الأصولية والنقد الماركسي للاقتصاد السياسي 1

الأصولية والنقد الماركسي

للاقتصاد السياسي (1)

ملاحظة أولية) أرجو من القارئ أن يعير هذه المحاولة ما تستحق من اهتمام، قراءة ونقدا، وأن لا تثبط عزيمته حتى الأخطاء المنهجية الواردة فيها. وأني لشكور لكل من فعل ذلك أو أضاف إليه تنبيهي لما يراه "غير صحيح" فيها.

في كتابها، "ما السياسة"، ترجمه إلى العربية نبيل فازيو، تقول حنا آرنت: "..أضف إلى ذلك أن الدلالة الأصلية لهذا المفهوم، المساواة، قد سقطت يكون القول في الكتاب أحيانا]بدورها في طي النسيان. وهو نسيان اقترن، في نظر آرنت    بنسياننا للبعد السياسي للكينونة[بلسان الكاتبة وأحيانا بلسان المترجم كمحلل الإنسانية... إن عودة متأنية لما كان يفهمه اليونان من مفهوم المساواة يكشف لنا عن البون الشاسع الذي يفصل تصورهم عن تصور المحدثين لهذا المفهوم." ص 70 ثم يضيف نبيل فازيو، نفس الصفحة: "لذلك ستعود آرنت إلى التصور اليوناني للمفهوم، مقتفية في ذلك آثار

أستاذها هايدغر في الإنصات للأصل اليوناني للمفاهيم الغربية." ص 70 ثم يضيف: "في حين أن نفي التشابه وكسر شرنقته الضيقة يبقى أهم مرتكزات الفضاء العمومي كما علمنا اليونان." ص84

إن هذه الإحالات كافية لتبيان ما نصبو إليه وهي واضحة اللغة لا تحتاج إلى تأويل. إن الكاتبة وأستاذها هايدغر يروا أن كل المفاهيم السياسية الغربية ولدت كاملة مع اليونان. وبهذا فإن كل المفاهيم تكون مكتملة في الصورة الأولى التي تفتق عنها العقل البشري لأول مرة. فالعصر اليوناني إذن، يمثل عصر النبوة الكاملة للحضارة الغربية، وربما لكل الإنسانية بالنسبة للغربيين المتمركزين على أنفسهم. العصر اليوناني إذن، حسب هذه النظرة، هو بمثابة ما تمثله الحقبة الأولى للأصوليين من معتنقي كل ديانة. إذن العصر الذهبي، بالنسبة لهؤلاء، لكل مفهوم هو العصر

الذي ولد فيه وأن مفعول الزمن على المفهوم،أي تطوره، لا يؤدي  سوى إلى تشويهه. إن آرنت وأستاذها هايدغر فلاسفة وليسوا رهبانا، فهل يمكن أن تُبلى حتى الفلسفة بهذا الداء المسمى بالأصولية؟  وما صلة هذا بموضوعنا، ''النقد الماركسي للاقتصاد السياسي'' ؟

سأحاول هنا ، من خلال قراءة للكتاب:" الاقتصاد المجنون. تأليف كريس الأستاذ هارمن . ترجمة مركز الدراسات الاشتراكية. النسخة الإلكترونية في الموقع الإلكتروني: "مكتبة التمدن".(1) أن أثير مسألة "الأصولية" بالنسبة للماركسية كما سأحاول قراءة بعض مبادئ الماركسية كما أفهم الواقع، لا كما يملي النص الماركسي الموروث.(2))

إن ما هو جوهري في النظام الرأسمالي هو الذي يحدد ما هو جوهري في الماركسية. وما هو جوهري في النظام الرأسمالي هو الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج. وإذا كانت البداية في هذه المسألة، حيث وسائل الإنتاج لم تكن تتجاوز بعض الآلات التي لا تكفي سوى للاستغلال الفردي، طبيعية ومقبولة بكل منطق، فإن الحال الآن، حيث وسائل الإنتاج تطورت كي تصبح آلات ومصانع ضخمة لا يكفي، ولو للإشراف عليها، فرد واحد، وبما أن الحال الآن أن هذه الملكية هي الأرضية القانونية والاجتماعية لسيطرة نخبة، تزداد قلة يوما عن يوم، على القرار الاقتصادي والسياسي في المجتمع،

وبالتالي، وهذا هو الهدف الأخير، يجعلهم ذلك في موقع القادر على استغلال الآخرين لمصلحتهم الشخصية. فمحاولة القضاء على استغلال النخبة لكل المجتمع هو إذن جوهر الماركسية. فمهما تغيرت أشكال الاستغلال، يبقى جوهره واحد. لكن تغير أشكال الاستغلال يمكن أن يستلزم تغيير وسائل تحليلنا، وربما ووسائل محاربتنا، من أجل فهمه والقضاء عليه. من هنا يمكن أن نقول أن أشياء كثيرة يمكن أن تتغير في الماركسية، ما عدا جوهرها، إذا تغير النظام الرأسمالي وتطور(3). أن يدعي أحد بأن تحليلات ماركس ورفيقه إنجلز، وبعدهما لينين وتروتسكي  وماو...، للرأسمالية شملت كل

ما يمكن أن يحدث لهذا النظام من تطور يعني أنه يرفع هؤلاء إلى منزلة "الأنبياء السماويين" أو أنه يحكم على النظام الرأسمالي بعدم إمكانية التطور. ماركس وإنجلز لهما الفضل في كونهما أول من شق "الطريق العلمي" لتحسين الشرط الإنساني والقضاء على الاستغلال. مشيا فيها أمتارا أو كيلومترات، على الأجيال اللاحقة أن تشق المزيد. لهذا نرى أن نقدنا بعضنا البعض وكذا نقد المقولات الموروثة هو الكفيل بتحيين وعينا بالنظام الرأسمالي وجعل الماركسية تساير عصرها.

 يقول الأستاذ هارمن  في الصفحة 192 من المرجع المذكور: "ربما يكون النظام دخل مرحلة جديدة، ولكن الطريقة التي يعمل بها ليست جديدة، إنها في جوهرها تماما الطريقة التي وصفها ماركس." (الكتاب أُلف حوالي سنة 1996). ماذا يعني الأستاذ هنا ب"جوهرها"؟ إذا كان يعني ما نعنيه بجوهر الرأسمالية، أي الاستغلال، فإن هذا لا حاجة تقريبا لقوله. لكن إذا كان يعني ميكانزمات تنظيم الاستغلال، وسياق الكلام يؤكد هذا الاتجاه، فإن الأمور تحتاج إلى نقاش. إن اعتقاد أن "ميكانزمات تنظيم الاستغلال" ما تزال تعمل كما كانت تعمل أيام ماركس، هذا مع افتراض أن ماركس وصف وحلل ذلك

آنذاك وصفا وتحليلا كاملا، إن هذا الاعتقاد يعني أنه ليست هناك حاجة اليوم كي يتعب الماركسيون أدمغتهم كثيرا من أجل تحليل ميكانزمات الاستغلال حاليا لأن ماركس قام بذلك مسبقا ويكفي أن نأخذ مقولاته جاهزة  لنواجه بها الرأسمالية الآن.

I) التضخم والرخاء:

يقول الأستاذ هارمن  في الصفحة  62 :" يؤدي الرخاء بالضرورة إلى زيادة في التضخم. والأخطر من ذلك، بالنسبة للرأسماليين الأفراد، يؤدي ارتفاع التكلفة بسرعة إلى تآكل أرباح بعض الشركات ودفعها إلى حالة الإفلاس. وسيلتهم الوحيدة لحماية أنفسهم هي تخفيض الإنتاج، وطرد العمال وإغلاق المصانع. ولكنهم عندما يفعلون ذلك يدمرون أسواق البضائع التي تنتجها شركات أخرى، وبالتالي يمهد الرخاء الطريق إلى الأزمة." لنناقش هذا: أ) "يؤدي ارتفاع التكلفة نتيجة التضخم إلى تآكل أرباح الشركات" لكن الأستاذ هارمن  يعرف جيدا أن التضخم معناه كذلك ارتفاع أسعار البضائع

التي تنتجها تلك الشركات. بالنسبة لأرباب الشغل المنتجين يمكن أن يعوض ارتفاع ثمن بضائعهم ارتفاع التكلفة. فما هو الميكانيزم الذي يجعل التوازن يختل ضد أصحاب الشركات الإنتاجية الذين هم فقط مستهلكين "وسطيين intermédiaires" وليس ضد المستهلكين النهائيين؟. وهذا لم يشرحه الأستاذ هارمن  ب)على أرض الواقع، تولد الأزمة فعلا من ميكانيزمات النظام نفسه بعد كل دورة رخاء، وليس هناك سوى سيناريوهين لا ثالث لهما، فإما أن تتبع الأزمة الرخاء وإما أن تكون هناك أزمة مستمرة دون رخاء وستعتبر الوضع العادي. ولكن أن تتبع الرخاءَ الأزمةُ، ولو للمرة الألف، لا يعني

بالضرورة أنها تخرج من رحمه، أي أن كل رخاء يستلزم بالضرورة أزمة بعده. إن الميكانيزم الذي يطرحه الأستاذ هارمن  هو ما يلي: "رخاء ==> تضخم ==> ارتفاع تكلفة الإنتاج ==> بداية الأزمة فتفاقمها". إن الحلقة الأولى هنا، رخاء ==> تضخم ، هي بالنسبة لنا موضع شك وتساؤل. لذا، قبل كل شيء علينا أن نوضح ما نفهمه، وفهمنا ليس بالضرورة الأصح،  من كل من مصطلحي الرخاء والتضخم كي نحدد الأرضية التي نناقش منها الأستاذ هارمن .

