"توأم الروح" بطاقة دعوة لشراء زمن في القدس
سبعة وثلاثون قصيدة منتقاة، كل منها رأت النّور بعد ولادة لحظة مأزومة، انطلقت آهة من صدر الشّاعر عزّ الدّين أبو ميزر، كلّ منها ترسم بحروف من نار لوحة تحكي واقعها، جمعها الشاعر بين غلافين. حمل غلافها الأمامي صورة مدينة القدس ( توأم روح الشّاعر) داخل قلب شفاف باللون الأحمر، لون يرمز للحب، ولكنه أيضا يرمز للتّحدي، كما أنّه ينشّط غريزة الصّراع من أجل البقاء، يحتضنه ما تبقى من رأسي توأم غطى القلب جزءا كبيرا منهما، فبدا الرّأسان ككفّين يحتضنان القلب برعاية وعناية، بريشة الفنان ناصر زلّوم. أما الغلاف الأخير فقد حمل قصيدة بعنوان قنديل قدسيّ، مطلعها:
عيني على القدس لا تنفك ساهرة
ما دمت حيّا وفي العينين إبصار
أنا ابنها وسأبقى دائما أبدا
برًّا بها وسواها لست أختار
سبعة وثلاثون قصيدة تنقط عشقا للقدس، تنقط وجعا، فالكلمة أمضى أحيانا من حدّ السّيف، كلماته وصفت الصّمود والثّبات والنّضال لشعب مقاوم، اتّخذ الكرامة والإباء له عنوانا.
ديوان يحكي قصة شعب على مدار سبعين عاما مضت. فقد كان للنكبة نصيب، وللنكسة نصيب، تمنى الشأعر لو كلّ حزيران يُمحى من لوح الدّهر.
تحدّث عن زيارة السادات إلى القدس عام 1977 وأبعادها، وتحدث عن هبة الأقصى العظيم وصلاة الجكر. كان البعض يذهب ويصلي على مداخل أبواب المدينة (جكرا) فقط للتصدي للاحتلال الذي كان يسعى لنصب البوابات الالكترونية.
لم يغفل الشّاعر عن التّطرق للخيانة حين تصبح وجهة نظر.
تحدّث عن أطفال الحجارة، والانتفاضة التي ارتبطت باسمهم. أما التّناحر بين أبناء الشّعب الواحد فكان له نصيبا أيضا. وللتّواكل نصيب، فلن يصل للمجد أناس ناموا واتّكلوا، طريق العزة تربته بالعرق وبالدّم تختضل.
أما الأسرى وخوضهم معركة الكرامة، فقد خصّهم أبو ميزر بالنّصيب الأكبر من القصائد، وقد أبدع في قصيدة المنطق الحقّ، حيث بدا وكأنّه إجابة عن سؤال كان قد سئل. مطلع القصيدة:
ما كان صومكمو هزلا ولا ترفا*** ولم يكن أبدا في ذاته هدفا
بل انتصارا لحق غاب ناصره*** ولم يعد بمعاني الخير متّصفا
وقال الشّاعر أيضا:
عندما يصبح موت الحرّ*** في الأسر خيارا
لا من العيش هروبا*** أو من الصّبر فرارا
ولكنه بث فينا الأمل والتفاؤل، حين قال:
لكن يوما سيأتي قبل موعده*** وقد صحا النّاس والمستور قد كشفا
والعدل ما عاد فوق الأرض مغتربا***وصاحب الحقّ من جلاده انتصفا
وقد أكّد الشاعر بثقة في قصيدة أسماها سر، بأنه لن يستطيع أحد دفننا، وإن فعلوا فهم لا يدرون أنّنا كالبذور التي تنمو وتنتشر.
ظهر الأمل وبثّ الرّوح الإيجابية جليّا واضحا في الديوان، القصائد التي وردت في الديوان كانت عمودية أو حرة، تناولت الكثير من هموم الشعب الفلسطيني المقدسي بأسلوب السهل الممتنع.
الكلمة رشيقة، واللغة جميلة غير معقّدة. بعض القصائد تصلح أن تغنّى.
كما أنني أوصي بتضمين بعض القصائد داخل كتب المناهج الفلسطينية، لما فيها من تعزيز للهويّة الوطنيّة الفلسطينية، والانتماء للوطن، والدعوة بضرورة التمسك بالقدس عاصمة دولة فلسطين، وهذا ما يتماشى وتوجّه وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينيّة.
وسوم: العدد 763