الحب المقدس
يا أطياف من أحب وقد رحلوا .. التفوا حولي واحتضنوا قلبي وبثوا فيه الدفء والود والرحمة فبرد الأحياء والحياة الباهتة أتعبني ..
هكذا الحياة في نظر (سهاد) تعب في تعب .. كلما أحبت هجرها من تحب .. إما بسفر أو انشغال أو بعد المسافات أو حتى أخيراً الموت الذي بدأ يخطف منها أعزاءً ما أسعفها الزمن مقابلتهم أو البوح بحبها لهم ..
طيف عمها يلاحقها .. اكتشفت فجأة أنها بدأت تفقد الأحباب واحداً تلو الآخر .. كانت تنظر إلى مسبحته الصغيرة وهو يقرقع بها حبة إثر حبة وتضيق ذرعاً من صوتها .. باتت الآن بعد أن غادرها أجمل موسيقا تتمنى لو يعود الزمن يوماً واحداً لتستمع لتلك الموسيقا الحبيبة التي ما سجلها مسجل وما احتفظ بها جهاز .. ذهب العم الحبيب وذهبت معه مسبحته ..
تذكر تلك العمة الحبيبة التقية الورعة ومسبحتها اللامعة وأخرى الخشبية .. كانت تدخل وتحمل أجمل الهدايا وأقلها ثمناً وأغلاها قيمة .. كانت تعشق تلك السكرات البسيطة وتنتظر دورها على الرغم من سنواتها التي تعدت الثلاثين آنذاك كانت تنتظر دورها من كمشة السكر .. وتطير فرحاً بتلك الزينة وربطات الشعر الملونة .. الآن تعض أصابعها ندماً لأنها فرطت بتلك الهدايا الرقيقة الحبيبة ..
صديقاتها من تزوجت منهن ابتعدت ومنهن من سافرت ومنهن من انشغلت .. على الرغم من الناس حولها إلا أن قلبها يشعر بالبرد ..
عتمة الليالي وألم الفقد كاد أن يطيح بها .. إلا أنها قاومت فوضعت يدها على الجرح وعلمت أن الرحمن لن يتركها .. لقد أبعد الأحباب عنها لتعود برفق إلى رب العباد .. بدأت تصحو رويداً رويداً .. بدأت تقرأ الكتب والصحف .. بدأت تزيد من القرآن والتسبيحات والصلوات .. الآن عرفت قيمة مسبحة العم والعمة رحمهما الله .. لقد صارت تنتقي المسابح وتحتفظ بها ولا تفارق أصابعها .. بدأت تحضر دروس العلم والدين .. شعرت أن وقتها ممتلئ .. أحست أنها إنسانة منتجة .. أحبت واقعها وتأملت بمستقبلها واحتفظت بذكرياتها في صندوق ماسي لامع تفتحه بين فترة وأخرى لتبث الذكريات في قلبها روحاً جديدة كلها أمل وحياة ..
وسوم: العدد 711