إننا نفهم من الرخاء عدة أمور مترابطة ومتزامنة. أ) توسع الإنتاج. ب) نمو القدرة الشرائية بنفس القدر الذي نما به الإنتاج. نمو القدرة الشرائية هذا يعني بالضرورة نمو الكتلة النقدية.  ج) أن يشمل نمو القدرة الشرائية هذا كل شرائح المجتمع وبنسب متقاربة. وهذا الوضع، إن حدث، فهو يعني تطور المجتمع اقتصاديا تطورا إيجابيا بكل المقاييس. أما التضخم فنفهم منه أمرين: أ) ازدياد الكتلة النقدية بسرعة أكبر من سرعة ازدياد الإنتاج. ب) أن ما زاد من الكتلة النقدية لا يوزع حسب المساهمة في الإنتاج. وإنما يوزع بطرق أخرى تجعل فئات تستفيد على حساب أخرى. وهذه

المسألة هي ما  يطلق عليه الماركسيون واقتصاديون آخرون مسألة "تحويل الدخل". وهذا الوضع الأخير، التضخم، يمكن (فقط يمكن) أن يكون فعلا بداية للأزمة أو سببا من أسبابها. من هنا فإن ما يطرحه الأستاذ هارمن  من ميكانيزم تفسيري للأزمة يمكن كتابته كما يلي: رخاء ==>بداية الأزمة ==> ارتفاع تكلفة إنتاج ==> بداية الأزمة فتفاقمها. إذن، حسب فهمنا للمصطلحات المذكورة، يتضح أن الحلقة الأولى من التفسير غير مفسرة لأننا لا نعتقد أن الأزمة متضمنة أوتوماتيكيا في كل رخاء، ولو كان رخاء رأسماليا. 

العلم لا نعتقدها مناسبة لما نحن بصدده.

II) مسألة اتجاه معدل الربح نحو الانخفاض:

لقد طرح ماركس مسألة  اتجاه معدل الربح نحو الانخفاض كسبب رئيسي لاندلاع الأزمة. ( انظر الهامش (4) للاطلاع على تلخيص قول الماركسية في هذا.) وعلينا أن نرى كيف يستعمل الأستاذ هارمن  هذا القانون في تحليله:

يقول المؤلف في الصفحة 92 (كل الإحالات تعني النسخة الإلكترونية المذكورة) ما يلي: "إن نمو معدل الاستثمار بالنسبة للعمل لا يشكل مشكلة بالنسبة للشركة الواحدة، فكل ما تهتم به الشركة هو الحصول على الماكينات الموفرة للعمل أسرع من منافسيها حتى تتمكن من الإنتاج أرخص منهم لدفعهم نحو الإفلاس، لذا ستميل كل شركة للبحث عن أحدث الماكينات التي تحتاج أقل كمية من العمل، معتقدة أن ذلك سيمكنها من الاستحواذ على الأسواق من منافسيها ويزيد من أرباحها على حسابهم.

ولكن ذلك يمكن أن يشكل مشكلة بالنسبة للرأسمالية ككل. لأنه لو كل شركة أدخلت آلات موفرة للعمل، إذن سيزداد معدل الاستثمار بالنسبة للعمل على مستوى النظام ككل بصورة أكبر..

وكما رأينا، أن العمل –وليس الآلات- هو الذي يخلق القيمة. وعندما تزداد الآلات أسرع من العمل، ينمو الاستثمار أسرع من القيمة. وإذا كانت حصة أصحاب العمل من القيمة التي يحصلون عليها كفائض قيمة، ثابتة، إذن سينمو الاستثمار أسرع كثيرا من الأرباح."

r……=……pl/(v+c) كائن رياضي (être mathématique) وبالتالي "تتصرف" بنفس الطريقة سواء تعلق الأمر بفرد أو جماعة.

 إن المقولة "وعندما تزداد الآلات أسرع من العمل، ينمو الاستثمار أسرع من القيمة". هذه هي المقولة الرئيسية في هذه النظرية. لنتركها، مؤقتا، جانبا ونتابع. يتابع الأستاذ هارمن : " وإذا كانت حصة أصحاب العمل من القيمة التي يحصلون عليها كفائض قيمة، ثابتة، إذن سينمو الاستثمار أسرع كثيرا من الأرباح." من أجل فحص هذا سنعطي أمثلة خاضعة لمسلمات مقولات الأستاذ هارمن  ونرى ماذا سنجد: معادلة الإنتاج هي:

Q…..=……..v…+………c……..+……pll                      

 لنجسدها أرقاما:

الحالة الأولى:

1200………=……500………+500……..+200               (5)

معنى هذا أن نسبة حصة الرأسمالي، نسبة فائض القيمة من مجموع الكمية المنتجة، القيمة، هي: 

200/1200….=…….1/6                  وهذه النسبة سنفترضها ثابتة كما يقول الأستاذ هارمن . لنأخذ حالة ثانية، بعد دخول شيء من المكننة، ستصير المعادلة كما يلي:

1100+pl…..=….500…+…600…+…pl                    (6)

لقد غيرنا هنا c وحده لنترك لمسلمات الأستاذ هارمن  أن تتحكم في الباقي.

علينا أن نحسب  pl انطلاقا من أن نسبة  pl ثابتة:

pl/(1100+pl)=1/6 هذا يعطينا أن pl=220 فتصبح المعادلة في الحالة الثانية هي:

1320…=…500..+…600..+..220       

 وبهذه الطريقة يمكننا استخراج معادلة حالات أخرى، مع مراعاة ملاحظة الهامش (5). سنكتفي بصياغة المعادلة لأربع حالات للعمل عليها:

الحالة 1): 1200…=……500……+500…..+200    

الحالة 2): 1320…=…500..+…600..+..220       

الحالة 3):        1380….=..500..+..650..+…230

الحالة 4):      1680…=…500…+…900…+…280

" إذن سينمو الاستثمار أسرع كثيرا من الأرباح." هذا ما علينا أن نتحقق منه. إن سرعة النمو تعني النسبة المئوية للنمو. قبل طرح الجدول كاملا علينا أن نبين كيف نحسب هذه النسبة: نسبة نمو الربح (أي pl ) من الحالة  1  إلى الحالة 2 هي:

(220-200)/200……=….10%                

أما نسبة نمو الاستثمار من الحالة  1  إلى الحالة 2 فهي:

(1100-1000)/1000…..=….10%               

 وهكذا سنحصل على الجدول أسفله:

.......................1=>2......2=>3.......3=>4.

نسبة نمو الربح.......10%....4.5%.......21.7%

نسبة نمو الاستثمار.. 10%....4.5%.......21.7%

ربما يكون النقص في أرقامنا هذه هو أنها تعبر عن واقع أقل مكننة . لذلك سوف نعيد الكرة مع جعل الأرقام تعبر عن واقع أكثر مكننة. لنأخذ المعادلة:

      Q…..=……..v…+………c……..+……pl               

وبالأرقام:

3500….+…pl…..=……500….+……3000…+….pl       

لنعتبر حصة الرأسمالي تساوي ثمانية أعشار(8/10) من القيمة ونرى على ماذا سنحصل:

pl=8/10(v+c+pl)

=>pl=4x(v+c)

معنى هذا أن الرأسمالي يحصل بعد كل عملية إنتاج على ربح يعادل أربعة أضعاف ما يستهلكه من رأسمال، وليس ما استثمره ككل. وهذه إنتاجية خيالية ذلك أنه لو كان الأمر كذلك لكانت نسبة فائدة القروض 300%، على الأقل، بدل 4أو 5%.

