بوجدرة كما أراه

معمر حبار

[email protected]

يسألني الأستاذ العراقي مصطفى العمري، المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية، هل تعرف رشيد بوجدرة ؟. أجيبه.. كان عليك أن تسألني، لماذا لم تتحدث عنه وقد تحدث عنه الجميع؟.

 يعترف قائلا.. أعرف عنه ولا أعرفه جيدا. ثم يقول، أتمنى ان تكتب رؤيتك عن الرجل .ثم يضيف قائلا.. أتمنى أن تكتب عن خبرتك مع بوجدرة. وتلبية لرغبة زميلنا الأستاذ، كانت هذه الأسطر..

أتذكر جيدا وأنا في السنة الأولى جامعي سنة 1986 – 1987، أفلست الشركة الوطنية للكتاب SNED، فعرضت مخزونها الضخم من الكتب بسعر 01 دينار جزائري، وهو سعر يغري الطالب المحتاج مثلي. ومن بين الحقائق التي يجب ذكرها والتنويه بها، أن كتبا تعتبر من أمهات الكتب النادرة وغير المتوفر بيعت بسعر 01 دينار جزائري، وما زلت أحتفظ بها.

وبالصدفة أتصفح كتبا لرشيد بوجدرة، فأصبت بصدمة عنيفة جدا، لما احتوته كتبه من كلام فاحش ساقط، نقله بوجدرة حرفيا وكرره عبر صفحات كتبه. وهذه الصورة مازالت راسخة في الأذهان، وقد عبّرت عن صدمتي خلال رمضان العام الماضي 1435 هـ - 2014، للأستاذ والأديب فريد بوقرة Farid Bouguerra، تعقيبا على تعليقا له عبر الصفحة، قائلا..

" كأنك تتحدث عني يا أستاذ فريد .. كنت يومها طالبا في جامعة الجزائر، بيعت الكتب يومها بـ1 دينار جزائري، واشتريت كما هائلا من الكتب باللغة العربية والفرنسية. وتبين في مابعد أن بعض الكتب التي اشتريتها  تعتبر من أمهات الكتب، اعتمدت عليها في سنوات الجامعة وبعدها في التدريس ثم في المطالعة. وتعرضت لنفس الصدمة، التي تعرضت لها، أثناء قراءة روايات بوجدرة، نسأل الله له المغفرة .. صح فطورك.".

رشيد بوجدرة، روائي نال شهرة في السبعينات والثمانينات ، ولم يعد له تلك الشهرة التي ميّزته في تلك الفترة .يتقن جيدا الكتابة باللغتين العربية والفرنسية، بغض النظر عن محتواه وأهدافها .

ويبقى السؤال هل رواياته نالت شهرة بسبب مستواها الأدبي؟. أم الدعم الذي كان يلاقيه من طرف الدولة الغنية الثرية يومها.

قرأت له بعد التسعينات من القرن العشرين، مقالات كان يكتبها في صحيفة جزائرية، لايحضرني الآن إسمها، وقد كانت حسنة متزنة معتدلة، ويبدو أن الزمن كان له نصيب في تهذيب ألفاظه وعباراته.

أشتهر بوجدرة بموقفه تجاه الأمير عبد القادر، وقد إستنكر الجميع موقفه، ويمكن للقارئ أن يعود للصحافة الجزائرية، فسيجد الردود المختلفة والعنيفة.

لم يتغير من ناحية نظرته للدين وقيم المجتمع، فما زال على نفس الموقف وهو صاحب 84 سنة.

وبوجدرة ينتمي من الناحية الفكرية لنفس عائلة أركون وأمين الزاوي. يقرأ له الناطقون باللغة الفرنسية ومعجبون به وبأفكاره، بينما الناطقون باللغة العربية، يتحفظون من كتاباته ولا ينصحون بها ويخالفونه الرأي، خاصة في المجال الفكري العقدي، ويرفضون التطرق إلى كتبه من الناحية الأدبية، ويعتبرونها لاتسمو لأن تكون كتابة أدبية تستحق القراءة والمتابعة والنقد.

يعتبر بوجدرة من المؤيدين بشدة وحماسة لا نظير لها لإنقلاب جانفي  بالجزائر1992، الذي أطاح بصوت الصناديق، ومن المتحمسين المؤيدين للتدخل العسكري ووقف المسار الانتخابي يومها، ومازال يرى أن التدخل العسكري لوقف المسار الانتخابي كان ضروريا، ويثني دوما على القائمين عليه والمناصرين له.

تابعت لرشيد بوجدرة حوارا مع فضائية جزائرية، بتاريخ الأحد: 06 ربيع الأول 1436هجري، الموافق لـ 28 ديسمبر 2014 . وميزة الحوار أنه لم يمرعليه سنة واحدة، وأعاد بوجدرة على الأسماع ماكان يعتقده ويكرره منذ نصف قرن من الكتابة وإعادة الكتابة، جاء فيه..

لم نكن نتوقع وننتظر عقب إسترجاع السيادة الوطنية أنه سيأتي اليوم الذي ينام فيه الجزائري على الرصيف.

أغلب المبدعين الجزائريين شيوعيين.

وصف أمين الزاوي  بالأحمق، لأنه إعتبر اللغة العربية  ضعيفة .

يرى بوجدرة، أن إهمال الأب له ولأمه في صغره، بسبب زواجه من الثانية  كان سببا في إبداعه وكتاباته. مازلت أعاني عقدة الإهمال في الصغر، وقد تجلى ذلك في كتاباتي كلها.

الكتابة عذاب آمال. أكتب  حتى لاأنتحر  ولا أموت.

يعتبر بوجدرة ماحدث في 19 جوان 1965 إنقلابا عسكريا. ويعتبر ماقام به السيسي إنقلابا عسكريا.

وأختم هذه الأسطر بما ذكرته في مقالي.. "التابع لايبدع" بتاريخ، الجمعة 21 محرم 1436هجري، الموافق لـ 14 نوفمبر 2014، نقلا عن زميلي آيت جيدة مقران، وهو أستاذ مادة اللغة الفرنسية بجامعة الشلف، المتمكن في الأدب المكتوب باللغة الفرنسية، وقد قرأ لبوجدرة وجلس إليه، فخرج بهذه الخلاصة.. 

" تجاوزه الزمن، مازال في ماضيه لم يتغير، ونسي أن الزمن تغيّر، ومازال يعتقد أنه في سنة 1969، حين كانت رواياته تثير الضجيج.".