الصورة الفنية لدى الشاعر العثماني منجك بن محمد بن منجك 1005-1080هـ

مخطط بحث الصورة الفنية لدى الشاعر العثماني منجك بن محمد بن منجك

1005-1080هـ

مقدمة

تمهيد : لمحة عن حياة الشاعر

-                                                   الصورة الفنية عند منجك

أولا : مصادرها :     1-من القرآن الكريم والتراث التاريخي والأدبي

2- من عالم الحياة اليومية

3-من عالم الطبيعة الصامتة والمتحركة

ثانيا : المشاهد التصويرية : 1- المشاهد الكلية

2- المشاهد الجزئية

ثالثا : أنواع الصور البلاغية : 1- أنواع الصورة من حيث طرفا التشبيه :

أ-الصورة التشبيهية

ب-الصورة المجازية، والصورة الاستعارية

ج - الصورة الكنائية

2-أنواع الصورة من حيث تناسب الطرفين

أ-الشكل الموافق

ب-الشكل المخالف

ج- صور المفارقات ( مفارقة الأضداد – مفارقة             الازدواج – الصور التقابلية )

رابعا : مظاهر الصورة : 1- الصورة الفنية النامية

2-الصورة التقليدية غير النامية :

أ- الصورة الذهنية

ب- الصورة النمطية

ج- الصورة الحسية : البصرية والسمعية والشمية والذوقية واللمسية

د-الصورة التقريرية

هـالصورة الوصفية

و-الصورة الجمالية المزركشة

ز-الصور المتراكمة المتكاثفة

خاتمة .

الصورة الفنية لدى الشاعر العثماني منجك بن محمد بن منجك

 

المقدمة :

الشاعر ابن عصره يتأثر بذوقه الفني وينعكس هذا التأثر على معطياته الفنية، ولكنه أيضا إنسان له ذاتيته ومواهبه ولهذا نراه يعبر عنها مخاطبا القلب ومناجيا النفس .

والشاعر منجك بن محمد بن منجك واحد من هؤلاء الشعراء عاش في عز أمارة والده فزخرف شعره كما زخرف حياته ، ثم ذاق مرارة الفقر بعد أن أنفق ماله لشدة جوده ، فرحل إلى بلاد الروم عله يحظى من السلطان بعطاء ، ولكن مسعاه فيها أخفق فراح يعبرعن تجاربه أصدق تعبير ، وكانت الصور عنده في هذا الميدان تنمي الفكرة وتعبر عن الإحساس .

وهذا البحث سيدرس الصورة الفنية عند منجك بعد استقراء الصور المتناثرة في ديوانه وفيما احتوته كتب تراجم العصر .

التمهيد :

ولد منجك بن محمد بن منجك الدمشقي الجركسي في 1005هـ في مدينة دمشق ونشأ في نعمة والده الأمير  ، وأحب الأدب والعلم فتتلمذ على علماء دمشق وأدبائها .

كان منجك كثير العطاء وقد أنفق ماورثه عن والده لجوده فانزوى أمدا في داره ثم ركب مطيته إلى بلاد الروم عله يلقى من السلطان العثماني إبراهيم بن محمد([1]) مأمله ، لكن السلطان أرسل من يتعرف أحواله ، وكان له جار يعرف حاله فأرسل الضيافة إلى وفد السلطان، فظن الموفد أنها من ماله فعده من الأغنياء فلم ينل بغيته ، ثم رأى في النوم من يقول له :

وأبواب الملوك محجبات        وباب الله مبذول الفناء

فلما استيقظ نظم شعرا يقول فيه :

إن الملوكَ إذا أبوابُها غلقت    لاتيأسَنَّ فبابُ اللهِ مفتوحُ

وعاد أدراجه إلى مدينته دمشق في 1056هـ واعتزل الناس ، ثم ترك العزلة قبيل وفاته بنحو سنة ، ومرض في أواخر عمره أشهرا انتقل بعدها إلى رحمة ربه في 1080هـ .

جمع منجك قصائده التي قالها في بلاد الروم تحت اسم " الروميات " معارضا بها روميات أبي فراس الحمداني ثم جمع شعره فضل الله بن محب الدين الحموي المحبي([2]) بعد وفاته([3]) .

كان منجك ذا أخلاق سامية ، وقد مدح يوما أحد القضاة ودفع القصيدة إلى رجل ليبيضها بخطه فنسبها الرجل إلى نفسه ونال حظوة عند القاضي ، فلما نقل الخبر إلى منجك قال لانخيب من توسل بنا وللرجل نصيب ناله على يدنا فالله يمتعه ويزيده([4]) .

وهذه الأخلاق الحميدة حببته إلى الآخرين فنال مدائحهم ، ولعل من أشهر من مدحوه الشاعر فتح الله بن النحاس([5]) في قصيدة مطلعها :

مالكتي تملَّكي     النفسُ لن تملك

وفيها يقول عن ابن منجك :

في روضة كأنها     وصفُ الأمير مَنجَكِ

من حار في أوصافِه     كلُّ لبيبٍ وذكي

بحــرٌ وفيه بالثنا     ألسنُنـا كالفلك([6])

ويقول فيه محمد أمين بن فضل الله المحبي([7]):"وإنه ليس يشبهه أحد من الخليقة ، وله من الفضل مالايحتاج إلى إقامة الدليل ، وبالجملة فهو مذكور بكل لسان، وممدوح لكل إنسان([8]). وقد فاضل بينه وبين شعراء عصره فكان أبرزهم هو وفتح الله بن النحاس ، ثم فضله على ابن النحاس وقال : " وأما أرجحيته فمن جهة معانيه المبتكرة أو المفرغة في قالب الإجادة ، ونحن لم نطلع لفتح الله على معنى يشبه قول الأمير ... ([9]) " .

وسأدرس في هذا البحث الصورة الفنية في شعره

الصورة الفنية في شعر منجك  

تأثر منجك في شعره بمؤثرات شتى تركت بصماتها في شعره عامة وصوره الفنية خاصة فجاءت مرآة صادقة لذوق العصر ولإبداعات الشاعر معا ، وقد أظهر فيها ثقافته ومعطيات بيئته ، كما أظهر شخصيته وأحاسيسه .

وسأوضح مصادر الصورة في ديوانه، والمشاهد الكلية والجزئية والصور البلاغية ومظاهر الصورة الفنية النامية وغير النامية في شعره .

أولا : مصادر الصورة عند الشاعر منجك :

تعددت مصادر الصورة في ديوان منجك وفيما نقله مترجموه من شعره ، وكان للمعطيات الدينية والتراث التاريخي والأدبي، ثم للطبيعة وأجوائها أثرها فيها :

1_ فمن تأثره بالقرآن الكريم قوله يصور الإيمان نورا،ويجعل قلب حاسده مظلما كالشرك :

هو نورُ إيمانٍ يلوح لمُبصِر      وظلامُ قلبِ حسودِه إشراكُ([10])

ويقول أيضا في المعنى نفسه في مناجاة لمولاه تعالى :

سيدي سيدي وحقِّك ما    كنت بشيء من الورى لولاكا

أنت أنقذتَني من الضلالةِ والشر    ك بنورٍ أضاء لي من هداكا([11])

ويصور التوبة صبحا وضاء ، وثواب الله روضا ممتعا ، يقول في استغاثة صادقة :

أما آن أن تصحو العقولُ من السُّكر      ويطلع صبحُ التوبة الصادقُ الفجرِ

وأذهب من حزنِ الغوايةِ والهوى     وأرتعُ في روضِ المواهب والأجر([12])

ومن تأثره بالتراث التاريخي والأدبي حديث الشاعر عن فتح جزيرة كريت في عهد السلطان إبراهيم ، فقد جعل سفنه الضخمة قادرة على أن تهدم جبل رضوى ، وجبل رضوى مما يكثر الحديث عنه عند الشعراء القدامى ، فضلا عن تصوير النار المحرقة بجهنم وهذا ما ألفه الأدب العربي ، يقول :

قد جهز السفن التي لو صادمتْ     رضوى بأيسر لمحةٍ لتهدما

وتلهَّب البحرُ الخِضَمُّ مهابةً     منه فظنَّتْه كريتُ جهنما([13])

ومانراه أيضا في رومياته ، إذ حاكى روميات أبي فراس الحمداني ، وناشد الحمائم كما ناشد سلفه،وتحدث عن أمه وتولهها عليه وسؤالها عنه كما وصف الحمداني وتحدث،  يقول في رومية له :

أشكو الصبابةَ للصبا     بة بالمدامع لاباللسان

وأقول إذ هتفتْ بنا     ورقا شجاها ما شجاني

ياورقُ ماهذا النوا    حُ فبعض ماعندي كفاني

غادرتُ بين الغوطتيـ  ـن بمنزلي السامي المكان

أماً لها كبدٌ علي َّ   - مُذابةٌ مما دهاني

تستخبر الركبان عن    حالي وتندب كل آن([14])

ويتأثر بالفرزدق في تصويره أمجاد قومه بالبيت الذي يبلغ عنان السماء فيقول منجك في مدحة له :

نجلُ العِمادِ ومَن بنَتْ عزَماتُه     بيتا دعائمُه على العلياء

مجدٌ سما بجنابه حتى لقد       بلغ السماء وفاتَها بسماء([15])

وعلى الرغم من أن الشاعر صرح أنه لم يحتس خمرا في حياته إلا أنه وصفها كما وصفها القدامى ، وتحدث عن مجالسها وتأثيرها في الجسم كما تحدث من سبقه([16]) .

ويعد هذا التأثر أمرا بدهيا في العصور المتأخرة لكثرة معطيات التراث ، ولايعد سرقة شعرية، ويقول الجرجاني في هذا : " كم من إنسان أجهد نفسه في اختراع صورة ثم وجد غيره قد سبقه إليها([17]) " .

إلا أن قصيدة في ديوان الشاعر مطلعها :

حتام في ليل الهمو     مِ زنادُ فكرِك تنقدحْ([18])

نسبت في كتاب خلاصة الأثر لمحمد أمين بن فضل الله المحبي للشاعر محمد بن الحسن الكواكبي([19]) وأحسب أن المحبي هذا أدرك خطأ والده جامع ديوان الشاعر منجك فصحح خطأه ونسبها إلى الكواكبي ، ولم يذكرها في شعر منجك حينما ترجم له ، ولو كان يعلمها لمنجك لأبقاها له .

2- ويعد عالم الحياة اليومية مصدرا ثرا للشعراء يقبسون منه بعض صورهم، من ذلك صوره عن البيع والشراء والتجارة كقوله :

تاجَر الناسُ بالحُطام وكانوا      في المعالي تراهم تُجارا

واشترى منهم النفوسَ كريمٌ      ودعاهم أعزةً أحرارا([20])

وقبس صورا عن الغني والفقير مبينا أن الناس يقتربون من الغني ويعيشون معه سعادة العمر ، ثم إذا ضاقت ذات يده تخلوا عنه وتركوه :

إن الغني زمانُه بسخائه      يمضي ربيعا في الفصول الأربع

وترى المقلَّ مفارقاً أحبابه       لم يلفَ غير مُشِيَّعٍ ومودع([21])

3-أماعالم الطبيعة الصامتة والمتحركة فمجال خصب يرتع فيه الشعراء وهم يمجدون خالقها أو يذكرون مصيرهم من خلال رؤياها ، أو يصورون ممدوحيهم ومحبوباتهم مشبهين لهما بها ، أو يرسمون منها لوحات جمالية ولا سيما في فصل الربيع الفتان .

يقول منجك متخذا من الطبيعة مجالا للتذكير بمصير الإنسان لأخذ العبرة والموعظة الحسنة :

حقيقةٌ ما تراه لمعُ آل       فما هذا التنافس في المجال

يلوح كما يلوح الزهر حينا     ويدركنا المصير إلى الزوال([22])

فالحياة عمرها قصير كعمر الزهر أو كبقاء السراب، ولذلك فهي لاتستحق هذا التنافس على حطام الدنيا . 

