اغتصاب الزوج زوجته عبارة تثير السخرية ممن يروجونها
اغتصاب الزوج زوجته عبارة تثير السخرية ممن يروجونها وتسقط الأقنعة عما يحاولون إخفاءه من استهداف للإسلام بخبث ومكر
من العبارات التي صارت تروج في مجتمعنا بشكل لافت للنظر مؤخرا خصوصا بعد حادثة اعتداء جانحين على فتاة كانت على متن وسيلة نقل عمومي بمدينة الدار البيضاء عبارة : " اغتصاب الزوج زوجته " . وقد استغلوا تلك الحادثة لتجريم وتحريم ما أحل الله عز وجل . وواضح أن مروجي هذه العبارة هم من التيار الذي ينادي بإبعاد الإسلام عن الحياة العامة ،وهو تيار معروف يستغل كل فرصة سانحة لإحداث ضجة إعلامية تدفع في اتجاه تحقيق ما يصبو إليه . ومعلوم أن هذه العبارة تتضمن تناقضا صارخا عقلا ونقلا ، ذلك أن معنى الاغتصاب أو الغصب هو زنا الذكر بالأنثى رغما عنها ، ودلالة الغصب عموما تفيد أخذ الشيء ظلما وقهرا وعنوة ، فيقال غصبه شيئا ، أوغصبه عليه واغتصبه منه إذا سلبه إياه دون رضاه وضد إرادته . ولهذا لا يستقيم استعمال الاغتصاب في العلاقة الزوجية التي تكون عن تراض بين الزوجين ووفق إرادتهما ،ذلك أن هذه العلاقة في الشريعة الإسلامية علاقة يحل بموجبها كل مهما للآخر ، ولا يمكن اعتبار العلاقة الجنسية بينهما اغتصابا لأن الاغتصاب يكون في المعاشرة الجنسية بين طرفين لا يرتبطان بعلاقة زواج . ومن المثير للسخرية أن الذين يروجون لعبارة اغتصاب الزوج زوجته هم أنفسهم الذين يروجون لعبارة " العلاقة الرضائية " وهي عبارة عن معاشرة جنسية بين طرفين لا تربطهما علاقة زواج، وهو زنا محرم في دين الإسلام بل يروجون لعبارة " المثلية " وهي معاشرة جنسية بين شخصين من جنس واحد ،وهي فاحشة أيضا محرمة في دين الإسلام . ويحتار الإنسان العاقل في منطق الذين يضفون الشرعية على المعاشرة الجنسية بين الغرباء رضائية كانت أومثلية ، وفي المقابل يدينون ويجرمون المعاشرة الجنسية بين المرتبطين بعلاقة زواج وهي علاقة شرعية ، ويعتبرونها اغتصابا أو غصبا ، فهذا منتهى السفالة والخسة والنذالة . ولا ندري على أي وجه يكون فيه الزوج مغتصبا زوجته وهي حل له ؟ علما بأن الإسلام قد ضبط المعاشرة الجنسية بين الزوجية ذلك أن الزوجة لا تؤتى إلا من حيث أمر الله عز وجل كما نص على ذلك القرآن الكريم أي في موضع الحرث أو منبت الولد، ولا تؤتى أيضا وهي حائض ، فإذا حدث أن أتى الزوج زوجته من دبر أو عاشرها وهي حائض، فحينئذ يكون قد أتى فعلا منهيا عنه شرعا، وهو بموجب علاقة الزواج لا يسمى مغتصبا بل يعتبر مذنبا في إطار هذه العلاقة، أما خارج علاقة الزواج فهو مغتصب إن أخذ ما ليس له بحق قهرا، وهو زان إن وقع ذلك عن تراض مع التي أصابها ،وهي أيضا زانية إن كان الزنا عن رضى منها. وتعتبر الزوجة التي ترضى بأن يأتيها زوجها من دبرها أو يأتيها وهي حائض مشاركة له في الذنب ولا تعتبر مغتصبة ولا يعتبر هو غاصب أو مغتصب . أما قول البعض من أن الزوج إن عاشر زوجته وهي لا ترغب في المعاشرة الجنسية كان مغتصبا لها، فلا يستقيم لا عقلا ولا نقلا في الشريعة الإسلامية، ذلك أن الإسلام لا يجيز للزوجة أن تمنع زوجها من نفسها إذا ما طلبها للمعاشرة مهما كانت الظروف إلا أن يريد منها ما لم يأذن به الله عز وجل كالإتيان من دبر أو الإتيان في حيض . ولقد وردت أحاديث نبوية تأمر الزوجة أن تستجيب إذا دعاها زوجها للفراش ، ولا يشغلها عن ذلك شاغل مهما كان إلا تكون بصدد أداء عبادة مفروضة صلاة أو صياما، علما بأنها لا تصوم صيام التطوع إلا بإذنه . ولا يوجد في الشرع ما يسمى عدم رغبة الزوجة في المعاشرة الجنسية لأن هذه المعاشرة تصير مشروعة بمجرد انعقاد عقد النكاح بين الزوجين وهي بمثابة التزام بينهما يلزمهما بموجب هذا العقد الشرعي . ومعلوم أن الزوجة إذا كانت مريضة لا تكون لديها رغبة في المعاشرة الجنسية ، ويتعين على الزوج أن يقدر هذا الظرف ، و يكون حينئذ حكم مرضها كحكم أذى المحيض في الشريعة الإسلامية لأن الوقاع يصير متعذرا . وإن لم يراع الزوج ظرف مرض زوجته يكون مخلا بواجب الزوجية، ولا يمكن أن يعتبر مغتصبا لأن حكم الاغتصاب لا يصح أصلا في إطار علاقة زوجية .
وخلاصة القول أن الذين يروجون لفكرة وجود اغتصاب في إطار العلاقة الزوجية يقفون وراء مشروع مكشوف لمحاربة الإسلام بمكر وخبث سعيا وراء مشروع ما يسمونه بالحياة المدنية التي تقابل الحياة في ظل الشريعة الإسلامية ، وقد انكشفت نواياهم المبيتة في شتى القضايا التي قضى فيها الله عز وجل بحكمه والذي لا معقب له . وجريا على محاولة نقض قسمة الإرث بين الذكر والأنثى يحاول هؤلاء تعطيل أمور أخرى مما شرع الخالق سبحانه من قبيل المعاشرة الجنسية بين الزوجين ، والتعدد... وغير ذلك مقابل المطالبة بما نهى عنه سبحانه من زنا وفواحش كالرضائية والمثلية والردة ، والمجاهرة بالمعصية ... وغير ذلك . ومحاولات هؤلاء ستبوء كلها لا محالة بالفشل لأن الأمة المغربية أمة مسلمة متمسكة بدينها تعض على كتاب ربها وسنة نبيها بالنواجذ ، ولن ترضى أبدا بديلا عنهما، وهي تستهجن كل الدعوات التي تروم إبعادها عن شريعة خالقها جلا وعلا .
وسوم: العدد 736