اغضبي يا دِمَشـقُ
اغضبي يا دِمَشـقُ
طريف يوسف آغا
وصلت الثورة المسلحة أخيراً إلى العاصمة دمشق يوم الأحد 15 تموز 2012 بدخول الآلاف من عناصر الجيش الحر إلى بعض الأحياء الرئيسية وبدئهم العمليات العسكرية ضد قوات النظام السوري قاتل شعبه. وكنت قد قرأت منذ حوالي الشهر مقالاً يبرر تأخر وصول الثورة المسلحة إلى المدينة، بالرغم من وصولها إلى بقية المدن، بأن أهالي دمشق لايحبون العنف وأن المدينة (الأثرية) تستحق المحافظة عليها من الدمار. وقد استأت من هذا المقال الذي يتهم الأهالي بلغة منمقة بالجبن (وإن كان هذا يصح على شبيحة تجارها) متجاهلاً تاريخ المدينة وغالبية أهلها الحافل بالبطولات والتضحيات.
اغضبي يادِمَشـقُ
اغضبي يادِمَشـقُ ولاتخافي المعركة
وانتقمي لما في بقيةِ المدُنِ يَحصَـلْ
فلهيبُ الثورةِ لبَقِيَـةِ المدُنِ أنهَـكَ
وماعادَتِ المظاهَراتُ وَحدَها مِنكِ تُقبَـلْ
كُلَّما تأخرتِ بحملِ السِـلاحِ
كُلَّما باتَ زمنُ الحَسِـمِ أطـوَلْ
فهذا نظامٌ كُلَّما طالَ عُمـرهُ
كُلَّما في الأرواحِ والأعراضِ أوغَـلْ
ليـسَ بابَ عمروُ بأشـجعَ مِنْ بابِ الجابيـةِ
وليسَـتِ الخالدِيةُ مِنَ الشـاغورِ أفضَـلْ
وليسَـتْ سـاحةُ الأمويينَ بأغلى مِنْ سـاحةِ العاصيْ
والغوطةُ بغيرِ الثأرِ للحولةِ لايجبُ أنْ تقبَـلْ
لاتخـافي مِنْ نارهِـمْ يادِمَشـقُ
فالذَهَبُ يخرجُ مِنَ النارِ أنقى وأنبَـلْ
كمْ مرةً أحرقَكِ الغُـزاةُ فأقبَلتِ
مِنْ بقايا الرَمـادِ كالفينيقِ إذا أقبَـلْ
وكمْ مرةً هَدَّمَتكِ مَعاوِلُ الحُقَّـادِ
فأعادَ أهلُكِ البناءَ وعُدتِ أبهى وأجمَـلْ
لابديلَ عنْ حملكِ السِـلاحَ فانْ
هذا لَمْ يحصَلْ فانَّ الحريةَ سَـتُسْـحَلْ
ماعادَ الترددُ في صالِحِ الوطَـنِ
ماعادَ الحالُ لاضاعةِ الوقتِ يَتحمَـلْ
مازالَ يوسُـفُ العظمةَ يحييكِ بسَـيفِهُ
ويقولُ أنَّ بأسَـكِ مِنْ كلِ دبابتهمْ أثقَـلْ
وصلاحُ الدينِ مِنْ ضَريحِـهِ يُناديكِ
بأنَّ حرابكِ مِنْ دمائِهمْ عليها أنْ تنهَـلْ
والمُظَفَّـرُ يوصيكِ أنْ تُسَـدِدي السِـهامَ
ويَقولُ لكِ هذا نِظامٌ مِنَ الـمُغلِ أنذَلْ
لاترحَميهِ يادِمَشـقُ فلأربعةِ عُقودٍ
وهوَ مِنْ دمـاءِ الشَـعبِ يَثمَـلْ
مَنْ قَـتَّلَ الناسَ أربعينَ عامـاً
أتى دورُهُ اليومَ على يديكِ ليُقتَـلْ
كانَ بذَبحِ العِبادِ أكرَمَ مِنْ حاتِـمَ
فكوني بعَهدِ نَحرِهِ أوفى مِنَ السَـمَوأَلْ
وافتحي لهُ أبوابَ جهنمَ وبلِّغيهِ
مَنْ يحكمْ دِمَشـقَ عليهِ أنْ يَكونَ أعقَـلْ
ومنْ لمْ يُبَلَّغْ بهذا فليَعلَمَ بأنَّ قُبولَ
التعازي عليهِ في أرضكِ لنْ يُقبَـلْ
ماعَرِفَكِ أحدٌ حقَّ معرفَـةٍ إلا
وانحـنى على يَديكِ إجلالاً وقَبَّـلْ
وما جرَّعكِ أحدٌ كؤوسَ الـمُـرِّ إلا
وأعدتيها إليهِ مَملوءةً بالحنظَـلْ
دِمَشـقُ يامنْ تزرعينَ الياسَـمينَ في السِـلمِ
وفي الحربِ تزرعينَ الرماحَ في المقتَـلْ
كُنتِ دائماً في مقارَعَـةِ الغُـزاةِ سَـبَّاقَـة
وفي إسـقاطِ الطُغاةِ حُجِزَ لكِ الصَفُّ الأوَّلْ
وضَعَكِ الشُـعراءُ على لائِحَةِ الشَـرفِ
مِنْ نِـزارَ إلى شَـوقي إلى الأخطَـلْ
فمَنْ كانَ لايعرفُ مَنْ تكونُ دِمَشـقُ
فما عليهِ إلا للتاريخِ أنْ يَسـألْ
ومَنْ ظَنَّ بأنَّـهُ بالهمَجِيَّـةِ لأبوابِكِ سَـيَدُقُ
لاشَـكَّ أنَّـهُ لِسِـجِلِ أمجادِكِ يَجهَـلْ