ويقول جاعلا من الطبيعة مجالا لتشبيه الممدوح بها كما شبه القدامى

عزيزاً مستفاداً من عزيزٍ    كوردٍ أكسبَ الأيام طيبا

وإن ضنَّ السحابُ فلا أبالي     وفيضُ نداه قد أضحى سكوبا([23])

فالشاعر يرى ممدوحه كالورد في طيب روائحه، وكالسحاب في جوده، بل إنه يفوق السحاب

ومن عالم الطبيعة المتحركة يلتقط الشاعر صورة عن فلذة كبده ويصوره كالعصفور الصغير تنتاشه العقبان في أيام غربته عنه، ثم يطلب من ممدوحه أن يعينه في غياب والده فيقول :

إني لأرجو من حنانك سيدي     لي دعوةً معمورةَ الأركان

وإعانةً لبَنِيَّ إذ هو قد غدا     شروى عُصَيْفيرٍ لدى عقبان([24])

وقد يرمز بصور الطبيعة إلى شخصيته فلقد كان لايخاف الأسود فصار بعد المحنة يهاب الذباب أضعف المخلوقات ، حتى الماء صار يراها عدوه الحاقد الأزرق :

قد كنت لاأخشى السود مهابةً     والآن من طنِّ الذبابةِ أَفْرُقُ

فإذا اختبرت الماءَ وهو حياتنا    ألفيتُه وهو العدوُّ الأزرق([25])

ويرى نفسه الأمارة بالسوء كأفعى تعمل في إيذائه سواء أأطاعها أم عصاها :

أبرئُ نفسي وهي أمارةٌ بما     يسوِّدُ صحْفي يوم تذهلُ مرضعُ

وما هي إلا حيَّة إن أطعتُها     وإن أنا أَعصيْها فلاشكَّ تلسع([26])

وقد يكون الوصف للتمتع بمرأى الطبيعة الجميل ،يقول منجك في قصيدة له :   

وترى الروضَ في شبابٍ وحُسْنٍ     جعل النَّوْرَ بُرْدَه المِعطارا

فتنشَّقْ من الربا نفحاتٍ     مُهْدِياتٍ مايدهش العطارا([27])

فالروضة امرؤ وسيم فواح العطر ، ونفحات الروابي تعجب العطار بروائحها الشذية .

ثالثا : المشاهد التصويرية

حينما ينظر المرء إلى الصورة يراها مجتمعة العناصر متآلفة في لوحة واحدة أو في مشهد كلي ، ثم يروح يفصل جزئيات هذه اللوحة فيعجب بهذه الصورة أو بتلك .

ولقد التفت الناقد عبد القاهر الجرجاني إلى هذه القضية  وعبر عنها بقوله : " ولكنك ترى بالنظر الأول الوصف على الجملة ثم ترى التفصيل عند إعادة النظر "([28]) .

وهذه الرؤية المجملة للمشهد الكلي لها أهميتها في التصوير الفني ، إذ تقدم لوحة كاملة للموقف من جميع جوانبه ، ثم يروح الناظر يفصل هذا المشهد إلى جزئياته فيرى مشاهد جزئية متعددة تجمعها عاطفة وجدانية أو نفسية واحدة ، وهذه بدورها ولدى النظر إليها يرى بين جنباتها صور متعددة تتألف من تشابيه أو استعارات أو كنايات ... وتنتظم جميعها في علاقات توافقية أو تخالفية ، متناغمة أو متضادة([29]) وبذلك يتذوق الأديب والمتلقي المشهد أو الصورة .

وسأوضح جمال المشاهد والصور عند الشاعر منجك :

1- المشاهد الكلية :

وقد تعددت لدى شاعرنا وكان أهمها ما تحدث به عن حياته الذاتية ، وكان بعضها واقعيا والآخر تصويريا لمجالي الطبيعة ، وهناك مشاهد خيالية وأخرى وهمية :

أ- فمن المشاهد الواقعية :

تلك التي تصور الوقفة الطللية إذ ترسم لنا صورة عن الشاعر وهو يذرف الدمع بعدما رأى الدمار يحل بالديار ، وقد ذكره مرآها رحيل الظعينة الحبيبة ولا سيما بعدما سمع هديل الحمائم ، واشتم نسيم الأصيل .  ثم تنتقل بنا لتعرض وصفا لفتاته فإذا عيناها كعيني البقرة الوحشية ورشاقتها كرشاقتها ، ولذلك لايستطيع الشاعر سلوانها وإن لامه اللائمون لأنهم لم يحسوا ما يحس به ، يقول في ذلك :

خفِّضْ عليك فما الفؤادُ بسال     وقِفِ الدموعَ لدارسِ الأطلالِ

دِمَنٌ على عَرَصاتها عقَلَ البُكا      أبصارَنا عن غيرها بعِقال

ذهبت برونقِها الليالي بعدما      كانت مخيمَ نضارةٍ وجمال

ماكنتُ أحسب قبل يومِ فراقِهم     أن النوى ضربٌ من الآجال

ظعنوا فكل أخي هوى وصبابةٍ    وقْفٌ على التَّذْكارِ والتَّسآل

ولهانُ تذكرُهُ المعاهدُ والدمى     ورقُ الأراك ونسمةُ الأصال

شغَلَ الفؤادَ بعاطلاتٍ خُرَّدٍ    مذ قلدت بدماه فهي جوال

يطلعْنَ في فلكِ الحُدوجِ أهلَّة     وغصونُ بانٍ في متون رحال

من كل مُخطَفة الحَشا فتانة     ترنو بعينَيْ جؤذر وغزال

تُبدي الصدودَ تلاعبا فيظنُّه    من جهلِه الواشي صدودَ ملال

قل للعذول على الغواية في الهوى    دعْني فمالك في الغرام ومالي

إني لأصبو للحسان سجيَّةً     مثل ابن منقارٍ إلى الأفضال([30])

هذا المشهد الكلي ضم بين جنباته ثلاثة مشاهد جزئية :

الأول : تحدث عن الطلل ، وقد صور بكاء الشاعر عنده بعدما رأى نضارته قد زالت ولم يعد مرتعا للجمال ، كما صور النوى امرأ يكاد يقتله من شدة الشوق ، وهو يسأل عن الأحبة ويذكرهن . وذكر الغربة إذا ما قورنت بدراسة حياته وما لاقاه في بلاد الروم يجعلني أرى المشهد رمزا لرحيل الشاعر ، فهو الذي رحل وخلف أهله يعانون ، وهو المشتاق الذي أمضه الشوق إليهم وراح يذكرهم عند سماع هديل الحمائم وتنسم نسمات الأصيل .

وأما المشهد الجزئي الثاني فيرى فيه الظعينة وهي ترحل في هودجها ، ولقد كانت رشيقة القوام كالغصن ، وذات عينين كعيني الغزال ، وهذا المشهد مألوف لدى الشعراء فهم يقفون ثم يبررون تعلقهم بمحبوباتهم بجمالهن العربي الفتان.

وأما المشهد الثالث ففيه حديثه مع العذال الذين راحوا يلومونه على تعلقه بصاحبته وهو يبين لهم أنه لايحق لهم أن يتدخلوا في شؤونه الذاتية .

وهذا المشهد على تقليديته يصور برأيي حالة الشاعر النفسية وشوقه إلى أهله في غربته ، ولاسيما أنه قد ذكر النوى ومعاناته .

وهذا مشهد واقعي آخر لكنه يصور الطبيعة الفتانة في جو الربيع المزهر ، وهو يحوي مشهدين جزئيين ، أولهما على الحقيقة ، وهو وصف الربيع ذي المياه الصافية العذبة ، وشجر الآس االعطر، والنسيم العليل ، والمطر الذي يتساقط كاللؤلؤ ، وكان العندليب قد أعجب بمرآه فراح يغني طربا ، والأغصان راحت تتمايل متبخترة وقد أحاطت بها الأزهار كقفص ، يقول فيه

وفد الربيعُ فقم لحثِّ الكاس    وذر المقامَ بأربع أدراسِ

وانهضْ إلى الوادي السعيدِ ومائِه الـ   ـعذبِ الفراتِ وظل ذاك الآسِ

هذي الجنانُ تنفستْ في أوجه الـ   خضرِ الرياض بأطيب الأنفاس

ومشى النسيمُ مصحِّحا ما اعتل من    أدواحها فهو العليلُ الآسي

والقطرُ منتثِر على جنَباتها     كاللؤلؤ المُتناسِق الجناس

والعندليبُ مصفِّق يشدو على     تلك الهضابِ وغصنِها المياس

وكأنما الأزهارُ قد صيغتْ له     قفصاً من الياقوت والألماس([31])

وأما المشهد الثاني فينقلنا الشاعر فيه إلى جو آخر يصور فيه العندليب يحمل رسالة من المحب الذي لم ينس العهد ، وكان هذا المحب يعيش وسط ظلام وأسى وهو متوزع اللب بين الرجاء واليأس ، وأرى أن الشاعر انتقل من وصف الربيع وعندليبه ليجعل نفسه مكان هذا الطائر الحزين الذي يرسل رسالته إلى أحبته في بلده مبينا لهم أنه لم ينس العهد ، وهو يعيش الهم والحزن لبعده عنهم، وهو بين طمع بالغنى في بلاد الروم، ويأس من الفرج، وقد توزعته الهموم فعاش حياة نفسية قاسية فيها الوساوس والهموم والشكوى والآلام ، يقول :

يُملي على عذْبِ الغصونِ أَلوكة    من مغرمٍ للعهد ليس بناسِ

يقضي الدجى متوحشاً متأسِّفاً    من بعد ذاك القرب والإيناس

ويظل من فرطِ الغِواية في الهوى     متقسِّما بين الرجا والياس

فقد الخليطَ فأصبحت آراؤه     نهبا بأيدي الوهمِ والوسواس

لازال يندبُ في الزمان ويشتكي     من جورِه اللأوا بغير قياس

وهذا الانقلاب في الصورة بين جو الربيع الجميل ونفسية الشاعر البائسة أمر طبعي في مثل ظروف الشاعر ، فعلى الرغم من جمال الطبيعة إلا أن هموم الشاعر جعلته يصد عنها ويتذكر معاناته ويشعر بالكآبة ، وهل أقسى على المرء من الغربة والفقر ، والإخفاق في الحياة وفقدان الأمل .

ب- ومن المشاهد الخيالية الوهمية قصيدة تحدث فيها الشاعر عن رأيه في الشعر وجعلها تدور بين الشاعر وفتاة ، وكانت هذه رمزا لقصيدة موسى الرام حمداني([32]) الذي أرسل مدحة فعبر الشاعر عن رأيه فيها وموقفه ممن مدحهم الشاعر الرام حمداني .

