رجل عجوز طيب القلب، يدله على مكان كنز، وبعد أن يموت العجوز يهرب حسن الهلالي من السجن ، ويسعى للعثور على الكنز، ثم يقرر العودة إلى بلده للقصاص ممن ظلموه والزواج من عروسه. ويخوض صراعا ضاريا مع رموز الشر والظلم في المدينة : جعفر البحار ومتولي المرابي وشاهين المملوك وبدران رئيس الشرطة فينتصر عليهم جميعا، وفي الوقت نفسه يكافئ من ساعدوه ووقفوا إلى جانبه ..
يستدعي نعال البيادة قصة أمير الانتقام بصورة عكسية ، تتجلي فيها مواهبهم في الكذب والدجل والتضليل والسفالة والانحطاط والوضاعة . ثم يقارنون جريمة الانقلاب العسكري الدموي الفاشي في مصر بالانقلاب الآثم المماثل في تركيا ، ويطلبون من المسلمين ( اسمهم الكودي الإخوان ) أن يحمدوا ربهم، ويبوسوا أيديهم وجها وظهرا أنهم مصريون، لأن قائد الانقلاب عندنا رجل طيب وليس طيب رجب قردوجان ( هكذا يسخر منه الفاشلون! ) الذي تركهم في وظائفهم، ويقبضون رواتبهم، ويستفيدون من منظومة الخبز وبطاقات التموين، ولم يشردوا كالإبل بعد ٣٠ يونيو. ويجب أن يسجدوا لله حمداً وشكراً، لأن قائد الانقلاب لم ينتقم، أو يثأر، أو يحكّم فيهم الميليشيات الانكشارية تسومهم سوء العذاب، وتخلعهم من وظائفهم جملة، وتقتلعهم من مقاعدهم جماعات، وتسوقهم إلى المعتقلات زرافات ووحدانا، ولم تحكم فيهم الشك! وكأن المسلمين قادوا الدبابات والطيارات، ودكوا جموع الناس والمؤسسات وذبحوهم على البسفور والفاتح وفي قلب البرلمان ، ثم قلبوا نظام الحكم!
نعال البيادة يرون أردوغان منتقما جبارا وجزارا تركيا حاقدا يجتز الرقاب، والمسلمون في مصر يجب أن يقدسوا الإنسانية التي صنعها انقلاب يوليو الثاني ويشكروه مقارنة بما فعله أردوغان في اسطنبول وأنقرة من عزل وإقالة وسحب رخص وإبعاد واعتقال .. إن أعداد الخونة الذين شاركوا في الجريمة وينتظرون تطبيق العدالة تفزع النعال البائسة وتخيفهم لأنها – كما يقولون - تعبر عن شبق إجرامي يمارسه قردوجان؟!!. مع أنهم ألحوا في المطالبات بتطهير الخلايا النائمة في مصر ، ولا حياة لمن تنادى !!.
يا لها من إنسانية زائدة عن الحد لدى الخدم المحرضين المخبرين الكذابين المفترين !
هذه الإنسانية تتجاهل أن الانقلاب التركي كان يطلب رقبة الطيب أردوغان الذي يسميه النعال قردوغان وما زال يطلبها ، وصنعوا أغنية للمكوجي الذي ينعق بالقول : "القرد شلح جيشه" يهاجم فيها الرئيس التركي .
النعال الكاذبة نسيت أن الانقلاب الدموي الفاشي في مصر ، تجاوز كل الحدود والأعراف والقوانين ، حين قتل ومازال أكثر من ثمانية آلاف مسلم في الحرس الجمهوري والمنصة ورابعة العدوية والنهضة والفتح واكتوبر والقائد إبراهيم وبقية الشوارع والميادين والبيوت والمدن والقرى ، وألقي وراء الأسوار المظلمة أكثر من ستين ألفا من خيرة أبناء مصر يتزايدون مع فجر كل يوم ، وصادر أموال المسلمين - حتى اللاعب الخلوق محمد أبو تريكة صادروا أمواله لأنه يصلي! - وأقام المحاكم المسيّسة التي تحكم بأحكام الإعدام والمؤبد في تهم ملفقة ، وطارد عشرات الآلاف في المنافي والغربة ، وفصل المئات من وظائفهم ونكل بأساتذة الجامعات ، وأقال المسئولين الجامعيين الذين انتخبهم زملاؤهم ، وفرض الإرهاب على كل من يرفض الحكم العسكري بمداهمة البيوت الآمنة في جوف الليل ، وكسر أقلام الشرفاء الذين يقولون ربنا الله ، وطرد مئات الأئمة والخطباء وانتهي إلى فرض خطبة موحدة تقرأ من ورقة رسمية ، وحرم الدعاء على الظالمين ، وصار له مخبرون في كل شارع وحارة ومصنع ومؤسسة وجامعة ومدرسة وصحيفة وقناة وإذاعة ، وترك منظومة الخبز نهبا للصوص والحرامية!
