على أبواب خيبر
عرض كتاب
د. إيمان الطحاوي
طبيبة و كاتبة مصرية
على أبواب خيبر...ما كان يحضرني عندما أذكر خيبر جليا هو تحصن اليهود الغادرين بأبوابها ظانين أنها تمنعهم حصنا بعد الآخر. و كان بيدهم أن يحموا أنفسهم و يهنئوا مع أهلهم في الحياة المدنية المسالمة لكنهم غدروا مرة بعد الأخرى. و ها هي صورة الإمام علي بن أبي طالب و هو يقتلع باب الحصن ليسقط بنو الغدر و يستسلموا...
يَا قَالِع البَابَ التي عَن فَتحِهِ عَجزَتْ أكفٌّ أربَعُون وأربَعُ
ثم قرأت الرواية:على أبواب خيبر- د نجيب الكيلاني – دارالبشير- الطبعة الأولى- 2001
نبدأ حيث ينقل الأديب لنا ببراعة كمية الحقد و الكره الأعمى الذي يكنه اليهود للمسلمين بالرغم من وجود تعايش سلمي في المدينة (يثرب). و مع ذلك أبوا أن يتعلموا مما حدث لبني جلدتهم . و فضلوا أن يرووا تعطشهم للدماء. و هيهات فقد سقطت خيبر و كان عليها أن تسقط...ليرتوا من دماء أنفسهم بأنفسهم...و يختفي الغدر من المدينة المسالمة.
وضع لنا الكاتب صورتين لليهود: صفية بنت حي بن الأخطب التي حكمت عقلها و زينب بنت الحارث التي لم حكمت هواها.
تعقلت صفية ابنة حيي بن أخطب، فتحقق حلمها الذي طالما عنفها زوجها عليه، و رأت القمر الذي أنار لها حياتها. لقد أنقذها عقلها من الضلال. تلك المرأة اليهودية التي قالت عنها أمنا عائشة ما هي إلا يهودية، فقال لها الرسول محمد –صلى الله عليه و سلم- لا تقولي هذا فقد أسلمت و حسن إسلامها.
بينما زينب بنت الحارث التي استسلمت لحقد قلبها، و لغطرسة عقلها، فقد ضيعت دنياها و آخرتها. بل ضيعت دينها قبل ذلك. أغرت العبد بهواها و فعلت معه الفحشاء ظنا منها أنها تتملكه و يقتل محمدا ففشلت. قتلت عبدا ثم أسلم العبد الآخر ثم ُقتِل أهلُها. حملت نفسها كل هذه الآثام و هي المرأة صاحبة المكانة في قومها لأجل حقدها؟ ثم تظاهرت بالإسلام و قدمت الطعام المسموم للرسول الكريم-صلى الله عليه و سلم-. فعرف الرسول -صلى الله عليه و سلم- ثم مرض مرضه الأخير، و لحق بالرفيق الأعلى.
حوار بين المرأتين هو جل ما يدور بين العقول التي تعقل و تلك التي لا تعقل. بل اختلاف شخصية و طريقة حوار كل منهما مع زوجها و قومها جعل المرأتين هما بطلتا الرواية، و في هذا رؤية خاصة للأديب. و أرى أن الأديب قد بالغ و استفاض في وصفه لإثم زينب مع العبد التي اقترفته، فنزلت من نظر القاريء و لم يتعاطف معها. لكن وصفه و تحليله لكم الحقد و لتدابيرها خدم فكرة الرواية.
هذه قراءتي السريعة لهذه الرواية. الكاتب أفاض عندما أشعرك كأنك تعيش بين بني اليهود حقا. أحسن في توصيل فكرة الرواية الأساسية و هي أن اليهود يحكمهم الحقد دائما علينا،فعلينا الانتباه و الحذر. و هكذا يكون الأدب المتزن الذي يهدف لفكرة و ينقلها لعقلك بسهولة و إقناع و إمتاع. لدرجة أنني تساءلت هل هناك من يحمل كل هذا الغل في الدنيا أم أن الكاتب يبالغ؟
ربما هذه رواية لما دار في العقلية اليهودية و خلف الحصون و بين البيوت و عقول سادات اليهود و نسائهم. لم يتطرق الكاتب كثيرا لملحمة الفتح . فالغرض كان واضحا جليا. إنه مكر اليهود و حقدهم و هو العنصر الأساسي للرواية التي تصدر تحت عنوان روايات إسلامية. ربما ساهمت في تبصير كل من قرأها بما حدث من أربعة عشر قرنا و لا يزال يحدث. و ربما أفادنا بأنهم لا يتعلمون مما حدث لهم فيسيرون على وتيرة واحدة. و لعلنا نفيد من هذا الأمر لو كنا نعقل. فهم لا يقاتلون إلا من وراء حصن و أبواب محصنة و قلاع و سدود. و هم لا يتمسكون بمعاهدة إلا و سرعان ما نقضوها كما فعل اليهود الثلاث حتى خرجوا واحدا تلو الاخر بسبب غدرهم. أين الرشد و العقل فيما فعلوا؟ و علينا أن نتدارس أفعالهم بقراءتنا للروايات التاريخية حتى نفهمهم و نتجهز لهم كما يجب.
اكتب هذه القراءة السريعة بعد أسابيع من قراءتي للرواية و لم يستحثني على الكتابة إلا ما حدث من جريمة في عرض البحر قام بها الصهاينة. لم يستحثني إلا تعليق يذكرني بأن هناك فرق بين اليهود و إسرائيل. فأرد نعم هناك فارق أعلمه جيدا. لكن هؤلاء اليهود أو معظمهم هم قتلة الأنبياء و هم أهل الضلال و الحقد على مر العصور. هادنوهم لكن لا تأمنوا لغدرهم.
و للحديث بقية .....
*