إبليس يعلّم : سنركز على معاناة الفلسطينيين، أهم الدروس في تسريبات الشياطين
نشرت بعض قوى المعارضة المصرية ، في مطلع العام 2018 ، بعض التسريبات الخطيرة ، والمهمة عن حقيقة موقف حكومة السيسي في مصر من إعلان ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة للكيان الصهيوني . على هامش التسريبات بكل ما تضج به من خيانة وإثم وفجور كانت هذه التعليقات ..
ولقد حملت تلك التسريبات العديد من الإشارات الدلالية عن الطبيعة الأخلاقية والعقلية والسياسية والاجتماعية ، للبُنيّات التي تتحكم فيما يسمى زورا ( دولا ) في عالمنا ، ولحقيقة النخب التي تتعامل معها .
سيقول الكثيرون مصيبين : لا جديد في جوهر هذه التسريبات فكل من شدا شيئا من فقه الواقع السياسي لهذه الأمة ، يدرك أن الدور الوظيفي للنظام العربي والإقليمي ، بكل تناقضاته ؛ هو الخدمة في مشروع جعل الكيان الصهيوني حقيقة واقعة مسلما بها ، مع استعداد جماهيري للتعامل الإيجابي معها .
الرسائل الجانبية هي الأهم في سياق هذه التسريبات ، ومنها النميمة المشروعة عن الطبيعة النفسية للعديد من منتسبي الطبقة المخملية – أو العفنة – هذه الطبقة التي أريد لها أن تكون الأكثر تأثيرا على الرأي العام المجتمعي ، بعد مزاحمة الرموز الدينية والفكرية والاجتماعية الصادقة في منظومات مجتمعاتنا الأهلية بتاريخها العريق .
الإعلام الموظف لإعلاء صوت الجمهور المنفعل بالممثل المهرج ، أو الأكثر إبهاجا ، والممثلة الأكثر إثارة ، وبلاعب الكرة ، وبكاتب الصحيفة ، ومقدم البرنامج ، وبالحاصل على جوائز الإبداع التي قلما منحت للمبدعين..
وحين نستعرض أمام أعيننا أسماء الشخصيات التي يستعين بها الشيطان في تمرير رسائله ندرك يقينا أن وراء هؤلاء الروم أرواما كثيرين يخبرون عن كثير مما يجري ليس فقط وراء الكواليس ، بل أمامها وعلى عين الجمهور .. .
ثم أن ينعت ضابط في مؤسسة بنيوية من مؤسسات ( دولة !!) ، زملاءه في مؤسسة أخرى ( بحرف الشين ) فتلك دلالة تضع الجميع أمام معضلة أكبر من الازدواج والتناقض والتناحر الفردي أو الشخصي والعبثي في آن ، التي تؤكد أن كل حامل مجذاف في هذا المركب يجذف على هواه.
إن الدرس الأخطر والأهم ، في تعليم إبليس ، والذي يجب دراسته على كل مقاعد الدرس العربية والإسلامية هو قول الشيطان الرجيم ( سنقدم رام الله مكان القدس ، وسنشتغل على معاناة الفلسطينيين ..نحن نريد تخفيف معاناة الفلسطينيين )
هذه الكلمات المفتاحية الدالة ، تقدم تفسيرات ناطقة واضحة لكل المعاناة التي عاشتها وتعيشها شعوبنا منذ ما يقرب من قرن ..
بدأ من : لماذا تغلق مصر المعابر في وجه أهل غزة ..وانتهاء ب لماذا كان حافظ الأسد يصر في سبعينات القرن الماضي على أن يجعل السوريين يقفون طوابير من أجل رغيف خبز أو جرة غاز أو علبة مناديل ؟! ولا صوت يعلو على صوت المعركة .
دائما كان الحديث عن المعركة مفتاحا لتفسير المعاناة بدأ من غياب الحرية ، والمشاركة الشعبية وانتهاء بغياب السلعة الأساسية وعلى رأسها الرغيف .
خلق المعاناة سياسة ، والتظاهر بالاهتمام بها سياسة أخرى . وكذا خلق الظروف المولدة للإرهاب سياسة ، وإعطاء الفرصة للإرهابيين سياسة أخرى ، والتخويف منهم والدعوة إلى التعاون للقضاء عليهم سياسة ثالثة. ومنه الذهاب إلى تعظيم أمر المحنة والشقاء قتل وتدمير وسجن واغتصاب وتعذيب ، وتشريد وتهجير ، وإغلاق الحدود في وجه المشردين طالبي الأمن والأمان سياسة ، ثم الدعوة إلى القبول بأي حل حفاظا على ما تبقى سياسة أخرى . إن قلت : لا ، فأنت اللامبالي عديم الضمير ، المتكئ على أريكته الذي لا يحس بآلام الناس ، وإن قلت نعم وأنت أدرى أن المحنة التي تنفذ على شعبك ووطنك بالأساليب الناعمة المديدة ، هي أشد وأقسى في مخرجاتها من المحنة الراعفة العنيفة ..حاصرك الشعور بالإثم عن الضلال والإضلال .
حقيقة : ليس كل من يحس الوجع فيتوجع هو شيطان مريد أو مستأجر عميل ، ففي الناس الكثيرون من الذين تنطق مشاعرهم قبل عقولهم فيظلون يئنون ويتشكون ، وينسون : أن وراء المخاض بكل آلامه ولادة، وأن وراء مرض السكر الصامت الرهيب عنانة وعمى وغرغرينا وبتر أطراف ، وراءه موات قبل الموت ..
وينسون (( إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ..))
وسوم: العدد 754