حساسية أحد الزوجين
الحساسون أناس مُتْعَبون ؛ فهم يتأثرون بكلمات كثيرة يسمعونها ، ويضيقون بما يواجهونه مهما كان صغيراً ، ويغضبون من تقصير الناس تجاههم ولو دون قصد ، ويستاؤون من كثير من ممازحات الناس لهم . وإذا وصفنا الحساسين بأنهم مُتْعَبون ؛ فإن كثيراً من الناس يرونهم مُتْعِبين ، أي أنهم يتعِبون غيرهم مثلما يُتعبهم غيرهم . لكن للحساسية وجهاً آخر إيجابياً إذا كان بعض الناس يرون الوجه الأول سلبياً . الوجه الإيجابي للحساسية أنها تجعل صاحبها أكثر مراعاة للآخرين ، يشعر بما يشعرون به ، ويعي وجهات نظرهم ، ويدرك بواطن بعض أفعالهم . والحساس إنسان يتميز بالقدرة على التقاط الجوانب الإيجابية في المشاريع المقترحة ، ومعرفة الجوانب السلبية فيها . ولهذا يتخذ الحساس قرارات صائبة عادة ، بسبب حذره الشديد ، ودقته الفائقة في النظر إلى الأمور وعواقبها . وكثير من القادة في مجال التجارة والاستثمار أفادتهم حساسيتهم وحدسهم في فهم اتجاهات السوق ورغبات المستهلكين ، وكذلك في اختيار شركائـهم واتخاذ قرارات صحيحة جعلت أعمالهم ناجحة . والحساس يدرك أكثر من غيره ما بين السطور ، فيكتشف المنافقين ، ولا ينخدع بالمخادعين ، إذ تمنحه حساسيته بصيرة نافذة تجعله يميز الغث من السمين ، والخائن من المخلص . وبسبب هذه الحساسية المفرطة يختار الحساس ألفاظه بعناية ، ويكون رفيقاً جداً بالناس ، لطيفاً في تعامله معهم . والحساس لا يتمسك برأيه ، ولا يفرضه على الآخرين ، وقد لا يبديه ولا يعبر عنه ، خشية مخالفة الآخرين لرأيه ، أو انتقادهم لما جاء فيه . ويرى الباحثون أن الحساسية الفائقة كنز في مجالات كثيرة ، لكن الاستفادة منها تحتاج إلى من يقدرها ويدرك قيمتها وعطاءاتها الكثيرة ، وينجح في التعامل مع أصحابها بحيث يتقي حدها السلبي ويستثمر حدها الإيجابي ، فهي فعلاً سلاح ذو حدين . وفي الحياة الزوجية فإن حساسية كلا الزوجين تجعلهما أكثر توفيقاً ونجاحاً في زواجهما ؛ إذ يراعي كل منهما صاحبه ، ويترفق به ، ويداريه ، ويعامله بمثل ما يريد أن يعامله به .
لكن النزاعات تكثر حين يكون أحد الزوجين حساساً والآخر غير حساس ، فكلا الزوجين يشتكي الآخر ، ويشعر أنه لا يفهمه . فالزوج الحساس يعاني كثيراً من كلمات صاحبه وعباراته وتصرفاته ، ويتهمه بالقسوة ، وعدم التقدير ، والإهمال . والزوج غير الحساس منهما يتهم صاحبه بالتوهم ، وسوء الظن ، وعدم فهمه ، والمبالغة ، والتعقيد ، والمرض النفسي … ولهذا يحتاج هـذا الزوج مراعاة صاحبه الحساس كثيراً ، ومضاعفة صبره عليه ، ومداراته له ، وتقديره لما يقوم به . ولعل ما بدأت به من بيان طبيعة الحساس يفيد الزوج الآخر في فهمه ، وينجح في كسبه ، وفي اتقاء ما يغضبه ويحزنه . بل إن فهمه يعينه على الاستفادة من الجانب الإيجابي لحساسيته في مشورته والاستئناس برأيه في كثير من القرارات المشتركة في حياة الزوجين.
وسوم: العدد 715