مناطق آمنة أو معسكرات اعتقال نازية !؟

السيادة أسدية ... والنفقة عربية !!

آن لمعارضة ( السبع تنعام ) أن تقول : لا ، ولو لمرة واحدة ، لمقررات أولياء القوة أو أولياء النعمة .

إن كل من توقف عند طرح الرئيس الأمريكي ترامب لعنوان ( المناطق الآمنة ) يدرك أن ترامب لم يتحدث عن مناطق آمنة بالمفهوم الدلالي لأي لغة قط . ترامب الذي بدأ حديثه عن سورية برفضه أصلا لفكرة المناطق الآمنة ، ثم استدار ليتعلق بها ، حسب ما زين له بعض مستشاريه ، لم يقصد أي مفهوم دلالي لغوي لمصطلح ( المنطقة الآمنة ) ؛ وإنما قصد بها مناطق ( حجر) أو حجز ، تحجر الهجرة – التي هي حق من حقوق الإنسان على السوريين ، وتحاصرهم فيما يشبه معسكرات الاعتقال ، وهذا ما عبر عنه الرئيس ترامب صريحا ، وفي أكثر من مرة ، ولاسيما حين عاب على الأوربيين ، وعلى ميركل بالذات ، استسلامهم أمام ضغط موجات اللاجئين .

ثم بعد مكالمة ترامب – بوتين  ، وتركيز ترامب على طرحه للمنطقة الآمنة ، سبقت الخارجية الروسية بدورها إلى التشكيك في المطلب ، ثم بدا للدبلوماسية الروسية التقاط حبل التعاون مع ترامب السياسي المغرور، فعدلت إلى إعلان الاستعداد لقبول طرح الرئيس ترامب ، في إطار محدد للفكرة ؛ فيما يبدو أن التعديل الروسي لن يزعج ترامب كثيرا ، حين تحقق قصده الأول ، من تخليص عالمه النظيف من السوريين الإرهابين والقذريين معا .

يؤكد الطرح الروسي الخبيث أن الروس ما زالوا هم العدو المحتل القاتل المدمر، وهذه حقيقة أخرى بدأ يراوغ فيها المراوغون. فقد استعادت الدبلوماسية الروسية المبادرة ، التي تسيطر عليها في سورية فأعلنت استعدادها لقبول مناطق آمنة في سورية ، ولكن تحت سيادة بشار الأسد وفي دائرة نفوذه . وكأن هؤلاء السوريين المشردين لم يهربوا من ظلم هذا المجرم ومن عسفه ومن أدوات قتله.

فماذا تعني مناطق آمنة تحت سيادة الأسد ، وشبيحته ، وكل المنظمات الإنسانية الأممية تشهد أن بشار الأسد كان يحاصر ويسلب ويسرق أموال المساعدات بما فيها حليب الأطفال لمنع وصولها المحاصرين الجائعين والعراة والمرضى ؟!

وماذا تعني مناطق آمنة تحت سيادة الأسد ؟! وكيف سيكون شكل العيش في هذه المناطق؟! حين سيتاح لمخابرات وشبيحة بشار الأسد أ، تسرح وتمرح فيها ، وتخوف الناس ، وتمارس عليهم كل الأساليب التي كانت تعف عن بعضها وهم في أماكن إقامتهم الأصلية ..؟!

وماذا ستعني مناطق آمنة تحت سيادة الأسد وأعوانه حين سيترك الناس فيها يبغي بعضهم على بعضهم ، وينال بعضهم من بعض ، ليجمع عليهم مع ذل التشرد والاغتراب ذل البغي والإفساد والاحتراب ...؟!

مناطق آمنة تحت سيادة الأسد ، وتجد بعض دول الإقليم فرصتها للتخلص من العبء ، الذي طالما اشتكى منه ميشيل عون لينفض كلٌ ما في عدله تخففا منه ، على الوعاء ( الأمريكي – الروسي – الأسدي ) ، ليُحاصر السوريون بين خيارين لا ندري أيهما اسوأ أو أبشع أو أشنع : البقاء في معسكرات الاعتقال التي ستكون أشبه بمعسكرات الاعتقال النازية ، بكل قسوتها ، وبكل ما كان فيها من قسوة وذلة وظلم وعسف وعدوان وتصفيات أو العودة إلى حضن الأسد الدافئ ، حضن الذلة والخضوع والاستسلام ؛ خياران أقلهما مرارة يزيد على الصاب والحنظل والعلقم ..

إن الذي لا يجوز أن نغفل عنه في هذا المقام أن معسكرات الاعتقال النازية التي يريد ترامب وبوتين تأسيسها للسوريين المهجرين والمشردين سيكون تمويلها عربيا ، والمنفقون عليها من الأشقاء العرب كما تحدث ترامب مع الملك سلمان ، وستكون السيادة فيها والسلطة فيها لبشار الأسد ولسوطه وللإيراني ولصوته !!

اليوم ، وفقاعات المشروع المهين، مشروع المنطقة الآمنة تحت سيادة الأسد  ، أو مشروع معسكر الاعتقال النازي المعد للسوريين ، تتراقص أمام أعيننا ، وهو مشروع لتصفية الثورة ، حتى على المستوى الإنساني ؛ لم يعد يسع أحد الاسترسال في الصمت أمام حبكة إضافية لجريمة تتربص بمستقبل سورية والسوريين .

إن الصمت الذي مارسته قيادات المعارضة في مستوياتها المختلفة على مدى ست سنوات كان دائما مشجعا لأعداء الثورة للمضي في مخططاتهم. كل الجرائم السياسية ، والمؤامرات السياسية ، والصفقات السياسية تسبقها إرهاصات ومقدمات ، يتقدم بها العاملون عليها على سبيل جس النبض ، والتأكد من سلاسة تمرير الطعنة الغادرة حين يغرز الخنجر في صدر أو في ظهر  . وفي كل مرة يسكت الأغرار أو اللامبالون على الإرهاصات والمقدمات ، ينغرز الخنجر وتمضي الجريمة إلى غايتها  .

فلترتفع الأصوات بالنكير ضد جريمة بوتين – ترامب القادمة . ضد أي محاولة خبيثة ماكرة لحشر المشردين السوريين تحت رحمة المجرم القاتل بشار الأسد من جديد ، تحت مسمى للجريمة خادع ، يسمونه ( مناطق آمنة ) ونراه معسكر اعتقال نازي أو فاشي أو ستاليني  في القرن الحادي والعشرين...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 705