مراجعة الحالة الفلسطينية وإعادة تقييم المرحلة القادمة
هل سيكون الحراك الجماهيري بشأن أزمة الكهرباء مقدمة لإنهاء الانقسام الفلسطيني؟
تابع الناس، ببصيص من الأمل، مؤشرات إنهاء الانقسام في تريث وترقب؛ من خلال إعلان حركة حماس حل اللجنة الإدارية، وتمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة صلاحياتها في قطاع غزة، واجراء انتخابات عامة، وانتظروا حتى يتضح الموقف تماماً، ولا يحبط الناس في آمالهم، وحتى لا تهدف هذه الخطوات التي أُعلن عنها في إطار التمهيد لإنجاز المصالحة؛ لاحتواء الأزمة الداخلية، أو لأن تكون بمثابة متنفس للإحباط الفلسطيني في قطاع غزة، بل عليها أن تكون دعوات وخطوات حقيقية تخرج فيها المصالحة إلى حيز الواقع الملموس، وأن يكون عام 2017م فاتحة عهد جديد، تطوى فيه صفحة الانقسام إلى الأبد، بعد الكبت المضني والألم الممض، ولسان حالهم يقول: إن المصالحة ليست كلمة تردد في الفضاء بغير معنى تترجمه إرادة حقيقية وإجراءات ملموسة على الأرض.
لذا، يحتم علينا جميعاً، أن نأخذ العبر من الماضي، لنعزز الحاضر بإيجابيات قوية، تؤسس لمستقبل مشرق من العمل الوطني في ظل وحدة وطنية ترسم آفاق هذا المستقبل على قاعدة أن الوطن للجميع. لذا، فجدير بالفلسطينيين اليوم، مراجعة الحالة الانقسامية بين حركتي فتح وحماس، وأن ينفضوا عن كاهلهم أعباء الانقسام، ويبنوا وطنهم سوياً من خلال وحدتهم الوطنية التي بات من الضروري العمل على استعادتها، وطي صفحة الانقسام التي تساعد على تحقيق كل مشاريع الهيمنة والاستيطان والتهويد، وطمس الهوية الوطنية، وسلخ الشعب عن تاريخه وجغرافيته وعقيدته، خدمة للمشروع الصهيوني النقيض التاريخي للمشروع الوطني الفلسطيني.
ولعلَّ من أهم ركائز هذه المراجعة للتاريخ، إعادة قراءته بأفق أوسع، وأن يؤمن الكل أن انقساماتنا لم تجرْ علينا إلا الوبال والخسارة الكبيرة، وهل هناك أعظم من خسارة وطن؟ ففي ظل الانقسام بين حركتي فتح وحماس ليس هناك منتصر ومنهزم أو فائز، إنما الخاسر الأكبر هو الوطن، الوطن بكل مقوماته، بأرضه وشعبه، بتراثه ومقدساته، بثقافته وتاريخه، ببحره وبره، بجباله وسهوله وأوديته.
ولا بدَّ أن يتجه الجميع اليوم إلى تحرير الإرادة الوطنية، والبحث بين الفرقاء عن القواسم المشتركة التي لا تغيب عن أحد، ولسنا في حاجة إلى مزيد من الجهد للبحث عنها؛ فهي واضحة كالشمس، إلى جانب وجوب معالجة أوجه الاختلاف بالحوار الهادئ، والنقد الذاتي البناء، بعيداً عن أجواء التوتر وعنترية العشيرة والقبيلة، حتى تتحول تلك الأشكال المكونة للمجتمع إلى رافعة قوية تساهم في خلق مستقبل أفضل للأجيال يتحقق بهذه الروح الجديدة، وفي زمن قياسي، وهو ما فشلت في تحقيقه عبر كل السنوات التي مضت، وفي ظل هذا المناخ، نأمل أن يؤمن كلٌ منا بقبول الآخر، وعلى مبدأ المشاركة الصادقة في بناء الوطن، لا على إقصاء الآخر، فالوطن في حاجة لجهد الجميع، ودم الجميع، لأنه سقف الجميع، تحته ملاذهم الآمن.
لذا، يكون لزاماً على فريقي الانقسام أن يجتمعا ويعيدا بلورة برنامج سياسي موحد يؤلف بينهما ضد جبهة المحتل الإسرائيلي، ويعيدا تقييم المرحلة القادمة، وما تتطلبه من وحدة الصف والهدف.
وسوم: العدد 739