أستاذي محمد عادل الهاشمي رحمه الله
ودعنا بالأمس رجلا من رجالات الدعوة ، بكاه كل من عرفه وسمع عنه ، طيب الله ثراه وأجزل له المثوبة
الأستاذ الأديب الأريب محمد عادل الهاشمي رحمه الله
الذي عاش مع دعوته وقيادته هذا العمر المديد في السراء والضراء ، وفي العسر واليسر .
أستاذي الهاشمي ما هادن باطلا ولا لانت له قناة ، ولا أتكلم عن أستاذنا رحمه الله من فراغ وإنما نتيجة المعايشة والإقتراب من شخصه الكريم ، حين كنت على صلة متينة به على مدى سنوات دراستي في كلية اللغة العربية بأبها جنوب السعودية ، كنت له تلميذا وبه متأسيا ، آخذا بنصائحه وتوجيهاته في الأمور العامة والخاصة
أستاذي محمد عادل الهاشمي كان سمحا ، رفيقا بطلابه عطوفا عليهم ، رحيما بهم ، جمّ الأدب ، وافر العطاء ، عظيم التواضع ، يسألك عن أدق الأمور ، قليل الكلام كثير الصمت ، لكن إذا تكلم بزّ القائلين ، لا يعتلي المنابر ولا يكثر الخطب ، لكنه كان ( كاريزما ) بارزة ، وطلعة مهيبة ، ومسحة بادية على محياه الجميل البهي ، تلزم كل من يراه على احترامه وحبه وتقديره .
أستاذي الهاشمي يذكرني بقول المصطفى عليه السلام في امتداحه لقبيلة من قبائل العرب ( إن فيكم خلصلتان يحبهما الله ورسوله : الحلم والأناة ) فقد كان أستاذي الهاشمي يتحلى بالحلم والأناة
أستاذي الهاشمي يصدق عليه قول الحق تبارك وتعالى ( من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومابدلوا تبديلا )
حقا هم رجال لا نسبة للذكورة ولكن نسبة لأعمال اتصفوا بها :
الصدق مع ربهم ، الموفون بعهدهم ، الباذلين الروح فداء لدينهم ودعوتهم ، فاستحقوا أن يخلدوا مع الصديقين والشهداء والصالحين
هكذا كان أستاذي الذي درسني الأدب ومبادىء الدعوة ، فكم كنت أسمع في صوته أنات المعذبين ، ودموع الثكالى واليتامى ، حين تحولت دروسه إلى أحرف من نور تضيء الطريق للأجيال ، وتقدم لهم القدوة الحسنة والمثل الأعلى .
أستاذي محمد عادل الهاشمي مخلص لدينه ولدعوته مع فهم عميق ، إذ كان متجردا من كل هوى شخصي أو نظرة ذاتية ، آثر الحياة الأخرى على الدنيا الفانية ، في زمن احتل البعث وطننا ، وانتهك حرماتنا ، ونهب خيرات بلادنا
نشر الفجور والانحلال ، وعمل على السيطرة على مقاليد الأمور ، اشترى ذمم الكثيرين ، ولهث وراءه كل مفتون ،
ضرب الأخلاق في محرابها ، أخرج المرأة سافرة ، طمس هوية التعليم
في ظل هذه الظروف وقف أستاذي الأنيق المربي الفاضل محمد عادل الهاشمي يربي الجيل على معنى الإسلام قولا وعملا ، وفهم الإسلام على أنه نظام كامل يتناول مظاهر الحياة فهو : خلق وقوة ورحمة وعدالة .
وقف يربي أستاذنا الإنسان، فكان ( الإنسان في الأدب الإسلامي ) عنوان اطروحته لرسالة الدكتوراة
قدم مادة تستحق أن تدرس ، وأن تكون نبراسا تضيء للعاملين للإسلام الطريق في كيفية إدارة الأزمات
فكان الأدب الإسلامي مادة مقررة علينا نحن طلاب اللغة العربية في أبها ، ورغم ماواجهته من صعاب صبر وظفر ، ووضع الأسس التربوية بمنظور شامل ومنهجية ثابتة رحمه الله .
في المساء نلتقي في بيته يشرح لنا الأسس الدعوية ورجالاتها الذين تركوا أثرا عظيما في حياته الدعوية ، رغم الكيد لهم والمحن التي اعترضت طريقهم ، والصعاب التي واجهتهم .
كان أستاذي رحمه الله نموذجا صادقا في مدرسة حسن البنا رحمه الله ، اضطلع بمسؤولية الدعوة إلى الله في هذا العصر على هدى وبصيرة من الله ، لأن مرضاته غايته ، وسنة رسوله طريقه ، وكتابه منهجه ، والجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله أسمى أمانيه ، والجنة غايته
ربى أستاذي شباب أبها على كتاب الله وسنة رسوله عليه السلام مستعينا بسير الصحابة والتابعين ، وسير المجددين من أئمة الهدى على مر التاريخ .
كان أستاذي محمد عادل الهاشمي قائدا فذا ، بايع على العمل للإسلام سلوكا وفهما وإخلاصا ، وعملا وتضحية وجهادا ، وطاعة وثباتا وتجردا ، وأخوة وثقة .
رحم الله أستاذي الدكتور محمد عادل الهاشمي ، وجزاه المولى خير الجزاء على مابذل وقدم لأمته ودعوته .
الأخ الحبيب نضر الهاشمي
الأخ الحبيب سعد الهاشمي
أحر التعازي
وأعظم الله أجركم
ولا حول ولا قوة إلا بالله
والله أكبر ولله الحمد
وسوم: العدد 770