عاصفة الضحك: وجدي غنيم!
عرفت في طريقي في هذه الحياة أربعة أشخاص يحملون اسم وجدي: أولهم جارنا في درب العيوش..
والثاني الرجل الداعية الموهوب المميز وجدي الغزاوي صاحب قناة الفجر للقرآن الكريم، وهو إعلامي فائق وداعية سمين جداً باللغتين العربية والإنجليزية، اختفى لسبب لا أعرفه، اللهم اجعله خيراً..
ثم الرجل الجميل وجدي العربي الشجاع المحتسب، والممثل الذي قدم لي على خشبة مسرح قطر الوطني مسرحية الأعظم صلى الله عليه وسلم، ومسرحية: اقتلوا يوسف!
ورابعهم هذا الرجل المتناقض شكلاً ومضموناً، الذي أتحدث عنه اليوم: الشيخ وجدي غنيم، فهو (الجواب اللي ما بيبانش من عنوانه!) حين تراه لأول مرة ستتعجب لا شك من تكشيرته، وتحس أنه يحمل هموم الدنيا، وأنه لا يمكن أن يجذبك لشيء، يدعم ذلك صلعته، والسمرة التي تكسوه من جذوره الصعيدية السوهاجية، واللحية البيضاء التي تغطي مساحة كبيرة من وجهه، رغم أنه يأخذ منها كثيراً..
لكن نصيحتي ألا تنخدع بمظهره الجاد الذي يبدو كشِراً لأول وهلة، فتحت هذا المظهر إعصار من خفة الدم، وتسونامي من النكت، وتايفون من القفشات، وهوريكين من الطرائف، وعواصف من الوضوح، وتيارات من الظرف، تسبقها وتتخللها وتتلوها وتلفها صواريخ من الجرأة في الحق، والنقد اللاذع، والصدق الدعوي - نحسبه والله حسيبه - يرسل ذلك كله في تلقائية، وبساطة، ولهجة ودود، لا تملك معها إلا أن تنفجر في سلسلة من الضحكات المتتابعة، التي لا تمهلك إحداها حتى تأتي الأخرى على إثرها، فينفتح قلبك لما يقول، وتتفاعل معه ببساطة وحب وقبول.
وقد تعرفت عليه في مناسبة غريبة.. فعام 2003 أخبرني الصديق عقيل الجناحي عن داعية مصري خفيف الدم اسمه وجدي غنيم - ولم أكن سمعت أبداً باسمه، نتيجة قرف مزمن يلازمني من بعض الدعاة ومن الإعلام - يريد أن يستضيفه في برنامجنا التلفزيوني تنوير، فسألته:
مين وجدي ده؟ عمري ما سمعت اسمه! فقال: هايعجبك جداً.. أنا متأكد!
قلت: كويس.. ماشي. وكنا يومئذٍ في مقبرة أبي هامور نشيع متوفي إلى رحمة الله تعالى، وبعد أن خرجنا من المقابر، شغل عقيل كاسيت السيارة، فسمعت ضحكات عالية بعد جملة قالها رجل، فامتعضت، وقلت:
ما يصير يابو ناصر؛ عيب! معقول تشغل مسرحية واحنا طالعين من المقابر؟ ما ينفعش يا راجل، الله يهديك!
فقال عقيل.. بس اسمع واصبر!
فأخذت أنصت وأتفاعل لأجدني أسمع محاضرة دينية في مسجد، ثم بعد دقيقة أنفجر ضاحكاً وأسأله: مين الراجل الظريف ده؟
فقال: دا الشيخ وجدي غنيم اللي عايز استضيفه!
فقلت: توكل على الله..
وجاء الشيخ وجدي ليسكن من يومها في قلبي - ولن يخرج إن شاء الله تعالى- إذ فاجأني بداعية مجاهد صادق دؤوب صلب جلْد، تفتح له خفة دمه وظرفه قلوب الحاضرين الذين يتكدسون ألوفاً للاستماع له..