لنأخذ إذن نسبة أقل. ولتكن الخمس:

pl=1/5(v+c+pl)

=>pl=(v+c)/4

الوضعية 1)     4375..=..500…+..3000..+..875     

الوضعية 2) 5000..=..500..+..3500..+..1000   

الوضعية 3)      5625..=..500..+..4000..+..1125

وهكذا سنحصل على نسبة تغير الأرباح وكذا نسبة تغير الرأسمال لنقارنها:

.......................1=>2......2=>3

نسبة نمو الربح.......14.28%....12.5%

نسبة نمو الاستثمار.. 14.28%....12.5%

 لقد أبقينا فقط على المسلمة " نسبة  pl من القيمة الإجمالية ثابتة " وغيرنا من نسبة المكننة بشكل ملحوظ دون أن نضيف من لدننا شيئا وحصلنا بالتالي على  أن "نسبة نمو الربح" تساوي دائما "نسبة نمو الاستثمار". معنى هذا أن مقولة الأستاذ هارمن  "وإذا كانت حصة أصحاب العمل من القيمة التي يحصلون عليها كفائض قيمة، ثابتة، إذن سينمو الاستثمار أسرع كثيرا من الأرباح." هذه المقولة إذن  ليست صائبة.

 لكن الأستاذ هارمن  يبرهن على مقولاته بأرقام كذلك وليس بمجرد كلام إنشائي. وقبل أن نتفحص أرقامه علينا أن نشير على التو إلى الخطأ في فرضياته: " حصة أصحاب العمل من القيمة التي يحصلون عليها كفائض قيمة، ثابتة " لقد بينا كيف تصاغ  هذه الفرضية كمعادلة. وهي أن:

pl/(v+c+pl)….=…..constante لأن القيمة الإجمالية المنتجة هي: (v+c+pl)

فما معنى هذا على صعيد تقسيم الدخل؟ إنه يعني بكل بساطة أنه مهما ازداد الرأسمال الثابت أكثر من الرأسمال المتغير فإن الرأسماليين يحافظون على نسبة حصتهم من الإنتاج ثابتة. ومعناه أن الرأسمالي يتحمل وحده تكاليف زيادة الرأسمال الثابت ويشرك العمال طواعية في ما زاد من إنتاج نتيجة زيادة الرأسمال الثابت!! نفهم بسرعة أن هذا غير معقول(اللهم إلا إذا كان الرأسمالي يؤمن من كل أعماقه أن العمل هو الذي يخلق فائض قيمة وليس الرأسمال) وغير واقعي. وأن الواقعي هو أن يحاول الرأسماليون زيادة حصتهم، على الأقل، بقدر زيادة حصة الرأسمال الثابت في الاستثمار.

إن الأستاذ هارمن  الذي يحاول أن يبرهن على أبشع استغلال للعمال من طرف النظام يستعمل فرضية مفادها أن الرأسمالي يتخلى طواعية حتى عن "حقه" للعمال.

لنرجع الآن إلى أرقام الأستاذ هارمن . يقول في الصفحة 104: ((غير أن هناك سبب بسيط يفسر لنا لماذا يكون الاتجاه اليوم مرة أخرى نحو زيادة وليس تخفيض ساعات العمل؟ فقد أشار ماركس في رأس المال إلى أن هناك حدود للمدى الذي يمكن لزيادة كثافة العمل أن تعوض الضغط على معدلات الربح، خاصة لأن هذه الضغوط تنشأ لأن الكمية الكلية من قوة العمل الموظفة على مستوى النظام لا تزداد بنفس سرعة الاستثمار- بل إن، من الممكن فعليا أن تبدأ في الانخفاض بشكل مطلق، فمهما تم إجبار العمال على عمل أشد، فإن مجموعة صغيرة من العمال لا يمكنها أن تنتج فائض قيمة بالقدر الذي

تنتجه مجموعة كبيرة.

ويبين ذلك مثال بسيط، نفترض، أن هناك مليون عامل يعمل كل منهم 8 ساعات يوميا، تكفي أربع ساعات منها لتعويض صاحب العمل عن تكلفة أجورهم. سوف تحصل الطبقة الرأسمالية منهم على ما يعادل 4 مليون ساعة من فائض القيمة يوميا.

ولكن ماذا سيحدث لو تم تخفيض  عامل كنتيجة لإدخال تكنولوجيا جديدة[مليون مقسوم على عشرة]قوة العمل إلى 100 ألف  تزيد الإنتاجية عشر مرات؟

يستطيع العمال الآن تغطية تكلفة أجورهم في عشر(10/1) الأربع ساعات – أي 24 دقيقة. ويحصل أرباب العمل على 7 ساعات و36 دقيقة فائض قيمة عن كل عامل. ولكن إجمالي فائض القيمة من قوة العمل ككل لا يزداد. وفي الواقع ينخفض من 4x1000000=4000000 ساعة. إلى:

100000x(7h36mn)=760000.)) ساعة.  لنحول ما يطرحه الأستاذ هارمن  إلى شبه جدول كي نستطيع رؤيته بوضوح:

الحالة 1:

Q…..=……..v…+………c……..+……pl                    

8000000+c…=…4000000+c+4000000                    

رب العمل، على مستوى النظام ككل، يأخذ من العامل نصف وقت عمله. بعد أن تتطور الآلات، يفترض الأستاذ هارمن  أنها تتطور بشكل يسمح للعامل أن ينتج أجره، ليس فقط خلال نصف وقت عمله، وإنما خلال عشر هذا النصف. ثم يفترض كذلك، الأستاذ هارمن ، أن رب العمل، أو النظام ككل،  لم يعد يحتاج من مليون عامل سوى مئة ألف. فتصبح المعادلة كما يلي:

الحالة 2:

Q…..=……..v…+………c……..+……pl                    

800000+c’….=….40000+c’+760000                     

لقد انخفض فائض القيمة الإجمالي من 4 ملاين ساعة في الحالة 1 إلى 760 ألف ساعة فقط في الحالة 2. لكن هناك وراء السطور والأرقام ما يجعل هذا المثال لا يفسر شيئا ولا علاقة له بالواقع. إن الكاتب وضع هدفا أمامه ثم ركب أرقاما بحيث تنطق بما يريد هو.   ومن أجل جعل الأرقام تعبر عما يريد الوصول إليه(7) فقد استعمل الكاتب فرضيات، وإن لم يصرح بها، وهذه الفرضيات هي:

أ) زيادة الإنتاجية عشر مرات دفعة واحدة. رغم أن هذه الزيادة تحتاج إلى وقت طويل مما يغير من كثير من المعطيات.

ب) أن الرأسمالي يستولي على كل تلك الزيادة الضخمة وحده ولم يراع الكاتب أن الصراع الطبقي، مهما كانت موازين القوى ضد العمال، لن يسمح بكل ذلك التعسف.

ج)  أن يفترض الأستاذ هارمن  بأن يتم "تخفيض قوة العمل إلى 100 ألف عامل،أي خفضها إلى عشر ما كانت عليه قبل ارتفاع الإنتاجية، كنتيجة لإدخال تكنولوجيا جديدة تزيد الإنتاجية عشر مرات؟" يعني أنه يستعمل المنطق التالي: إذا كان المجتمع ينتج 8 ملاين طنا من السلع وكانت تكفيه مليون عامل لهذا. فإنه، حين ترتفع الإنتاجية عشر مرات، أي أن عشر هؤلاء العمال سوف يكون بإمكانه إنتاج ال8 ملاين تلك، سوف يسرح أرباب العمل الباقي لأن المجتمع ليس في حاجة لإنتاج أكثر من ال8 ملاين تلك. وهذا أمر لن يقع ما لم تكن الأزمة قد اندلعت مسبقا وربما وصلت أوجها. فارتفاع

الإنتاجية، تاريخيا يصاحبه توسع في الإنتاج وليس الإبقاء على القدر المنتج ثابتا.

د) أن الرأسمالي، لأن الإنتاجية ارتفعت عشر مرات، سرح تسعة أعشار العمال واحتفظ فقط بالعشر.

