مقالة بين الشنفرى وبوعزيز
رد على قصيدة الشنفرى للأديبة الشامية دنيا العطار
د. حسن الربابعة
قسم اللغة العربية
جامعة مؤتة
الاخت الاديبة الشاعرة "دنيا العطار" سلام عليك معطر يليق بالاسم والكنية واتساع الدنيا على رحابة نفسك وخيالك وحسن اختيارك وبعد ؛فقد اخترتِ قصيدة جاهلية للشنفرى صاحب الشفة الغليظة المتدلاة كشفة البعير ، وهو الصعلوك الفقير ولكنه كان من ذؤبان العرب ، وله قصة طريفة اشبه ما تكون بقصة محمد بو عزيزي رحمه ولولا ترحمات القرضاوي عليه ما ترحمت خشية ان تذهب ترحماتي سدى ، اذ لا يجوز الانتحار كما تعلمين ايتها الاديبة التي اراك دائما مشغولة بالكتابة وانت مثقفة على كل حال، وللشنفرى قصة مشابهة لما جرى مع الشاب الجامعي محمد التونسي اذ لطمته شرطية تونسية كفا ، لذنب اقترفه لانه لا يحمل ترخيصا وهو يجول على عربة خضرة يبتغي الرزق لاسرته ولما تعذر عليه ان يصاخ الى شكواه احرق نفسه وقصته مشابهة للشنفرى الذي كان اسيرا منذ صغره عند خصمه ، فغلط يوما وطلب من ابنة اسريه ـ ظانا انها اخته ـ ان تصب على شعره المفلفل الذي ربما لم يغسل من اشهر ان تصب عليه ابريق ماء ليغسل راسه ويزيلَ ادرانه وما علق بشعره الاجعد المفلفل من أذى فقال لها صبي على راسي يا اخيه ،ولم يكن يدور بخلده انه يخاطب سيدته وابنة سيدته "ليلى "التى اكلت خبزه وشربت ماءه وتركته على قارعة الطريق يشحد ويستجدي شان ابن عمنا بو عزيز ، فلطمته كفا اطارت الشرر من عينيه وصاحت به تخاطبني ب"اخيه "ايها الارعن الهجين انت عبد عندي وندجِّنك لنقتلك "فما كان من الشنفرى الا ان زادت شفته السفلى تدليا، وسكت سكتة ذل وتحت الذل هم وغل بل نيران تتسعر ،فترك اسياده وذهب في لاميته ينشد للصحراء على ايقاع البحر الطويل واقسم ان يقتل من آسريه مائة شخص ويقال بانه اوفى بقسمه ليلة مقتله على محمل الاسطورة اذ نشبت عظمة من راس الشنفرى في رجل من رفسه فمات فابرَّ الشنفرى بقسمه ، فالبنتُ والشرطية مثيرتان للاحداث ، غير انَّ الفرق بينهما ان بوعزيز احرق نفسه فاثار خلفه موجة عارمة اطاحت ب"ليلى الطرابلسي"وكف الفتاة اشعلت الحقد في نفس الشنفرى فقتل من مصاصي دمائه مائة ،وقد تحدى في نشيد الصحراء حجارة الصوان اذا لقيت قدميه فانه سيفتتها وسيطير منها ما ينقدح من شرار او يتطاير من وقع رجليه لانه سيد الصحراء لا محالة فيقول :
اذا الامعزُ الصَّوان لاقى مناسمي تطايرَ منه قادحٌ ومفلَّلُ
وقد التقى بو عزيز مع الشنفرى بالتحدي فالشنفرى انتصر على جلافة الصحراء وحجارتها الصوانية المدببة وبو عزيز انتصر على نفسه فاحرقها وكل منهما اشعل حربا ضروسا اقتلعت ليلى كما اقتلع الشنفرى من قبل مائة من الدِّ اعدائه. وشكرا لحسن اختيارك قصيدة الشنفرى يا دنيا العطار، ولك منا التحايا بالقنطار ،في الليل والنهار.