أعيادنا بين الفرح والتَرَح
إن سألتني عن الفرحة في العيد فلن أتردد في الإجابة بأنني أفرح به ولزاماً عليّ أن أفرح، فإذا لم نفرح بطاعة ربنا، وبحلول مواسم الخير بنا، فما الذي يفرحنا إذاً؟
إنّ أعيادنا ترتبط بعبادة الله وطاعته، فعيد الفطر يرتبط بطاعة الصوم، ويوم العيد نفرح لتمام هذه الطاعة، ونبتهج لأن الله وفقنا لبلوغها، ويسر لنا أداءها، ويوم الأضحى يأتي في خِضّم موسم عظيم من مواسم الخير، وهو جزء من الأيام العشر من ذي الحجة، وهي خير الأيام وأفضلها، فلذلك أقسم بها ربنا فقال: "والفجر . وليال عشر" وهي أوقات طاعة وتكبير، وفي يوم الأضحى ينحر المسلمون ذبائحهم طاعة لمولاهم وقربة إليه، ويأتي هذا العيد في أيام شعيرة عظيمة من شعائر الله وهي شعيرة الحج وهو الركن الخامس من أركان الإسلام.
وهناك من يقول: كيف تنسون أمتكم وهي غارقة في دمائها؟ والمجازر قد عمّت أرجاءها؟ وتنتهك كل يوم حرماتها؟
أقول له رويدك أخي الحبيب، فالمصاب واحد، والجرح والألم واحد، وقلوبنا جميعاً تتمزق لهول ما أصاب أمتنا ووطننا الحبيب سوريا، ولكننا نطبق سنة نبينا ونقلد صحبه الكرام، فإظهار السرور في هذه الأعياد من شعائر ديننا كما قال ابن حجر في فتح الباري، وهو طاعة كما قدمنا، وفي الفرح تسرية للنفوس وعلاج لها، وزيادة في قوتها، ورفع لجاهزيتها، فهذه حكمة الله حتى لا تضعف تلك النفوس فتهلك.
ومع ذلك كله تبقى الفرحة منقوصة غير كاملة، يشوبها الكثير من الحزن والألم على من فقدنا من أحبابنا، وعلى ما آلت إليه بلادنا من دمار وقتل وتهجير وتشريد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فهل بعد ذلك نفرح أم نحزن؟ هل نبالغ في فرحتنا إلى حدٍ نتناسى فيه ما يحدث لأهلنا وأمتنا؟ أم نقتل الفرحة في نفوسنا وندمرها في نفوس أزواجنا وأطفالنا بمعاول الحزن والقنوط؟ طبعاً لا هذا ولا ذاك فلا بد للمسلم أن يكون متوازناً في شأنه كله، فيجب عليه أن يظهر فرحته ويدخل السرور على أهل بيته لأن في ذلك عبادة وقربة إلى الله دون مبالغة أو تعدٍ أو شطط، يقول الله عز وجل: (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)، ودون أن ينسى مصائب الأمة وآلامها التي تعيشها اليوم، فيرتب أولوياته لخدمة قضايا أمته بعد راحة قصيرة في ظلال طاعة مولاه.
وسوم: العدد 685