البكاء على الأطلال !!
هل بالطلول لسائل رد
أم هل لها بتكلم عهد
وقيل معالم التاريخ دكت
وقيل أصابها تلف وحرق
لحاها الله أنباء توالت
على سمع الولي بما يشق
تلقيت صبيحة هذا اليوم نبأ يقول : أن مدينة الباب مدينة الآباء والجدود ، مدينة العلماء الكبار ، المدينة التي قيل فيها الحمد لله على الإيمان والسكنى بالباب .
هذه المدينة وفيها الآثار والعيون والأبار ، مدينة قال فيها أحد أبنائها :
وا بأبي وا بأبي
جرعة من ماء نهر الذهب
يارعاه الله من واد وسيم ،
رق فيه الماء واعتل النسيم
تعرف النضرة فيه والنعيم
عشنا فيه رخي اللبب
غفت عنه عيون النوب
حيثما يممت روض وغدير
وفراش متقن الوشي وثير
وإلى جانبه ظبي غرير
كملت فيه دواعي الطرب
يأخذ اللهو عن كثب
الخبر : أن مدينة الباب خالية من سكانها ، وهي خراب ويباب !
ساكنوها صاروا لاجئين في الشرق والغرب ، استبدلوا اسم مواطنين بلاجئين !
الطيران الغاشم أشبعها قصفا وتدميرا ، وألغام الدولة فتكت بأهلها فتكا !
الباب وكان فيها الزورة والمخاضة والخرزات وعين منصورية وجب الست وعين البط وحبيب خازم وتل حبيب . وأي حبيب ؟
حبيب بن مسلمة الفهري مبعوث سيدنا خالد بن الوليد إلى مدينة الآباء والجدود ، في عهد الفاروق عمر بن الخطاب سنة ٦٣٨ ميلادية فتحت مدينة الباب ، مدينة العز والكرامة ، مدينة الرؤوس المرفوعة ، وكانت قبل الفتح الإسلامي تابعة للعهد الروماني ، وذكر ياقوت الحموي أنها كانت تدعى ( تيماء ) .
الباب وفي مدارسها دبّ فحول العلماء في المدرسة الحسبية ومدرسة المعابدة والمدرسة الشهابية .
على مئذنة الجامع الأثري العمري ويدعى المسجد الكبير ودعنا رمضان بدموع وآهات ( ياشهرنا هذا عليك السلام )
إمام البلد لنصف قرن الشيخ أبو الفتوح يخوض في الطين والثلج ليؤم المصلين في الجامع العمري ، وفي قبلية المسجد المحزون ( الذي قصف بطيران غادر اول امس ) كان صوت الشيخ بدر الحسيني يملأ الأجواء فيردد صداه الجامع الصغير حيث كان الشيخ أبو البقاء وسعيد الطالب وعلي الحمدان والشيخ الطرابيشي رحمهم الله يحملون على رأسهم عمائم تفخر سوريا بمثلها .
مدينة الباب التي كانت أول من أنزل علم فرنسا ومسحت به الأرض ، نوابها في البرلمان نجوم وأقمار ، هل نسي الكبار نواب مدينة الباب عبد القادر الرحمو وأسعد طاهر وعبد الوهاب سكر وأحمد الحجي تلميذ صلاح الدين
الباب التي كانت تحتفل بيوم حضور شيخ حمص أبو النصر خلف رحمه المولى ، ويرافقه إلى قراها آلاف الخيالة
مدينة الباب استقبلت ضيوفها المستشار حسن الهضيبي وأبو رقيق وبدأ موكبهم من المديونة ترافقهم خيول ترحين ، ولما غادروها كان شارع خللو من شرقه إلى غربه ليس فيه موطىء قدم إلا رجالا دينهم علمهم إكرام الضيف
الباب خرج صالحوها لاستقبال عالم مجاهد الشيخ مصطفى السباعي ، ومشوا إلى أبي الزندين
الباب هزّ أوتار قلوبها إنشاء البربور والترمذي والسرميني ، وأصوات شبابها وصلت إلى بزاعة وتادف وهم ينشدون :
مسلمون مسلمون مسلمون
حيث كان الحق والعدل نكون
نرتضي الموت ونأبى أن نهون
في سبيل الله ما أحلى المنون
الباب في غفلة من الزمان عاث فسادا في أرضها بغاث الطير ومشوا تحت راية عمية ، نشروا جواسيسهم في كل دروب البلد ، سمو رايتهم بعثا ، وهي موت ودمار لأمة تاريخها مجيد !
ولما طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد سلموا الراية لاتباع حمدان قرمط ، الذين كانت نساؤهم في الريف فأفسدوا نقاوة جوه ؟
وكان منهن مديرة البنات في مدينة الباب كانت تحذر الطالبات من كتابة البسملة على أوراق الامتحان ، واستدعيت للأمن السياسي حين طالبت بكتابتها بجرم مخالفة تعاليم الرسالة الخالدة والبعث الاشتراكي وأماني حمدان قرمط ؟
وهددت في رزقي ووظيفتي ونقلت من التعليم إلى التموين ، وبينما أموال الأمة تنهب كنت اتحرج من ركوب سيارة التموين الحكومية لأغراض خاصة لأن ديننا علمنا أن مال الأمة مصان ، ومد اليد إليه غلول !
الباب بلد الجدود هجرها الأحفاد
إذ أصبحت لا أمن ولا أمان ممن يدعون الإسلام !
ودمرها طيران الحقد الطائفي
ثم طيران التحالفات ، فهُدمت المساجد وسقطت المآذن !
وسنبكي يوم العودة وهو قريب إن شاء الله ، سنبكي على الأطلال ونحن بقربها !
فالدار التي عمرتها حجرا حجرا بكد اليمين وعرق الجبين أصبحت أثرا بعد عين !
سنعود إلى بلدنا بإذن الله ونبني ماخربته الرسالة الخالدة والبعث الفاجر والقرامطة الحاقدين ،
ولساننا يهتف بين الخرائب :
ياهذه الدنيا أطلي وأسمعي
أنا بغير محمد لا نقتدي
فليس عزنا ببعث ولا باشتراكية
قرآن ربك يامحمد عزنا
ونظامنا الداعي لعيش أرغد
سندخل مدينتنا وقد نظفت من كتاب التقارير ، ومن أصحاب اللحى المستأجرة !
الرحمة للشهداء ممن قتل بلغم أو قصف ، وتحية معطرة إلى كل شهداءنا الأبرار رحمهم المولى وأعزهم في الخالدين ..
والذين غادرونا هم الأفضل منا ، فهم الأصدق إيمانا ، والأطهر قلوبا ، والأقوى صبرا ، والأكرم عطاء ، هم إلى الله أقرب ، قال تعالى :
( ويتخذ منكم شهداء )
سنعود بإذن الله فكل مغترب يهتف :
على بلدي المحبوب وديني
طال وجدي والبعد كاويني
والله أكبر والعاقبة للتقوى
وفرجك ياقدير فالباب تباد .
( الصورة الجامع الكبير في مدينة الباب ، الجامع العمري ، صورة قديمة )
وسوم: العدد 710