انقسم المشهد ( القصيدة ) إلى ثلاثة مشاهد جزئية ، تحدث الأول منها عن إرسال القصيدة ، وقد صورها فتاة تتزين بطوق الشكر والحمد ، ولكن الأبواب أغلقت دونها بسبب الشح الذي كان عليه الناس آنذاك ، وفيه يقول :

لقد وفدتْ للشامِ منه خريدةٌ       وفي جِيدِها طوقٌ من الشكرِ والحمدِ

وأمهرَها من ليس في الناس كفْؤُها     فضلَّتْ لدى تلك المنازل عن رشد

رأت كل دارٍ غلَّقَ الشُّحُّ بابَها     وسددَها بالجصِّ والحجرِ الصَّلْد([33])

وفي المشهد الجزئي الثاني تلقانا الفتاة في الظلام في هيئة المذعورة وهي ترتجف من شدة الخوف وفقد الأهل ،وقد تعرت ووقفت تدعو المولى أن يضيع من ضيعها وهي ترجو من ينقذها ويغار عليها ويصونها :

وأدركها الليلُ البهيمُ فحيرت    ولا شك أن البكرَ تخشى من الجند

عرتْها لفقدِ الأهلِ دهشةُ غربةٍ     فقامتْ على الأقدام ترجفُ كالسعدي

ممزقةَ الجلبابُ محلولةَ العُرى    مضيَّعةَ السروال باديةَ النهد

تقول أضاع اللهُ شيخا أضاعَني     ويهدي ولم يدرِ الهدايا لمن يهدي

وقالت ترى هل أُبصِرُ الآنَ غيرةً     أصونُ بها عرضي  فقلت لها عندي

فقالت لعل الدار دار ابنُ منجك       أميرُ دمشق الشام قلت نعم جدي

وفي المشهد الثالث من هذه القصيدة نرى الشاعر يؤويها وقد أعجب بجمالها وغنائها فطمأنها، وبين لها أنه من أسرة عرفت بالكرم وشجعها على الإقامة قدر ما شاءت وأعطاها حرية التنقل، ولكن الفتاة لم تكن ذات حجاب مصون بل كانت شؤما كما أخبرت عن نفسها حين نسبت نفسها لطويس الفاسق([34])مما جعل الشاعر يطردها ويقول:

فقابلْتُها مني بكل تحية     وأمهرتُها روحي وأفرشْتُها خدي

فقلت لمن وافيْتِ قالتْ مَروعةً     إلى ذلك الجرذانِ في صحبة القرد

فقلْتُ انعضمي بالاً وقَرِّي أعيناً     فمن بُرِّ نادينا الأراملُ تستجدي

أقيمي إلى أن تشتهي السيرَ عندنا    وروحي لمن تبغي وخفي بلا طرد

فقالت ترفَقْ ما التحجبُ عادتي   ولا أنا في حجرِ الصيانةِ من مهدي

فغابتْ وآبت مثلَ لمحةِ بارق    وتبكي بكاءِ المُستهام من الوجد

فقلت على من تندُبين فولولتْ     وقالت لقد مات الحمارُ من الكد

وعندي شؤمٌ لو طرحتُ أقلَّه    على كل من يعدى لكان به يَعدي

فقلت إلى أيَّ المناحيس تنتمي    فقالت طويسٌ كان زوجي بلا عقد

فقلت اذهبي أيان شئتِ ذميمةً     وراجعةً من غير إرثٍ ولا نقد

لقد عبر الشاعر في هذا المشهد الرمزي الوهمي عن ضيقه من الشاعر الرام حمداني الذي كان يمدح من لايستحق الثناء ، ويأتي بمعان غير مستحسنة في شعر قوي وذي موسيقى عذبة([35])، فأراد الشاعر أن يصحح له مفهومه عن الشعر ، فهو معنى ومبنى ، وقد صور رأيه النقدي  في صورة فتاة وجعلها تتحرك على مسرح الحياة ، وجعل نفسه يحاورها وتحاوره وبذلك أثبت مقدرته الفنية في التعبير عن رأيه بطريقة مشوقة ، فالشعر الذي يستحق الإكرام هو مايقدم إلى مستحقه ، وكان بعيدا عن الفحشاء والمنكر ، وما خرج من فيه نظيف لافسق فيه، وإلا اشمأزت النفس منه ونفرت وإن كان مطربا في موسيقاه عذبا في رنينه .

وهذا المعنى النقدي للشكل والمضمون ماكان له أن يظهر بهذا الجمال الفني لو أن الشاعر قاله مباشرة، ولكن التصوير الفني فيه المعتمد على الرمز والتشخيص كان له أثره في الإعجاب بالقصيدة ، وكانت الصور فيه تتنامى لتشارك في البناء الفني و لتعبر عن الموقف مما أكسب النص وحدة عضوية متماسكة .

2- المشاهد الجزئية

وهناك مشاهد جزئية لم تصل إلى درجة المشهد الكلي وردت في ثنايا القصائد ، وكان جلها في التعبير عن حالة الشاعر الذاتية والتعبير عن حياتيه في فقره وغناه .

هاهو ذا يناجي ممدوحه معتذرا له فيصور الغربة سجنا مظلما أمات خياله وأوقفه عن الإبداع ، وكأنه لما اغترب إلى بلاد الروم وشبه نفسه بأبي فراس في بعض قصائده، وذكر سجنه وآلامه جعل نفسه السجين وإن كان طليق اليدين ، لأن الغربة بالنسبة إليه كانت قفصا قاتلا يحرمه نعيم الوطن والأسرة ، ولذلك نراه يصور الزمن محاربا له وقد حط من قدره في بلاد الروم ، يقول :

عذرا لعبدك قد ماتتْ قرائحُه     والدمعُ أشغلَه في السجن طافحُه

مستوحشٌ لاحبيبٌ فيه يؤنسُه       وإن هدا الليلُ لاوُرقٌ تطارحه

كم ذا يعاند آمالي ويعكسها      بفعله فلكٌ قد جال رامحُه

لاخيرَ في بلد آسادُها صغرتْ    قدراً وقد عظمتْ فيه نوائحُه([36])

وهذا مشهد جزئي آخر يصور فيه الشاعر حال الثائر فخر الدين المعني الثاني([37]) وقد  قبض عليه ممدوحه بعد بحث طويل كنى عنه بقطع الصخور وهو مختبئ فيها ، وقد شخص الشاعر الحصون فإذا هي لم تنفعه، وكذلك لم تنفعه أسلحته وخيوله ، والشاعر بعد ذلك يسمعنا أصوات أطفاله ونسائه وهو يتباكون على فقده ، أما طائفته الدروز فقد صور تشتتهم في البلدان ، ثم جعل القضاء والقدر يطلبان الثائر فلا يفلت من قبضتيهما ولذلك لم يستطع أي مكان أن يحميه منهما :

إن الوزيرَ أدام الله دولتَه     أخبارُه سيرٌ في الناس تنتقل

وجاءنا بابن معنٍ بعدما قطعتْ    صُمُّ الصخورِ عليه وهو معتزل

لم تغنِ عنه الحصونُ البيضُ إذ طلعتْ      سودُ الرزايا عليه اليوم والقلل

ولا الدلاصُ ولا ذاك الرصاصُ ولا     تلك الجيادُ ولا العسَّالة الذُّبُل

أطفالُه لهم من حولِه زجَلٌ     وللنساءِ على ماصابَه وجَل

وللدروز شتاتٌ في بلادهم     كأنهم قتلوا من قبل ما قتلوا

من راح يطلبه التقديرُ ليس له    بحرٌ يقيه ولا سهلٌ ولا جبل([38])

ويصور الشاعر المحب في مشهد جزئي يبدو فيه وهو ينظر إلى الآخر بشوق وتلهف ، ويصور المحبين يلوحان لبعضهما بعضا بأطراف الأصابع وهما يتألمان من الفراق ، كما يصور الوداع امرأ يقضي قضاءه وهو يذرف الدمع الغزير ويخفق قلبه وجدا ، يقول :

رعى الله بالجرعاءِ وقفةَ ساعةٍ    ونحن بألحاظِ  الهوى نتَرامق

يشير بأطرافِ البَنانِ ويشتكي      أليمَ الجوى منا مَشوقٌ وشائق

إلى أن قضى التوديعُ فينا قضاءَه     وسارت تؤم الجزعَ فينا السوابق

رجعت وطرفي لاتغيضُ دموعُه     وقلبي لاذقْتَ النوى وهو خافق([39])

ولعل هذه الصورة التقطها الشاعر من لحظات توديعه لأسرته عند سفره ولذلك تبدو مؤثرة شجية .

ثالثا : أنواع الصور البلاغية :

الصور البلاغية هي الصور الجزئية التي يتكون منها المشهد ، وتتخذ هذه مطية للتعبير عن الحالة الشعورية التي يحسها الشاعر، وترتبط فيما بينها بعلاقات متينة فتأتي في وحدة متماسكة وتكون فاعلة في النص متوائمة مع عناصره . وقد تكون شكلية لإظهار المقدرة على الإتيان بصورة جديدة .

وقد تقوم العلاقة بين طرفي الصورة على التوافق أو التخالف في صور متقابلة أو متضادة ، أو فيها مفارقة السخرية أو الازدواج ، وقد تأتي في تشبيهات أو استعارات أو كنايات أو في إيحاءات ورموز .

وسأبين أنواع هذه الصور من حيث طرفا التشبيه ، ثم من حيث تناسب الطرفين :

1- أنواع الصورة من حيث طرفا التشبيه :

وتكون هذه في صورة تشبيه أو مجاز  أواستعارة أو كناية :

أ- الصورة التشبيهية :

وتعد أهم الأشكال البلاغية انتشارا واستعمالا في الشعر العربي ، وأكثر مايدل على التفنن والإبداع ، وكان شعراء العصر العثماني يرون في تسجيل الصورة ورصدها خارجيا غاية مابعدها غاية([40]) ولذلك فهم يتبارون للإتيان بجديد أو في تقليد المشهور من الصور .

ولكن الشعراء البارزين كانوا يتخذون من الصور وسيلة للتعبير عن أحاسيسهم ، وقد يأتون بما هو تقليدي أو شكلي لإرضاء أذواق بني العصر .

فالشاعر منجك كثرت لديه الصور التقليدية الذهنية ، فالشعر ليل والخد ورد والثغر أقحوان والنظرة سهم قاتل ، والممدوح سيف أو نور، وعطاؤه غيث وعلمه بحر ... ، يقول مثلا في الغزل :

خدُّه الوردُ ، والبنفسجُ صدغا     ه لعيني ، وثغرُه الأقحوانُ

وكأن الحديثَ منه هو اللؤ      لؤُ يرفضُّ بيننا والجمان([41])

وهذا الإكثار من الصور التقليدية ولاسيما في المقطعات الشعرية كان تحت تأثير العصر ، وقد جاء في هذين البيتين بتشبيه مفروق([42]) في البيت الأول، وتشبيه جمع([43]) في البيت الثاني، وليس لهذا التشبيه المزخرف أثر في العاطفة، أو تعبير عن موقف ما ، اللهم إلا إظهار البراعة الشعرية إرضاء لأذواق المتلقين في العصر ، ومن الغريب أن يهتم كتاب  التراجم بنقل هذه الصور له ولديه قصائد رفيعة المستوى جاء التصوير فيها للتعبير لا للزركشة ولاسيما تلك التي تتحدث عن أحواله الذاتية ، من ذلك قوله وهو يشبه نفسه في نكبته بالصقر الذي قص جناحه وهو يتمنى أن تطلق حريته ، وبالذهب الذي مزج بالتراب ولكن الحكاك أو الممدوح يمكنه أن يزيل عنه شوائبه :

إني أنا البازيُّ قُصَّ جناحُه   فعسى يُراش ويَعتريْه فكاك

إني أنا الذهب الذي قد شابه    كدرُ الرغامِ يزيله الحكاك([44])

وهذا التشبيه يحكي حاله ويشير إلى فخره بذاته كما يشير إلى ضيقه من زوال مجده .

وهذا تشبيه آخر يعبر فيه عن الدنيا وفسادها ، فالمرء يقوم بعمله وهو غافل عن أخطارها فتكون كالأفعى التي تلسعه :

تبا لدنيانا فكلُّ صنيعِها      أبدا شرور والسرورُ منام

أفعالُنا أفعى لنا مابيننا      تسعى لمهلكِنا ونحن نيام([45])

وقد جاء الترشيح([46]) في الصورة ليزيد الصورة إيلاما حين أوضح أخطار الأفعى به .

