تَعْليقاتٌ عَلى مُتونِ الْكُتُبِ الْعَرَبيَّةِ 54
مَنْهَجٌ فِي التَّأْليفِ بَيْنَ كُتُبِ الْعِلْمِ وَبَيْنَ طُلّابِها ، بِوَصْلِ حَياتِهِمْ بِحَياتِها
[تَعْليقَةٌ عَلى مَتْنِ "رَسائِلُ الْجاحِظِ"]
د. محمد جمال صقر
قالَ |
قُلْتُ |
سَأَلْتَ عَنْ نَبيذِ الْعَسَلِ وَالْعَرْطَباتِ ، وَعَنْ رَزينِ سوقِ الْأَهْوازِ ، وَعَنْ نَبيذِ أَبي يوسُفَ وَجُمْهورَ وَالْمُعَلَّقِ وَالْمَسْحومِ وَالْحُلْوِ وَالتُّرْشِ شيرينَ وَنَبيذِ الْكِشْمِشِ وَالتّينِ ، وَلِمَ كُرِهَ الْجُلوسُ عَلَى الْبَواطي وَالرَّياحينِ ؟ |
لا ريب في أن هذا " التُّرْش شيرين " ، هو " طُرْشي " المصريين ( مُخَلَّلُهم الذي يتنقَّلون به ) : يستغنى بشين عن شين في سبيل إحكام التركيب ، ثم عن طَرَف عَجُزِ هذا المركب " رين " ، ومثل هذا وارد فيما كثر استعماله ؛ وهل يخلو منه طعام مصري ! والكلمة دخيلة ؛ قال المحقق العلامة : " مُرَكَّبٌ مِنْ تُرْشٍ بِضَمِّ التّاءِ بِمَعْنى حامِضٍ ، وَشيرينَ بِمَعْنى حُلْوٍ " . |
قَدَّمْتُ لَكَ مِنَ التَّوْطِئَةِ ما يُسَهِّلُ لَكَ سَبيلَ الْمَعْرِفَةِ . وَذلِكَ إِلى مِثْلِكَ مِنْ مِثْلي حَزْمٌ سيَّما فيما خَفِيَتْ مَعالِمُه ، وَدَرَسَتْ مَناهِجُه ، وَكَثُرَتْ شُبَهُه ، وَاشْتَدَّ غُموضُه . |
وقعت " سيَّما " من غير " لا " ، في كلام بعض المتأخرين ، تطويرًا بالتخفُّف من طرف صَدْر التركيب ، وهو أعلق بما كثر استعماله . وأنا أخطئها ، وأعجب أن وقعت في كلام أبي عثمان ! |
إِذا فَضَلَتْ قُوى طَبائِعه وَشَهَواتِه ( العبد ) ، عَلى قُوى عَقْلِه وَرَأْيِه ، أُلْفِيَ بَصيرًا بِالرُّشْدِ غَيْرَ قادِرٍ عَلَيْهِ ، فَإِذَا احْتَوَشَتْهُ الْمَخاوِفُ كانَتْ مَوادَّ لِزَواجِرِ عَقْلِه وَأَوامِرِ رَأْيِه ! |
أي استولت عليه ، كلمة فادحة ، وهي التي في قولي من " مَذاقُ الْعُرَيْميِّ " : " أَزْعَجَنا عَنْ أَهْلِنا أَنَّنا لَمْ نَأْتَلِفْ وَاحْتَوَشَتْنَا الْمَعانْ " ! |
مِنَ التَّعْظيمِ لِمَقامِ رَسولِ اللّهِ - صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ ، وَسَلَّمَ ! - أَلّا يُقامَ فيهِ إِلّا أَشْبَهُ النّاسِ بِه في كُلِّ عَصْرٍ . وَمِنَ الِاسْتِهانَةِ بِه أَنْ يُقامَ فيهِ مَنْ لا يُشْبِهُه وَلَيْسَ في طَريقَتِه ! وَإِنَّما يُشْبِهُ الْإِمامُ الرَّسولَ بِأَنْ يَكونَ لا أَحَدَ آخَذُ بِسيرَتِه مِنْهُ . فَأَمّا أَنْ يُقارِبَه أَوْ يُدانِيَه ، فَهذا ما لا يَجوزُ ، وَلا يَسَعُ تَمَنّيهِ وَالدُّعاءُ بِه ! |
ذكرت كلمة بَلَديّي الرئيس في تعظيم أنفسهم : " أَقَلّ واحِدْ فينا رَئيسْ جُمْهوريَّهْ " ! |