أذكر بأسف
أذكر ( بأسف ) كم كنت أدافع عن حسن نصر الله وحزبه ، وبخاصة عام 2006 .. لم أهتم لحظة بكونه شيعياً ، فقد كنت أراه رمزاً لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي ولاشأن لي بمذهبه الديني ، كتبت سيلاً من المقالات وظهرت على القنوات الفضائية ، وخاصمت من كان يشكك به ..
ويوم اندلعت الثورة السورية ، ترقبت أن يكون له دور إصلاحي ، وأن يكون وسيطاً بين الشعب الذي أحبه وناصره وعلق صوره على جدران بيوته ، وبين السلطة التي كان يمنحها سمة الممانعة ، بكونه يختص وحده بالمقاومة .
لم أكن مخدوعاً ، وإنما كنت مأخوذاً بالهم الوطني ، الذي دفع شعبنا كله لرؤية نصر الله مقاوماً شريفاً ، وغض الطرف عن الجملة الأخيرة التي كان يختم بها كل خطاب يلقيه ( الثأر الثأر للحسين ) ..
ذات يوم ( وكنت وزيراً يومذاك ) استقبلت وفدا رفيعاً من جماعة حزب الله ، ودعوتهم إلى غداء في مطعم النبلاء ، وطلبت من كبيرهم أن ينقل أسمى تحياتي لسماحة السيد ، وقلت مداعباً ممازحاً :
( أنا محب لحسن نصر الله بدافع وطني ، وأراه رمزاً للمقاومة الشريفة ، وحين يلقي خطاباً أصغي إليه بجوارحي ، حتى إذا ختم خطابه بتأكيد الثأر للحسين ، يأخذني الوجوم ، وأدرك أن العرب جميعاً لايهتمون بوعيد الثأر ، لأن الحسين قضى بعيداً عنهم ، فأهل مصر والسودان والمغرب العربي والسعودية والخليج العرب وتركيا وما ليزيا وأندونيسيا كلهم أبرياء من دم الحسين ، ولا أحد تنخزه شوكة الثأر غير أهل الشام ، مع أنه لم يبق أحد من قوم يزيد حياً ، وليس لحسن نصر الله نصير غير أهل الشام ، فهل يهدد حسن نصر الله أنصاره الذين يحبونه اكثر مما يحبه أهل الضاحية ؟؟ ) .
قال كبير الضيوف ( هذا كلام يقوله سماحة السيد من أجل العامة ، فهو لايقصد أبعد من المظلومية التي حملناها من التاريخ ) .
قلت : أما آن الأوان لآسقاط هذه المظلومية فقد بتم السادة الذين يهتف لكم أهل السنة وأهل الشام جميعاً ؟ إن كان سماحة السيد يعرف من قتل الحسين بيننا ، فليعلن اسمه وبوسع أجهزة الأمن في سورية أن تلقي القبض عليه فوراً وننهي قضية الثأر المؤرقة هذه ) ..
ضحك الرجل ، وكتمت ضيقي بهذا الإصرار على الثأر ، وهو يحقن أجيالاً بمشاعر الكراهية ويحثهم على العنف ، فيما نحن أهل السنة غير مسؤولين أصلاً عن دم الحسين ، ولا عن سبي زينب ، وكنت دائماً أردد ( تلك أمة قد خلت ) ..
ولقد فوجئت حين دخل حسن نصر الله إلى القصير يقتل ويذبح ، ويضع لافتة الثأر للحسين على مئذنة مسجد ، ويجعل رايات الثأر شعاراً لميليشياته ،مدعياً على نحو (المضحك المبكي ) أنه لن يسمح بأن تسبى زينب مرتين ، قلت ( إذن فقد جن الرجل وظهرت حقيقة لم نكن ندركها في حديثه عن الثأر ، ومحال أن يكون قد فهم أن شباب دمشق ودرعا وحمص وإدلب وحماه ومحافظات سورية كلها خرجوا في المظاهرات كي يسبوا زينب ) لكن نتاج ما فعله حسن نصر الله أنه دمر حزب الله ، وخرج من التاريخ خائناً لدينه وعروبته وستلعنه الأجيال إلى يوم الدين ، ومجرماً كبيراً وخطيراً ستلاحقه دماء الأطفال السوريين ، وقد ضل الطريق إلى القدس فظنها تمر بحلب ، والأدهى أن يصر على أضحوكة المقاومة والممانعة وقد صارت بقيادة بوتين ولافروف ، وسيدهما نتياهو !!!!!العدد 683