إن الكاتب يحلل النظام الرأسمالي ككل ولا يتكلم عن مؤسسة إنتاجية واحدة، وهذه الأرقام لن تنطبق حتى على مؤسسة شاذة، ولذلك فإن الأرقام يجب أن تكون "ممثلة" للنظام ككل ما أمكن. إن تسريح تسعة أعشار العمال ليس ولن يكون أبدا بداية أزمة. إن هذا الوضع، إن حصل، هو أوج أوج أزمة نادرا ما حدثت في التاريخ. ونعتقد، رغم قلة معلوماتنا، أن البطالة لم تصل هذا الرقم حتى في أزمة 1929. الأمر إذن هو "فبركة" أرقام لن تتحقق إلا خلال أزمة جد حادة للبرهنة بها على أن النظام يتجه نحو الأزمة!! نتيجة كل هذا، نتيجة لي الأرقام أكثر من المطلوب، فقد ابتعد الأستاذ هارمن  حتى

عن النظرية الماركسية. لقد قال الأستاذ هارمن  أن فائض القيمة الإجمالي انخفض من 4 ملايين ساعة (8) انخفض إلى 760 ألف ساعة. أي أن فائض القيمة انخفض إلى أقل من خمسه سابقا وهذا وضع الأزمة بعد أن تصل أوجها وتتعطل آليات الإنتاج وليس وضعا سابقا عن الأزمة ليكون سببها. ونعلم كلنا أن الماركسية لا تقول أبدا باتجاه النظام الرأسمالي نحو انخفاض الربح، فائض القيمة، وإنما اتجاه النظام نحو انخفاض معدل الربح. والفرق بين الأمرين شاسع. وحين يقول الأستاذ هارمن  في الصفحة 11: "في العام 1992 كان إجمالي الناتج الاقتصادي للعالم ككل خمسة أضعاف الناتج في سنة 1950"

وفي الصفحة 12: "سنة 1950 كان الخمس الأغنى من سكان العالم يمتلك 30% من الدخل، واليوم يمتلكون 60% من هذا الدخل." فإن هذه الأرقام وحدها تكفي لتبرهن على أن 1) الناتج الإجمالي ارتفع عبر الزمن. 2) نسبة فائض القيمة من كل الدخل ارتفعت كذلك بشكل واضح. لنحول تلك الأرقام إلى جدول:

1992……….….1950……………….……………….

الناتج الإجمالي.5xP……………...P……………..….

حصة خمس السكان60%(5xP)…..….30%P……..

حصة الخمس الأغنى إذن، ويمكن اعتبارها هي بالذات فائض القيمة، بالمعنى الماركسي، أو أقرب إلى هذا المقدار، ارتفعت من 30%P إلى (60%(5xP أي 300% من P. أي أنها تضاعفت 10 مرات في حين لم يتضاعف الإنتاج سوى 5 مرات. لكن لحد الآن ، هذا يعني أن أرباح البرجوازية تضاعفت و لا يعني أن معدل الأرباح، بالمعنى الذي تتكلم عنه الماركسية، زاد أو لم ينقص.

تقول أرقام الأستاذ هارمن  أن العامل ظل يعمل 8 ساعات في حين، نتيجة ارتفاع الإنتاجية، يكفي الرأسمالي عشر الأربع ساعات لتغطية أجره. النسبة التي يأخذها العامل إذن من عمله هي عشر النصف، أي 5% فقط مما يجعل الرأسمالي يستولي على 95%. بصدد هذه النقطة كذلك نعتقد أن الأرباح الهائلة التي يحصل عليها الرأسماليون ليست بالضرورة نتيجة هذه النسبة الهائلة وإنما نتيجة أن كل رأسمالي يستخدم المئات أو الآلاف من العمال وبذلك تكفيه نسبة حتى 10% أو أقل، كنسبة من الوقت المسروق من عمل كل عامل، لتكون أرباحه ضخمة نتيجة العدد الكبير من العمال الذين يستغلهم وهذا

ما يفسر إلى حد بعيد "تمركز الرأسمال" أي أن النخبة التي تستغل الآخرين تنقص نسبتها إلى باقي المجتمع يوما بعد يوم.. 

هناك عامل آخر مهم لم يعره الأستاذ هارمن  اهتماما. حين نقول بأن الإنتاجية، في كل المجتمع، ارتفعت. فإن ذلك يعني بالضرورة وحسب التجربة التاريخية،أنه ليس فقط كم المنتجات هو الذي سيزداد. وإنما ستنتج كذلك أنواع جديدة من المنتجات. وهذه الأنواع لا بد أن يدخل جزء منها في "سلة" الأجير. معنى هذا أن "الوقت الضروري لإعادة إنتاج قوة العمل" سوف يزداد، أو على الأقل أن "الأجر الحقيقي" للعامل

 (le salaire réel en opposition au salaire nominal) سوف يرتفع. ومعنى هذا أن الرأسمالي لن يستولي لصالحه وحده على ثمار التقدم التكنولوجي كما افترض الأستاذ هارمن .

لنعود إلى الصفحة 104، يقول الأستاذ هارمن :" فمهما تم إجبار العمال على عمل أشد، فإن مجموعة صغيرة من العمال لا يمكنها أن تنتج فائض قيمة بالقدر الذي تنتجه مجموعة كبيرة " وذلك لأن " العمل –وليس الآلات- هو الذي يخلق القيمة. " ص92. نعم، أن من مبادئ الماركسية أن العمل، وليس الرأسمال، هو الذي يخلق فائض قيمة. كما أننا نعلم كذلك أن الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والاستغلال وجهان لعملة واحدة هو جوهر الرأسمالية.  لكن الطريق يكون أحيانا طويلا بين الإحساس بشيء أو التعرف الغريزي عليه من جهة،  وبين البرهنة العلمية على وجوده أو تحديد خواصه من جهة أخرى.

وهذا هو الإشكال الذي نحاول جادين أن نطرح في هذا المقال. لقد كان الفضل، كما قلنا، لماركس ورفيقه بأن دشنا الطريق العلمي لدحض الاستغلال. لكن هذا لا يعني أن يبقى كل ما توصلا إليه، ما عدا جوهر الماركسية، يبقى عقيدة جامدة.

لنتفخص الآن، رياضيا، ماذا تعنيه أرقام الأستاذ هارمن (9):

Q…..=……..v…+………c……..+……pl                    

زمن1  8000000+c…..=…..4000000+..c..+4000000    

زمن2 800000+c’…..=…….40000+…c’…+760000    

=لنحدد معدلات الأرباح لكل من الزمنين:

r1=4000000/(4000000+c)  r2=760000/(40000+c’)

لكننا نرى أنه يستحسن أن نأخذ أرقام الأستاذ هارمن  "في شكل معمم". 

لنعتبر 8000000=V  يجب أن نوضح أن v  نشير بها إلى العمل المؤدى عنه في حين V نشير بها إلى العمل المبذول من طرف العامل. 

زمن1    V..+..c..=…V/2…+…c…+….V/2    هنا v=V/2 et pl=V/2

زمن2   V/10..=..V/200..+..c’+…(V/10-V/200)    هنا

V’=V/10 ;  v’=V’/20 ==> v’=V/200

في المعادلة 1   نقسم  Vعلى  2 لأن النصف يستولي عليه الرأسمالي كفائض قيمة. . أما في المعادلة 2 فإننا:

_ نقسمها على 10 لأن المكننة سمحت باستخدام عشر اليد العامل فقط.

_ نقسمها عل 200 لأن الإنتاجية سمحت بأن يغطي عشر النصف تكاليف الأجر. إذن احترمنا الافتراضات وليس الأرقام.

إذن عشر نصف العشر هو القسمة على 200.

نرجع الآن لصياغة معدلي الربح:

r1=(V/2)/( V/2…+…c) et r2=(V/10-V/200)/(V/200..+..c’)

إذا وضعنا r2≤r1

سنحصل في الأخير على أن:

c’≥(19%c+9%V)  وهذا لا يعني بالواضح أن c’>c

إذن، افترضنا أن معدل الربح انخفض ولم نحصل على أن الرأسمال الثابت زاد. لماذا؟ نعتقد أن الخلل موجود في جمع المسلمات التالية دفعة واحدة: أ) زيادة الإنتاجية عشر مرات. ب) التخلي عن 10/9 اليد العاملة. ج) استيلاء الرأسمالي على كل ما أتت به التكنولوجية من مردودية بالكامل والمطلق.

في معطياته، يقدم الأستاذ هارمن  معادلة الإنتاج على الشكل التالي:

Q…..=……..v…+………c……..+……pl                    

8000000+c…..=…..4000000+..c..+4000000           

هذا الشكل الذي يهمل بالمطلق c ولا يبرز سوى v وما تنتجه من قيمة ومن فائض قيمة. يتضح هنا الإهمال التام لكل العوامل، ذلك أنه حتى مع التسليم بأن "العمل" هو الذي ينتج فائض القيمة، فإننا نعتقد أن مجموعة صغيرة في ظروف تقنية أحسن يمكن أن تنتج من فائض القيمة أكثر مما تنتجه مجموعة كبيرة في ظروف تقنية أقل تطورا. أليس هذا ما يعنيه بالضبط قول الأستاذ هارمن  في الصفحة 105: "ولكن ماذا سيحدث لو تم تخفيض قوة العمل إلى 100 ألف عامل كنتيجة لإدخال تكنولوجيا جديدة تزيد الإنتاجية عشر مرات" ؟؟

كان الأصح أن يقول الأستاذ هارمن : "في ظروف تقنية معينة، هناك حد أقصى لإنتاجية العمال لا يمكن تجاوزها دون الإضرار بالعمال بشكل مباشر ومن ثمة بالنظام ككل." والفرق واضح بين القولين.

