(يوم ولد قيس) لمزيّن يعقوب برقان
موسى أبو دويح
كتبت مزيّن كتاب (يوم ولد قيس)، صدرت طبعته الأولى سنة 2009م عن مطبعة المعارف/القدس. وجاء الكتاب في 122 صفحة من القطع الوسط. وكتبت على الورقة التي بعد الغلاف الداخليّ: يوم ولد قيس رواية من تأليف مزيّن يعقوب برقان. وأهدته إلى أخيها (محمّد طه) الذي توفي سنة 2007م، وإلى ابن أخيها (عدنان) المتوفّى سنة 2008م.
عنونت مزيّن الصفحات الثلاث الأولى بِ(لم يعد ينزل المطر) وجاءت في 14 سطرًا، و(أسير) في 14 سطرًا، و(عجبي) في 11 سطرًا. وعنونت الغلاف الأخير بِ(أخي محمّد) وجاءت في 9 أسطر. واعتبرت كلّ عنوان من هذه العناوين الأربعة قصيدة من الشعر العموديّ الموزون المقفّى. والحقيقة أنّ العناوين الأربعة ليست قصائد وليست شعرًا وليست موزونة. وحذفها أولى من اثباتها لأنها بداية ونهاية سيّئتان. فقد يترك القارئ الكتاب إذا قرأها أو قرأ واحدة منها.
وقسّمت مزيّن الكتاب إلى ثمانية فصول متسلسلة من الفصل الأوّل إلى الفصل الثّامن. وأطلقت عليها العناوين الثمانية التالية: 1.(في فلسطين) 2.(بعد شهر تقريبًا) 3. (بعد شهرين ونصف) 4. (بعد ست سنوات) 5. (بعد اثنتي عشرة سنة) 6.(بعد خمس سنوات في الأردنّ) 7.(بعد سنة تقريبًا في فلسطين) 8.(بعد سنة تقريبًا في فلسطين). ولو اكتفت الكاتبة بأرقام الفصول ولم تعنونها لكان أفضل؛ لأن العناوين جاءت نافرة غريبة، والفصل السابع والثامن حملا الاسم نفسه والعنوان نفسه.
واعتبرت الكاتبة الكتاب رواية. ولقد قرأت الكتاب من الغلاف إلى الغلاف، وحاولت جاهدًا أن أتبيّن معالم الرواية وعناصرها فلم أجدها. فالمكان عنصر مهمّ من عناصر الرواية –وعلى الأخصّ عند أهل فلسطين- وذلك لتثبيت الأماكن وأسمائها التي تعمل إسرائيل جاهدة على طمسها وتغييرها وتهويدها ومحو أي أثر أو اسم عربيّ لها: فساريس سمّوها (شورش)، والخالصة (كريات شمونه)، ودير ياسين (جفعات شاؤول)، والقدس (يروشلايم) وهكذا....
فعجبًا من كاتبة لم تذكر لنا فيما سمّته رواية اسم القرية التي شهدت أحداث الرواية، وعاش فيها أبطالها، حتّى ولم تذكر شارعًا من شوارعها ولا حارة من حاراتها، ولا خربة من خربها، ولا جبلا من جبالها، ولا واديًا من وديانها، بل لم تشر إلى شيء من هذا لا من قريب ولا من بعيد.
(وكأنّي بالقرية هي (الزبابدة) لأنّها البلد الوحيد في منطقة جنين التي يعيش فيها المسلمون والنصارى وترجع أصولهم إلى تلك القرية. فهي حسب علمي القرية الوحيدة في محافظة جنين التي تمتدّ فيها أصول النصارى كما تمتدّ فيها أصول المسلمين).
