وقفة لغوية هادفة عند لفظة "انتخاب "
لا حديث في هذه الأيام بين الناس وفي وسائل الإعلام ،ووسائل التواصل الاجتماعي إلا عن الانتخابات في وطننا . وتختلف الأحاديث عن الانتخابات بين الجد والهزل ،والعمق والسطحية، والصدق والكذب ، و التصديق والتكذيب ، والثقة والشك ، والتخويف والتأمين ،والربح والخسارة ، والشفقة والشماتة ، والتآلف والتنافر ، والتحالف والتدابر ، والنصرة والخذلان ، والبيع والشراء ، والمدح والقدح ،والتزكية والتخوين ، والتبرئة والاتهام .... إلى غير ذلك من الثنائيات المتناقضة حسب طبيعة الخوض والخائضين في الانتخابات وبينهم خلاف واختلاف . ورأيت أن أخوض في الانتخابات خوضا لغويا هادفا لأربطه بعد ذلك بالوضعية الراهنة في بلادنا ،وهي تترقب السابع من أكتوبر وما سيحمله من أنباء قد تسر ،و قد تسيء و قد تصدق ،وقد تكذب ، وقد لا تشفى غلة ،و قد لا يحصل حسم ، وقد تكون المفاجأة ،و قد تظل دار لقمان على حالها في انتظار سابع آخر .ولفظة انتخاب في لغة الضاد ،وهي لغة اشتقاقية مشتقة من الجذر الثلاثي ( نخب ) نون وخاء وباء ، فنخب ـ بفتح الخاء ـ ينخب ـ بضم الخاء ـ نخبا ـ بتسكين الخاء الشيء إذا نزعه . ويقال نخب الصقر الصيد إذا نزع قلبه . وأما نخب ـ بكسر الخاء ـ ينخب ـ بفتح الخاء ـ نخبا ـ بتحريك الخاء ـ الرجل إذا كان جبانا أو منزوع القلب ، ويقال له نخب ـ بفتح الخاء وكسرها ـ ونخبّ ـ بكسر النون وفتحها وبفتح الخاء وكسرها مع تضعيف الباء ـ و يقال له أيضا أنخب ، والنّخبة ـ بضم النون المضعفة وتحريك الخاء ـ والنخيب، والمنخاب ، والينخوب . وأما المزيد من فعل نخب فيكون أنخب إذا جاء الرجل بولد جبان . ويكون انتخب ،وهو الفعل الذي اشتق منه الانتخاب بمعنى اختار وانتزع أيضا . والاختيار من فعل خار الشيء إذا فضله على غيره وانتقاه . والنخب الشربة من الخمر أو غيرها تشرب لصحة الضيف أوالعشير أوالصديق أو القريب أوالحبيب . والنخبة وجمعها نخبات تطلق على المنتخبين ـ بفتح الخاء ـ .وهي اسم مفعول واسم الفاعل منها المنتخبون ـ بكسر الخاء ـ ولا يقال الناخب للمنتخب ـ بكسر الخاء ـ لأن الناخب هو الذي ينزع الشيء ، أو الجبان المنزوع القلب أو الفؤاد أو الضعيف والفاتر أو المصوت صوت البقر . وإذا ما تأملنا دلالات هذه المادة اللغوية ، وحاولنا ربطها بوضعيتنا الحالية ونحن ننتظر يوم الانتخاب يمكن الخوض في هذا الانتخاب على الشكل الآتي :
ـ فالنخب بمعنى النزع أو أخذ النخبة ـ بفتح الخاء ـ فقد يكون نزع أصوات المنتخبين ـ بكسر الخاء ـ بطريقة أو بأخرى بخدعة أو بمال أو غير ذلك . وقد ينخب المنتخبون ـ بفتح الخاء ـ المنتخبين ـ بكسر الخاء ـ كما ينخب الصقر الصيد وينزع قلبه . و قلب الإنسان ينزع إذا أغري بمال أو عطاء أو امتياز، وقد جبل الإنسان على حب المال حبا جما . وفي هذه الحال يصير الانتخاب عبارة عن عملية قنص فيها قناصون وطرائد .
ـ والنخب بمعنى الشرب لصحة الخلان ، فسيكون لا محالة نخب يقدمه الفائزون لخلانهم نكاية في الخاسرين وشماتة بهم .
ـ والنخب بمعنى الجبان ، فلربما منع الجبن الحبان من إتيان الانتخاب على وجهه ، وهو شهادة ، فيكون الجبان بمنزلة كاتم الشهادة وقلبه آثم ، علما بأنه أصلا لا قلب لمنزوع القلب الذي صاده الإغراء بمال أو بامتياز أو حتى بوعد عرقوب .
ـ وقد ينخب المنتخبون ـ بفتح الخاء ـ إذا عضوا كما ينخب النمل ، عضات كبيرة تؤلم المنتخبين ـ بكسر الخاء ـ وتجعلهم يعضون أناملهم ندما وحسرة ولات حين مندم .
ـ والنخبة بمعنى الإست تطلق على السافلة ، فقد يفضي الانتخاب بالوطن إلى مؤخرة الركب الحضاري .
وأنخب بمعنى جاء بالولد الجبان ،فقد يأتي الانتخاب بالجبناء الذين لا طاقة لهم بالعفاريت والتماسيح .
ـ والمنخوب تطلق أيضا على المهزول الذاهب اللحم ، فقد ينهب المنتخبون ـ بفتح الخاء ـ الوطن فيصير مهزولا .
ـ والنخبة بمعنى المختار من كل شيء ، فقد يبتسم الحظ لهذا الوطن بحسن اختيار وانتقاء النخبة ، وحينئذ ستكون تجربة الانتخاب ناجحة إن شاء الله تعالى.
وسوم: العدد 686