الشاعر حيدر الغدير وما شعر
وبه أستعين على الظالمين.
لست أدري سبب ترددي في الكتابة عن شاعر إنسان، عرفته منذ عرفته قبل نصف قرن من الزمان المتقلب بسرائه وبأسائه، وكان ذلك مع أخي وصديقي الحبيب الشاعر مصطفى الغدير، تغمده الله برحماته ورضوانه، وهو الأخ الشقيق الأصغر لشاعرنا حيدر.. فرأيت فيه - في حيدر - من قيم الشهامة والمروءة والنبل، والذوق، والتسامي عن الصغائر ومحقّرات الذنوب، بله الأكبر منها، والتعلق بالقيم العربية الإسلامية، والوفاء، ما جعل حبال المودة والإخاء بيننا تزداد قوة ومتانة مع الأيام، فالأسلاك ساخنة، تحمل ما تحمل من صدق الإخاء، وكرم الأرومة، وشموخ العروبة، ودفق العاطفة الصافية، وكأنها من عذوبة (الفرات) الذي ارتوى منه أيام النشأة في دير الزور، وعذوبة (النيل) الذي ارتوى منه أيام الطلب في القاهرة.
ذوق، ولطف، ثقافة ووعي، التزام صادق هادئ ولكنه صارم، بأخلاق الإسلام، ذلك ما جعل أحاديثه ومكالماته ورسائله عسلاً مصفى، لا شائبة تشوبها سوى غربتها، فهي تحيا في زمن ضلّ أهلوه، أو كثير منهم، سبل الرشد والرشاد.
وكانت قصائده تغذو، بقيمها الغنية الأصيلة، قيمه في الحياة، وهي قيم عربية إسلامية إنسانية أصيلة، فهي منها في تجذّرها وأصالتها، وليست إليها حسب، فللإنسان منها النصيب الأوفى. وهذا هو شعره أمامكم، تأملوه وتدبروه، لتكونوا شهداء معي على صدق ما أقول ولا أزعم.
هذا بضع من الشاعر الإنسان حيدر الذي كان (غديراً) عندما تعرفت إليه أواخر ستينيات القرن الفائت، ثم ما لبث أن صار فرعاً من فروع (الفرات) العظيم، الذي يمتد من عروس الشرق السوري، مدينة (دير الزور) إلى مدينة (الرياض) التي تبهرني ضخامتها، وخاصة بعد أن احتضنت ابن الفرات (حيدر) وفرحت به، شاعراً فراتياً فذاً، هي في مسيس الحاجة إليه وإلى أمثاله من الشبان - كانوا - المثقفين، الذين حطوا رحالهم في رحابها، وهم ذوو همم عالية، وثقافات باذخة، ووفاء لعمتهم (الرياض) منهم كاتبا المقدمتين(
[1])) للديوان مقدمتان نفيستان، الأولى "أخي حيدر الإنسان"، للأستاذ عبد الرزاق ديار بكرلي، والثانية "أخي حيدر الشاعر"، للدكتور أحمد البراء الأميري.
وسوم: العدد 683