( رواية حب أخضر )
تأليف : أحمد فضل شبلول
نقد: منذر فاضل
صدر للأديب والطبيب السوري أسد محمد في دمشق رواية بعنوان " حب أخضر "
جاءت الرواية كنص إبداعي تحيز فيه الكاتب إلى واقع يبدو للبعض أنه تم طمره خلف عباءة الزمن المتسارع ، لكن أدوات الكاتب تمكنت من تمزيق جريء لهذه العباءة والتي كشفت عن جسد ممزوج بالدفء والحب والوجد والقوة ، هذا الجسد المرتبط روحيا بقوة سماوية وأرضيا بقوة الطبيعة المثل الأعلى للفوضى والتمرد و والقدرة على التمسك بقدرية أشبه بقانون لا يمكن أن يلعب لعبة النرد، ويؤمن في النهاية بموت الملك تحت وقع لعبة العقل وانفلات الأيدي الخبيرة ، وسط هذا التحرك الأفقي للشخصيات التي تعامل معها الكاتب كما يتعامل أي طفل مع أحلامه ، أتاح لنا كقراء وبجرأة أن نساوم أنفسنا بأن نكون مع الحب والجمال أو ضده ، وفي كلنا الحالتين جعل منا حالة نكون في النهاية مع أنفسنا ، مع أنفسنا عندما رفضت البطلة سوزان خطيئة والدها الضابط الكبير في الجيش ، وأعلنت من نفسها خصما لخطيئته ملتحقة مع حبها لأستاذها الدكتور إبراهيم ضمن جدلية التواصل مع الأخر وفق مفهوم الطهارة الذي لا يزال حقيقة قائمة في مجتمعنا ودافعت عنه سوزان حتى النهاية وانتصر حبها وعقلها معا ضد واقع شكّله أخطاء آبائنا، وفرض على الأبناء مواجهته لا بالمقاومة وإنما بالحب ، وهذا ما يندرج أيضا على شخصية سلاف وعلاقتها الحالمة بالأستاذ الجامعي رضوان، وهنا لعبت الخطيئة ، خطيئة أن تحلم مخرجا لفتاة في مقتبل العمر فرصة أن تنجو من صراعها مع واقع في جوهره معها ، والتخلص من لحظة الصراع جاء تلقائيا عبر الاستماع إلى صديقتها سوزان وإلى حكاية قريتها الواقعة على أحد تلال شرق المتوسط والتي وصلت إلى مرحلة يمكن التعلم من تاريخ ومن تجربة هذه القرية التي نضجت بفعل الفرن الحضاري الطويل..
قامت الرواية في بنائها على تشابك سردي وجمالي بحيث تداخلت فضاءات النص لتجد طريقها إلى الفعل المتزامن مع المتلقي بعيدا عن التعقيد وكأن الركن الذي أفصح عن ذاته كثف الضوء في جزء منه ليأخذ المتلقي إلى أقصاه ، ويطلقه في فسحته كصديق للمكان الذي مثل في الرواية جانبا من ريف قادر على التجدد وفق هوية إنسانية واجتماعية قادرة على تحقيق غاية وجودها ووظيفتها : كالتعايش والحب والجمال ..
يقول الناقد والكاتب ناظم مهنا عن الرواية " تقوم الرواية كلها على تأكيد روح الإيجاب في الإنسان والطبيعة ومقدرة هذه الروح على احتواء السبب وانتزاع عدوانيته وبالتالي إلغاء التصارع الثنائي لعدم وجود التكافؤ أو الندية بين السلب والإيجاب فالخير هنا أقوى وهو الأقدر على الاحتواء .. إنها رواية الامتلاء بالطاقة وبالشباب و بالحيوية والوفرة "
في هذه الرواية تصنع الكلمة البهجة وتدخل في إيقاع متوازي الرؤيا وذات أبعاد تلتقي عند زاوية منفرجة لأفق لا يقبل أن يضيق على الأقل عند الأنثى المشبعة بروح التمرد والعشق المنفلت من قيود زمن بعينه ، وبهذا المعنى يكون الكاتب أسد محمد قد فرغ شحنة كامنة في الكلمة عبر نص يوحي بأنه درامي ، لكنه نص يتنصل من وحشة التفاصيل إلى صور منسوجة من خيوط هذا الكون العاري كالشمس والقمر وتراب الأرض وروح الأنثى..
ويبقى أن أشير أن للكاتب مجموعة إصدارات في المسرح والرواية والدراسة