وفي هجائه لمن انتقص من آل منجك يتخذ الشاعر من التشبيه أيضا أداة لرفع شأن أسرته والحط من شأن مهجوه فيقول :

وأحسابٌ لسانُ الدهر يتلو    مآثرَها على سمع الليالي

وآلي مستقي منها بحورٌ    وأبحرُ من يفاخرُ لمعُ آل([47])

وقد يتخذ من التشبيه أداة للوعظ كما في قوله :

كم ضمت الترباءُ خلقاٍ قبلَنا     من آخر يقفو سبيلَ الأول

حتى كأن أديمَها مما حوت     حباتُ أفئدةِ الملوك العُدَّلِ([48])

ومن الصور التشبيهية التي اعتمد الشاعر عليها التشبيه التمثيلي ، فقد اتخذه مطية ليصور به ناسا تهالكوا على الدنيا ومتاعها الزائل ونسوا الآخرة ونعيمها فكانوا ككلاب تسارعت إلى وليمة وليس لهم فيها إلا العظام النخرة ، يقول في ذلك :

إذا رأيت أناسا     نسُوا الديار العظيمةْ

تهالكوا بانهماكٍ     على الأمورِ الذميمة

مثِّلهم بكلابٍ    في باب أهلِ وليمة

وما لهم من مرام     إلا العظام الرميمة([49])

كما اتخذ الشاعر التشبيه التمثيلي في أسلوب التفريغ([50]) لتصوير كرم ممدوحه، إذ رسم به لوحة للكرم مؤلفة من روضة غناء بهجة مزهرة منورة كتنور وجه الممدوح عندما يهب الفقير ما يحقق رغائبه ، يقول :

فما روضةٌ غناءُ باكيةُ الحيا     تبسَّم عن ثغرَيْ أقاحٍ وعَنْدَمِ

تمدُّ بها ريحُ الصبا خطواتِها     وترفلُ في ثوبٍ من النَّوْرِ معلم

بأبهجَ وجهاً منه عند هباتِه     إذا يممتْ يمناهُ آمالَ معدم([51])

والتشبيه الضمني شبيه بالتمثيلي يعمد إليه الشاعر للتعبير عن تبرمه ممن ندد بآل منجك،فهذا لايضيرهم كما لايضير السماء عواء كلب ، ولا يبالي الشعرى بمن يمر به:

وترمي آل منجكٍ بانتقاصٍ     وهم أهل الفضائلِ والكمال

أتنصدعُ السماءُ بنبحِ كلبٍ      أم الشعرى العبورُ به تبالي([52])

وممدوحه فوق الشمس علوا وجاها ولهذا لايمكن لأحد أن يبلغ مبلغه :

من ذا يضاهيك فيما حزتَ من شرف     ومن يدانيك في حلمٍ ويحكيكا

فالشمسُ مهما ترقّْت فهي قاصرةٌ     عن بعض أيسرِ شيء من مراقيكا([53])

وقد يلجأ الشاعر إلى التشبيه البليغ ليقوي به العلاقة بين المشبه والمشبه به ، فآمال الشاعر مطية تقصد باب الكريم لتنقذه من معاناته ، يقول :

ياعيسَ آمالي اقصدي     بابَ الكريم وعرِّجي

وضعي رحالَك وارتَعي     فإلامُ حملُ المزعج([54])

ومن التشبيه البليغ المؤثر أيضا قوله :

قم ننتهزْها فرصا    إنما العيشُ فرصْ

ودهرنا جميعه    إن لم نغالطه غصص([55])

فالحياة فرص يجب الإفادة منها ليضفى على الحياة الملأى بالمتاعب لحظات أنس وسعادة .

وقد يتخذ الشاعر من التشبيه التام وسيلة للتعبير عن نفسيته، فهو يحب صديقه ويرسل إليه  تحياته متوالية كالمطر الدفاق ، وقد أضاف الشاعر إلى التشبيه التام تشبيه جمع ليبين فضائله عليه ، فهو بصره ومصدر دفئه في حياته :

ألفُ سلام عليك في كل حين     يتوالى كالصيِّب المِغْداقِ

كنتَ في الشام مقلتي حيث أبصرْ    ت وشمسي في سائرِ الآفاق([56])

وقد يكرر الشاعر التشبيه ليعبر به عن حالته النفسية ، فهو يقارن بين ماضيه وحاضره ، لقد كان قبل أن يعاركه الزمن يستطيع أن يمتطي الأسود ، وكان حتى بعد مصابه كالقمر الذي أصابه الكسوف أما الكواكب الأخرى فهي أقل منه شأنا، وهو كالشمس الذي يحجبها الغيم ولكن نورها يظل واضحا ، وكالعنبر يفوح عطرا حينما يلقى في النار، وكالجوهر المصون وسط عباب البحار :

لو أردْنا غير الجياد ركبْنا      حيث سرنا على الأسودِ الضواري

غير أن الأيام قد حاربتْنا     لااعتراض منا على الأقدار

كنتُ كالبدر إذ عراهُ كسوفٌ     وبخافي السما ضئيلُ الدراري

كنت كالشمس حين يحجبُها الغيـ   ـمُ فتروي العيونَ عن إبصار

كنت كالعنبرِ الذي فاح طيبا     حيث يُلقَى من الزمان بنار

كنت كالجوهرِ الذي صانه الدهـ   ـرُ لحرصٍ عليه وسطَ البحار([57])

ب- الصورة الاستعارية :

وهي أجود من الصورة التشبيهية لأن العلاقة بين الطرفين تقوم على تماثل أقوى ، فكأن المشبه غدا عين المشبه به .

ومن يتصفح ديوان الشاعر يلق استعارات كان لها أثرها في التعبير عن ذاتيته ولا سيما بعدما نكبه الدهر بأرزاء وخطوب شديدة قاسية ، ولعل من أهمها مرض ابنه ثم وفاته بعيدا عنه حينما كان في بلاد الروم ، يقول معبرا بالاستعارة عن شعوره الفياض تجاهه :

أحمد ابني إليك طالَ اشتياقي      وزفيري قد جدَّ في إحراقي

أُتبعُ الكتْب بعضَها إثرَ بعض     فلعلي أشفي بها أحداقي

ملئتْ حسرةً عليك يدُ الوجـ   ـد وفاضتْ مدامعُ الأشواق

أحمقُ السعي كنت بل أحمقُ الرأ    ي إذ سرتُ مجِدّاً والركبُ في إقلاقي

فالشاعر في هذه الصور الاستعارية يعبر عن مأساته في غربته، فـ ( زفيره يحرقه )، والرسائل ( تشفي عينيه ) لكثرة مايذرف من دموعه عليها، و( شوقه يتحسر )، و(الأشواق تبكي ) بكاء حارا ، و( السعي والرأي) أحمقان لأنه أطاعهما فاغترب ، وهذه الصور عمقت الإحساس والشعور بالمأساة التي انتابت الشاعر المغترب .

ولننظر إلى هذه الصور الاستعارية التي عبر الشاعر بها عن يأسه من هذا الزمان المسلط عليه :

أرحْ مطايا الأماني واتركَ الطلبا     لم يبقَ في العمرِ شيءٌ يوجبُ التعبا

حتامَ يغرسُ عندي مَن بُليتُ به     غرسَ الورود ويجني مطمعي الكذبا

إن قلت واحرَبا في الدهر ملتمساً     مني الإعانةَ قال الدهرُ واحرب([58])

فالأماني مطايا يطلب منها أن ترتاح ، والآمال ورود ، والدهر إنسان ناطق ينم عن يأس الشاعر وهذا ماجعل الأبيات معبرة لاوصفية .

ولنقرأ للشاعر هذه الاستعارات المكنية التي تشي بحالته النفسية :

عاركَتْني شدائدُ الدهر حتى     علَّمتْني وقائعَ الأحوال 

وأرتْني المنونَ أشهى من العيـ   ش وبيضَ الأيام سودَ الليالي

سلب البينُ غفلةً كنت فيها    أرقبُ الطيفَ ساهرَ الآمال([59])

فالدهر يعاركه باستمرار ، والحياة علمته فأرته الموت أشهى من الحياة القاسية ، والبعد سلبه زمنا كان يأمل فيه برؤية الطيف .

وهو في مدحة نبوية له يثني على المصطفى المختار ويطلب منه الشفاعة بعد أن

( أثقلت ظهره الآثام)، يقول متخذا من هذه الاستعارة المكنية وسيلته للتعبير عن حاله :

ياأكرمَ الرسْل يامن ليس يشبهُه     في الخَلق والخُلق مخلوقٌ من البشر

إلى حماك وفدنا حاملين على    ظهورِنا وقرَ آثام على كبر

شفاعةً منك نرجوها ونسألُها     إن لم تُجِرْنا من الأهوال من يُجِر؟([60])

وفي الاستعارة التصريحية جمال وقوة في الأداء لأن المشبه يصير المشبه به نفسه ، فالشاعر حينما ينظر إلى فتاة يحس أن هذه النظرة كانت (سهما) قاتلا له :

جلبتُ إلى نفسي المنيةَ عندما    رميتُ فلم تخطئ فؤادي أسهمي([61])

ويصور نفسه بعدما اغترب عن بنيه وخلفهم في الفيحاء أسدا فر من أشباله :

أسدٌ تفر اليوم من أشبالِها    لتَقَلُّبِ الأيامِ في أحوالها

كانت مرابضُها في جلق فغدت    بالروم وهي أشد من آجالها([62])

كما اتخذ الشاعر من الاستعارة التمثيلية مطيته للتعبير عن بغيته ،فالقصيدة المهداة للممدوح فتاة صغيرة مدللة وذات صوت رخيم ، وحسن كحسن يوسف ، وفيها حكمة كحكمة لقمان ، وعفة كعفة مريم ، والشاعر يريد أن يعبر من خلال هذه الصور عن رأيه النقدي في الشعر ، فالقصيدة يجب أن يكون مضمونها حميدا ، وأن تكون قوية الحبك وذات موسيقى ناغمة ، يقول في استعارة تمثيلية حذف منها طر المشبه :

أتتْك تهادى منك في مرط دلِّها     خريدةُ أفكار وطبعٌ مسلَّم

وما اصطحبتْ إلا البلاغةَ محرَما     وهل غيرُها للبكرِ يلقى بمحرم

لها صوتُ داود وصورةُ يوسف      وحكمةُ لقمان وعفةُ مريم([63])

وقد يلجأ الشاعر إلى الاستعارة العنادية التفاؤلية ليحكي من خلالها ذاتية الشاعر ، فالفتاة حديثها لذيذ،وهو معجب بها ولكنها تصده فيحس كأنه ينتزع السعادة من أفعى ، وقلبه لديغ منها، وقد عبر الشاعر عن اللديغ بالسليم تفاؤلا كما عهد في أسلوب العرب، يقول :    

تطارحُني فيهن ذاتُ تبسم     حديثَ هوى أحلى من الشهد في الفم

أبيت سليمَ القلب منها كأنني     أراقبُ صفو العيش من فم أرقم([64])

وقد يلجأ إلى الاستعارة العنادية للسخرية كما في وصف بطولة أمير الحج محمد بن فروخ الذي قضى على ثورات الأعراب :

قلدتَ أعناق العُداةِ مكارما    بحسامِك الحقِّ الجليِّ الفاتك

ومحوتَ من صحْف الحياة نفوسَهم     محوَ الصباح ظلامَ ليل حالك([65])

فالعداة عادة يهانون بالقتل، ولكن الشاعر جعل القتل تكريما لهم استهزاء بهم .

ج- المجاز 

والمجاز أسلوب لطيف في التعبير، المرسل منه والعقلي ، وقد جعله الشاعر أداته التعبيرية أحيانا.

فمن المجاز المرسل : قوله في الحث على الإخلاص في العمل لله سبحانه :

عمِّر فؤادَك بالتقى    واحذر بأنك تلتهي

واعمل لوجهٍ واحد     يكفيك كلَّ الأوجه([66])

وفي تعبيره عن الناس بالأوجه مجاز جزئي إذ ذكر الجزء وأراد به الكل .

ومن اتخاذه المجاز المرسل لتصوير كرم ممدوحه قوله :

إني عُرِفتُ به فالشام تحسُدني    وكلُ ذي نعمةٍ في الناس محسود

أسدى إلي يدا أحياؤُنا شكرت     صنيعَها ، وأبٌ في اللحد ملحود([67])

ففي قوله ( الشام تحسدني ) مجاز مرسل علاقته محلية فقد ذكر الشام وأراد أهلها ، وفي قوله (أسدى إلي يدا ) أراد معروفا والعلاقة سببية لأن اليد سبب العطاء

وهذا المجاز المرسل أضفى على الأبيات جمالا وإيضاحا .

ومن المجاز العقلي ما نسب به الشر إلى الدهر وأراد به أهله:

آهٍ على زمن الشبا    ب وظلِّه ذاك الظليل

تباً لدهرٍ أحوج الـ  ـحر العزيزَ على الذليل([68])

د- الكناية

وهي أداة تعبير وتصوير ، وتنقسم من حيث المكنى عنه إلى كناية عن صفة وموصوف ونسبة ، ويعد الرمز من الكناية أيضا :

فمن الكناية عن الصفة قول منجك معبرا عن يأسه وقد كنى عنه باستحالة طلب الحليب من الرخم :

وما خفيَتْ علي الناسُ حتى     أروم اليومَ من رخَم حليبا([69])

واستخدم الشاعر الكناية عن الصفة للدلالة على كرم قومه إذ يقول :

دار إذا ضل عنها الضيفُ ترشده      من المواقدِ فيها الند والعود

لاأوحش الله من قوم صغيرُهم    من أكبر الناس بالإحسان معدود([70])

فرائحة الند والعود تشير إلى وجود أناس يستضيفون ، وهذا كناية عن الكرم الشديد لأن المألوف أن يوقد الحطب ليرى القادم النار لاالند والعود .

