نظرة في "الطُّرثوث في فوائد البُرغوث" للسيوطي

"الطرثوث[1] في فوائد البرغوث" جزءٌ طريفٌ للإمام جلال الدين السيوطي، ذكره في (فهرس مؤلفاته) فيما له في فنِّ الحديث وتعلقاته[2]، وقد استقاه من مصادر متعددة متنوعة على رأسها كتابٌ للحافظ ابن حجر فقد قال في مقدمته: "وبعدُ: فقد ألَّف حافظ العصر أبو الفضل ابن حجر جزءًا سمّاه "البسط المبثوث في خبر البرغوث". وهذا جزءٌ فيه إفادة، يَحتوي على ذلك وزيادة، يُسمّى: الطُّرثوث في فوائد البرغوث"[3].

وقد بناه على مقدمةٍ فيها تعريفٌ به.

ومقصدٍ فيما وَرَدَ فيه من أحاديث وآثار.

وخاتمةٍ فيها فوائد أخرى عنه، وما قيل فيه من الأشعار.

وأفاد منه مِنْ بعده العلماء كالسفاريني في "غذاء الألباب".

♦  ♦  ♦

حقَّق هذا الجزءَ الأستاذ الدكتور عبدالهادي التازي (ت:1436) -رحمه الله- عن نسخةٍ واحدة من الخزانة الكتانية (ضمن الخزانة العامة في الرباط) ورقمها: (37 ك)، وقدَّمه إلى ندوة السيوطي التي عُقدَتْ في جامعة مؤتة في الأردن عام 1993م.

ونشرَهُ في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، الجزء الثاني، المجلد (75)، (ذو الحجة 1420هـ - نيسان 2000م)، (ص227-258).

♦  ♦  ♦

وفي هذه النشرة جملٌ وكلماتٌ ساقطةٌ، وأخرى محرَّفة، كما ظهَرَ لي مِنْ مقابلة الجزء بنسخةٍ أخرى مختصرةٍ في مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث بدبي، وبنسخة الأزهرية.

وفيها تصرُّفٌ بالعنوان من "الطرثوث في فوائد البرغوث" إلى "الطرثوث فيخبر البرغوث"!

وفيها كلمةٌ جاءتْ خطأ فجعلت المحقِّق يَحتارُ في المقصود، وهذا بيان ذلك:

♦  ♦  ♦

جاء في النص ص251 (من المجلة المذكورة):

"وقال صاحب الشهاب المنصوري:

أذى البراغيث لم يدعْ أحدًا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

يرقد ليلاً إذا البرى غِيثا http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فيأكلوني[4] إلى الصباح كما http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

تأكلُ حكَّامُنا المواريثاhttp://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

♦  ♦  ♦

وقد احتارَ المحقِّقُ في المقصود بـ "صاحب" هذا، وقال في التعليق:

♦  ♦  ♦

أقول: وهذا خطأ مبنيٌّ على خطأ، وقد أبعدَ المحقِّقُ النجعة، والصوابُ في العبارة:

"وقال صاحبُنا الشهابُ المنصوري".

♦  ♦  ♦

والشهابُ المنصوري هو الشاعر الكبير أحمد بن محمد بن علي السُّلمي الشافعي ثم الحنبلي المعروف بالهائم (798 أو 799-887هـ)، أحد السبعة الشُّهب الشعراء الذين اجتمعوا في عصر واحد.

ترجم له السيوطي في كتابيه "نظم العقيان" ص77-99، وفي "المنجم في المعجم" ص68-80 وقال فيهما: "جَمَعَ ديوانه في مجلد ضخم"، وذكَرَ له شعرًا كثيرًا في الترجمة، وفي غيرها.

وجرتْ عادة السيوطي أنْ يذكره بهذا الوصف: "صاحبنا" مع أنه شيخُه، وهو أكبر منه بخمسين سنة[6]!

ومِنْ مواضعِ وصفهِ له بـ"صاحبنا" ما جاء في كتابيه "حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة" (1/ 77) و(1/ 381)، و"البارق في قطع السارق" ص90.

ويبدو من ترجمتهِ له أنه كان بينهما صحبة، وقد ترافقا في طريق العود من الحج إلى القاهرة في سنة (869هـ)، وتبادلا في الطريق الفوائدَ الأدبية[7]، وكان المنصوري في السبعين من العمر والسيوطي في العشرين.

♦  ♦  ♦

[1] الطرثوث: نبتٌ يؤكل. القاموس.

[2] انظر: "بهجة العابدين بترجمة حافظ العصر جلال الدين" ص 206.

[3] وقد أفاد فيه من "حياة الحيوان" للدميري، ولم يذكره، كما أشار المحقِّق ص 229 (من المجلة المذكورة).

[4] في الأصل: فيأكلون. والمثبت من نسخة الأزهرية.

[5] في الأصل: معيار. خطأ مطبعي.

[6] أو إحدى وخمسين.

[7] انظر: المنجم ص 77-79.

وسوم: العدد 651