أَعْجَبُ الْعَجَبِ فِي نَشْرِ الْكُتُبِ=4
خامس فهارس الدُّكْتُورِ الْمَطْبَعِيِّ الْمُفَهْرِسِ، فهرس القبائل والجماعات ذو الاثنين والأربعين شيئا، الذي كان ينبغي إذا مَسَّتْ إليه حاجة المقام، أن يقتصر على ما وقع بكلام المؤلف من أسماء القبائل المعتبرة والجماعات المنزَّلة منزلة القبائل. وإنما تمس الحاجة بأن يكون المقام للترجمة والتأريخ والرواية، لا للتفصيلات العلمية الخالصة! إن مَثَل مورد فهرس القبائل والجماعات في مقام التفصيلات العلمية العروضية، كَمَثَل مورد فهرس المصطلحات العروضية في مقام الترجمة والتأريخ والرواية! ثم كان فهرسه أعلامه السابق، جديرا بأن يغنيه عنه!
ولا يطمئن من الاثنين والأربعين شيئا في هذا الفهرس، غيرُ عشرين، إذا أَخْليناها من تكرار بعضها لبعض كالعروضيين وعلماء العروض بعد أهل العروض والنحاة بعد علماء النحو، ومن إغناء بعضها عن بعض كفصحاء العرب بعد العرب والعلماء بعد تفصيل طوائفهم- لم يبق منها غير هذه الأحد عشر فقط: "أهل البيان، أهل العروض، أهل اللغة، بنو عبد المطلب، بنو هاشم، العرب، علماء التصريف، علماء النحو، الكوفيون، المتكلمون، المحدَثون"!
أما الاثنان والعشرون شيئا فلا موضع لها في فهرسه:
إذ كيف تطمئن ["آل بغيض" و"آل ليلى"]، اللتان وقعتا في هذين البيتين مِن تَمْثيل العروضيين:
"جَزَى اللهُ عَبْسًا عَبْسَ آلِ بَغِيضٍ جَزَاءَ الْكِلَابِ الْعَاوِيَاتِ وَقَدْ فَعَلْ"،
"عَفَا مِنْ آلِ لَيْلَى السَّهْبُ فَالْأَمْلَاحُ فَالْغَمْرُ"؛
فأخذهما الدُّكْتُورُ الْمَطْبَعِيُّ الْمُفَهْرِسُ، فجعلهما في فصل الألف من فهرسه، ولا كيان معروفا لآل ليلى هذه المُعمّاة، ولا لآل بغيض أولئك المُهملِين من الاعتبار الحقيقي!
أم كيف تطمئن "أصحابنا"، التي وقعت في نقل المؤلف عن العمري: "جَمَعَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْفُضَلَاءِ الْعُيُوبَ السَّبْعَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي قَوْلِهِ:
عُيُوبُ قَوَافِي الشِّعْرِ يَا صَاحِ سَبْعَةٌ عَلَى فَهْمِ مَعْنَاهَا تَوَكَّلْ عَلَى الْكَافِي
سِنَادٌ وَإِكْفَاءٌ وَإِقْوَا إِجَازَةٌ وَخَامِسُهَا الْإِيطَا وَتَضْمِينُ إِصْرَافِ"؛
فأخذها الدُّكْتُورُ الْمَطْبَعِيُّ الْمُفَهْرِسُ، فجعلها في فصل الألف من فهرسه، وليست غير إشارة مُعمّاة إلى من كره العمريُّ تسميته، ولم يبال الخليلي بمعرفته، على وجه من التدليس لم يكفَّ عن استعماله أحدٌ مهما كان زمانه ومكانه ومجاله!
أم كيف تطمئن ["طلاب علم الشعر"، و"طلاب علم العروض"[، اللتان وقعتا في مقدمتي لا متن المؤلف، فأخذهما الدُّكْتُورُ الْمَطْبَعِيُّ الْمُفَهْرِسُ، فجعلهما في فصل الطاء من فهرسه، ولا والله ما خطر لي ببالٍ أن تزداد الجماعةُ بهما تفرقا!
أم كيف تطمئن "كُلَيْب"، التي وقعت في قول مُهَلْهِلٍ من استشهاد العروضيين:
"يَا لَبَكْرٍ أَنْشِرُوا لِي كُلَيْبًا يَا لَبَكْرٍ أَيْنَ أَيْنَ الْفِرَارُ"؛
فأخذها الدُّكْتُورُ الْمَطْبَعِيُّ الْمُفَهْرِسُ، فجعلها في فصل الكاف من فهرسه، من بعد أن جعل "بَكْرًا" في فصل الباء! إنه إذا كان من الخطأ اشتمال فهرسه من بيت الاستشهاد على "بَكْر"، إن اشتماله منه على "كليب" لغفلة واضحة؛ فـ"بكر" فيه قبيلة، و"كُلَيْب" فرد، إلا أن يَدَّعِي أنه قَبيلةٌ في فَرْدٍ، فيكون بدعواه هذه أشعر من مهلهلٍ نفسه، ورحم الله الأصمعيَّ وأبا عمرو بن العلاء كليهما جميعا!
ذاك، ولا كـ"وزارة التراث والثقافة العمانية"، التي لا ينقضي منها في فهرس القبائل والجماعات عجب القارئ: أهي من القبائل أم الجماعات! أم يطمح الدُّكْتُورُ الْمَطْبَعِيُّ الْمُفَهْرِسُ، إلى إحياء وجه معاصر من العصبية القبلية، يمكننا تسميته العصبية الوزارية، يتعصب فيه للوزارة موظفوها، ويا ما أفصحه من خطأ!
وسوم: العدد 663