في ذكرى إعلان الوحدة بين سورية ومصر، من ذاكرتي ...

ابتداءً أنا منحاز للوحدة وليس للانفصال . مع اعترافي بكثرة السلبيات التي تكاثرت في عهد الوحدة . سأنقل لكم من ذاكرتي عن مقال نشره الداعية المصري الأستاذ " سعيد رمضان " رحمه الله افتتاحية لأحد أعداد مجلة ( المسلمون ) التي كان يصدرها من جنيف في سويسرا . وكان الأديب الكبير أحمد حسن الزيات رئيس تحرير مجلة الأزهر آنذاك ، قد كتب مقالا قارن فيه الوحدة الناصرية بالوحدة المحمدية بالوحدة الصلاحية وأطنب في الموازنات وأفرط وفرّط رحم الله الجميع . قرأت مقال الأستاذ سعيد رمضان وأنا فتى في الرابعة عشرة ، وسأحاول تلخيصه من ذاكرتي ومن كان أحفظ مني فليسددني . عنون الأستاذ سعيد رمضان مقاله عنوانا صارخا صادما مجلجلا يهز القلوب ، ويستفز العقول فكتب ( وافجيعتاه هذا الضلال تنشره مجلة الأزهر !! )

ثم لخص لقرائه المقال فنقل عن أحمد حسن الزيات قوله ( إن الوحدة المحمدية قامت على العقيدة وأن العقيدة ولا شك تضعف ، وان الوحدة الصلاحية قامت على السلطان وأن السلطان لا شك يزول وأما الوحدة الناصرية فقد قامت على الاشتراكية في الرزق و....في العمل ؛ ولذا فهي باقية خالدة لا تضعف ولا تزول ..

ثم علق الأستاذ سعيد رحمه الله على هذا الكلام بما يستحق من القوارع والمقارع والصواعق كلاما كبيرا لائقا ...

لأتساءل أنا اليوم وقد قلت لكم أنني ما زلت أعتقد أن مشروع الوحدة يستحق التضحية من أجله . والصبر على الأثرة من خلاله : أين هو عبد الناصر ، وأين هي الوحدة الناصرية ، وكيف تأتى لأديب كبير مثل صاحب الرسالة ( أحمد حسن الزيات ) أن يسقط هذه السقطة ، التي لا يقال لساقطها : لعا ...

تبخر كل القيل والقال وذهب الرجال وبقيت في الصحائف الأعمال . وبقي ما أسس له محمد رسول الله كلما أنّ في كابول أو مينمار جريح تلمس المسلم جنبه أينما كان ...

كم كان حلم الوحدة جميلا وواعدا وإنما أفسده رجال تسلطوا باسمه عليه وآخرون لم يقدروا المشروع حق قدره ...

يا مسلمي العالم اتحدوا صرخة أطلقها يوما السلطان عبد الحميد . واليوم وقد ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس أرانا ننادي : يا عقلاء العالم اتحدوا ..يا أخيار العالم اتحدوا ..ياطيبي القلوب في هذا العالم اتحدوا ...يا حزانى هذا العالم اتحدوا ..

اتحدوا ..اتحدوا .. اتحدوا ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 709