لا أريد قارئي العزيز أن أطيل في الحديث عن الشيخ وجدي؛ فدعني أذكر بعض قفشاته اللطيفة، وانتبه أن بعضها ذو علاقة بالتعذيب، والعسكر، والظلم:
اعتاد الأحبة أن يتبادلوا رسائل الـــ sms صباح كل جمعة للدعاء والتواصل، وذات جمعة كتب لي الشيخ وجدي:
يمكن أن تشتري بالمال بيتاً، لكن به لن تشتري وطناً..
وبالمال تشتري ساعة وليس زمناً..
وبالمال تشتري سريراً وليس نوماً..
وبالمال تشتري الدواء وليس العافية..
ألا ترى أن المال ليس كل شيء في الدنيا؟
يمكنك إذن أن تحول أموالك لحسابي وحدي!
* وفي جمعة أخرى كتب: واحدة بتنادي على جارتها: الحقيني يا أختي..
قالت: فيه إيه يامّ محمد؟
قالت: بعثت جوزي يجيب ملوخية، خبطته عربية وراح المستشفى!
فقالت الجارة: وهاتعملي إيه دلوقت يامّ علي؟
قالت: أمري لله: هاعمل بامية!
* وفي هجوم له على القرّاء الأونطجية، الذين يقرؤون القرآن نفاقاً وارتزاقاً قال:
واحد جايبلك في سورة الأنعام الآية كده: (... مباركٌ فاتبعوه، واتقوا، لعلكم ترحمون) طب وهي الآية كده برضه يا مجرم؟!
هات الآية من الأول: (وهذا كتابٌ أنزلناه مباركٌ فاتبعوه واتقوا) اللي هو إيه؟
الكتاب اللي أنزلناه، مش الم.....ة اللي نازلة!
* انت عايز أجهل من التلفزيون؟ بيسألوا واحد مرة: مين اللي بنى الكعبة؟ قال لهم:
عثمان أحمد عثمان؟
تصدق دي؟ عشان هو اللي بيبني كل حاجة يبقى هو اللي بنى الكعبة!؟
* مرة واحد بيحقق مع أخ بيقول له: انت فاكر نفسك مسلم لوحدك ياله؟ انت حافظ كم جزء ياله؟
فقال: أحفظ 17 جزءاً، فرد عليه: أنا حافظ 43 جزء.. مش عايز أقول لك يعني!
* عسكري غلبان بيكلم صاحبه: فلان دا راجل واصل قوي مع ربنا..
فقال الآخر: ازاي؟ فقال: عليّ الحرام من كذا دا عنده مصحفين في المكتب، حافظهم الاتنين!
شفت الراجل ملتزم أد إيه؟ حافظهم الاتنين!
كان يسير في مسيرة انتخابية يتابعه خلالها ضابط شرطة وأثناء المسيرة (الإسلامية) أخذت الحمية أحد بائعي الدجاج فنادى بصوت عالي: قربي يا ولية.. شوفي الفراخ الإسلامية!
فقلب الضابط كفيه، وخاطب الشيخ وجدي قائلاً: هي الفراخ كمان بقت إسلامية!
فقال له الشيخ وجدي: هو مش الديك بيدن (يؤذن)؟ تبقى الفراخ إسلامية..!
وعندما رشح نفسه في الإسكندرية وقام رجال الأمن بنزع لافتاته، وذهب للشرطة ليشتكي، فقال له الضابط: شعار الإسلام هو الحل ممنوع يا عم الشيخ!
فقال له الشيخ: خلاص سأكتب اليفط وعليها شعار (.. هو الحل) فقط.
فرد الضابط: أنت بتضحك علينا؟ ما هو كل الناس عارفة إن شعاركم إن الإسلام هو الحل!
فقال الشيخ مازحاً: خلاص سأكتب.. هو.. فقط!
