حوار مع شاعرة
من وحي منشور ، أطلعني عليه أحد الأصدقاء (البارحة) ..
قالت لي الشاعرة نارت ذات حوار :
أنت تضطرّنا لا شعوريا لقراءة النص الشعري وفق رؤيتك ، وتلزمنا كذلك بتبنّي وجهة نظرك ، حين تقدّم لنا قراءة في نص ما ، أو إن سبقتنا إلى النص بتعليق . انتهى كلامها .
هذا الكلام أعلاه هو إطراء كبير ، ويصير شهادة أعتزّ بها ، أنّه صادر عن شاعرة قديرة ، ومع هذا فإني أحذّر من الأمر الذي أشارت إليه وبشدّة ، إذ يجب أن يستقلّ كل امرئ بحكمه بكل تجرّد وموضوعية ، فالذي يحصل اليوم أنك تقرأ نصّا ما ، فتجد فيه من الغثاثة ما يدعوك للغثيان ، ثم تقرأ تعليقات الإعجاب والإطراء على ذات النص ، من كثيرين ، والذي يزيد الطين بلة أنّ بعض أولئك الكثيرين ممن تثق بذائقاتهم ، والأطيَن من ذلك أن يكون صاحب هذا النص الرديء شاعرا جيّدا ، فتقف في حيرة من أمرك ، بين أن تشكك بذائقتك ، أو التشكيك بتردّي ذائقات الآخرين ، بل وأخلاقيّاتهم ، والحقيقة أنني أميل هنا للصدق في التعبير عن رأيك إزاء النص الذي بين يديك ، وهنا فأنت تضع الشاعر (صاحب النص) في امتحان أخلاقي ، وكذلك فإنها دعوة للآخرين لمراجعة ضمائرهم (إذا كانت موجودة) فيما كتبوا ، فإن ناقشك صاحب النص في فكرته مدافعا عنها ، أو متلمّسا الفائدة ، فلقد فتحت الباب واسعا للفائدة ونشر المعرفة ، أما إذا مال صاحبنا لشحن الذين سبقوك بالتعليق وأثنوا عليه ، برميك باتّهامهم بتدنّي مستوى ذوائقهم أو ارتفاع مستوى نفاقهم (مع أنهم كذلك) فاعلم أنك إزاء شخص مغرور أجوف ، شخص خسارته مكسب وغنيمة ، فلا تفوّت ذلك ..
ويلعن روحك يا حافظ .
من كتابي : ما أبهم منّك ، إلّا اللي طبلّلك ..