مطبخ القرار العربي.. مَن الطباخ الأول فيه !؟

1)  هل هو :

إدارة البيت الأبيض في أمريكا ؟

دولة من دول أوروبا ، أو مجموع دول الاتحاد الأوروبي ؟

الحكام العرب .. كلّ في دولته ؟

الشعوب العربية .. كل شعب في بلاده ؟

المعارضات العربية .. كل معارضة في بلادها ؟

إسرائيل ، عبر نفوذها المباشر لدى بعض الحكومات ، وعبر حليفتها أمريكا ، لدى أكثر الحكومات ؟

أم هي كل أولئك ؛ كما تدلّ على ذلك المشاهدات الحسّية اليومية !؟

2) فإذا كان صانع القرار ،  خليطاً من كل أولئك .. فما دور كل منهم في طبخ القرار !؟

3) إذا كانت الأحجام والأوزان ، في شبكتَي القوى والمصالح ، هي التي تحدّد دور كل شريك ، في صناعة القرار.. فهل ثمّة تناسب طَردي ، دائماً ، بين ضخامة القوّة وضخامة المصلحة ، في حساب المعادلة السياسية ، في كل دولة ، وفي كل قرار.. أم أن القويّ يستأثر لنفسه ، بالدور الأكبر في صنع القرار ، ليحقّق لنفسه مصلحة ليست له في الأصل، على حساب مصالح الآخرين .. أم أن صاحب المصلحة الحقيقية ، هو الصانع الأول في مطبخ القرار ، حتى لو كان ضعيفاً ، بالقياس إلى قوى الآخرين !؟

4) وإذا كان الخلل واضحاً ، في العلاقة بين ضخامة القوى وضخامة المصالح .. أفلا ينبغي على أصحاب المصالح الحقيقية الضخمة ، في البلاد العربية (وهي هنا الشعوب) أن يعرفوا ، بالضبط ، أحجام مصالحهم ، وأحجام قواهم الكامنة ، القابلة للتوظيف.. لتحقيق أكبر المصالح لأنفسهم ، في بلادهم..!؟

وإذا كان هذا التفكير واجباً  ـ سواء أكان موجوداً على أرض الواقع ، أم لا ـ فكيف يمكن إخراجه إلى حيّز الفعل ، على الأرض !؟

5) إن التحليل السياسي السليم ، هو لبّ صناعة القرار السياسي السليم ! وبناء عليه تحسَب القوى ، وتوظّف لخدمة المصالح ..!

6) إن المسألة ، في الحالة العربية ، شديدة التعقيد ، وذلك لتشابك هذه العناصر، كلها ، في صنع القرار العربي ، حتى الداخلي منه ، مع الأسف ! على خلاف ما هو حاصل في دول أخرى ، كالصين ، واليابان ، وكوريا ، وأصغر دولة في أوروبا ..! إذ القرار في هذه الدول ، من شأن ساستها وشعوبها وحدهم.. وأيّ تدخّل من جهة أخرى ، إنّما يتمّ عبر ساسة الدول، وموافقة شعوبها ، الممثلة في مجالس نيابية منتخبة ، مِن قِبل هذه الشعوب. وبناء عليه ، لا تسمح هذه الدول لأحد ، بالتدخّل في قراراتها ، إلاّ لخدمة مصالحها ، هي ، أولاً .. ثم مصالح الآخرين ، بعد ذلك !

7) ما يهمّنا في الحالة العربية ، هو الشعوب ومصالحها .. فهي :

  - الضحيّة ، التي يسعى المتنافسون في الساحة السياسية ، على اقتناصها ، أو الهيمنة عليها ، وتسخيرها ، وتسييرها في الاتجاه ، الذي يريده صاحب كل مصلحة !

- وهي صاحبة بلدانها ودولها، وصاحبة السلطات المسلوبة فيها، والثروات المنهوبة منها!

- وهي الممثّـلة برموز، ورؤوس ، وقيادات ، يفترَض أنها تعمل لأجل مصالحها ومصائرها، على اختلاف مناهجها في العمل والتفكير ! ويفترَض - بالتالي - أن تحسب لها قراراتها بدقّة وعمق ، وتحدّد مصالحها على ضوء الواقع الراهن ، وما فيه من قوى متشابكة متصارعة ، ومصالح متشابكة ، متنازعة ، متقاطعة !

- في الحالة السورية ، ثمّة مجموعات من القوى ، التي تزعم ، أنها تمثّل الشعب السوري ، وتعبّر عن مصالحه ! ولكل منها رؤيتها الخاصّة ، على المستوى النظري ، وحركتها الخاصّة ، على المستوى العملي، بحسب ما تتصوّره الأفهام ، وتعين على تحقيقه الأوزان والأحجام !

- الجنرال الغائب عن أذهان المعارضات ، كلّها أو جلّها ، والمتحكّم بالمعادلات ، كلّها أو جلّها ، والذي يمسك برقاب القرارات ، وصناعها ، والمصنوعة لهم .. هو الزمن ! الذي يسير بسرعة هائلة ، مغيّراً ، في كل خطوة يخطوها، بعض العناصر السلبية، في المعادلة، هنا ، أو مضيفاً بعض العناصر الإيجابية ، هناك .. مقدّماً فرصاً ذهبية ، اليوم ، ليحوّلها إلى تحدّيات قاسية غداً ؛ بسبب - وبحسَب - ما يتغيّر ويتبدّل ، من معطيات الحياة ، وقدرات الأحياء ، وإراداتهم ، وخبراتهم !

- الشعوب ، عامّة ، لا تجيد الحساب السياسي ! لكنها تجيد التشبّث بالآمال ، وتجيد تصديق الوعود ..! فهل تستطيع المعارضات السلمية ، أن تتعلم كيف تجيد تحقيق وعودها، لشعوبها ، مرّة واحدة : كل معارضة تحقّق وعدَها لشعبها ، مرّة واحدة في العمر! بعد أن قَضت أعماراً طويلة ، وهي تعيش على آمال ، تغذّيها وعود ، تزركشها كلمات ، تطلقها حكومات وزعامات !؟

 نرجو ذلك .. وما نملك إلاّ أن نرجو ذلك .. أو ما يشبه ذلك !

وسوم: العدد 709