 قلنا أن " مجموعة صغيرة في ظروف تقنية أحسن يمكن أن تنتج "من القيمة" أكثر مما تنتجه مجموعة كبيرة في ظروف تقنية أقل تطورا. قلنا تنج قيمة ولم نقل بعد تنتج "فائض قيمة" كما يقول الأستاذ هارمن . فما محل فائض القيمة من ذلك؟ سنحاول توضيح ذلك. هنا نرى أنه أمامنا خيارين في التحليل:

أ) الخيار الأول هو أن نعتبر أن "كل عمل ينتج فقط مثله" (10) طبقا للقوانين الطبيعية في بعض الميادين حيث "لا شيء يُخلق ولا شيء يُتلف". إذن آلات وعمال ينتجون قيمة تساوي، في المتوسط لأن ذلك يختلف من مؤسسة لمؤسسة قليلا، ينتجون قدر ما استهلك منهم. أي قدر ما سيحتاجه العمال ليعيشوا حياة عادية متوسطة بالإضافة إلى ما اندثر من الآلات والمعدات والمواد الأولية. معنى هذا أن "فائض القيمة" لا ينتج مطلقا وإنما "يحققه" الرأسمالي في السوق حين يبيع البضائع  بأكثر من ثمنها الحقيقي. وهذه عملية احتيال يقوم بها كل رأسمالي، ليس ضد عماله وإنما ضد كل المجتمع. لكن

مادام كل الرأسماليين "يسرقون" كل المجتمع فإن الأمر فعلا كما لو أن كل رأسمالي يسرق عماله. "ففائض القيمة" إذن  يأتي، حسب هذا المنطق، عن طريق عملية "نهب على مستوى السوق" وليس "داخل أسوار المصنع". والأمر سيان كما قلنا "على مستوى السوق" أو "داخل أسوار المصنع" وإنما التدقيق العلمي فقط يقتضي التمييز. كما أن الأولى أكثر تمويها وأكثر صعوبة على "التلمس" من الثانية. لكن هذا المنطق يضعنا أمام إشكالية ليست بالسهلة: إذا كان الأمر، "لا شيء يُخلق ولا شيء يُتلف" فمن أين يمكن أن يجد المجتمع موارد تضمن تطوره ونمائه وتوسع إنتاجه؟ المبادئ العلمية ليست

دائما مطلقة وما يصلح منها في مجال يمكن أن لا يصلح في مجال آخر، وربما هذا هو حال مبدأ "لا شيء يُخلق ولا شيء يُتلف" في مجال الاقتصاد.

ب) الخيار الثاني هو أن نؤمن أو نفترض أو نسلم بأن "كل عمل يمكن أن ينتج أكثر مما يستهلك". أي أن كل عمل يمكن أن "يخلق فائض قيمة". في هذه الحالة نجد أنه من الضروري إدخال بعض التغيير على المعادلة الرئيسية لعملية الإنتاج التي هي:

Q…..=……..v…+………c……..+……pl                    

ف c التي تشمل كلا من الآلات والعقار والمواد الأولية ارتأينا أن نميز عناصرها بعضها عن بعض كما يلي:

c……..=……ta….+…..m.                            

ta تشمل كل الآليات والعقار المبني وكذا وسائل النقل وسنعبر عنها ب"العمل  المتراكم أو المُخزَّن (travail accumulé)

و m  تعني المواد الأولية أو النصف مصنعة  التي تستهلكها عملية الإنتاج، تستهلكها بالكامل في عملية واحدة للإنتاج، وكل ما ليس فيه عمل مخزَّن (matière). يمكن أن يلاحظ القارئ أن المواد النصف مصنعة كذلك تشتمل عملا مخزّنا. لكننا لم نعتبرها كذلك لأن هذه المواد لا تستعمل إلا مرة واحدة تستخرج منها بضاعة ما وتندثر ولا تبقى لصناعة بضائع  باستمرار. نعلم أن كل "c..=…ta….+..m "  تعتبرها الماركسية "رأسمالا ثابتا" ليس من طبعه خلق فائض قيمة وهذا ما نناقشه الآن بالضبط. إننا نرى أن "العمل المخزّن" والعمل الحي"، أي العمل المباشر الذي يقوم به العامل في المعمل،

هذان العملان لا فرق بينهما سوى أن الأول سُرق في زمن سابق و"خزِّن" في الآلات والبنايات في حين أن "العمل الحي" يسرق حاليا. وهذا "العمل الحي" الذي يسرق حاليا جزء منه سوف يخزّن كذلك ليستخدم لاحقا. إذن ليس هناك من فرق جوهري بين العملين ولهذا لا نرى أي سبب يجعلنا ندعي أن واحدا منهما قادر على خلق فائض القيمة في حين الآخر غير قادر. ولمزيد من التوضيح يمكن أن نلجأ إلى عملية تماثل بين الفلاحة والصناعة.

صناعة...عامل.ص...بنايات................آلات.

فلاحة....عامل.ز......أرض مستصلحة....أشجار.

 الآليات الفلاحية المتطورة هي كذلك عمل مخزّن تم تخزينه في الصناعة وليس في الفلاحة.

في الصناعة يسخر الجيل الأول من الرأسماليين الصناعيين الجيل الأول من العمال (11) لينتجون.  ويسرقون منهم جزء من عملهم يباع جزء منه في بضائع ويخزن البعض الآخر في آليات أو مباني ليستغلها الجيل اللاحق لينتج بضائع وآليات، أكثر مما في استطاعة العمال أن ينتجوا لو عملوا بدون تلك الآليات والمعدات.

في الفلاحة يسخر الجيل الأول من الرأسماليين الزراعيين الجيل الأول من العمال الزراعيين فيهيئوا الأرض ويغرسوا عليها أشجارا تظل تثمر لوقت ما، وليس موسم فلاحي واحد أو على الأقل تظل الأرض تنتج، ثم يأتي الرأسمالي الزراعي، أو جيل لاحق من ورثته، ليستغلوا هذه الأرض وأشجارها بواسطة عمال زراعيين غير الأوائل الذين هيؤوها وغرسوها. فينتج الزوج "عمال زراعيون-أشجار" قيمة لا يمكن لأي منهم أن ينتجها منفردا. هنا العامل الزراعي يؤدي عملا حيا ولكن الشجرة، وهي ما تزال حية، ليست سوى "عملا مخزََّنا"، عملا سرق من عمال زراعيين سابقين. العمل المخزَّن في

الصناعة مثله مثل العمل المخزن في الفلاحة. كلاهما ينتج فائض قيمة ولكن ليس دون العمل الحي المباشر. العمل الحي والعمل المخزن إذن، في نظرنا، هو زوج لا يمكن فصل أحد طرفيه عن الآخر وكلاهما ينتج قيمة وفائض قيمة في نفس الوقت. ولا يمكن البثة معرفة النسبة التي يشارك بها هذا الطرف أو ذاك في عملية الإنتاج. فإدخال آلات جديدة في عملية الإنتاج ترفع من الإنتاجية ولكن لا يمكن أن نعزو هذا الارتفاع إلى الآلات وحدها، لأنه حتى وإن احتفظنا بنفس العمال الذين كانوا يسيرون الآلات القديمة لتسيير الجديدة فذلك لا يعني أن شيئا لم يتغير في الطرف الأول من

الزوج "عمل حي-عمل مخزَّن". ذلك أن التعامل مع الآليات الجديدة يقتضي تجديد مهارات وما يهم هنا هو المهارات وليس الأجسام أو الأسماء العائلية أو الشخصية.

 في الصفحة 120 يقول الكاتب: "هناك عامل آخر ساعد على زيادة معدلات الأرباح في عصر ماركس هو التجارة الخارجية. في ذلك الوقت كانت الاقتصاديات الرأسمالية الكاملة محاطة بمجتمعات ما قبل رأسمالية أكبر منها كثيرا في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوربا الشرقية. واستطاع الرأسماليون استخدام أبشع الوسائل (نهب الهند، نقل الملايين من العبيد من أفريقيا إلى الأمريكيتين، إجبار الصينيين على شراء الأفيون، احتلال مصر) لإحكام القبضة على ثروات هذه المجتمعات وبالتالي زيادة أرباحهم الخاصة." الأرباح، إذن معدلات الأرباح، وبالتالي فائض القيمة ما دامت

الماركسية تربط بين فائض القيمة والربح بشكل وثيق، يمكن أن تزداد بعوامل لا علاقة لها بما يجري "داخل أسوار المصنع". يعني ذلك بالضرورة أن هذه العوامل "الخارجية" يمكن أن "تخلق فائض قيمة".