وهذه كناية أراد الشاعر منها التعبير عن الوعد غير المنفذ لبخل أهله :

غررتُ بأقوام وعودُهم هبا    تمرُّ جَهاما واسمها عندهم سُحْبُ

يلبُّون بالدعوى  لطالب سيبِهم     ولو شاهدوا فلسا على الأرض لانكبوا([71])

فقد كنى عن الوعد الكاذب بمروره سريعا وبدعوى العطاء .

وقد يعبر الشاعر عن طريق الكناية عن الموصوف فإبليس ، وكنى عنه بالمطرود ، لو شاهد سطوة السلطان إبراهيم في صلب آدم لامتثل للأمر ، يقول في ذلك :

قد جهز السفْنَ التي لو صادمتْ     رضوى بأيسرِ لمحة لتهدما

لو شاهد المطرودُ سطوةَ بأسه      في صُلْبِ آدمَ للسجود تقدما([72])

وكنى عن الحمام بابن الأيكة في قوله :

وروضةُ أنس بات فيها ابنُ أيكة     يغردُ والنادي الرخيمُ يشنف

وقد ضمَّنا من الليل سابغاً      رداءٌ بأكناف السحابِ مسجف([73])

والكناية عن نسبة إحدى الوسائل التعبيرية الجميلة التي لجأ الشاعر إليها في حديثه عن قومه ، فقد نسب عظمتهم إلى الخيمة لا إليهم مباشرة كما في قوله :

المالئون قلوبَ أهلِ زمانِهم     حبا وأكنافُ الرجا بغَناء

والضاربون خيامَ سؤدُدِهم على    هامِ السِّماك ومفرقِ الجوزاء([74])

وصور الشاعر من خلال الكناية عن النسبة فصاحة أحد العلماء إذ نسب الصفة إلى ماضمته ثيابه بقوله :

لو أن قَسّاً رأى ماضم أبردُه     من الفصاحةِ إجلالاً لوقَّره

يهدي إليك ثمار الفضل يانعة     من كل سطر بروض الطرس حرره([75])

والرمز من الكناية  ومنه أن يشار إلى الظالم بفرعون وإلى الكريم بحاتم وإلى الفاسق بطويس وقد ذكره الشاعر في قصيدة أرسلت إلى غير مستحقها وكانت لاتعرف تسترا ولا حجابا ، وقد جاءت على لسان فتاة حاورها الشاعر:

فقلت إلى أي المناحيس تنتمي     فقالت طويسٌ كان زوجي بلا عقد

فقلت اذهبي أيان شئت ذميمةً     وراجعةً من غير إرث ولا نقد([76])

وقد يكون النص رمزيا([77]) يراد منه التعبير عن حالة ما ، فالشراع والملاح والسفينة، والسحب تهطل، والرعود والصواعق والبرق والسيف كلها إشارات إلى نفسية الشاعر المتشائم الذي يعاني من حياته الغربة والفقر والأحزان ، يقول :

ذهب الشراعُ وضلت المُلاحُ     في جنح ليل مالذاك صباح

وسفينتي لم يبقَ فيها قطعةٌ     إلا ومزقَها بِلًى ورياح

والسحبُ تهطلُ والرعودُ صواعقٌ      والبرقُ سيفٌ فاتكٌ سفاح

وجهت وجهي نحو بابك راجيا    إذ سُدَّت الأبوابُ يافتاح([78])

وإن دراسة الصورة الرمزية عند ابن منجك تذكرنا بالشعر الرومانسي وقد سبق الشاعر العثماني الرومانسيين في هذا التعبير الرمزي عن الأحزان والنكبات . 

2- أنواع الصورة من حيث تناسب الطرفين :

تنبه حازم القرطاجني إلى فاعلية التخيل الشعري القائم على نوع من التناسب بين العناصر المشكلة لبنية العمل الفني من مسموعات ومفهومات، وأن القصيدة إنما هي مجموعات من الصور المنتظمة في بنية إيقاعية ذات محتوى ينفعل المتلقي لتخيلها وتصورها([79]) ، كما تنسجم والحركة النفسية والوجدانية للشاعر، ولذلك فإنها تبدو من حيث طرفاها إما متوافقة الطرفين أو متخالفة ، وقد يكون التخالف مبنيا على مفارقة الضد أو الازدواج ، وأعني به نظرة المؤلف إلى الحياة بشكل يخالف المعهود([80]) ، أو على مفارقة الصور التقابلية التي تعرض حالين متخالفين للشاعر كما في حديث منجك عن ماضيه السعيد وحاضره البائس :

أ-الصور ذات الشكل المتوافق، ومنها قوله :

عسى يوما يُراش جناحُ حظي     فأغدو قاصدا شهما وهوبا

عزيزا مستفادا من عزيز     كورد أكسب الأيام طيبا([81])

فالشاعر ينظر إلى ممدوحه نظرة إيجابية ، ويصوره عزيزا وابن أعزة، ويأتي بصورة توافق هذا المقام إذ تتكون من الورد الذي يعطر الزمان بروائحه .

ويحلو للشاعر أن يقضي ليلة سعيدة في روضة جوها ربيعي معتدل، ويهب فيه النسيم العليل على الشجر الأخضر النضير ، وكانت ظلاله تلقى على أرض نقي ترابها، يقول واصفا هذا الجو وجلسته الممتعة فيه : 

والجو راقَ كأنما     صقلَتْهُ أنفاسُ النسيم

في روضة نسجتْ بها     أيدي الصبا حبَر الجَميم([82])

كم ليلةٍ قضَّيْتُها     في ظلِّها الصافي الأديم([83])

ومن الصور المتوافقة ماصور به أحزانه ولاسيما تلك التي تحدث بها عن أمه ، فهو يتذكرها عند سماع هديل الحمائم فيروح يناجيها ويذكر منزله الذي كان يجمع شملهما، وأمه التي تفطر كبدها عليه حزنا وأسى :

وأقول إذ هتفت بنا     ورقا شجاها ماشجاني

ياورقُ ماهذا النوا     ح فبعض ماعندي كفاني

غادرتُ بين الغوطتيـ   ـن بمنزلي السامي المكان

أماً لها كبِدٌ علي   -  مُذابةٌ مما دهاني

فالشاعر حزين، والحمائم تبكي، والأم يذوب كبدها، وفي هذا توافق بين أحوال الثلاثة .

ب- الصور ذات الشكل المخالف : ومنها قوله يتحدث عن الأعداء فهم زهر يقطف بحد السيف :

قسماً بابتهاجِ وجهكَ في الحر    ب وبيض الظبا إذا النقع جنا

مانفوسُ العداة عندكَ إلا     زهراتٌ بحد سيفِك تجنى([84])

وتبدو الصورة للوهلة الأولى متخالفة الطرفين ففرق كبير بين العدو والحروب والرماح والزهور وقطفها ، ولكن الشاعر أراد من ذكر الزهور مع السيف الفاتك التعبير عن فرحته لانتصار السلطان .

والبسمة لاتجتمع مع الدموع، ولكن الشاعر عقد منهما صورة تحدثت عن صفات ممدوحه، فالرياض التي سكب عليها المطر (في بكاء السماء) غدت نضرة معطاء للخيرات وهذه على كثرة خيراتها ليست بأكرم من هذا الممدوح :

مارياضٌ أغضُّ في زمن اللهـ     ـو وأندى من خد ذات الخال

باسماتٌ تبكي السماءُ عليهن  _  بدمع الإمراعِ والإقبال

بشبيهاتِ لمحةٍ من سجايا    ه المنيراتُ في سماء المعالي([85])

والتعزية مجالها غير مجال الغزل وصوره، ولذلك أرى في قول الشاعر:

عشْ عزيزا كما تريد حميدا      ومُعَزّى بغصن روضِ السعود

كان فينا كالروح للجسم أو كالـ   سحر في أعين المِلاح الغِيد([86])

تنافرا غير مقبول لأنه جاء في مجال التأبين، والمقام لايناسبه الحديث عن أعين الملاح .

ج- صور المفارقات : وتكون بالتضاد أو بالصور التقابلية أوبصور مفارقة الازدواج :

1ً- مفارقة الأضداد : وذلك في الحديث عن يأسه من مساعدات الناس له :

وما أمَّلْتُ في أهلي نصيرا     فكيف الآن أطلبُه غريبا

وأقصدُ أن يعيدَ ُروا شبابي     زمانٌ غادر الولدانَ شيبا

وما خفيتْ علي الناس حتى    أرومُ اليوم من رخَم حليبا

إذا طنَّ الذبابُ خشيت منه     لفقدِ مساعدٍ يُلْفى مجيبا([87])

فالشاعر عقد صور مفارقات بين مساعدات الأهل والآخرين، ثم بين الزمان المعين له والقاسي ، وبين سماع صوت الذباب الذي بات يخيفه على الرغم من أنه أضعف المخلوقات، وذلك لأنه تعود ألا يرى من يقف معه في محنته .

2ً- مفارقة الازدواج : فالمعهود أن المرء يفرح في الأعياد، ولكن شاعرنا يرى العيد في غربته أيام حزن وكرب :

نوروزُ لاكنتَ قلبي فيك مكروبُ     الشمسُ طالعةٌ والبدر محجوب

أرى الحسانَ ومالي بينهم حسَنٌ    ماكل مانظرتْه العين محبوب

صفر الفؤاد من الأفراح ممتلئ    بالحزن قلبي وفيض الدمع مسكوب([88])

والذل ذميم ولكن الشاعر رآه مقبولا في الغزل :

أنا منه راضٍ بالصدود لأنني     أجد الهوانَ لدى الهوى مستعذبا([89])

3ً- الصور التقابلية : ومنها حديث الشاعر عن الغنى والفقر في سياق واحد لاعلى سبيل المقابلة وإنما لعرض حالين عاشهما الشاعر :

معاهدُ كم جنيت العيشَ غضا     بها زمنا ولم أعهد بجان

أروح بها أجر الذيلَ تِيْها     وأسقي الراحَ من راح التهاني

فغالطني الزمانُ وقال كهل     وأيام الصبا في العنفوان

أقبل الأربعينَ أصيب شيبا   فما عُذْرُ المشيب وقد دهاني

طوت أيدي الحوادث بسطَ لهوي     وألوَتْ عن عواطفه عناني([90])

فالشاعر عرض صورا لحالين عاشهما كان في الأولى يجر الذيل تيها وهو في هناءة العيش وكان صباه في عنفوانه ، ثم انقلب الدهر عليه فأصابه الشيب قبل الأربعين   وطوى بساط لهوه .

