مسؤولو الصف الثاني والقوى المسيطرة
تتميز منظومات مسؤولي الصف الثاني الفاسدة بقوة ترابطها وسيطرتها الغير
محدودة على كامل مفاصل النظام الإداري التنفيذي ، بدء من أعلى سلطة للهرم
الإداري إلى أدناها ، وهي تتميز بتكوين لوبي عظيم متمرس في البقاء
والمناورة واللعب على كافة المعايير المتاحة ، دون مراعاة لأبسط المبادئ
الانسانية او حتى الاخذ بالاعتبار لأي شيء يقف بطريقهم ، وذلك لضمان
استمراريتهم بالاقتيات على مقدرات هذا البلد ، معتبريه مجرد بقرة حلوب
تخدم احتياجاتهم وجشعهم ونزعاتهم العنصرية ، المبنية على حقد دفين ضد كل
ماهو جميل .
تلك المنظومات تمتلك من قوة البقاء مالا يملكه اعتى المخلوقات على الارض
، انها اشبه بنظام فيروسي بحت مصمم فقط للبقاء والتدمير دون أي اعتبار
للمجتمع الذي حوله ومدى معاناته ، وهي مترابطة ومبنية على قاعدة المصلحة
المطلقة ، يقتاتون على منهج شريعة الغاب ، سلاحهم الأمثل منطق القوة
والعنف والإذلال لأجل لقمة العيش ، مؤمنين ان البقاء للأقوى وليس
الأكفاء ..الأصلح .. الأفضل .
أياً كانت التغييرات الرئيسية ، فيبقى مسؤولي الصف الثاني هم فعليا من
يديرون النظام ، وهم اعرف المتواجدين بمداخله ومخارجه ومن يمكنهم إفشال
المسؤول الرئيسي او ابقائه ، فهم يجيدون التلاعب بالعواطف والمبادئ
واحتياجات الناس ، ويتقنون السيطرة على كل مفاصل المعلومات السابقة،
والتي سيحتاجها أي مدير جديد مستقبلا لاتخاذ قراراته إضافة الى إدارتهم
دفة الامور وفق اهوائهم وبحسب ما تمليه مصالحهم واحتياجاهم و جشعهم ، وفق
أجندات خاصة بهم ضمن شبكتهم اللامتناهية من الفساد والذي تصل الى كل
أرجاء المجتمع بكل طبقاته وفئاته .
لا يمكن إقالتهم ببساطة، فإقالتهم أسهل وأسرع طريق لإفشال المدير الجديد
فهم الاعلم والأدرى بكل ما يدور بمتاهات واروقة تلك الإدارة او المؤسسة ،
ناهيك عن أن الكثير منهم لديه خبرات متراكمة كبيرة بنفس المجال ، ووجودهم
يفيد المؤسسة او المنظمة او الدولة او حتى الإدارة ، والتخلص منهم هو
حرمان البلاد من خبراتهم المتراكمة خلال فترة خدمتهم ، وهذا غير ممكن
قبوله في وطن يزداد جراح وخسارة في مواردة البشرية المتميزة .
نعم هم نظام الإدارة العميق المظلم ، الذي بالكاد يمكن السيطرة عليه في
ظروف حالية ، مالم يكن هناك حزم وعمل جاد نوعي لتحييد تلك القوى او
السيطرة عليها ، وفق مبادئ علمية مدروسة باستقطاب تجارب سابقة لدول كبرى
ومتقدمة ، اجتازت هذه المرحلة بنجاح ، واستطاعت وضع قوانين حقيقية حازمة
، تضمن حصول كافة مستويات الإدارات على صلاحيات واضحة منسقة وفق نظام
قوي للضبط والرقابة الداخلية ، تحت إدارة جهة محايدة تتولى مهام الضبط
والمراجعة الداخلية ، وتقرير كل التجاوزات والمسؤولين عنها ، وتطبيق مبدأ
الثواب والعقاب بحزم ،محدد فيها كافة العلاقات التي تربط بين كافة القوى
في النظام الاداري، وهناك الكثير من الحلول التي لا يتسع المقام لذكرها
وتفصيلها.
فور التعيين لن يكون هناك أي مشكلة تذكر ،او أي عقبات يجدها المدير
الجديد تعرقل سير عمله ، ولكن ستبدأ تلك المشاكل عند بدأه بإجراءات
التغيير ، وهنا تبدأ تضارب المصالح في تحريك الدوافع العدائية ، وحشد
مراكز قوة معادية بالتبعية ، ومن ثم سيفرض على المدير الجديد مجاراتهم ،
و العمل لصالحهم ، وان يتعايش معهم ويكون جزء لا يتجزأ منهم ، يأخذ نصيبه
من دماء المساكين وخيرات هذا الوطن ، تحت إدعاء الإصلاح والعمل لصالحه ،
وإلا فهم سيكونون اول عقبة تضمن نزوله فاشلا ذليلا معاقا مطرودا ، ذو
نظرة سيئة لدى كل من عهدوه بالصلاح ومحاولة التغيير الى الافضل ، لانتشال
هذه المنطقة او الإدارة من براثن الانتهازية المتعاقبة ،والمسيطرة على
كافة مواردها لتشغيلها وفق احتياجاتهم ورغباتهم الغير محدودة ، وسيعملون
جاهدين لوضعه قيد الطلب لتنفيذ كافة طلباتهم وابتزازاتهم ، بقرارات
وتعيينات خاصة تخدم مصالحهم ومشاريعهم ، إضافة إلى تجميد كافة صلاحياته ،
وجعله أشبه بتمثال يحمل فقط اسم مدير بينما هو بالحقيقة خادم لرغباتهم
فاقداً لأبسط الصلاحيات.
سينفذون كافة ضغوطاتهم بدرجات متفاوتة متصاعدة ، تصل أوجها كلما زاد
الخناق عليهم بتحييد صلاحياتهم وقدراتهم ، وصولا بالنهاية الى الانتحار
باستخدام طرق رديئة بائدة تفتقر الى التخطيط والتنسيق ، تدل على عشوائية
وتخبط غير مسبوقاً في تعاملاتهم وإدارتهم لأمور بالسابق ، هنا فقط تكون
بداية نهايتهم ، ولكن فقط إن استطاع المدير الجديد الصمود ووجد دعم
لامحدود من السلطات المركزية ، مدعمة بقوانين صارمة ، وغطاء شعبي اجتماعي
حقيقي نابع من الاحساس بالمسؤولية تجاه هذا الوطن المنهار.
إن فكر المدير الجيد بالخضوع والاستسلام ، فإننا ننصحه بالبقاء حيث كان
سابقاً او العودة اليه ، وعدم تحمل تبعات هذه المسؤولية العظيمة ، التي
ستدمر كل نزعات الخير والأعمال الجليلة في سابق عهده ن ومستقبل انجازاته
، وسيجد نفسه امام خيار تجاهلهم او تهميشهم والعمل على محاسبتهم وتجريمهم
، وهذا سيجلب له ما لا يستطيع تحمله من متاعب وإقصاء ، إضافة إلى إثارة
كافة القضايا الشائكة وتحجيم كافة إنجازاته ، هذا فقط ان لم يقف أبناء
هذا الوطن العظيم وقفة رجل واحد لدعمه ، والوقوف الى جانبه للنهوض ببلدهم
ووطنهم ، وجعله نقي متعافي من تركة غير مفترض لها البقاء لصالح الارض
والانسان .
وسوم: العدد 700