صرخة عبر بؤرة العين، قراءة في ديوان " المروءات غادرت محطات بلادي " للشاعر جبار الوائلي

clip_image002_91d4c.jpg

في داخله صدق ُ نبض  خافق ، وفي أعماقه أحزان تفوق حدها الحد ّ ، تلوكها رحى الزمان من جرارات الدموع .. يحمل الصرخة بين ثنايا الروح حين تزفها حكاية الموت المفجع ويحتمي باحرفه الخرساء بين رؤى أحلامه الخضراء لتتعرى أشجاره من أوراقها الما ً ، ويصبح الموت رفيقا ً حين تتوجه أشواك مرايا الظلمات في شق عتمة الليل وأجتثاث براعم الضياء ..

أيه ذكرى ..

حدثيني عن صهيل الليل ،

والوجه المغلف والمرايا ..

وانعكاسات البريق الأشهب .

وسلال الحروف ..

كم كانت تجول ؟

لم لا تغفو عليها

 همسات المتعب ؟!

عن دار تموز للطباعة والنشر والتوزيع في دمشق صدر للشاعر " جبار الوائلي " ديوان الشعر " المروءات غادرت محطات بلادي " ويتضمن " 26 " قصيدة شعرية تعبر عن صرخة مريرة تحمل عمق دلالاتها لكل مفردات حياتنا الراهنة وكما عبر الكاتب " جاسم العايف " بوصف دقيق ومعبر ّ عن الغلاف الذي صممته الفنانة " أمينه صلاح الدين " فنجد فيه عينا ً بشرية أنثوية مذهولة ، متسعة ، حزينة ، يطغى عليها لون حزين يحف ّ به السواد مع أحمرار في بؤرة العين ، عين منكسرة مذهولة تبدو كما لو انها تودّع راحلا ً عزيزا ً بدمعة تسقط في فراغ موحش في تمثيل مرئي بسيط للقنوط والاحساس بالفقدان الذي يكتمل بمفردة اخرى تعزز الشعور به بمشهد طائر أقرب الى أن يكون غرابا ً تسمر ّ على غصن شجرة أحترقت تماما ً ..

لازمني الألم ..

منذ زمن عتيد .

مشرنقا ً ..

فتوقات صومعتي ،

بأكف مخبولة ،

أعتلتها ..

أخيلة الوهم المستعار .

مدونا ً ..

احصاء هزيمتي ،

برجوم هوس العجاج !!

أنياب تنهش حنايا الروح ، تاركا ً قلبه فوق معابر الحنين ، فوق طراوة الحلم ، تاركا ً الشوارع تصرخ في أعماق الليل ، تائها ً بين دهاليز الحرف والأقبية الغارقة في موجات الحزن ، بظلام وصايا الغرباء تتسربل بين غابات الضياع .. يهدّها جراحات العمر في عيون غادرها  الصمت في شغاف القلب ..

لا غرابة ..

أن تنهش دمي

أنياب الضواري ،

سحر أحلام الحياة .

وتوؤد نسل الحروف ،

بنهارات الليل العزوف .

أذ أسرج سيل الضغائن ،

طيش النبال !

بوابل ..

شمس ترتدي رداء الحزن في صمت ، أحساس ٌ يغسل آلم النفس حين يناجي مرآة الروح التي تكتظ بغمامات السراب ، ويحتمي باحرفه الخرساء عبر حوارات تترجم الأعماق وما تخبأه مرارة الأيام من خرائط العمر .. ما زال صوته قابعا ً في ثنايا الحدقات ..

أي نور قد تدلى ..

من ثريات السماء ؟

أي غيث ..

يغزل أحزان صمتي ،

من هجير رعونة اللفحات ؟!

أن همي ..

سجل العرف هذا مكارم !

فستنطق الخرس مداها ،

ونسيت أني ..

ولكن ..

لن أنسى صداها !!

بين خلجان الصحارى وأكف المنون يحملُ صرخة ً بين ثنايا الروح تضمّخ وجهه الحنين الذي يهدّ جراحات العمر بعمق الأرث الاعمى المخبؤ فتحمله مخالب الخفايا في دروب ومتاهات الفراغ ، يرتشف صروح أوهنها صمت الغريب ويلوذ باطياف العشق حين يبحر مغامرا ً عبر خرائط القلب وحوارات تترجم الأعماق وما خبأته مرارة الأيام ..

وسوم: العدد 656