رابعا : مظاهر الصورة :

الصور عند منجك في كثير من شعره، ولاسيما في مقطعاته الشعرية التي كثرت في ديوانه كثرة ملحوظة ، شكلية توائم ذوق العصر ، وتتزاحم فيه وتميل إلى الحسية ، وكان شعراء العصر يتبارون للإتيان بمعنى أو صورة جديدة في مقطوعة موجزة([91])، لكن الشاعر كان في حديثه عن ذاته وما نكبه به دهره يعبر عن مأساته من خلال الصورة فتكون هذه وسيلة تشارك في بناء القصيدة وتبرز العاطفة من خلالها في جلية ،ولذلك نستطيع أن نقول إن الصورة عنده تبدو في شكلين هما الصورة النامية والأخرى التقليدية :

1- الصورة النامية

فالشاعر في مدحة له يقول :

فانظرْ إليَّ برأفةٍ بل رحمةٍ     أنجو بها قد مسَّني الإهلاكُ

قد كادني الزمنُ الخؤونُ وإن لي     حظا كسيحا ليس فيه حراك

إني أنا البازِيُّ قُصَّ جناحُه     فعسى يُراشُ ويعتريه فكاك

إني أنا الذهب الذي قد شابه     كدرُ الرغام يزيلُه الحكاك

أشكو إليك معاشرا قد نقّصوا     في زعمِهم قدري إذا ليحاكوا([92])

بذروا لنا حَبَّ الوعود ودونه     نصبَتْ لنا من خلفِهم أشراك

وتوازعوا مابينهم أوقافَنا     حتى كأن جميعَهم أملاك

مامنهم إلا فتى مُتَمَشْدِقٌ     متعاظمٌ في نفسه علاك

سمْجٌ بإحدى راحتيه رشوةٌ     فرِحٌ بها وبأختِها المسواك([93])

هذه الصور المتعددة تحمل هموم الشاعر ومشاعره، وتعكس مدى الصراع الذي يعاني منه فتعمق إحساسنا بالمشكلة ، فالشاعر يرى(الزمان يخونه) ويجعله ( كسيحا لاقدرة له على الحراك)فكأنه( الصقر الذي قص جناحه ) و(الذهب المشوب بالتراب)، والناس( يبذرون حب الوعود ) وهم ( ينصبون شراكهم ضده )، وهم ثرثارون غليظو القلوب ومع ذلك يدعون التزام السنة النبوية بالتزام (السواك)،وقد جاءت هذه الصور في نص متماسك،ولم يك جمال التصوير ناجما من كثرة التشابيه أوالاستعارات أوتكلف الصورة، وإنما من قدرتها على الكشف عن نفسية الشاعر وأحاسيسه ، و" مقدار نجاح الخيال في التعبير عن العواطف في صدق وقوة وجمال، ولاتظهر هذه القوة إلا من خلال التأثير في نفوس المتذوقين([94]) " .    

وهاهو الشاعر في قصيدة أخرى يرثي فيها حاله وما آل إليه وضعه في بلاد الروم ، وقد اتخذ من الصورة وسيلة لإثارة انفعال القارئ ، وعندما يقرأ المتلقي هذا النص لايهتم بالفكرة قدر اهتمامه بالعاطفة المثارة لأن الفن في الدرجة الأولى عملية إبداعية تعبر عن المشاعر عن طريق الصورة فتكشف بذلك عن المعنى العميق للحياة .

لقد كان جود الشاعر سببا فيما حل به من رزء أليم، ولذلك رأى أن العزلة دواؤه وقال :

غريبٌ وإني في العشيرة والأهل      أرى الخصبَ ممنوعَ الجوانب من محل

وإني لقد جربت دهري وأهلَه     لعمري حتى صرتُ أنفر من ظلي

ونازلتُ للأيام كل كريهةٍ      شدائدُها الجُلَّى تعَجَّبُ من حملي

بُلِيْتُ بأقوام إذا مااختبرتُهم     أفضلّ مشيِيْ حافيَ الرِّجل عن نعلي

وما كنت أدري أن ليثَ عرينِه     يخاف ويخشى البطشَ من أضعف النمل

وما كان يدنو الفقرُ مني لوَ انني     رضيْتُ كما ترضى الأسافلُ بالبخل

تصول علينا يازمان محاربا    كأنك من قتل الأماجد في حل([95])

ففي هذه المدحة نرى صورا متعددة تكشف عن مشاعر الشاعر وآلامه ونظرته إلى الحياة من خلال نكبته، وبذلك تؤدي إلى تنمية القصيدة وتعميق فكرتها وعواطفها،لقد(جرب دهره ) حتى ( نفر من ظله )،و(نازل المكاره) حتى بات (يفضل المشي حافيا) عن الاستعانة بالآخرين، والليث، ورمز به إلى نفسه، (صار يخاف من النمل) و(الفقر يدنو) و(الزمان يحارب ) ... " وما هذه الصور أوالفن إلا لغة انفعالية لاتتوسل بالكلمة المباشرة وإنما بوحدة تركيبية هي الصورة ، والشاعر يستعين بها لأن لها قدرة فنية وانفعالية تجعل الصخور تنطق والكائنات تغني وتنشد([96]) " .

2- الصور التقليدية غير النامية :

وهذه لابد منها في عصر الشاعر الذي يعجب بالصورة بقدر ما فيها من وصف وزخرف، حتى أن كتاب تراجم العصر تركوا قصائده التي تتمتع بالوحدة العضوية وتشارك الصورة فيها في بناء القصيدة ونقلوا له صورا هي في ميزان النقد الحديث عامل تقهقر لا سبق، حتى إني كدت أحجم عن دراسة الصورة لدى الشاعر قبل عثوري على ديوانه .

وهذه الصور التقليدية بدت في مظاهر شتى هي :

أ‌-     الصور الذهنية :

وهذه كانت في أعصرها الأولى تنم عن إحساس وتنطق عن سجية ، ولكن مرور الزمن جعلها معادة مكررة كما في تصويره للرسول صلى الله عليه وسلم إذ جاءت الصور معهودة معروفة تتحدث عن معجزاته وشفاعته كما تحدث من سبقه :

مالي سواكَ رسولَ الله أقصدُه     ومن جنابك في الدارين ملتمسي

أنت الذي حاز راياتِ العلى وعلا

متنَ البُراق إلى السبع الطِّباق علا

ماخاب قاصدُك الراجي ولا خجلا([97])

وبعض هذه الصور خلقت كما يخلق الثوب من كثرة الاستعمال ،فالمرأة بدر وشمس ، وشعرها فاحم ، وقوامها لدن رطيب ... والممدوح بطل ضرغام ... والعالم فصيح تقي ... 

وقد بدا هذا عند الشاعر منجك في مديحه للسلطان إبراهيم حينما فتح جزيرة كريت  ، إذ استحضر صورا له مقتبسة من النابغة الذبياني ومن بشار بن برد ومن أبي تمام  فقال :

ملك من الإيمانِ جرد صارما       بالحق حتى الكفرُ أصبح مسلما

قد جهز السفن التي لو صادمَتْ     رضوى بأيسر لمحة لتهدما

وتلهَّب البحرُ الخضم مهابةً     منه فظنَّتْهُ كريتُ جهنما

يذر الدجى بالبشر صبحا مشرقا     والصبحَ بالإرهاب ليلا مظلما

عقد النثارَ على العداة سحائبا      لولا الحيا لسقى السما منها دما

ودعت ظُباه الطيرَ حتى إنه     قد كاد يسقط فرحةً نسرُ السما

لو يرتضي حمل السهام لغارة    لرأيته اتخذ الكواكب أسهما([98])

فصورة الظلام وتحوله إلى نهار مشرق وتحول الصبح إلى ظلام كانت من إبداع أبي تمام في قصيدته في حريق عمورية([99]) ، وصورة الغبار المنعقد في السماء والسيوف تلتمع في وسطه مشهورة لبشار بن برد([100]) ، وصورة الطيور المحلقة فوق جيش الممدوح مقتبسة من النابغة الذبياني([101])  

وهذا تصوير لعالم عادل قمع البغي والظلم وكان بليغا، وفصاحته لقوتها تشفي من مرض الجهل :

أقضى قضاة المسلمين وقامعُ الـ    قوم البُغاة بصارمِ الإنصاف

كشَّافُ أسرارِ البلاغة من غدا    للناس من داء الجهالة شاف([102])

وهذه الصور المتكررة لاتبهج النفس قدر ما تبهج العين والفكر ، إنها لاتتغلغل في النفوس ولا يجاوز أثرها الأذن ، وفرق بين صورة واصفة وصورة معبرة مثيرة .

ب – الصورة النمطية

وهذه تصلح لكل ممدوح أو حبيب إذ لايميز بين واحد وآخر ، فالمرأة مثلا بدر محتجب ونظرتها سيف مغمد ، وقوامها رشيق كالغصن ، ومن يحبها يتعب من صدها ونفورها:

ياحبذا شادنٌ في ثغره ضربٌ     ومن محياه بدرُ التَّمِّ يحتجب

ومن لواحظِه الأسيافُ مغمدةٌ     ومن معاطفِه الأغصانُ تضطرب

نائي الديارِ بعيدُ الوصل محتجبٌ    وقلبُ عاشقِه بالصد مُكتئبُ([103])

ج- الصور حسية :

ولذلك فهي تتوجه إلى الحواس الخمس ، وفي بعضها جمال ورواء وفي أخرى تكلف باد للعيان :

ولا يخفى أن معظم الصور بصرية يريد الشاعر منها العرض الجميل لاالتعبير عن الإحساس الصادق والغوص في الأعماق ، من ذلك قوله يصور الحديث جمانا ، والماء يتحرك كحسام مجرد أو أيم مذعورة :

سقى الله يومَ القصر إذ كان بيننا     حديثٌ كمُرءفَضِّ الجمان المنضد

بروض يجول الماء تحت ظلاله     كأيْمٍ مَروعٍ أو حسام مجرد([104])

وقد استعان الشاعر بالصور السمعية أكثر من خمس عشرة مرة كقوله :

قد كنت لاأخشى الأسودَ مهابةً    والآن من طنِّ الذبابةِ أفرق([105])

وقوله يعبر عن ضيقه من الغربة :

أشكو النوى فيرقُّ الصخرُ مستمعا    لما أبثُّ وتبكي حالتي البيد([106])

ومن الصور الشمية وهي قليلة قوله في مدحة يعبر فيها عن شمائل الممدوح التي شابهت الزهور العطرة :

فما الروضة الزهراءُ يعبقُ نشرُها     بأطيبَ يوما من خلائقه ريا([107])

ومن الصور الذوقية قوله في تعزية بابن صديقه جاعلا فيها الماء الزلال ملحا أجاجا لشدة تألمه :

كل ماء لفقدِه فأجاجٌ      وسدى كل طارف وتليد([108])

ومن اللمسية وقد اتخذها للتعبير عن رقة طباع ممدوحه مشبها إياها برقة الورود في الربيع الندي :

سبحان من جمع الفراسةَ والهدى     لجنابِه السامي على النُّظَراء

وشمائلٌ رقَّتْ كما خطرت على      زهرِ الربيع بواكرُ الأنداء([109])

د- الصور تقريرية :

فالشاعر يقرر بصورته صفة ما ، وقد يبالغ أو يشطح ليؤكد الفكرة بأسلوب تقريري ، من ذلك قوله متحدثا عن الأمير فروخ وتأييد الله سبحانه له في حروبه بالملائكة ،وعن حسن قيادته العسكرية وطاعة جنوده له :

ملك جناحا خيلِه ورماحِه     يومَ الوغى من فتية وملائك

تمشي الفوارسُ تحت أمرِ ركابه     طوعَ القياد فياله من مالك([110])

وقد يبالغ في تقريره للصفة كقوله في ممدوحه :

متفرِّد في العالمين بهمة     علوية آثارُها لم تجحد

وكأنما الأفلاكُ طوعُ يمينه      كالعبد ممتثلا لأمر السيد([111])

وهذه المبالغة تنم كما قال د. نعيم اليافي عن إحساس الشاعر بعدم قدرته على التعبير عما يكنه من عواطف وانفعالات ، وأن خياله لايسعفه لتقديم صورة محملة بالأحاسيس الصادقة لذلك يلجأ إلى مسارب أخرى للتعبير وهي المبالغة([112])

ومن المبالغات غير المستحبة إذ جعل البشر سوى ممدوحه محتقرين ، قوله :

أريحي له من الشرف الصد     ر وباقي الأنام صف النعال([113])

وقد بلغت بعض مبالغاته حد التطرف الذي لايقبله شرع ولا عقل([114])

هـ الصور الوصفية 

كان الناقد في العصر العثماني يرى أن من مهمة الشاعر أن يصف الحدث أو الشيء للمتلقي وتكمن براعته في الإتيان بصورة جديدة يبث فيها الحياة بالجوامد أو يجسم أمرا معنويا([115])، حتى إن محمد أمين بن فضل الله المحبي لما وازن بين الشاعرين فتح الله بن النحاس ومنجك فضل الثاني على الأول وقال:"وأما أرجحية الأمير فمن جهة معانيه المبتكرة أو المفرغة في قالب الإجادة ، ونحن لم نطلع لفتح الله على معنى يشبه قول الأمير :

لو لم يكن راعها فكرٌ تصوَّرَها     من والِهٍ وثنَتْها مقلةُ الأمل

ماقابلتْ نصف بدر بابن ليلته     وألقتِ الزهر فوق الشمس من خجل

فهذان مما لاقدرة لمثل الفتح على طرق بابهما ، وبالجملة فهما شاعرا الزمان ، ولعمري إن زمانا جاد بهما لسخي جدا([116]) .