النعال تتجاهل أن أردوغان الذي كان مستهدفا - وما زال - مع حكومته وحزبه وشعبه من حقه أن يعاقب الجناة الذين خرجوا بالدبابات والإف 16 والأسلحة الأخرى ليفتكوا بالشعب الطيب ويفككوا تركيا ، ويأتوا على وحدتها واستقرارها وحريتها وديمقراطيتها واقتصادها وصناعتها وزراعتها وتعليمها وتقدمها وفقا لرغبة العم سام وأتباعه الأعراب . ليس واردا أن يكافأ هؤلاء المجرمون الإرهابيون على قتل أكثر من ثلاثمائة بريء ، وأكثر من ألفي جريح ، وتعطيل مصالح البلاد والعباد ، فضلا عن قصف القصر الرئاسي والبرلمان !
لاشك أن الغرب الذي خطط مع الأعراب للانقلاب في تركيا مثلما فعل في مصر ، أزعجه فشل الانقلاب الدموي ، فراح يتباكى - ومن خلفه الأعراب وخدامهم - على حقوق الإنسان وقسوة أردوغان ، وشبقه للانتقام ، أملا في حماية عملائه الخونة ، مع أن القصاص حق مشروع ، وينفذه حسن الهلالي في اسطنبول وأنقره بالعدل والحق ، وقد أطلق حتى كتابة هذه السطور سراح ألف ومائتي متهم ثبت ألا علاقة لهم بالانقلاب . وإذا كان المصريون فشلوا في القصاص ، فالله المنتقم الجبار لن يضيع حقوق المظلومين والضعفاء ، ولن يُفلت الظالمين بالدماء والأرواح التي أزهقوها!
قال السيناتور الأمريكي ميشيل روبين قبل أسابيع فقط إن جهات سياسية أمريكية مستعدة للاعتراف بأي انقلاب يستطيع الإطاحة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مع أن أردوغان وصل إلى السلطة بانتخابات شعبية ديمقراطية مائة بالمائة، بينما بشار الأسد وصل إلى السلطة زوراً وبهتاناً، وغيروا له الدستور عندما نصبوه كي يناسب عمره الصبياني . وتباركه أميركا مع بقية العالم الصليبي الدموي ، وتتجاهل قتله لشعبه على مدار الساعة !
لا أظن حسن الهلالي سيفرط في حقوق شعبه الذي سانده ، وتصدى وهو الأعزل للدبابات والسلاح ، وأرغم الإرهابيين الخونة على الاستسلام . وقد جاء وقت تنظيف اسطنبول وغيرها من الدولة العميقة : عدو الإسلام والحرية والحق والعدل والصدق!
واضح أن الأميركان أصيبوا بالذهول وهم يرون عملاءهم يتساقطون في تركيا ، لقد شدد نائب رئيس الحكومة التركية والمتحدث باسمها، نعمان قورتولموش على أن الإرهابيين المجرمين سيحاولون زرع الفتنة بين الشعب، وتشتيت إرادته، وتحويل تركيا لدولة مناهضة للديمقراطية، تتراجع عن حقوق الإنسان والحريات، لتكون دولة استبدادية. ولكن تركيا ستكون بعد اليوم في مكانة متقدمة في مقاييس الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات ، وإن «المرحلة المقبلة ستشهد تطوير لغة جديدة في عالم السياسة وميادين أخرى، تحمل روح الإخوة والوحدة والتعاون».
الله مولانا ، اللهم فرّج كرْب المظلومين ، اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم !
وسوم: العدد 679