فقال الضابط: أيضاً ممنوع يا عم الشيخ كلمة هو! هذه سيعرف منها الناس أنك تقصد الإسلام أيضاً.. بلاش تلعب علينا؟!
* واحد طلع من السجن، وكان متوضّب جامد (أي عُذب بشدة) فقيل له:
ادعي على اللي عذبوك.. فأحب أن يدعو عليهم بالفصحى، فلم يستطع.. ربما لأنه لا يحسن الدعاء، فقال: اللهم.. اللهم.. اللهم هزَّأهُم كما هزَّؤونا!
* يا أخي فيه آخرة، وفيه ميزان، وفيه صراط، وفيه حساب، بس الشيطان بيقول لك:
اظلم وادّيها عمرة/ ادِّيها حجة/ حج مرتين في السنة ياللا ولا يهمك!/ عشان ربنا يمسح لك الذنوب/ راجل راجع من العمرة قالوا له: إيه رأيك في العمرة؟ قال لهم:
حلوة خالص: التليفونات والطرق والفنادق والخدمات ما شاء الله..
أنا أنصح كل واحد عايز يعمل عمرة يعملها في السعودية!
* مرة كنت بعمل مسابقة في فرح.. وبعض الناس بيجاوبوا بالفهلوة، سألت عن الصحابي غسيل الملائكة.. مراته اسمها إيه..
فقال أحد الموجودين: اسمها مدام حنظلة!
* كان يتحدث عن الرجولة ذات مرة، فسأل: إيه معيار الرجولة؟ إنو يدخن/ يا سلام/ إنو يمشي مع بنات/ كويس/ إنو يسب، ويا سلام لو سب دين/ آه/ هي دي الرجولة، ويا سلام لو سب ربنا، حتى مش هامه من ربنا/ الله الله/ تعالى تعالى/ دانتا عايز تتنضف/ عايز تستحمى وتتليف/ مين اللي حط فيك القيم المنيلة دي؟!
* اعتقل ضابط في الشرطة (رجل محشش) فسأله: الجوزة بتاعة مين؟ فرد: بتاعتي.. فسأله الضابط : والحشيش لمين؟ فرد المحشش بتاعي..
فاقتاده الى النيابة، ولما عرضوه عليها سأله القاضي: هل الحشيش لك؟ فرد: لا ليس لي، فقال القاضي: لكنك قلت للضابط إنه لك، فرد الرجل: ما تصدقنيش سيادتك... أنا كنت محشش.
* وعن احترام أهل الزوجة قال الشيخ: إن جاء أهل الزوجة أحطهم على راسي؛ إلا في حالتي طبعاً؛ لأنني أصلع، وهايتزحلقوا!
* وطلب من البنت أن تجمل نفسها وشعرها، وألا تتوقف عند تسريحتي (الكعكة وذيل الحصان) ثم أعقب ذلك بنكتة: "حمار بيتفرج على سباق خيول، فرأى حصاناً جميلاً طويل الشعر، فأخذ نفساً وقال في أسىً: آآآآآآآآآآآخ! يا ريتني كملت تعليمي!
* ومن طرفه أن بعض الطلاب كانوا يمتحنون في حفظ القرآن، فدخل عليهم المدرس متوتراً، فسأل الأول: اسمك إيه؟ فقال: يوسف. قاله سمع سورة يوسف..
وسأل الثاني: اسمك إيه؟ فقال: يونس. قاله سمع سورة يونس، وسأل الثالث: اسمك إيه؟ قاله اسمي عمران.. بس بيدلعوني كوثر!
وقال أحدهم لصاحبه: قل لي من أنت أقل لك من تكون. فقال متسائلاً: من أنت؟ فرد عليه: من تكون!؟
وتحدث عن متعاط للحشيش يخاطب صاحبه: في الصين كل دقيقة ينولد واحد.. شوف التطور! مش زي عندنا كل 9 أشهر!
كفاية كدا من الشيخ وجدي؟ واللا نقول كمان؟!
وسوم: العدد 694