يسألون.. من أنت؟؟؟!!!

إن تطرقي لبعض المواضيع الشائكة.. الملتهبة.. ذات الشجون المأساوية.. الواقعية.. الميدانية..

واعتراضي على بعض السلوكيات التقليدية.. الخاطئة..

وتبياني للمقاصد الحقيقية.. الفعلية للدين.. والمجهولة من عامة المسلمين.. ومشايخهم التقليديين..

يُحدِث صدمة.. وزلزلة.. وارتجاج في عقولهم..

فينبري بعضهم قائلاً:

من أنت؟؟؟!!!

للإستصغار.. والإستخفاف.. والإستنكار!!!

وما علم هؤلاء المساكين.. الطيبين.. البسطاء..

أن الإنسان:

بأصغريه.. قلبه.. ولسانه..

وأن الحكمة.. ضالة المؤمن.. أنها وجدها.. أخذها..

ولا يهم.. من هو قائلها..

ولا يهم..  إن عمل بها.. أو لم يعمل..

المهم.. أصل الفكرة المطروحة.. هل هي صحيحة.. أو خاطئة؟؟؟!!!

ولكن المساكين.. الذين لا يستطيعون حيلة.. ولا يهتدون سبيلاَ..

ولا يملكون حجة.. ينقضون بها الفكرة..

يلجأون: إما إلى السب.. والشتم...

أو.. إلى إسقاط الفكرة على قائلها...

فيقولون بكل وقاحة.. وصفاقة:

هل أنت قمت بهذا.. أو عملت هذا؟؟؟!!!

على كل حال...

الجواب:

إني عبد.. بسيط..

لكنه.. 

يمتلك عاطفة جياشة.. متوقدة.. وقلباً مكلوماً.. متحرقاً.. متألماً.. على أوضاع شعبه.. وبلده..

وقلماً سيالاً.. أحد من السيف.. مجاهداً في سبيل الله.. للدفاع عن شعبه.. وبلده..

ولساناً صارماً.. قاطعاً.. ينطق بالحق.. دون تلجلج.. ولا تلعثم.. ولا تردد..

وصوتاً مجلجلاً.. مزمجراً.. هادراً.. يحطم الباطل.. وأهله.. والطاغوت.. وعبيده.. 

 وعقلاً متفتحاً.. يمكنه من معرفة المقصد الحقيقي للدينونة لله.. والعبودية لرب العباد..

وفكراً واسعاً.. يمكنه من معرفة..

أن الطقوس.. والحركات التعبدية..

ليست هي ذاتها.. التي تحقق العبودية للواحد الأحد.. وإنما ما وراء الحركات.. والغاية منها..

فالذي يؤدي حركات الصلاة.. ولا يطئمن.. ولا يخشع للمعبود.. فهو لم يصل..

كما ورد في البخاري..

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ السَّلَامَ فَقَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ثَلَاثًا فَقَالَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ فَمَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي قَالَ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا )...

والذي يصوم عن الطعام في رمضان.. ولا تصوم جوارحه.. وعقله.. وفكره عن الحرام.. لم يصم..

كما ورد عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:

من لم يدَعْ قولَ الزُّورِ والعملَ به ، والجهلَ في الصُّومِ ، فليس للهِ حاجةٌ في ترْكِ طعامِه وشرابِه )...

والحج مثله.. فالذي يحج.. ويترك شعباً يُذبح.. ويُقتل.. يوميا.. لم يحج...

والحج ليس كالصلاة.. التي لا يمكن تركها.. ولو كان في النزع الأخير من حياته..

فيمكن أن لا يحج الإنسان نهائياً.. ولا يكون آثماً..

طالما أنه يشتغل بأعمال.. فيها الدينونة لله تعالى.. وفيها خدمة لدينه.. والدفاع عن عباده المؤمنين.. أكثر من الحج.. 

فصلاح الدين.. فاتح بيت المقدس.. وقاهر الصليبيين.. وعلماء عديدون.. ويقال أن السلاطين العثمانيين.. لم يحجوا في حياتهم البتة..

هل كانوا يجهلون قيمة الحج.. أو يستهينون بها.. أو ينكرونها؟؟؟

لماذا لم يحجوا؟؟؟!!!

لأنهم كانوا مشغولين بالجهاد.. وهو أفضل من الحج..

فتعظيم الحج المفرط.. وتفضيله على عبادات أخرى.. أهم منه.. وإعطائه هالة كبيرة..

كالذي يصوم رمضان.. ولا يصلي..

أو الذي يصلي صلاة العيد.. ولا يصلي المفروضة..

ما هو إلا سوء فهم.. وقصور في فهم الدينونة.. والعبودية لله تعالى..

كما:

وأن الأحجار.. والأماكن.. ليست هي مقدسة لذاتها.. وإنما لأن الله قدسها.. وأمر رسوله والمؤمنين بتقديسها..

وأن رحمة الله.. وفضله.. لا تنحصر في زمن واحد.. أو مكان واحد - وإن كان لهما قدسية خاصة -

وإنما هي عامة.. وشاملة.. بدون حدود.. ولا قيود...

والله قريب في كل مكان...

( وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَيۡهِ مِنۡ حَبۡلِ ٱلۡوَرِيدِ )...   ق 16

فالذي يحرص على أن يكون في عرفات.. يوم عرفات.. ظناً منه أن الله يتجلى على أهل عرفات فقط!!!

هذا قصور في الإدراك.. وسقم في العقل.. ومرض في القلب...

نعم...

الله يتجلى على عرفات.. وينظر إليهم نظرة خاصة.. ولكنه جل جلاله.. ينظر إلى الأرض كلها.. في نفس اللحظة.. ولا يغيب عنه شيء.. ويعلم السر.. وأخفى.. ويرى الفقراء المعذبين.. ويبصر المحسنين لهم.. والذين آثروا الإنفاق عليهم.. على الذهاب إلى عرفات.. فيعطيهم من الأجر.. أضعاف ما يعطيه لأهل عرفات..

فالله تعالى.. لا يُشغله شيء عن شيء..

( يَٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٖ فَتَكُن فِي صَخۡرَةٍ أَوۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٞ )... لقمان 16        

وسوم: العدد 688