الشاعر حيدر غدير وقصيدته: مع العام الجديد
ولد الشاعر الإسلامي الدكتور حيدر غدير عام 1939م، في مدينة دير الزور عاصمة الجزيرة الفراتيّة، وترعرع على ضفاف الفرات بين المروج الخضر وبحر الرمال، واتصل بفصحاء الأعراب، فكانت شاعريّته نسيج البادية والحاضرة، ومن هنا جاء شعره رقيق الكلمات، فصيح العبارة، نشأ على قيم الإسلام، والتحق بالمدارس الحكوميّة، ونال الشهادة الثانويّة عام 1959، ودفعه طموحه وحبّه للعلم لارتياد المعالي، والتوجّه إلى مصر للتزوّد من معارفها في وقت كانت جماهير المثقفين تتطلّع فيه إلى أرض الكنانة، وكانت سوريّة تمثّل الإقليم الشمالي من الجمهوريّة العربيّة المتحدة، فالتحق بكليّة الآداب، جامعة القاهرة، وتتلمذ على أساتذتها ولقي مفكّريها، عاد إلى سوريّة بعد تخرجه عام 1963م، ونال درجة الدبلوم في التربية من جامعة دمشق عام 1964م، ثمّ حنّ إلى مناهل العلم في القاهرة لإتمام دراسته العليا وحصل على درجة الماجستير في اللغة العربيّة من جامعة القاهرة عام 1990م، والدكتوراه من جامعة عين شمس عام 1994م.
عمل في ميدان التعليم الثانوي والجامعي، وعكف على التأليف والتصنيف، ونظم الشعر الإسلامي الراقي بفنيّة عالية، ودبّج المقالات الأدبيّة والنقديّة بأسلوب رشيق، وهو في شعره مسكون بالهم الإسلامي العام، لا ينفكّ عن ذكر مآسي أمته وأوجاعها ونكباتها، ولكنّه لا يعرف القنوط، فهو يتطلّع بشوق إلى أبطال الإسلام القادمين من وراء الأفق لإنقاذ مسرى النبي من الغاصبين، ويرى فيهم الأمل الذي سيتحوّل إلى حقيقة تزحم الشمس في رابعة النهار.
وهو شاعر حكيم يستلهم الحكمة ويبثّها في شعره، ولا ينفك عن ذكر الشيب الذي اتخذه صديقاً، ويحن إلى أحبّائه وإخوانه الذين خطفتهم يد المنون، على عادة الأوفياء كلّما تراخت الأيّام والليالي وتحرّكت قريحة الشعر عنده والنثر الجميل.
ومن إنتاجه القيّم: (عاشق المجد عمر أبو ريشة شاعراً وإنساناً) وديوان (من يطفئ الشمس) وديوان (غداً نأتيك يا أقصى).
وتمثل قصيدته (مع العام الجديد) نموذجاً من شعره المتألّم الشاكي الحزين، والمتشائم المتفائل معا، ففي كل بيت منها أمل بغد مشرق لأمّة كانت تقف في ذرى المجد، ورجاء بعودة حميدة إلى مجد غابر ضيّعه الجهل والعقوق.
مع العام الجديد
د. حيدر غدير
مرحباً يا عام إنا ها هنا
تسكن الآلام فينا والمنى
كلها تومي لنا إيماءة ربما كانت علينا أو لنا يومنا كالأمس حزن وأسى ليت شعري كيف نلقى غدنا أمة الإسلام والهفي لها منذ قرن وهي تجترّ العنا أدمنت أوجاعها حتى غدا شأنها فيها وفينا معلنا عادةً نقتاتها تقتاتنا تعس الذل الذي قد غالنا فحسوناه دهاقاً حنظلاً وسدرنا في متاهات الونى شاه ساقيه وحاسيه ومنْ لم يقل كلا ومن أغرى بنا بيد أنا أيها العام الذي جاءنا يعدو بما حيرنا لم يزل فينا رجاء واعد أن تواتينا وقد أفرحتنا أيها العام الذي نرنو له مثلما جاء إلينا ورنا قل لمن ظن بأنا أمة قل أوشكت تغرق في لُجِّ الفنا نحن لا نفنى فإنا أمة لم تزل جذوتها ملء الدنى إننا والناس تدري أمة هي سيف وسناء وسنا أمة بانية قد سابقت أمم الأرض جميعاً في البنا وانجلى الأمر فكانت في الذرى في يديها السبق يزهو والثنا ربِّ صُنْها رب واجعل يومها محسناً يومي لآت أحسنا واجعل العام الذي أرسلته عام نصر وسلام وهنا
وسوم: العدد 684