والصورة التي أوردها المحبي للاستدلال على تفوق المنجكي هي صورة وصفية أراد منها البرهنة على قدرة الشاعر على الإتيان بوصف جديد ، وفرق بين من يعبر ومن يرسم لوحة مزخرفة ، ولكن مفهوم الشعر غدا صناعة كما يبدو من قول المحبي : " وتعاطى صناعة النظم والنثر فأحسن فيهما([117])

ومن الصور الوصفية قوله في القرنفل :

قرنفلُنا العطري لونا كأنه      رؤوسُ العذارى ضُمخت بعبير

مداهُنَّ ياقوتٌ بأعلى زبرجد     لقد أُحْكمتْ صنعا بأمر قدير([118])

و- الصور الجمالية المزركشة :

إذا كانت الغاية من الصورة إظهار البراعة دون أن يكون لها أثر في التعبير فإن هذا سيؤدي إلى جعل الصورة للزخرفة والزركشة ، ويكثر أمثال هذه في المقطعات الشعرية لدى منجك ، من ذلك قوله :

وقارئٌ يمعن في درسه     نفسُ المحبين فدى نفسه

مُعمَّم يشبه بدرَ الدجى     مكوِّرُ الشمسِ على رأسه

غصنُ فؤادي صار روضا له     قد أبدعَ الغارسُ في غرسه([119])

ويقول ابن رشيق في أمثال هذا : " البيت إذا وقع مطبوعا في غاية الجودة ، ثم إذا وقع في معناه بيت مصنوع في نهاية الحسن ولم تؤثر فيه الكلفة ولا ظهر عليه التعمل كان المصنوع أفضلهما([120]) " .

وإذا كان النقاد يفكرون بهذا الأسلوب فإن الشعراء سينساقون وراء آرائهم ليرضوا أذواق بني عصرهم .

ز – الصور المتراكمة المكثفة :

وإذا كانت الغاية الوصف وإبراز المقدرة فإن هذا سيؤدي إلى تراكم الصور لإثبات المقدرة ، ولذلك نرى تتابع الصور بل ازدحامها في بعض شعر منجك ولا سيما في المقطعات ، من ذلك قوله :

أخوك البدرُ يافلك المعالي     ونورُ المجد ياروضَ الكمال

وراحتُك الغمامةُ وهو غيث    وأنت البحرُ وهو من اللآلي([121])

ففي هذين البيتين عشر صور وكان ثمانية منها في البيت الأول، وهذا ما أساء إلى جمالية البيت وسلاسة التعبير .

الخاتمة

مما سبق تبين أن الشاعر منجك بن محمد بن منجك كان يعكس ذوق عصره الفني في كثير من شعره لأنه يقدمه إلى من يعجب بهذا الأسلوب المزخرف المصنع ، إلا أن موهبة الشاعر أبت إلا أن تظهر حينما كان يحكي حالته النفسية ، ويعبر عن تبرمه في بلاد الاغتراب ولا سيما بعدما أخفق مسعاه فيها، إذ راح يصور مأساته بأسلوب اشتركت فيه الصورة في بناء القصيدة وعبرت عن عميق إحساسه.

وقد اهتم هذا البحث بالحديث عن طبيعة الصورة لدى منجك فتحدث عن مصادرها الدينية والتراثية الأدبية والتاريخية ،فضلا عن الطبيعة ومجالاتها الواسعة والحياة الإنسانية المتعددة الجوانب .

كما ألقى الضوء على المشاهد الكلية والجزئية على اختلاف أنواعهما بين واقعية وخيالية ووهمية ، ثم انتقل إلى الصور البلاغية وأوضح فنيتها لدى الشاعر سواء أكانت أنواعها من حيث طرفا الصورة من تشبيه واستعارة ومجاز وكناية ، أم من حيث تناسب الطرفين وفاقا واختلافا أوكان فيها مفارقات ضدية أو مفارقة ازدواج، أوكانت صورة تقابلية تعرض أحوال الشاعر الذاتية .

أما مظاهر الصورة فكان بعضها مما ينمي الفكرة ويحرك العاطفة ويعبر عن ذاتية الشاعر ، وبعضها جاء شكليا ذهنيا تقليديا ونمطيا ، وحسيا تقريريا، وقد يكون فيها مبالغة غير مستحبة، وجاء بعض الصور مزركشا ، وقد تتراكم الصور وتزدحم ليبين الشاعر من خلال ذلك قدرته على نظم الشعر والإتيان بالصور العديدة أو الجديدة ليحظى بإعجاب النقاد والقراء .

المصادر والمراجع

 

1-     أسرار البلاغة ، عبد القاهر الجرجاني، تح د. محمد عبد المنعم خفاجي و د. عبد العزيز شرف ، دار الجيل ن بيروت ط1411هـ 1991م

2-     الأسس الجمالية للإيقاع البلاغي في العصر العباسي ، د. ابتسام أحمد حمدان ،  دار القلم العربي ، حلب سوريا 1997م

3-     الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين ، خير الدين الزركلي ، دار العلم للملايين ببيروت ط 7 1986م

4-     إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء ،  محمد راغب الطباخ ، تح محمد كمال ، منشورات دار القلم العربي ، حلب سوريا ط2 س 1988م

5-     التاريخ الإسلامي ، د. محمود شاكر ، المكتب الإسلامي في بيروت ودمشق وعمان ، 1991م

6-     تطور الصورة الفنية في الشعر العربي  الحديث في مصر ، د. نعيم اليافي، اتحاد الكتاب العرب بدمشق ،  ط 1987م

7-     جماليات الأسلوب، د. فايز الداية ، الصورة الفنية في الأدب العربي ، دار الفكر المعاصر ببيروت ودار الفكر بدمشق ، ط2 س 1990م

8-     الحركة الشعرية في حلب في القرن الحادي عشر الهجري ، د. زينب بيره جكلي ،  دار الضياء ، عمان ، الأردن ، ط 2001م

9-     خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ، محمد أمين بن فضل الله المحبي ،  4 أجزاء ، المطبعة الوهبية بالقاهرة ط 1284هـ 1869م

10-  ديوان أبي فراس الحمداني رواية أبي عبد الله الحسين بن خالويه، أبو فراس الحمداني ،  دار صادر بيروت ط 1410هـ 1990م

11-  ديوان الأمير منجك باشا ، فضل الله بن محب الدين الحموي المحبي ،  تح الشيخ عبد القادر بن الشيخ عمر نبهان ، المطبعة الحنفية بدمشق 1301هـ

12-  ديوان بشار بن برد ، صلاح الدين الهواري، دار ومكتبة الهلال ببيروت ط 1998م 

13-  ديوان فتح الله بن النحاس ، د. محمد العيد الخطراوي ، مكتبة دار التراث في المدينة المنورة ط 1991م

14- ديوان المتنبي وشرحه المسمى بالتبيان في شرح الديوان ، أبو البقاء العكبري ، تح مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري  وعبد الحفيظ شلبي ، مجلدان لأربعة أجزاء ، دار المعرفة ببيروت ط 1971م

15-  سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر ، محمد خليل المرادي ،  4 أجزاء في مجلدين ، القاهرة 1306هـ تصوير بغداد 1966م

16-  شرح ديوان أبي تمام ، الخطيب التبريزي ، تح محمد راجي الأسمر ، جزءان ، دار الكتاب العربي ، بيروت ط3 س 1418هـ 1998م

17-  شرح ديوان النابغة الذبياني ، سيف الدين الكاتب وأحمد عصام الكاتب ، منشورات دار مكتبة الحياة ، بيروت ، ط 1989م .

18-شرح نقائض جرير والفرزدق ، أبو عبد الله  اليزيدي، تح د. محمد إبراهيم حور ، و د. وليد محمود خالص ، 3 أجزاء  إصدارات المجمع الثقافي في أبو ظبي ، الإمارات العربية المتحدة ط 1414هـ 1994م

19-  الصورة بين البلاغة والنقد ، د. بسام ساعي ، المنارة للطباعة والنشر 1984م .

20-  الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي ، د. جابر عصفور ،  دار المعارف بمصر ط 1973م

21-  الصورة الفنية في شعر أبي تمام ، د. عبد القادر الرباعي ، جامعة اليرموك ،إربد ، الأردن ط1400هـ 1980م

22-  الصورة الفنية في النقد الشعري ، د. عبد القادر الرباعي ،  دراسة في النظرية والتطبيق ، دار العلوم للطباعة والنشر ، الرياض 1984م

23-  العقود الدرية في الدواوين الحلبية ، محمد راغب الطباخ ، المطبعة العلمية ، حلب سوريا 1347هـ

24-  علماء دمشق وأعيانها في القرن الحادي عشر الهجري ، د. محمد مطيع الحافظ ، ود . نزار أباظة ، جزءان ، دار الفكر المعاصر ببيروت ، دار الفكر بدمشق ط2000م

25-  علوم البلاغة البيان والمعاني والبديع ، د. أحمد مصطفى المراغي ، دار الكتب العلمية ببيروت ط2 1986م

26-  العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده ، الحسن بن أحمد المعروف بابن رشيق القيرواني ،  تح محمد محيي الدين عبد الحميد ، دار الجيل ببيروت ط 1401هـ 1981م

27-  في النقد الأدبي ، د . سعد ظلام ،  مطبعة السعادة ط 1975م

28-  لسان العرب ، جمال الدين محمد بن مكرم المعروف بابن منظور ، دار صادر ببيروت 1997م

29- لطف السمر وقطف الثمر في تراجم أعيان الطبقة الأولى من القرن الحادي عشر ، نجم الدين الغزي ، تح محمود الشيخ ، جزءان ، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد ط 1981م .

30-مدخل إلى دراسة المدارس الأدبية في الشعر العربي المعاصر ، الاتباعية ، الرومانسية ، الواقعية ، الرمزية ، د. نسيب نشاوي ، مطابع ألف باء  الأديب بدمشق ، سوريا ط 1400هـ 1980م

31-  نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة ،محمد أمين بن فضل الله المحبي ، تح محمد عبد الفتاح محمد الحلو ، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه ، القاهرة 1967-1969م

 

([1] )السلطان إبراهيم بن السلطان أحمد ( 1024-1058هـ) تولى الخلافة بعد موت السلطان مراد الرابع في 1049هـ وفتح جزيرة كريت ، قتل على يد الانكشارية : التاريخ الإسلامي ، د. محمود شاكر ، المكتب الإسلامي في بيروت ودمشق وعمان ط3 س 1411هـ 1991م  ج8 / 135

([2] )فضل الله بن محب الدين المحبي (1031-1082هـ)شاعر من دمشق وهو والد مؤلف خلاصة الأثر:خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر ، محمد أمين بن فضل الله المحبي،المطبعة الوهبية بالقاهرة ط 1284هـ 1869م  3/ 277 و4/413

([3] ) تنظر ترجمة الشاعر منجك  في خلاصة الأثر 4 / 409-423 ، و علماء دمشق وأعيانها في القرن الحادي عشر الهجري ، د. محمد مطيع الحافظ ، و د. نزار أباظة ، جزءان ، دار الفكر المعاصر ببيروت ، دار الفكر بدمشق ط2000م ج1 ص 352-353

([4] ) علماء دمشق وأعيانها في القرن الحادي عشر الهجري ج2/130

([5] ) فتح الله بن النحاس ( 1052هـ )  شاعر من حلب استقر في أواخر عمره في المدينة المنورة وتوفي فيها ، له ديوان مطبوع : العقود الدرية في الدواوين الحلبية ، محمد راغب الطباخ ، المطبعة العلمية ، حلب سوريا 1347هـ  ص22 ، و  ديوان فتح الله بن النحاس ، محمد العيد الخطراوي، مكتبة دار التراث في المدينة المنورة ط 1991م ص7

([6] ) ديوان فتح الله بن النحاس ص 199 ، وله فيه قصيدة أخرى ص 109 

([7] ) محمد أمين بن فضل الله المحبي(ت 111هـ ) شاعر من دمشق له مؤلفات منها خلاصة الأثر ونفحةالريحانة:  سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر ، محمد خليل المرادي، 4 أجزاء في مجلدين ، القاهرة 1306هـ تصوير بغداد 1966م 4/86

([8] ) خلاصة الأثر 4/ 409

([9] ) نفسه 258

([10] ) ديوان الأمير منجك باشا ، فضل الله بن محب الدين الحموي المحبي ، تح الشيخ عبد القادر بن الشيخ عمر نبهان ، المطبعة الحنفية بدمشق 1301هـ / 25 

([11] ) ديوان الأمير منجك /  139

([12] ) نفسه / 141

([13] ) ديوان الأمير منجك / 9 ، وينظر لحديثه عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن سلمان الفارسي في الديوان ص 36

([14] )  نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة ، محمد أمين بن فضل الله المحبي ، تح محمد عبد الفتاح محمد الحلو ، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه ، القاهرة 1967-1969م، ج 1/ 157 ، وينظر لروميات أبي فراس التي تحدث فيها عن أمه في : ، ديوان أبي فراس الحمداني، أبو عبد الله الحسين المعروف بخالويه ، دار صادر ، بيروت ، ط1410هـ 1990م ص 241 .

