تَعْليقَةٌ عَلى " مَهارَةُ الْكِتابَةِ الْعَرَبيَّةِ "

تَعْليقَةٌ عَلى " مَهارَةُ الْكِتابَةِ الْعَرَبيَّةِ "

د. محمد جمال صقر

[email protected]

اليوم - 18/11/2008م - زرت مكتبة دار السلام بالقاهرة ، ولقيت مدير نشرها ، واتفقنا على ما سيكون من أمر تعاقدنا على كتابي " مهارة الكتابة العربية " .

أطلعني الأستاذ مدير النشر على تقرير المحكم الكبير الذي كتم عني اسمه ، ورفع لي قدره وذكره ! وعبر عن خشيته أن يضايقني شيء من عبارات هذا التقرير :

تقرير عن بحث بعنوان " مهارة الكتابة العربية "

" مهارة الكتابة العربية " ، مقال أقرب في معالجته إلى السيرة الذاتية لصاحبه ولتجاربه في الحياة وفي التعليم ، منه إلى البحث العلمي ! كُتب البحث بلغة فصحى تكاد تستغلق على القارئ من فرط فصاحتها وتجملها ، ولغة البحث العلمي تنأى عن ذلك ، وتؤثر البساطة واليسر والوضوح واستخدام ما هو مصطلح عليه بين أهل الصناعة . وقد أصاب الكاتب حين نعت بحثه أو مقاله ، بأنه تجربة طريفة ؛ فهو هكذا حقا !

ولي عليه الملاحظات الآتية :

1        العينة المدروسة 26 ورقة إجابة عن نصين صغيرين ، غير كافية البتة لتعميم الأحكام . وتفسيره لنتائج بحثه تفسير ذاتي بحت ، يرد الأمر إلى اختلاط التفكير والكسل العقلي ... إلى غير ذلك مما يتصل بطلاب عينة البحث ، والأسباب كثيرة ومعقدة ، وليس مردها إلى كتبة الإجابة فحسب .

2        معياره للخطأ والصواب متشدد جدا ، لا يراعي ما حدث في الفصحى الحديثة من تغيرات ليست كلها ضارة أو خاطئة .

3                        إن كثيرا مما خطأه يمكن رده إلى القواعد أو إلى الاستعمال الفصيح .

4                        يتفنن في التقسيم وفي ابتداع المصطلحات ؛ فيعسر على قارئه متابعة البحث والاستفادة منه .

ومع ذلك فالبحث مقبول للنشر ؛ فهو يعكس رؤية نابعة من معرفة ، ومن طاقة عالية في التعبير .

وبالله التوفيق .

فلما قرأت التقرير ارتحت له ، واستغربت أن يتوقع الأستاذ مدير نشر مكتبة دار السلام ، غضبي لأي شيء فيه ! فذكر أنه استصعب قوله : " كتب البحث بلغة (...) وتجملها " !

قلت : لقد سرني كل ما فيه ، بل وجدت فيه من يراني لنفسي ، ويؤيد رأيي !

كان الأستاذ مدير نشر مكتبة دار السلام ، يسمع كلامي ، ويَتَبَسَّم !

ولقد كنت قدمت للمكتبة كتابين : هذا ، و" عَصَا الْمِرْبَدِ : أَبْحاثٌ نَصّيَّةٌ عَروضيَّةٌ " ، فلم يقر للمحكم على العصا قرار ، والحر تكفيه الإشارة !

والآن أعلق كلمتي هذه بغرفة 508 من جناح 5-6 ، من القطاع الخارجي بمستشفى المنيل التخصصي ، بعد نجاح استئصال فص من إحدى رئتي أمي ، أفسده الورم الخبيث - أتم الله شفاءها ، وأوزعني أن أبرها ! - قبل ثلاثة أيام من سفري إلى المدينة المنورة - إن شاء الله - أستاذا مشاركا ، بقسم اللغة العربية ، من كلية التربية والعلوم الإنسانية ، بجامعة طيبة ؛ فلله الحمد والشكر ، حمدا وشكرا دائمين ، كثيرين ، طيبين ، مباركا فيهما ، مباركا عليهما ، كما يحب ربنا ويرضى !