لقد طرح بعض منتقدي الماركسية، بالخصوص الليبراليين، سؤالا مفاده: لماذا يصبو كل رأسمالي إلى أن يدخل تقنية جديدة على مصنعه إن  لم تكن هذه التقنية قادرة على خلق فائض قيمة إضافي؟ لكن الجواب الذي توصل إليه الماركسيون من أجل رد هذا السؤال المستفز هو: ص93 "ومن الهام ملاحظة أن هذه الرؤية بكاملها تقوم على فهم أن ما هو جيد بالنسبة للرأسمالي الفرد، سيء بالنسبة للنظام الرأسمالي ككل. يستثمر الرأسمالي الفرد لأنه يستطيع التفوق على منافسيه والاستحواذ على بعض الأرباح التي حصلوا عليها من قبل بزيادة التكنولوجيا المتقدمة والتي توفر العمل. ولكن لو

فعل كل الرأسماليين ذلك، ينخفض إجمالي معدل الربح حتى يصيبهم جميعا. وهذا بدوره يزيد من الضغط التنافسي على كل منهم ويدفعهم إلى زيادة الاستثمار في التكنولوجيا التي توفر العمل وإلى انخفاض أكثر لمعدلات الربح على مستوى النظام." لقد ناقشنا هذا أعلاه حين قلنا بأن (l’être mathématique)  لا يهتم أكانت المعطيات التي يعالج تهم فردا أم جماعة. الجواب المقدم على السؤال السابق إذن فيه كثير من التخبط النظري.

إن ما سبق وأن قلناه، بأن العمل المخزن ينتج بدوره وب"تشارك" مع العمل الحي فائض قيمة، يجعلنا أمام إشكالية ليست بالسهلة وهي أننا مطالبون بالإجابة على السؤال المركزي والأساسي: "من أين تأتي الأزمة؟" لأن ما قلناه يزيح جانبا، أوتوماتيكيا، التعليل الماركسي القائل بأن الأزمة تأتي من أن ازدياد الرأسمال على حساب العمل الحي، المنتج وحده لفائض القيمة، يجعل انخفاض معدل الربح، المتعلق طبعا بفائض القيمة، أمرا حتميا(12). لكن المعادلة التي نطرح نحن كبديل هي:

Q…..=…..v…+……(ta….+…..m)..+…pl                    

حيث: c……..=……ta….+…..m           

وفي هذه المعادلة، وحسب ما قلناه سابقا، فإن ta يجب أن يوضع جانب v، من غير أن يذوب فيه، لتصبح المعادلة كما يلي:

Q…..=…..(v…+……ta)….+…..m..+…pl

كلما ازدادت المكننة إذن ازدادت، حسب تحليلنا، إمكانية "خلق فائض قيمة"، (13) فمن أين تأتي الأزمة إذن؟ إن ماقلناه هو أن الزوج "عمل حي-عمل مخزَّن" هو ما "يخلق القيمة و فائض قيمة" ولم نقل يحققانها. إن عدم التمييز بين " خلق القيمة"، وضمنها فائض القيمة و"تحقيق هذه القيمة"  هو ما يجعل النظرية تتأرجح بين التفسير العلمي والتبرير الإيديولوجي. صحيح أنه، كما يكتب الأستاذ هارمن ، "إذا أدخل رأسمالي واحد المكننة يربح وإذا أدخلها كل الرأسماليين يؤدي ذلك إلى "مشكل ما". في هذه المسألة ذاتها يكمن التفسير لكن بعض الماركسيين يكتفون بالتسرع إلى الاستنجاد

بالإيديولوجية ولا يتريثوا ليحللوا الواقع الذي يُجيب علميا على السؤال. فالخلل هنا بالضبط مرتبط بمسألة "تحقيق القيمة" وليس بمسألة "خلق القيمة":

حين تطور قلة من الرأسماليين منشآتها وتنتج، في المعدل، أكثر مما ينتجه النظام ككل. تبيع بالتالي أكثر مما تبيعه المنشآت الأخرى كما أنها تبيع سلعا أنتجت، في الغالب بتكلفة أقل من المعدل. فتربح كثيرا لهذين السببين. ولأن السوق ما تزال تطلب والعرض أقل من الطلب، في هذه البضائع بالذات، فإن هذه المنشآت لا تسرح العمال نتيجة مكننة العمل وإنما تحافظ على اليد العاملة مع المكننة لتكون النتيجة إنتاج قدر كبير من البضائع. لكن حين تنتشر هذه المكننة الجديدة وتعمم يعني ذلك أن كل الرأسماليين ينتجون نفس السلعة بنفس السرعة وبنفس التكلفة ويعرضون في

السوق كميات كبيرة. يتجاوز العرض الطلب مما يعني تعذر "تحقيق القيمة". إذن ليس الخلل في أن القيمة أو فائض القيمة لم يعد ينتج أو يخلق، وإنما الخلل في أن كل هذه القيم المنتجة، بما في ذلك طبعا فائض القيمة، يتعذر تحقيقها. كيف يتعذر تحقيقها؟ يمكن القول بكل بساطة، كما يفعل منظرو الاقتصاد الليبرالي، بأن ذلك يتعذر لأن "العرض يفوق الطلب". نقول صحيح أن العرض يفوق الطلب، ولكن الوقوف عند هذا المستوى من التحليل يكون كمن لا يعرف من خصائص الأجسام، ليميزها بعضها عن بعض، سوى لونها وشكلها الخارجي. لماذا لم يساير الطلب العرض؟ أولا لأن أجور العمال الذين

ينتجون هذه المنتجات لم يرفعها الرأسماليون بنفس القدر الذي ارتفعت به الإنتاجية. ومعنى هذا أن الرأسماليين لم يحافظوا على نسبة العمال من القيمة وإنما لم يطوروها كما تطور الإنتاج مما يعني بالضرورة أنهم رفعوا حصتهم من القيمة أكثر مما يتحمل ميزان "العرض والطلب" المبني، في جزء كبير منه، على أجور اليد العاملة(14). أي أن معدل الربح، إذا وقفنا عند عتبة المصنع حيث تنتج القيم ولم نتجاوزها إلى السوق التي هي "مجال تحقيق القيم"، معدل الربح هذا قد زاد أو حاول هنا]الرأسماليون زيادته ولم ينقص بسبب زيادة المكننة. ثانيا أنه بمجرد أن يشعر بالضبط تبدأ

 أي رأسمالي بتعذر تحقيق القيمة يسعى إلى نقص الإنتاج، أي[الأزمة نقص اليد العاملة أو نقص ساعات العمل مما يزيد من خفض قدرة العمال الشرائية وبالتالي زيادة الفرق بين العرض والطلب حدة وهنا تصل الأزمة مرحلة كرة الثلج التي تزداد تضخما كلما تدحرجت، أو ظاهرة تساقط الحجارة من جبل، الحجرة الواحدة تثير حركة عشرة وهذه تثير حركة مائتان وهكذا.

اندلاع الأزمة إذن، حسب هذا المنطق، لا يكون سببه انخفاض معدل الربح وإنما عاملان متزامنان: أ) زيادة الإنتاجية من جهة. ب) ومن جهة أخرى إبقاء القدرة الشرائية للمجتمع كما كانت، أو رفعها بنسبة غير كافية، وهو ما يعني محاولة الرأسماليين رفع حصتهم من "القيمة المنتجة" بقدر لا تسمح به السوق "كمجال لتحقيق القيمة".  ويأتي الانخفاض في الأرباح  كنتيجة وليس كسبب.

