تفجيراتُ طهران برسم استخبارات الحرس الثوريّ
يبدو أنّ العقلية التي تمسك بفاصل الأمور في طهران، ليست أحسن حالاً من أخواتها في بلدان المشرق، فكلما تراخت قبضتهم و أخذ عقدهم بالانفراط، و مال الناس عنهم، لجأوا إلى نظرية المؤامرة، و قاموا بإحداث فرقعات تخريبية يشدّون بها عصب أنصارهم، و يصرفونهم عن جملة المشاكل الداخلية، التي تلفّهم.
فقد كشفت المعلومات التي نشرتها وسائل إعلام إيرانية، أن عناصر داعش الذين تبنوا هجمات طهران، التي طالت مجلس الشورى، و قبر الخميني، وأسقطت 17 قتيلاً، يوم الإربعاء: 31/ 5، كانوا أعضاء في جماعات سلفية جهادية في محافظة كردستان الإيرانية، و تمّ تجنيد العديد منهم من أجهزة استخبارات الحرس الثوري، من خلال زجهم بالعمليات ضد القوات الأميركية في العراق حتى خروجها عام 2011، كما استخدمتهم لمناهضة الأحزاب الكردية الإيرانية العلمانية المعارضة، مقابل السماح لهم بأنشطة علنية.
و نشرت عدد من الوكالات الإيرانية، ( فارس، و أبنا )، معلومات و صورًا عن سرياس صادقي، و هو كردي من أهالي مدينة باوة، بمحافظة كرمنشاه، شمال غرب إيران، و أكدت أنّه أحد المهاجمين المقتولين على قبر الخميني، الذي انقطع رأسه بالتفجير الانتحاري، و أنّه كان يقوم بالدعاية منذ 3 سنوات لتنظيم داعش في المناطق الكردية شمال غرب إيران.
و كشفت وسائل إعلام معارضة أن صادقي و آخرين كانوا ينشطون بشكل علني، و اتهموا أجهزة الاستخبارات الإيرانية بتسهيل مهامهم، و استغلالهم لمآربه و خططه الاستخباراتية.
و في السياق نفسه، نقلت وسائل إعلام ايرانية تقريرًا منقولاً عن موقع الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني (حدك) المعارض، يعود إلى عام 2014، جاء فيه أن سرياس صادقي، وعددًا آخر من الدعاة الأكراد يقومون بالدعاية و الترويج لتنظيم داعش في المساجد علنًا، من غير أن تعترضهم السلطات الإيرانية.
إلا أن مواقع أخرى كموقع ( خبرغر khabargar )، أفادت بأن صادقي كان معتقلاً لبضعة أشهر لدى وزارة الاستخبارات الإيرانية، قبل أن يتم إطلاق سراحه بكفالة مالية مقدارها 200 مليون ريال إيراني ( 25 ألف دولار تقريبًا )، و كان متهما بالدعاية للجماعات الجهادية مع أصدقائه في مناطق الكردية شمال غرب إيران كناحيتي: باوة، و ثلاث باباجاني.
من جهتهم، علق ناشطون من أكراد إيران عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بالقول: إنّ نشاط هذه المجاميع كان يتمّ بشكل علني، و بعلم و إشراف أجهزة الاستخبارات الإيرانية، واتهموا النظام الإيراني بالوقوف مباشرة وراء تدبير هجمات طهران، و أنه سمح بوقوع الهجمات لكي يستغلها لصالحه لإبعاد تهمة صلته بتنظيم داعش، و إظهاره ضحيةً للإرهاب، و تهييج العواطف لدى عامة المواليين لدفعهم إلى ساحات القتال في بلدان المنطقة، و لاسيما سورية، التي غدت المحطة الأخيرة في رحلتهم إلى الآخرة.
و يقول هؤلاء الناشطون: إنّ الحرس الثوري قام بتجنيد عناصر الجماعات الجهادية في إقليم كردستان الإيراني، من المرتبطين بجماعات مماثلة في إقليم كردستان العراق كـ ( أنصار الإسلام )، و ( الجماعة الإسلامية )، و ( التوحيد والجهاد )، التي كانت طهران تتعامل معها في إطار الضغط على القوات الأميركية و التحالف في العراق، بعد إسقاط نظام صدام عام 2003، و ذلك تمهيدًا لمواجهة واشنطن التي كانت تهدد بضربة عسكرية لإيران حتى عام 2005.
و مع خروج القوات الأميركية من العراق عام 2011، عاد العديد من هؤلاء الجهاديين الأكراد إلى إيران، وكانت يدُ الاستخبارات الإيرانية فوقهم، فاعتقلت الكثيرين منهم، و جندت آخرين في إطار أنشطة دعائية ضد الأحزاب الكردية المعارضة.
و هناك عددٌ آخر منهم لم يعد إلى إيران، و انضم إلى صفوف داعش، و هناك كتيبة في داعش تسمى ( كتيبة صلاح الدين الأيوبي )، تضم المقاتلين الأكراد، و أغلبهم من أكراد إيران و العراق.