الدُّسْتُورُ
كَلِمةُ دُسْتُورِ ليست عربيةً..دُسْتُورِ كَلِمةُ فَارِسيِّةٌ رُحِّلت إلى العربية مثل غيرها من المفردات الأعجمية..وهي بالفارسيّة مركبةٌ:منْ (دست) ومعناها: قاعدة أو مادة)،وَ(ور)ومعناها:(صاحب)..وبذلك يَكُونُ معنى دُسْتُورِ بالفَارِسيِّةِ:(صاحب المادة او القاعدة) أي المَعني بالموادِ والقواعدِ القَانونيِّةِ..ويكون الدُّسْتُورُ بذلك وِعَاءُ القوانينِ والمبادئ والأنظمة والآليات والضوابط..التي على أساسٍ منها تُسيَّرُ وتُدارُ شُؤونُ الدَولَة وتُصرّفُ مصَالِحُ الشِعوبِ..وفي القواميسِ السياسيِّةِ والعُرفِ الدَوليِّ يُعَرَّفُ الدُّسْتُورُ:"أنَّه المبادئ الأساسيِّةُ المُنظِّمةُ لِسلطاتِ الدَولَةِ..والتي تُوجِّهُ العلاقاتِ بينَ الحَاكِمِ والمَحكُومِ..وتُحدّدُ صلاحيِاتِهما..والتي تُنظِّمُ العلاقاتِ بين مُؤسساتِ الدَولَةِ..والتي تَعملُ الدولةُ بمُقتضَاها على إدارةِ الشؤون الداخلية والخارجية..وباختصار الدُّسْتُورُ:"وثيقةٌ تُحددُ الهياكِلَ القانونيِّةَ والسياسيِّةَ لِدَولةٍ ما"وعلى اساسٍ مما تَقدّمَ..عمد المسلمون إلى القول:(أنْ القرآنَ الكريمَ دُسْتُورُنا) بمعنى أن القرآن الكريم منهج حياتهم الذي يؤمنون به ويلتزمون قيمه..مع إيمانهم بأن القرآن الكريمَ:أجلُّ وأكمَلُ وأشمَلُ وأوسعُ وأقدَسُ مما تَعنيهِ وتتضمنُهُ (عِبارةُ دستور)فالدستور مصطلح صناعة بشريّة وهو وعاء مفتوح لأعمال البشر وأفعالهم واجتهاداتهم..أما القرآنُ الكريمُ:فهو مصطلح ربانيّ مُنزه من أفعال البشر واجتهاداتهم فهو كِتابُ اللهِ وفُرقانُهُ وهديهُ ورحمَتُهُ ورسالتهُ الساميةُ المقدسةُ المحكمة المطلقة للعالمين..وهو بُشرى للنَّاسِ وتبيَاناً لِكلِّ شيءٍّ..القرآنُ الكريمُ:مرجعيِّةٌ ربانيِّةٌ ساميةٌ خالدةٌ مطلق الحقيقة ومحكم البيان"لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ"وذات مرة خاطب الملك فيصل بن عبد العزيز - يرحمه الله تعالى - الأمم المتحد قائلاً:"المملكة العربية السعودية دستورها القرآن الكريم..والقرآن فوق مواثيق الأمم المتحدة"وكان يعني بذلك أن القرآن الكريم أجل وأقدس وأثبت من أن تنسخه مواثيق الأمم المتحدة..القرآن الكريم هو المرجعية والأساس المطلق الثابت المقدس لكل الأنظمة والقوانين والقيم والمبادئ والضوابط والمعايير والأخلاقيات التي أسست وأقيمت الدولة السعودية على أساس منها..وهي التي يؤمن بها ويلتزمها ولاة أمر الدولة السعودية في تسيير وإدارة شؤون شعبهم لتحقيق مصالحهم وأمالهم في إقامة حياة راشدة عادلة آمنة..وأحسب أن استخدام عبارة(القرآن دستورنا) هو نوع من المجاز اللغوي الذي يُستخدمُ عادة لتقريب المفاهيم بين معاني مفردات الخطاب البشري تجاه مسألة ما أو مصطلح ما..وبذلك لا تثريب على من يفعل ذلك فالعرب تقول:"لاَ مُشَاحَّةَ في الاصطلاح"والله أعلم وهو سبحانه الهادي إلى سواء السبيل.
وسوم: العدد 743