مدينةُ حلب أو " حلب الوَقْف"

إنَّ  أوَّل وَقْفٍ وُجِدَ في مدينةِ حلبَ بعدَ الفتحِ الإسلاميّ هو المَسجدُ العُمَريّ "الشُّعَيْبيَّة"، ثمَّ تتابَعت الأوقاف في تلك المدينةِ حتى أصبحتْ من أكثرِ البلادِ أوقافاً مُتنوعةَ المَقاصدِ مُتعدِّدَةَ الأهدافِ، داعِمَةً إلى مايَدعو إليه الأدَبُ وتُنادي به الفَضيلةُ ، فأوْقَفَ أوَّلو الفَضْلِ والسَّعة في حلب أموالَهم في سبيل الخير،  لتكون وسيلةَ خيرٍ وإغاثةٍ وتعليم ؛ وغايةً نبيلةً تُشيعُ علاقاتِ المحبَّة والإخاءِ بين أبنائها، وفي سَبيلِ المَصْلَحةِ العامَّةِ، كبِناءِ  الْمَدارسِ والْمَساجدِ لوَفْرَةِ الطُّلاب الوافدين إليها ، وتنويرها بالعُلماءِ والمُرشدين، والطَلَبة والمُتعلمين،  فانتَشَرَ العِلْمُ فيها  ونَفَقَتْ أسواقُه ، وتقدَّمَتْ به تقدماً عظيماً. 

كما أقدَموا على إشادَةِ الزَّوايا والتكايا والخَوانق والْمَشافي لتكونَ عَوناً لأبناءِ السبَّيل والعَجزَةِ والأيتامِ، والفقَراء المُتَجَمِّلِين بالعِفَّة { يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَيَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً.. }، حتى كادت نصف عقارات حلب وأراضيها وَقْفاً،  وأصبَحَتْ تُدعى" حلَبَ الوَقْف"  لعُلُوِ شَأنها وعَظيمِ اعتبارها.

• الخَوانِق ؛ واحدها الخانْقاه ؛  أو الخانكاه، من المُولّد المُعَرّب عن الفارسية، وأطلقوها على بيت الزُّهّاد ومأوى المُتصوّفة،   حدثَتْ الخانقاهات في الإسلام في حدود سنة ٤٠٠ هـ.

• التَّكايا ؛ واحدها " التَكيّة"  ؛من التركية عن الفارسية مُجتمعُ الدراويش، يقابلها بالعربية؛ الرِباط والزاوية. عرفت التكايا منذ القرن الخامس الهجري.

• المدرَسة الشُّعَيْبِيَّة ؛ بناؤها داخل باب انطاكية،  أُطلِقَ عليها الشُّعَيْبِيَّة نسبةً إلى فقيهٍ أندلسي درَّسَ بها " شُعَيْب بن أبي الحَسَن الأندلسي " المتوفى سنة 596هـ.،  أقيمتْ المدرسةُ زمن السلطان محمود بن زنكي على قواعدَ أوَّلِ مسجدٍ اختطه المسلمون عند فتحِ مدينة حلب، دُعِيَ بـ: "مسجد الأتراس" لأنَّه  عندما فتحَ المسلمون حلب دخلوها من باب إنطاكية ووقفوا داخل الباب ووضعوا أتراسهم في مكان فبُني ذلك المكان مسجداً ، كما دُعِيَ بـ: "المسجد العمري" نسبة للخليفة عمر بن الخطاب (ر)  الذي تمَّ الفتح الإسلامي للمدينة بعهده،  كما دُعِيَ بـ: "مسجد الغضائري" نسبة إلى قاطنها الزّاهد علي بن عبد الحميد الغضايري المُتوفَّى سنة 313هـ،  كما يعُرف بين العامة باسم "جامع التوتة".

وسوم: العدد 696