السمك لمن يعمل

جميل السلحوت

[email protected]

في بداية هذا العام 2009 صدرت قصة أطفال بعنوان " لمن السمكة ؟؟" لصقر السلايمة ، ورسومات عصام أحمد وتقع في 24 صفحة من الحجم الصغير .

وملخص القصة أن أربعة رجال تقاضوا على سمكة اصطادها أحدهم بصنارة أعطاها له أحدهم ، وبطـُعم من آخر ، ومن بحيرة لشخص آخر أيضاً ، ومع أن الصياد وافق على تقسيم السمكة على أربعتهم الا أنهم رفضوا ، وأخذ القاضي برأي السمكة التي قالت : " أنا لصالح وحده يا سيدي القاضي العادل فأنا للذي يعمل فقط "ص24

وواضح أن الكاتب أراد أن يرسخ مفهوم العمل عند الأطفال ، فالبحر كبير ومليء بالأسماك ورزق الله واسع ، " فاسعوا في مناكبها وكلوا من خيراتها " وهذا مهم جداً .

وعند قراءتي للقصة تبادرت الى ذهني قصة للأطفال ترجمها الدكتور محمد شحادة عن الروسية في العام 1979 ، عام الطفل العالمي ، وتتلخص في أن " من لا يعمل لا يأكل " وهناك قصص عالمي كثير عن صيد الأسماك ، والصراع مع البحر ، مما يعني ان " التناص " وتوارد الأفكار أمر معروف .

غير أن هناك بعض الملاحظات على هذه القصة منها : يصف الكاتب قارب الصياد في السطر الثاني من القصة فيقول " كان قارباً قديماً جداً ، لأنه ورثه عن والده " فما الداعي لكلمة " لأنه " وقد كنّى الكاتب ثلاثة من أبطال قصته بكنى لا داعي لها أيضا فأحدهم " أبو الضفادع " والثاني " أبو فشارة " وما معنى فشارة هنا ؟ والثالث " أبو البلاوي " وفي بداية القصة وضع الكاتب الأسماء المكناة بين قوسين كي يتخلص من الاعراب الصحيح للأب ، وهو أحد الأسماء الخمسة كونه مضاف الى اسم ظاهر ، وهذا جائز لأن الدراج في خطابنا المحكي أن نقول دائماً " أبو فلان " مع أنه منادى ويجب أن يكون " أبا فلان " كون الأسماء الخمسة ترفع بالواو وتنصب بالألف وتجر بالياء ، وفي الصفحة 23 تخلص الكاتب من القوسين ، وأعرب كلمة الأب الاعراب الصحيح حيث جاءت في القصة ثلاث مرات مجرورة بالياء ، لكنه في الصفحتين اللتين تسبقانها ، لم يستعمل القوسين ، وأبقى كلمة الأب مرفوعة بالواو مع أن حكمها النصب كونها منادى .

وفي بداية القصة جاء أن صياد السمك صالح أجاب أبا الضفادع قائلاً : " أصنع قارب جديداً حتى أصطاد به " ص6 فقال أبو الضفادع : " ولمَ كل هذا التعب والعناء ؟ أنا أعطيك صنارة جديدة " ص 7 فذاك يريد قارباً ، وهذا يريد له الراحة فأعطاه صنارة ، وهذا لا يستقيم في البناء القصصي ، فصالح بحاجة لقارب وليس لصنارة ، كما أن أبا البلاوي عرض على صالح قائلاً عندي بحيرة فيها كل أصناف السمك " ص 13 ومن تلك البحيرة اصطاد صالح السمك موضع الخلاف ، ومعروف أن البحيرة ملكيات عامة ولا يملكها شخص بعينه .

وفي الصفحة الأخيرة أخذ القاضي الحكم من الصنارة عندما استنطقها ، والسمكة ليست متهمة حتى تحضر المحكمة ، وهل يأخذ القضاة أحكامهم من أفواه ضحايا الخلافات ؟؟ وهل هناك ضحية يختار قاتله ؟؟

وهناك ملاحظتان على الاخراج الفني والحشو غير المبرر، فقد ورد على الغلاف الأول وتكرر في الصفحة الأولى " تأليف صقر السلايمة " ولا داعي مطلقاً لكلمة تأليف " كما ورد  في الصفحة الثالثة شكر لعشرة أشخاص هم من " ساهم ودعم حتى يخرج هذا الكتاب " ويبدي الكاتب أسفه لمن نسيهم من الشكر ، فهل قصة أطفال تحتاج الى جهود هذا العدد الكبير من الأشخاص ؟؟

الرسوم : الرسومات لعصام أحمد كما ورد على الصفحة الأولى ، ولعل الغلاف الأول يختصر الحديث عنها ، حيث أن الرسم يحوي طاولة عليها مطرقة ، ويجلس خلفها القاضي ، يستشف ذلك من خلال المطرقة ، ومن خلال الميزان المتدلي في أعلى الصورة ، وهناك ثلاثة رجال ، أحدهم ضخم الجثة ، يقف أمامهم طفل ، وبجانبهم سمكة . واللوحة بمجملها تحمل وجوهاً أجنبية لا علاقة لمنطقتنا وبيئتنا بها ، فرسم القاضي هو رسم كايكاتوري جاف لامرأة غريبة الملامح ، وأحد الأشخاص الأربعة طفل ويبدو أنه صياد السمك ، وهذا لا يستوي مع مضمون القصة .