قراءة في رحلة عودة لدانا أبو حمود
موسى أبو دويح
كتبت دانا أبو حمود قصة قصيرة للأطفال أسمتها: "رحلة عودة". صدرت عن مركز أوغاريت الثقافي في رام الله / فلسطين سنة 2007. والقصة مصورة ورسوماتها بريشة ديمة أبو محسن، ومما يثير الدهشة في الرسومات أن أم سامر تظهر في الصفحة الأولى بدون رأس ولا رقبة ولا أكتاف، وفي الصفحة التي بعدها تظهر الأطباق والصحون والفناجين والملاعق والشوكة والسكين برؤوس ووجوه بشرية لها عيون وحواجب وأنوف وأفواه بل لبعضها أيد وأذرع وشعور طويلة وخاصة للملاعق. ولقد جعلت الكاتبة أدوات المطبخ تتحاور وتتناقش وتسأل وتجيب. والغريب في الرسومات أيضا أن قطرة الماء – وهي بالمناسبة بطلة القصة - قد ظهرت بحجم ابريق الشاي او أكبر.
وقد يظن ظان أن الكاتبة تريد ان ترسخ موضوع حب الوطن، والحنين إلى العودة إليه والعيش في ربوعه في نفوس الأطفال، وهذا ضرب من الأوهام والخيال، فلو سألنا أعدادا من الأطفال من مختلف الأعمار، لما أجابنا أحد منهم بذلك؛ لأن هذا الاستنتاج يصعب على الكبار أن يستخلصوه من القصة، فكيف بالصغار؟!!!
وقد يقول قائل: أن الكاتبة تريد أن تثبت حق العودة للفلسطينين إلى وطنهم فلسطين، وحق العودة هذا أكثر غموضا من سابقه، وليس هناك ما يشير إليه في القصة إلا عنوانها "رحلة عودة" وقول الكاتبة عن قطرة الماء: "أريد أن أعود الى موطني البحر" وهذا أمر يصعب على الأطفال أن يدركوه من هذه القصة.
وقد يخطر ببال بعض الأطفال أن الكاتبة تريد أن تعلمهم "دورة الماء في الكون". حيث تبخر حرارة الشمس الماء، وتجعل منه بخارا تحمله ئئالغيوم، وعندما يبرد يعود قطرات من المطر تنزل من السماء إلى الأرض وتسير في الأنهار والوديان وتصب في البحر وهكذا. ولكن الكاتبة رفضت ذلك عندما قالت على لسان قطرة الماء؛ "سأحاول أن أختبأ من حرارتك في البيت، وأفكر كيف أصل بسرعة إلى موطني البحر" وجاءت بطريقة سخيفة، حيث جعلت قطرة الماء تقفز إلى داخل القنينة التي ملأتها سهى بالماء من الحنفية، لتأخذها معها في الغد لأن العائلة ستذهب في رحلة الى البحر، وهناك عند البحر بمجرد أن تفتح سهى القنينة تقفز قطرة الماء الى البحر – وبالمناسبة جاءت صورة قطرة الماء التي رسمت على شكل رأس ووجه إنسان – جاءت بحجم نصف القنينة، أي أن قطرة الماء تعادل في حجمها جميع المياه التي صبت في القنينة.
هذه القصة تستخف بعقول الأطفال، فتجعلهم ينفرون من مثل هذه القصة، لأن خيال الطفل لا يستوعب أبدا مثل هذا الكلام والسرد الذي جاء فيها.
وإني لأعجب من مركز أوغاريت، والقائمين عليه، لنشرهم مثل هذه القصة التي تبدأ بمقدمة غامضة وغير مفهومة، وغير موحية وغير دالة على مقصود القصة، والبداية هي: "أغلقت أم سامر باب المطبخ وساد فيه الهدوء" فماذا يمكن لأي طفل أن يفهم من هذه البداية؟! بل، ماذا يمكن لأي راشد عاقل أن يدرك ويستنتج من هذا الكلام؟!
وقطرة الماء تخرج من مكانها بمساعدة ابريق الشاي وتقفز على الطاولة وإلى الشباك المفتوح وتخرج إلى السهول والأشجار والأزهار وتعود إلى المطبخ عن طريق الشباك المفتوح وتقفز إلى داخل القنينة التي ستحمل في الرحلة إلى البحر، وبمجرد فتح القنينة عند البحر تقفز القطرة إليه.
فواعجبا لهذه القطرة التي رفضت أن تبخرها أشعة الشمس وتحملها الغيوم إلى السماء وتنزل مطرا على البحر، وقبلت أن تفعل كل هذه العجائب التي لا يقبلها عقل طفل وحتى عقل راشد سوي.
فيا أيها الناشرون، ارحموا الأطفال وذويهم من مثل هذه القصص.