ثمانون عاماً مضت وانقضت..
في مثل هذا اليوم الرابع عشرَ من تموز، قبل ثمانين عاماً شمسيّاً، الذي كان يصادفُ السابعَ عشَرَ من جُمادى الأولى من عام 1357 الهجريّ، خرجْتُ إلى الدنيا، في زاوية من زوايا منزل جدّي الشيخ عيسى البيانوني رحمه الله، في جامع أبي ذرّ، في حيّ الجبيلة، في مدينة حلب الشهباء..
ثمانون عاماً مَضَتْ وانقضَتْ، بين البلدِ الحبيبِ والمهْجَر، بأيامها ولياليها، وشهورها وسنواتها، بسَرّائها وضَرّائها، بأفراحها وأتراحها، بحَسَناتها وسيّئاتها، بصحّتها وسَقَمها، بطفولتها وشبابها، بكهولتها وشيخوختها، بجِدّها وهزلها، بنجاحاتها وإخفاقاتها.. ثمانون عاماً مضت كأنها أيامٌ معدودة، ولم يبقَ منها إلاّ ذكريات..
وهأنذا أحُثّ الخُطَى إلى لقاء الله عزّ وجلّ، في الحياةِ الآخرة الباقية، لاحقاً بأحبّةٍ كثيرين سبقوني.. مُسْتشْعِراً فضْلَ اللهِ وعِنايتَه وتوفيقَه، راجياً جميلَ عفوِه وإحسانِه ومغفرته.. مستذكراً فضْلَ والدَيّ، وأساتذتي، وإخواني، وإخوتي وأخواتي، وزوجتي الحبيبة رفيقةِ الدرب.. جزاهم الله عني جميعاً كلّ خير، راجياً من الله الغفور البرّ الرحيم، أن يباركَ لي في القليلِ الباقي من العمر، ويرزقَني حُسْنَ الخاتمة، وأن يتغمّدَني برحمته التي وسِعَتْ كلّ شيء.. موقِناً بأنه سبحانه وتعالى أكرمُ من سُئل، وأجوَدُ من أعطى، وأنه هوَ أهلُ التقوى وأهلُ المغفرة، متمثّلاً هذَيْن البيْتَيْن الجَميلَيْن، لجدّي الشيخ عيسى البيانوني رحمه الله:
أكرمَ الأكرمين أنت رجائي وشفيعي إليك أكرمُ خلقك..
أأُرى بين أكرمَيْن مُضاعاً أو مُضاماً؟. حاشا الوفاءَ وحقك
مذكّراً نفسي وزوجتي، وأبنائي وبناتي، وكنّاتي وأصهاري، وأحفادي، وإخوتي وأخواتي، وإخواني وأصدقائي.. بوصيّةِ سيّدِنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: اغتنمْ خمساً قبلَ خمس: شبابَك قبلَ هرمك، وصحتَك قبلَ سَقَمك، وغناكَ قبلَ فقرك، وفراغَك قبلَ شُغْلك، وحياتَكَ قبلَ موتك.
راجياً منهم جميعاً، الدعاءَ والصفحَ والمسامحة..
إسطنبول في 14 تموز 2018 أبو أنس
علي صدر الدين البيانوني
وسوم: العدد 781