الجارَ قبل الدار

د. عبد السميع الأحمد

 لا أظن أن أحدا من المسلمين لم يسمع بما للجار في الإسلام من اهتمام وتكريم واحترام، ولعل أكثر كلمات رسول الله ﷺ وضوحاً في هذا الشأن ما روته السيدة عائشة وابن عمر - رضي الله عنهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مازال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورثه". متفق عليه . 

 ومما يتناقله المسلمون كذلك في هذا الباب قولهم: «الجار قبل الدار والرفيق قبل الطريق»، وهو بهذا اللفظ حديث - فيه ضعف - رواه الخطيب في الجامع عن الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب مرفوعا. 

 وهل نقول: الجارُ رفعاً أو نصباً؟ في المسألة قولان.

 وقد روي الحديث: الجارُ والرفيقُ مرفوعين على الابتداء، وفيه الإخبار بالظرف عن الجثة، والنصب فيهما أحسن برأيي، أي: التمس الجارَ قبل الدار، والتمس الرفيقَ قبل الطريق.

 وقد دندن شعراء العربية حول هذا المعنى، فقال أبو تمام:

من مبلغ أبناء يعرب كلها

أني ابتنيت الجار قبل المنزلِ

وقال الآخر:

يقولون قبل الدار جارٌ موافقٌ

وقبل الطريق النهج أنْس طريقِ

فقلتُ وندمان الفتى قبل كأسه

فما حث كأسَ الخمر مثلُ صديق

وقال الآخر في المعنى:

يلومونني أن بعتُ بالرخص منزلي

ولم يعلموا جاراً هناك ينغّصُ

فقالت لهم بعضَ الملام فإنما

بجيرانها تغلو الديار وترخصُ

وسوم: العدد 712