يهدي الله من يشاء
دخلت مكتبة ولدي الكبيرة ، شاهدت رجلا متوسط العمر ، مهيبا ، تبدو عليه علامات النجابة ، اضافة الى وسامة الشكل وأناقة المظهر فقلت في نفسي تبارك الخالق .
سلمت عليه وجلست .
تبادلنا أطراف الحديث ففهمت منه أنه أمريكي الجنسية من عائلة كاثوليكية متدينة ، نشأوتربى في أمريكا واصبح مدرسا ( بروفيسورا ) في الجامعة وعضوا مهما في الهيئة التدريسية .
لم يكن مرتاحا أبدا ، شغله الشاغل مايجول في خاطره وما يحتل الصدارة في تفكيره ، وهو الخلق والدين والتثليث ، لم يقتنع ولو للحظة واحدة بموضوع التثليث . ينام ويصحو مشغول الفكر عميق التفكير بما يدور حوله من مراسم كنسية وطقوس مرسومة وعبارات غير مقنعة .
قرر ترك الجامعة والسفر بعيدا الى بلاد الشرق ، فسافر دون أن تكون له وجهة سفر معينة ، وقد اختار السفر في البحر من أجل التفكير والاستنتاج .
رست السفينة مرة في ميناء لمدة يوم كامل وسمح للركاب في النزول والتجول في المدينة ، استهواه الشاطيء فمشى بعيدا ، أثناء سيره شاهد شخصا من بعيد يقوم ويقعد ، فعجب ، وقرر أن يستطلع الأمر ، تابع مسيره الى أن وصل شاهد الرجل قائما ثم ركع وسجد وجلس ، فانتظره الى أن انتهى .
سلم عليه وعرفه عن نفسه ، رحب الرجل به قائلا : لاتؤاخذني كنت أصلي صلاة الظهر .
فتعجب البروفيسور وقال : تصلي لمن ......؟ رد الرجل قائلا : أصلي لاله واحد أحد فرد صمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، وصلاتنا تجوز في كل مكان ومحددة أوقاتها .
قال : البروفسور وماهو دينكم ..؟ أجاب الرجل ديننا الاسلام ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم
واستطرد يشرح أركان الاسلام وما بني عليه .......... الى أن مضى الوقت متسارعا والرجلان يعبان علما ومعرفة .
عاد ا.لبروفيسور الى السفينة ودين الاسلام في ذاكرته .
ومن هنا انطلق يبحث عن دين الاسلام وأرض المسلمين ، وعن العلماء المتبحرين في علوم الدين
فدرس الاسلام ودرس العربية وتبحر في علو الدين بين مصر والسعودية والأردن وسورية ، وهو الآن علم يشار اليه .
لم يكتف باسلامه هو ، بدأ الدعوة الى الاسلام وأنشا مدرسة في الاردن خاصة لتدريس الأجانب ممن يعلنون اسلامهم .
كل عام يسافر الى أمريكا ويحاضر في جامعاتها ومنتدياتها داعيا الى الله الواحد الأحد ، ويعود ومعه عددا ممن أعلنوا اسلامهم لينضموا الى مدرسته في الاردن .
نفع الله الاسلام والمسلمين بأمثال هذا الرجل الصالح الذي ترك المال والعزة والجاه والمركز ، ومشى الى أن أدرك الحقيقة ، حقيقة الاسلام فكان مسلما حقا وداعية الى الله ورسوله يتتبع الأثر وينتقل من مدينة الى أخرى بحثا عن عالم جليل أو متفقه في الدين ليأخذ عنه ، جزاه الله خيرا ، ونفعنا به . هكذا يكون الرجال .
قصة حقيقية رويتها لكم من واقع لازال قائما ، ويبشر بمستقبل واعد يكون عمدته من أمثال شيخنا هذا.
وسوم: العدد 705