من ذكريات ذكرى المولد النبوي !
اعتدنا في جميع المدن والبلدات والقرى السورية أن نظهر الفرحة بمولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا سيما بعد أن جُنّ جنون الحزب الفاسد حزب البعث النصيري بتضخيم الاحتفالات بميلاد حزبهم البائد الكاسد !؟
فوجدت الجماهير والعلماء و شباب الإسلام بغيتهم في إظهار ماتكنه القلوب لقائدها ونبيها، في احتفالات تنضبط بالضوابط الشرعية ، وتكون فرصة للتذكير بسيرته العطرة ، وعدالة الاسلام ورحمته !
وكان من وصية أستاذنا الشهيد إبراهيم عاصي - طيّب الله ثراه - لنا في جسر الشغور أن تكون المشاركة عامة ومتعددة ، وأن تُصب الجهود كلها في إظهار المناسبة بما يليق بها ، حتى المقصرين بحق أنفسهم ليشعروا أنهم جزء من مجموع المسلمين !
فكانت فرصة للتبليغ والتذكير في جميع المساجد بشكل مرتب : كل ليلة في حي من الأحياء ، منشدون ، شعراء ، متحدثون ، مستضيفون ، شباب يحرسون ، ومولدات كهرباء ، ومصابيح غازية ( تحسباً لما يمكن أن يُظهر الرفاق من حقارة ) وقد فعلوها مرتين فأطفِئت الكهرباء وقُطِعَت ! ؟ أطفأ الله ذكرهم ، وقطع أذاهم !
وفي آخر ليلة من ليالي الاحتفال يُخصص الحفل ليكون جامعاً ، فتستضيف المدينة علماء ومنشدين من المدن المجاورة كالشيخ المجاهد محمد أبو النصر البيانوني والشيخ الشهيد محمد خير الدين الزيتوني - رحمهما الله - وسيد المنشدين حسبةً ودعوةً المنشد أحمد بربور - طيّب الله ثراه - والأستاذ محمد جعفر شردوب - حفظه الله - وغيرهم !
وفي اليوم التالي تخرج مسيرة عفوية من جامع الأنصار على رأسها الأخ الشهيد عبد الكريم النايف خطيب المسجد ، ومعها أعلام ورايات ومنشدون يحدون لها ، حتى تصل إلى منطقة الصومعة ، وقد تضخمت بانضمام الإخوة القادمين من حي التركمان !!
وفي منطقة الصومعة على طريق حلب اللاذقية يكون اللقاء ، فتنطلق المسيرة ، وهي تهتف للإسلام ولقائد الأمة حياً ميتاً سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وشعارها :
إن الرسولٓ لٓحٓيُّ في ضمائرنا - على الزمان يرى منا ويستمعُ !
وتكون صلاة الظهر في الجامع الكبير ، بإمامة الشيخ نور الدين الخطيب - رحمه الله - خاشعة مطمئنة ، وكلمة للأستاذ عبد الكريم وحيد حلي ، وأخرى لأستاذنا أبي عمار إبراهيم عاصي ( هذا الوصف أكثره ينطبق على احتفالات ١٩٧٢ ) وربما عادت المسيرة لتطوف بعض أحياء المدينة ، وقد ازداد عدد المنضمين لها ، حتى تضيق بها الشوارع ، في المقدمة المنشدون من آل رضوان ، وعلى بُعد أمتار الهاتفون للإسلام ونبينا القائد يتقدمهم الشقيق محمد أبو علي ! وياله من يوم مشهود غاب عنه التصوير والتوثيق !؟
ولكن يبقى في الذاكرة عدد من خطباء الذكرى ومنشدوها من أهل بلدتنا وريفها المجاهد ، والداعمون ، والقائمون على خدمة وترتيب الحفل ! أمثال : الحاج عبد الباسط حلي والدكتور نجدة الأفندي والدكتور بد رالدين بحرو والأستاذ محمد كمال مرشان والإخوة محمد شمسي ، ومحمد منصور ويحيى تلجو وعبد الرحمن عاصي وعبد الرحيم منصور وعبد الله ميليش ونجيب نعنوع وسمير زوين وجاهد نجار، وعدنان مرشان ورافع نجاري ، وأحمد شحادة أبو نهاد ، ومحمد زكي حلي أبو كلال ، وأبو محمد صبوح ، وأبو علي هبل ، وشهيد انتفاضة الثمانين سليم قطرون ، والحاج أبو محمد فريج ، وأبو حسن شمسي ،وكثير من محبي الرسول الكريم ! لم تحضرني أسماؤهم !
وفي هذه المناسبة كم وكم من تائب ! رجع إلى الله ، وكم وكم من غافل تنبه من غفلته ! وكم وكم من مقصر استدرك تقصيره !
في إحدى هذه الاحتفالات لقيت أحد أبناء المدينة ( ف .ن . ع )وهو من أسرة كبيرة ، يُعٓدُّ من المطالعين ، ولديه ثقافة وقراءات ، فأسر لي بأنه راجع نفسه اليوم وقال لها : هل كل هؤلاء على خطأ، وأنا على صواب ، ثم أردف : هل تعلم أنني شيوعي ؟ قلت :لا ! قال : أنا عائد إلى ربي وديني في هذا اليوم !
توفاه الله بعد ذلك ، أسأل الله له ، ولجميع المسلمين المغفرة والرحمة !!
فجزى الله أساتذتنا وعلماءنا والدعاة إلى الله كل خير ، وحفظ شباب الإسلام الذين تربوا في محاضن الدعوة المبصرة ، والحركة الرائدة ، وفي رعاية العلماء المخلصين ! فكانوا مفخرة لأهل السنة والجماعة ، وجند حق مجاهدين ، منهم من قضى نحبه ، ومنهم مٓن ينتظر ، ومابدلوا تبديلا !!
ذكرى تعود ، ومولدٌ يتجدّدُ - ياطيبٓها ذكرى ! ونِعمٓ المولدُ !!
هلّتْ مطالِعُه ربيعاً نٓيّراً ... - فالبُشرياتُ تفتُّح وتوٓرُّدُ !!!!
رجع الزمانُ بيوم مولدِه فتىً - والنورُ أشرق ، واستنار الفرقدُ !!
أبو بشر
وسوم: العدد 697