لنر الآن كيف تحلل الماركسية، رياضيا، هذه المسألة. أي مسألة "اتجاه معدل الربح نحو الانخفاض". إن معدل الربح، حسب التحديد الماركسي، هو : r=pl/(c+v) وواضح،  كما قلنا حسب المفاهيم الماركسية، بما أن v هي المسؤولة عن خلق pl ، لا تتغير بالقدر الذي يتغير به c، الذي لا يخلق pl، فإن النتيجة هي أن r  تتقلص تحت تأثير c الذي يوجد في المقام. لكن ماركس لم يقف هنا حيث تابع التحليل وعبر عن r كما يلي:    حيث ε هي pl/v و    Ω هي c/v. هنا يرى ماركس أن هذه الصيغة، عكس الصيغة الأولى التي توهم أن المسألة محسوم فيها وأن r محكوم عليه، وليس لديه "حق النقض"، بالانخفاض. عكس ذلك

تبين الصيغة الثانية أن  r بهذه الصيغة امتلك "حق النقض". ذلك أن ε وهي ما تسميه الماركسية معدل الاستغلال، يكبر مع المكننة، ذلك أن حجم فائض القيمة المسلوبة من العمال يكبر أكثر من حجم الأجور الممنوحة لهم. ورغم أن Ω، في المقام، الذي يمثل التركيب العضوي للرأسمال يكبر، فإن ارتفاع ε يمكن، بدرجة ما، أن يعاكس الاتجاه نحو انخفاض r. r إذن حصل عن "حق النقض"، فماذا كان رد فعل ماركس؟ هنا لم يستطع ماركس مسايرة "شغب r" رياضيا فالتجأ إلى "التحليل الإنشائي" ناطقا بحكمه النهائي: "لكن معدل الاستغلال لا يكبر بالقدر الكافي للوقوف في وجه فعل ارتفاع التركيب

العضوي للرأسمال، هذا إن لم يبق ثابتا."  (15).

 لقد أشار، ماركس نفسه، إلى العوامل المعاكسة التي تأخر أو تلغي مؤقتا اتجاه معدل الربح نحو الانخفاض، مثل نمو معدل الاستغلال أو اتجاه الرأسمال الثابت نحو فقدان قيمته،dévalorisation، بسبب التكنولوجيا التي تنتج يوما بعد يوم آلات بثمن أقل، كل هذا يرى ماركس ،فقط، أنه يمنع من استمرارية اتجاه معدل الربح نحو الانخفاض لكنه لا يلغيه. ولهذا السبب قال  ماركس بأن هناك "نزوع معدل الربح نحو الانخفاض".  (baisse tendancielle) يعني على المدى الطويل. وليس "انخفاض مستمر لمعدل الربح".(انظر الهامش 18)

من أين أتى هذا الإشكال: صيغتان رياضيتان r=pl/(c+v) et r=ε/(Ω+1)، هما في الواقع صيغة واحدة لأن الواحدة تستخرج من الأخرى مباشرة، الواحدة تبين، بما لا يدع مجالا للشك، بأن "اتجاه معدل فائض القيمة نحو الانخفاض" أمر لا مناص منه، في حين الأخرى تجعل الأمر غير قابل للحسم؟ لقد فك هذا اللغز، إن لم يكن آخرون قبله، Maxime Durand في المقال المشار إليه بعنوان "أزمة الماركسية أم أزمة الرأسمال؟" المنشور في الشبكة بتاريخ  09/07/2000.

حيث أكد أن سبب ذلك هو أن كلا من  pl  و v و  c"مقادير غير مستقلة" وأن r مرتبط بها كلها وأن دراسة r من حيث تأثير c وحده عليه أو v وحده عليه غير ممكن ويؤدي حتما إلى نتائج "غير منطقية".

 لنضع المعادلة المقترحة من طرفنا والتي هي كما قدمنا:

Q…..=…..(v…+……ta)….+…..m..+…pl      

والتي استخلصناها من اعتبارنا c الذي تعتبره الماركسية "رأسمالا ثابتا" يجب التمييز داخله بين جزأين :أ) الجزء الذي يكون المواد الخام أو النصف مصنعة ب) الجزء الذي يشكل الآليات والمباني والذي سميناه "العمل المخزَّن" والذي قلنا بأنه يشارك "العمل الحي" في "خلق القيمة وفائض القيمة."  تبعا لهذا فإن صيغة r، معدل فائض القيمة، ستكون كما يلي:

r=pl/(v..+….ta +…..m)

وبما أنه كما قلنا ta تشارك كذلك في "خلق  فائض القيمة."  فإنه علينا أن نعتبر pl دالة يتحكم فيها متغيرين ونستطيع التعبير عنها رياضيا كما يلي:

pl……=…..f(v;ta)  وهذا بالضبط هو ما أشار إله Maxime Durand في المقال المذكور وهكذا نحصل على الصيغة التالية ل r:

r=f(v;ta)/(v..+….ta+…..m)

هكذا نتخلص من "شغبr" الذي جعل الماركسيين يفرون من ساحة الرياضيات إلى ساحة الإنشاء كي يبرروا ما لم يتمكنوا من تلمسه جيدا. كلما كبرت c وحدها، إن استطاعت فعلا أن تكبر وحدها، أو كلما كبرت v في المقام فإن الدالة  f سوف تكبر في البسط، ليس واضحا بأي مقدار ولكن المهم أن الغموض قد زال. بقي مقدار يوجد في المقام وليس معبر عنه في البسط، إنه m، المادة الأولية أو النصف مصنعة، ألا يمكن أن تؤدي إلى ما كان يعتقد الماركسيون أن c تؤدي إليه؟ صحيح أن المادة الأولية أو النصف مصنعة لا تخلق فائض قيمة ولكن "منها يصنع/يخلق" فائض القيمة ذاك. فكلما زادت إذن المادة

التي يصنع منها فائض القيمة سوف يزداد،اطرادا، فائض القيمة. إذن pl يجب أن يتدخل فيها m وكما قلنا باطراد(proportionnellement). إذن :

pl…=… f(v;ta)…=…k.m.g(v;ta)     

بحيث k هي مجرد ثابتة.فتصير صيغة r كما يلي :

r….=…k.m.g(v;ta)/(v..+….ta+…..m)

الحكم إذن على اتجاه، r، رياضيا وليس إنشائيا، يقتضي المعرفة الكاملة للدالة g(v;ta). وهو الأمر الغير البسيط رغم تقدم الرياضيات والإحصائيات. يبقى في نظرنا حل وحيد ألا وهو استبدال الرياضيات بالتاريخ: أي تتبع تطور الإنتاجية والمكننة عبر مراحل كاملة واستخراج، منها، الاتجاه العام لمعدل فائض القيمة. كما أن تتبع معدل الفائدة عبر مراحل يمكن أن يعطي فكرة.

بالإضافة إلى هذا، فإن ظاهرة تمركز الرأسمال، التي لا يشك فيها أحد بما في ذلك البرجوازيون، توحي إلى حد بعيد بأن مسالة انخفاض معدل الربح قد تحققت فعلا عبر التاريخ. فظاهرة تمركز الرأسمال لا تعني سوى أن رأسمالا قليلا غير قادر على إنشاء مؤسسة إنتاجية لأن، ولا نعتقد أن يكون هناك سبب آخر، هذا الرأسمال المحدود لا ينتج ربحا كاف لاستمرار المؤسسة على قيد الحياة. مما يعني أن نسبة الأرباح هي التي تقلصت، أي معدل الربح.

 أن نقول بأن مسألة صحة "اتجاه معدل الربح نحو الانخفاض" ما تزال مطروحة للنقاش، أو أن نبرهن حتى على أن المقولة خاطئة فذلك لا يعني بالضرورة بأن النظام الرأسمالي لم يعد معرضا لأية أزمة. ذلك أن الأزمة في نظرنا وحسب تحليلنا، لا تأتي من "تعذر خلق فائض القيمة" ولكن بالضبط من "تعذر تحقيق القيمة وفائض القيمة". أزمة الرأسمالية ليست إذن "حين إنتاج القيم" ولكن "إبان تحقيق القيم" الشيء الذي يحيل بدوره إلى "توزيع القيم" وهنا مجال الاختلاف بامتياز بين الاشتراكية والرأسمالية .

1)    بعد التحية والتقدير،أود إثارة انتباه الرفاق في هيئة تحرير، "الحوار المتمدن" على العموم و"مكتبة التمدن" على الخصوص، أنه يستحسن الإشارة إلى تاريخ تأليف الكتاب ونشر الطبعة الأولى ودار النشر بالنسبة لهذا الكتاب ولكل كتاب ينشر في"مكتبة التمدن".

2) ولأن مثل هذه الكتابات يمكن أن يقرأها المبتدئ كما يمكن أن يقرأها المتعمق، فإننا نرى أنه من الواجب علينا أن نضع تعريفا حسب اجتهادنا، بالضرورة موجز، أمام هذا القارئ المبتدئ. لأن المشكلة التي تعترض مثل هذا القارئ غالبا هي وقوفه وجها لوجه والدراسات المعمقة قبل أن يجد أي تعريف بسيط. وهذا، منهجيا ومعرفيا، يخلق مشاكل. ووضعنا هذا التعريف في الهامش الهدف منه عدم إشغال من لا حاجة له به:

الماركسية فلسفة تسعى إلى فهم الواقع الإنساني بهدف تغيير شروط الحياة الإنسانية نحو الأحسن.  واعتقادا منها بأن الواقع المادي هو المحدد الأعلى للشرط الإنساني، فإن الماركسية، من أجل تغيير الواقع، سعت إلى دراسة النظام الاقتصادي الرأسمالي وحتى الأنظمة الاقتصادية السابقة عليه، والتي يمكن أن تكون قد أدى تطورها إليه. فهْم النظام الرأسمالي من أجل استبداله بنظام أكثر إنسانية منه، هذا هو ما سعت إليه الماركسية.  