أمّا الوصف عند مزيّن فجاء للشخوص أو الأشخاص ذكورًا وإناثًا، صغارًا وكبارًا، وصفًا واحدًا مكررًا تكرارًا كثيرًا، ووصفًا متقاربًا متشابهًا: فالبشرة بيضاء أو سمراء والطول متوسط والعينان سوداوان واسعتان والأنف صغير أو كبير والثغر صغير والوجنتان بارزتان والجبين عريض، واليدان توضعان في الحضن، والشتاء قارص (حيث استبدلت بالسين صادًا) حيثما جاءت كلمة قارس. ووقفت بانتصاب، والرجل يأكل بشراهة ودون أن ينبس بكلمة، وإنّك جائع جدّا جملة تقولها البنت لأبيها والمرأة لزوجها. والرجل عدّل حطّته وعقاله وأخذ نفسًا عميقًا، ووقع الشاب في نوم عميق، وثقب الرجل ابنه بنظرة ترحيب (وهذا استعمال غير موجود عند العرب، والصحيح: حدج) وصلاة ملأى بالخشوع. ومثل هذا في الكتاب كثير ومكرر.
وجاءت بعض التعابير ساذجة ركيكة ضعيفة أو قل خاطئة مثل قولها:
إن شاء الله. لقد انتظرت هذا الطفل طويلا صفحة19 فالبداية لا معنى لها.
وإن شاء الله يحفظك الله صفحة97.
ارتدى حذاءه القديم صفحة21. والصحيح انتعل حذاءه.
البنطلون يبدو ناطقًا صفحة58. وترتدي فستانا ناطقا صفحة 63. والأحسن البنطلون والفستان يشفّ أو يجسّم.
وترتدي خواتيم والأحسن تتحلّى بخواتم أو خواتيم أو تختمت بخواتم. (جاء في القاموس المحيط: والخاتم حلي للإصبع).
حبك صهر قلبي صفحة 21. والأحسن تيّم قلبي.
والدجاجات تنقنق من شدّة الجوع صفحة 30. (والنقيق للضفادع).
لم تطعمي الدجاج كان جائعا. والأحسن لم تعلفي الدجاج.
وتفوّق ساحق والأحسن باهر.
وراح يستخرج الماء من البئر العميق صفحة22. والأحسن ينشل، والبئر مؤنتة لا مذكر، فكان الصحيح أن تقول من البئر العميقة.
وأمّا اللغويّة :النحويّة والإملائيّة فمنها:
اللذين صفحة 84 والصواب الذين بلام واحدة
لم تثنيه صفحة 17 والصواب تثنه بحذف الياء؛ لأنّه فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه حذف الياء.
واخلع حذائك والصواب حذاءك فالهمزة منفردة لا على نبرة.
وجمالها وأصالتها وعراقتها يضرب بهم المثل والصواب يضرب بها المثل.
وفتيات كأدواح النخيل والصواب كدوائح النخيل. جاء في القاموس المحيط: (والدوحة الشجرة العظيمة جمعها دوح. وداحت الشجرة عظمت فهي دائحة وجمعها دوائح).
يلوذ بالصحاري صفحة15 وصفحة121 والصّواب بالصحارى بالألف على شكل الياء لا بالياء. وغير هذا كثير.
أمّا ما أعجبني في الكتاب فقولها:"استبدلت بفستانها ملابس النوم" وهذا استعمال صحيح لأنّ الباء تدخل على المتروك. وكثير من الكُتّاب يخطئون فيها فيقولون: استبدلت فستانها بملابس النوم.
وقولها:"عزيف الرعد" صفحة 100. وهذا استعمال صحيح جاء في القاموس المحيط:(وكشدّاد أي"عزّاف" سحاب فيه عزيف الرعد). وإن كانت قد أخطأت فجعلت الرعد يسبق البرق.
وقولها:"هسيس النباتات" وهذا استعمال صحيح جاء في القاموس المحيط:(والهسهسة كلّ ما له صوت خفيّ. وهساهس الجنّ عزيفها).
وأخيرًا:لم يكن هناك مبرر للرجل أن يقطع شجرة الزيتون بعد موت قيس؛ لأنّنا مأمورون ألا نقطع شجرة ولو في الحرب.(ولا تقطعوا شجرة).