من أجل فلسطين

هي قضية المسلمين الأولى ، وهي قضية دينية بامتياز تناولها القرآن الكريم والسنة النبوية ، وفيهما من النبوات والمبشرات ما يجعلنا نقابل تهويدها من قبل الصهاينة بإسلاميتها ، فهي قضية دين وعقيدة كما أنها قضية ظلم سافر وعدوان واضح.

يتساءل المتحرّقون على فلسطين والقدس والأقصى : ما العمل ؟ وقد يئسوا من التحرك الرسمي العربي  واتضح لهم أنه يشكّل الجزء الأكبر من مأساتنا ، ويمكن تلخيص الواجبات الملحّة في هذه المحاور :

-         محاربة الهزيمة النفسية التي تضافر على بثّها فينا غلاة العلمانيين والوهابيين ودفعُها بتقوية النفوس بمزيد من الثقة بالله تعالى ووعده ورفع معنويات الجماهير بإبقاء القضية حية رغم مسلسل العدوان والتنازل والخيانة والتصفية من الكيان الصهيوني والداخل الفلسطيني والعربي ، وذلك عبر استمرار الفعاليات الأهلية  كالتظاهر والاعتصام والمسيرات والخطب والدروس والأناشد الحماسية... نعم ، هذا التحرك لا يحلّ المشكلة لكنه يبقي القضية حية في العقول والقلوب والواقع ، وهذا مقصد كبير يخدمها.

-         تصعيد مقاطعة الصهاينة شعبيا وعلى جميع المستويات وعدم التساهل في ذلك مهما كانت الضغوط ، التطبيع مرفوض سواء كان سياسيا أو اقتصاديا او ثقافيا او إعلاميا أو رياضيا ، بذلك نورّث بغض اليهود المعتدين للأجيال حتى لا تقبل الأمر الواقع الذي انصهر فيه جيل الهزيمة بل ساهم في صناعته بالتخاذل والتبرير والتزوير.

-         تأييد المقاومة الفلسطينية والانحياز إليها والاعتزاز بها ودفع تُهم الارهاب عنها ومدّها بكل ما يمكن من مدد.

-         إعداد جيل النصر : هذا بيت القصيد والغاية الكبرى التي ينبغي السعي إليها بكثافة والانخراط فيها على بصيرة ، فلو أن كل أم مسلمة نذرت لله ما في بطنها فإذا وضعت حملها – سواء كان ذكرا او أنثى – سهرت هي ووالده على إنباته نباتا حسنا فغرست فيه العقيدة الصحيحة والأخلاق الرفيعة وزوّدته بالعلم النافع وجعلته يتعلق بآلام أمته وآمالها ويحتضن قضاياها الكبرى وعلى رأسها فلسطين والقدس والأقصى إذًا لكان ذلك إسهاما فعّالا في تنشئة جيل النصر على أنقاض جيل الهزيمة ، قُدوات الجيل البديل هم العلماء والدعاة والمصلحون والفاتحون وأصحاب الهمم العالية من الربانيين عوض المطربين والممثلين واللاعبين وأرباب الميوعة والعجز.

آن الأوان مغادرة قاعة الانتظار لنمرّ إلى تنشئة خالد وصلاح الدين وقطر ومحمد الفاتح وأمثالهم ، هذا واجب كل أمّ غيورة على الأقصى وكلّ أب يحترق حسرة على فلسطين.

هذا هو الاستثمار الناجح : في العلم والوعي وتكوين الانسان الصالح القوي الذي يعيش عصره بقيم السماء ، نافع لأمته متعاون مع غيره.

من أحشاء هذا الجيل يخرج القادة  - عبادٌ لله  أولو بأس شديد - وأعوانُهم فتلتفّ حولهم الجماهير المسلمة ويتمّ إعداد ما تستطيع الأمة من قوة وهنالك تكون المواجهة السياسية والإعلامية والعسكرية والحضارية فتكون العاقبة للمتقين ، تماما كما حدث مع صلاح  الدين رحمه الله.

أليست هذه مقترحات عملية ممكنة التجسيد ؟ أما من كان يرى أن ما يفعله الناس لا يفيد فليفعل هو شيئا يخدم القضية أو ليصمت.

أما أصحاب " الفرقة الناجية " الذي يُعرضون عن " وأعدوا لهم " ويقولون إن الحلّ يكمن في الطاعة العمياء للحكام والاشتغال بما يسمونه " السنة " – أي اللباس واللحية والسواك - فأظن أن الأمة كلها أدركت حقيقتهم وخطرهم ، ولها هي أن تعرف كيف تردّ عليهم ، كيف لا وقد انهمك – يوم تحويل القدس إلى عاصمة للكيان الصهيوني – خطباء الحرمين في قضايا خطيرة جدا مثل برّ الوالدين وأحكام الشتاء !!!

ولا بد من التنبيه على مسألة تكاد تكون بديهية هي أن تحرير فلسطين يسبقه حتما تحرير الأقطار العربية من أنظمة الاستبداد وقبضة العروش الأسْرية العشائرية لتوفير جوّ الحرية الذي يترعرع فيه جيل النصر من جهة وإزالة قواعد العمالة للصهاينة والغرب من جهة أخرى.

وسوم: العدد 750