([15] ) علماء دمشق وأعيانها في القرن الحادي عشر الهجري 2/ 368 ، وينظر لقول الفرزدق :

إن الذي سمك السماء بنى لنا     بيتا دعائمه أعز وأطول

في : شرح نقائض جرير والفرزدق ، أبو عبد الله اليزيدي،  تح د. محمد إبراهيم حور ، و د. وليد محمود خالص ، 3 أجزاء  إصدارات المجمع الثقافي في أبو ظبي ، الإمارات العربية المتحدة ط 1414هـ 1994م ج 1 ص 354 ، كما ينظر لتأثره بالمتنبي في قصيدته الدالية في كافور : ديوان الأمير منجك /  13 ، ودالية المتنبي في : ديوان المتنبي وشرحه المسمى بالتبيان في شرح الديوان أبو البقاء العكبري،تح د. عمر فاروق الطباع،مجلدان لأربعة أجزاء ، بيروت 1418هـ 1997م  ج1/ 382

([16] ) ينظر تصريحه أنه لم يشرب خمرا في نفحة الريحانة  1/ 153 ، ينظر مثال  وصف الخمرة  في  ديوان الأمير / 81

([17] ) ظلام ، سعد ، في النقد الأدبي ، مطبعة السعادة ط 1975م ص 217

( [18] ) ديوان الأمير منجك / 149

([19] ) محمد بن الحسن الكواكبي شاعر من حلب ( ت 1096هـ ) : خلاصة الأثر 3 / 427

([20] ) ديوان الأمير / 54 ، وينظر مثله في ص 40 و 136

([21] ) نفسه / 133

([22] ) نفسه / 53

([23] ) نفسه / 10

([24] ) نفسه / 26

([25] ) نفسه / 111

([26] ) نفسه / 135

([27] ) نفسه / 53

([28] ) أسرار البلاغة ، عبد القاهر الجرجاني،  تح د. محمد عبد المنعم خفاجي و د. عبد العزيز شرف ، دار الجيل ، بيروت ط1411هـ 1991م  ص160

([29] ) الأسس الجمالية للإيقاع البلاغي في العصر العباسي ، ابتسام أحمد حمدان ،  دار القلم العربي ، حلب سوريا 1997م / 256

([30] ) الديوان / 50-51

([31] ) الديوان / 45

([32] ) موسى الرام حمداني شاعر من حلب ( 1004- 1089 هـ ) خلاصة الأثر 4 / 435 ، و إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء ، محمد راغب الطباخ ، تح محمد كمال ، منشورات دار القلم العربي ، حلب سوريا ط2 س 1988مج 6 / 337

([33] ) ديوان الأمير / 66- 67

([34] ) طويس وصف امرأة أمام الرسول صلى الله عليه وسلم لرجل جاء خاطبا فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم لقد دققت النظر يالعين ونفاه إلى المدينة فسمي طويس الفاسق

([35] ) في كتاب الحركة الشعرية في القرن الحادي عشر الهجري. د . زينب بيره جكلي ،دار الضياء ، عمان ، الأردن،  2001م ،  دراسة للشاعر الرام حمداني مضمونا وشكلا متناثرة فيه ، وتظهر انحرافه في معانيه انحرافا غير مستحسن  وإن كانت موسيقاه الشعرية عذبة ، ينظر الكتاب ص   80-81 و208  و305-306 و 407  

([36] ) الديوان / 64

([37] ) فخر الدين المعني الثاني من دروز لبنان ، ولي إمارة الشوف وصيدا وصفد حارب الدولة العثمانية وقتل 1043هـ :لطف السمر وقطف الثمر في تراجم أعيان الطبقة الأولى من القرن الحادي عشر، نجم الدين الغزي ، تح محمود الشيخ،جزءان ، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد ، ط 1981م 1/ 107 

([38] ) ديوان الأمير / 56 - 57

([39] ) الديوان / 85

([40] ) اليافي ، نعيم ، تطور الصورة الفنية في الشعر العربي  الحديث في مصر ، اتحاد الكتاب العرب بدمشق ،  ط 1987م / 50

([41] ) خلاصة الأثر 4 / 43 ، وعلماء دمشق وأعيانها في القرن الحادي عشر الهجري ج 2 ص 354

([42] ) التشبيه المفروق هو أن يأتي الشاعر بمشبه ومشبه به ، ثم بمشبه ومشبه به آخر وهكذا : المراغي ، أحمد مصطفى ، علوم البلاغة البيان والمعاني والبديع ، دار الكتب العلمية ببيروت ط2 1986م ص 200

([43] ) التشبيه الجمع هو أن يأتي الشاعر بمشبه ثم بعدة مشبهات به له : علوم البلاغة / 201

([44] ) ديوان الأمير / 25

([45] ) نفسه / 107

([46] ) الصورة المرشحة هي التي تقترن بما يلائم المشبه به : علوم البلاغة / 256

([47] ) الديوان / 108

([48] ) نفسه / 118

([49] ) نفسه / 70

([50] ) التفريغ هو أن يصدر الشاعر كلامه باسم منفي بـ ( ما ) خاصة ثم يصف الاسم المنفي الذي هو المشبه به بما يوضحه ، ثم يخبر عنه بأفعل التفضيل ومعه المشبه ، ويربط هذه الصورة المركبة بالنص العام ليعبر من خلاله عن التجربة الشعورية ، وقد عده د. فايز الداية من الصور البيانية ، ينظر كتابه جماليات الأسلوب ، الصورة الفنية في الأدب العربي ، دار الفكر المعاصر ببيروت ودار الفكر بدمشق ، ط2 س 1990م ص 100

([51] ) الديوان / 43

([52] ) نفسه

([53] ) علماء دمشق وأعيانها في القرن الحادي عشر  2 / 365

([54] ) الديوان / 7

[55] ) نفسه / 110

([56] ) نفسه / 37

([57] ) الديوان / 72

([58] ) خلاصة الأثر / 417 ، وعلماء دمشق في القرن الحادي عشر الهجري 2/459

([59] ) الديوان / 33

([60] ) الديوان / 122

([61] ) الديوان / 43

([62] ) نفسه / 104

([63] ) علماء دمشق وأعيانها في القرن الحادي عشر 2 / 371

([64] ) الديوان / 43

([65] )  خلاصة الأثر  4/ 110

([66] ) سلك الدرر 4 / 44

([67] ) الديوان / 14

([68] ) نفسه 67 م ومثله في ص 68 و 110

([69] ) خلاصة 4 / 5 ، وعلماء دمشق في القرن الحادي عشر الهجري 2/ 133

([70] ) الديوان / 13

([71] ) خلاصة 4 / 412

([72] ) الديوان / 9

([73] ) سلك الدرر 1 / 24

([74] ) علماء دمشق وأعيانها في القرن الحادي عشر 2 / 368

([75] ) الديوان  / 56

([76] ) الديوان / 67

([77] ) تنظر أنواع الرمز في :مدخل إلى دراسة المدارس الأدبية في الشعر العربي المعاصر ، الاتباعية ، الرومانسية ، الواقعية ، الرمزية ، د. نسيب نشاوي ، مطابع ألف باء  الأديب بدمشق ، سوريا ط 1400هـ 1980م / 460-471 ، ص 460

([78] ) الديوان / 114

([79] ) الأسس الجمالية للإيقاع البلاغي /

([80] ) الرباعي ، عبد القادر ، الصورة الفنية في شعر أبي تمام ، جامعة اليرموك ،إربد ، الأردن ط1400هـ 1980م 

([81] ) خلاصة الأثر 4 / 5

([82] ) الجميم : مجتمع النبات : لسان العرب مادة جم  

([83] ) نفحة الريحانة 1 / 103

([84] ) الديوان / 34

([85] ) الديوان / 34

([86] ) نفسه 114

([87] ) خلاصة الأثر 4 / 4-5

([88] ) نفحة الريحانة 1 / 139

([89] ) الديوان / 31

([90] ) الديوان / 14

([91] ) ينظر مثلا لمباريات الشعراء حول معنى ورد في مقطوعة واشترك فيها منجك : خلاصة الأثر 4/129-130

([92] ) معاشرا ممنوعة من الصرف لأنها من صيغ منتهى الجموع وعلى وزن مفاعل ، وقد نونها الشاعر للضرورة الشعرية

([93] ) ديوان الأمير / 25

([94] )  الصورة بين البلاغة والنقد ، د. بسام ساعي ، المنارة للطباعة والنشر 1984م ص 30

([95] ) الديوان / 28

([96] ) )  الصورة الفنية في النقد الشعري ، د .عبد القادر الرباعي ، دراسة في النظرية والتطبيق ، دار العلوم للطباعة والنشر ، الرياض 1984م ص 

([97] ) الديوان / 8

([98] ) الديوان / 9 - 10

([99] ) تنظر الصورة في :   شرح ديوان أبي تمام  للخطيب التبريزي ، تح محمد راجي الأسمر ، جزءان ، دار الكتاب العربي ، بيروت ط3 س 1418هـ 1998م  1/ 39

([100] ) تنظر في : ديوان بشار بن برد ، الهواري،صلاح الدين،  دار ومكتبة الهلال ببيروت ط 1998م 1/ 167

([101] ) تنظر في شرح ديوان النابغة الذبياني:سيف الدين الكاتب وأحمد عصام الكاتب، مكتبة الحياة ، بيروت ، 1989م ص 10

([102] ) شاف حقها النصب ، والشعر في ديوان الأمير / 22

([103] ) الديوان / 87

([104] ) علماء دمشق وأعيانها في القرن الحادي عشر الهجري 2 / 372

([105] ) الديوان / 111

([106] ) نفسه / 13

([107] ) نفسه / 12

([108] ) نفسه / 114

([109] ) نفحة الريحانة / 1 / 237

([110] ) خلاصة الأثر 4 / 110

([111] ) الديوان / 11

([112] ) تطور الصورة الفنية / 81

([113] ) الديوان / 34

([114] ) ينظر لمبالغاته غير المستحبة شرعا أو عرفا : الديوان / 40-61-88 -96 - 121

([115] ) عصفور،جابر،الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي،دار المعارف بمصر1973م/323

([116] ) خلاصة 3 / 258 ، ويشبهه في نفحة الريحانة 1 / 155 ، وما ذكره المرادي في سلك الدرر 1 / 34

([117] ) خلاصة الثر 1/ 278

([118] ) خلاصة الأثر 2/ 395، ومثلها في المصدر نفسه 1/ 113

([119] ) خلاصة 2 / 175

([120] ) العمدة 1 / 85

([121] ) الديوان 54 ، ومثله في ص 62

وسوم: العدد 657