3) نود أن نشير إلى مقال للكاتب Maxime Durand بعنوان "أزمة الماركسية أو أزمة الرأسمالية؟" في الشبكة بتاريخ 09/07/2000 . لأنني أشارك  هذا الكاتب الرأي في جل ما ورد في مقاله.  ولا أختلف معه سوى في الاعتقاد ب"أن ظهور نقص أو عدم مسايرة بعض مقولات الماركسية لتطور النظام الرأسمالي يعني أن الماركسية لم تعد صالحة". ذلك أنني أأكد على أن ما يهم في الماركسية هو جوهرها "محاربة الاستغلال". وأن محاربة الاستغلال هذه في حد ذاتها تستلزم تجدد الأسلحة ومن أهم هذه الأسلحة "التحليل وأدواته". إن الاعتقاد المشار إليه هنا هو ما يجعل الماركسيين مضطرين إلى الدفاع عن كل

المقولات الماركسية والبرهنة بكل الوسائل على أنها مسايرة للزمن. وهذا ما يعنيه جل الماركسيين بمقولات مثل :"أزمة الماركسية أم أزمة الرأسمالية". باختصار، في نظري، أنه لو أخرج ماركس من قبره  واستطعنا جعله يتكلم فلن يقول سوى:"الغوا كل نظريتي ومقولاتي وفقط حرروا المستغلين من الاستغلال".

4) تحدد الماركسية عملية الإنتاج بالمعادلة التالية:

Q…..=……..v…+………c……..+……pl                    

 Q هي الكمية الإجمالية المنتجة.

 v هي الأجر المدفوع للعمال ويسمى " الرأسمال المتغير " le capital variable. المتغير من حيث أنه ينتج قيمة مضافة.

 c هي تكلفة المواد الأولية والعقار والآلات .. ويسمى " الرأسمال الثابت " le capital constant   . ثابت من حيث أنه لا ينتج قيمة مضافة.

 pl هي ربح الرأسمالي ويسمى " فائض القيمة " la plus-value.

وانطلاقا من هذه المعادلة تحدد النظرية معادلات أخرى منها:

نسبة الاستعلال (le taux d’exploitation) والذي يساوي:

E……….=…………pl/v

التركيب العضوي للرأسمال والذي يعني نسبة  c إلى v وهو   c/v    وهذا العامل في ازدياد مستمر.   

معدل الربح ويحدد كما يلي:

r…………=………pl/(v+c)

ولأن التطور التقني يؤدي بالضرورة إلى زيادة قيمة c أكثر مما تزداد قيمة v. ولأنه، حسب النظرية الماركسية، العامل المنتج ل pl هو v وليس c. فإن ازدياد c على حساب العامل المولد لpl في المقام  يؤدي بالضرورة إلى انخفاض مستمر لمعدل الربح.

5) نعتقد أن هذه الأرقام يمكن أن تعبر عن واقع فعلي وسنتطرق إلى إشكالية "تمثيلية الأرقام" فيما بعد.

6) لماذا تركنا نفس القيمة ل v؟ لمجرد تبسيط الحساب. لكن ترك هذه القيمة ثابتة لا يخل بأي شيء لأن المهم بالنسبة لمعادلة الأستاذ هارمن  هو أن ينمو c بسرعة أكبر من v.

7) إن كتابة كتاب في مستوى كتاب الأستاذ هارمن  يفرض على الكاتب أخذ أرقام ممثلة للواقع ما أمكن. ولا يصعب فعل ذلك على أستاذ في الاقتصاد ولا حتى على من يريد أن ينظر من موقع العصامي.

8) إن استعمال الزمن لقياس القيمة لا يخل بالتحليل فمن مبادئ الاقتصاد الماركسي قياس القيمة بالوقت الكافي لإنتاجها. يضاف إلى هذا ما يسمى بثمن الاحتكار. فمثلا البترول، إذا كانت الدول المنتجة له قوية وتستطيع أن تفرض منطقها ومصلحتها التي تستلزم عدم الإسراف في استنزاف هذه الثروة وضرورة تعويضها عن ثروتها بما يمكنه أن يخلق لديها تنمية ذات أهداف بعيدة،  لا يجب أن يباع في السوق بثمن لا يعرف سوى منطق التكلفة.

لقد ناقش كثير من الاقتصاديين هذه المسألة. وهي المعروفة بمسألة نظرية القيمة. وفي هذا الصدد رأى ريكاردو، الاقتصادي البرجوازي، أنه إذا كانت القيمة تحدد بكمية العمل المباشر اللازم لإنتاج البضاعة، فإن ذلك يعني أن المؤسسات الإنتاجية التي تستعمل الآلات أكثر من غيرها سوف تحقق معدل ربح أقل من المتوسط. وهذا غير منطقي لأن جل الاقتصاديين متفقين على أن معدل الربح، في ظل تنافسية كاملة، ينزع نحو التوحد.

9) ننبه هنا إلى أن بعض الماركسيين، أما البرجوازيين فلا يهمنا شأنهم، يحلل إنشائيا ويقول بأنه يحلل رياضيا.  والخلط الذي يرتكبه الرفاق كامن في ما يلي: ينطلق المحلل من معطيات،إنشائية، دون أن يحولها إلى رموز وأرقام وعلاقات رياضية، ويسير خطوة خطوة، معتقدا أنه لا يخرج عن المنطق، لكن العبارات الإنشائية التي لم تتحول إلى رموز وأرقام وعلاقات تجعلنا نسقط في الخطأ، مجرورين بالهدف الذي في دماغنا، دون أن نشعر. 

10) مثله على الأكثر إذا أخذنا بعين الاعتبار مسألة المردودية، هذا "المقدار"  الذي لا يمكن أن يتجاوز 1 "واحد".

11) العملية الأولى يمكن أن تكون مجرد استيلاء بالقوة أو بميكانزمات أخرى. مثل استيلاء الجيوش على أراضي الفلاحين واسترقاق الناس بالقوة وغير ذلك من عمليات "تراكم الثروة الأولي" لدى فئة دون أحرى.

12) بما أن المعادلة الرئيسية للإنتاج هي:

Q…..=……..v…+………c……..+……pl                    

وبما أن معدل الربح يحدد كما يلي:

r…………=………….pl/(v+c)                        

r تعني (le taux de la plue-value) أي معدل الربح. وبما أن v وكذا  c كلاهما في المقام. وبما أن c يزداد أكثر من v pll الموجود في البسط. فإن الخارج يتجه حتما نحو النقصان مع اتجاه c نحو الزيادة.

13) إنه لمن المبرر جدا أن يقول ماركس، مع افتراضنا أن الخطأ متعمد، يقول بأن العمل،الحي حسب مصطلحنا، وحده القادر على خلق فائض القيمة، مبرر إيديولوجيا وليس علميا. وهذا لا ينقص شيئا من علمية ماركس الذي يصرح بنفسه أن فلسفته هي من "أجل التغيير" وليست فقط من "أجل الفهم".  إن الماركسية ليست علما محضا ولا إيديولوجيا عمياء. إنها ما يمكن أن نطلق عليه، إن أمكن وضع هكذا مصطلح: "إيديولوجيا علمية".  وإذا كانت "الضرورة التحريضية" هي التي أملت القول " العمل الحي وحده القادر على خلق فائض القيمة "، فإن هذا لسنا في حاجة إليه اليوم حيث الرأسمالية بشعة إلى

درجة تجعلنا في غنى عن اختلاق ما يبديها بشعة.

14) حين نقول أن "ميزان العرض والطلب مبني في جزء كبير منه على أجور اليد العاملة"، فعلينا أن نستحضر أننا نحلل تحت سقف الافتراضات  التالية: أ) أن الاقتصاد يغلب عليه الإنتاج السلعي حتى في مجال الفلاحة. أي أن نسبة العاملين لحسابهم الخاص، سواء الفلاح الذي يعمل على أرضه الخاصة أو الحرفي الذي يعمل في ورشته الخاصة، ضئيلة بالمقارنة مع نسبة العمال الزراعيين والصناعيين. ب) أننا نعتبر أجراء القطاع الثالث مثلهم مثل أجراء القطاعين الفلاحي والصناعي يدخل وقت عملهم وأجرهم في تحديد القيمة الإجمالية.

15) نورد هنا نصا بالفرنسية ضمن الموقع الإلكتروني:

http://www.pise.info/eco/bttp.htm