رحيل أخر ظرفاء الشام أبو عامر شربجي
رحيل أخر ظرفاء الشام أبو عامر شربجي
شمس الدين العجلاني*
[email protected]
و تستمر أزهار الياسمين الدمشقي بالتساقط ... و تسقط آخر زهره لآخر ظرفاء الشام برحيل رجا شربجي .... من لا يعرف هذا الرجل القدير العملاق ... فهو أبو عامر شربجي كما يعرفه أهل الشام و زواريبها و ازقتها ...
بالأمس القريب ترجل عن صهوة جواده بصمت و رحل أيضا بصمت ... رحل دون ان يقول لنا وداعا في حين كان يوما من الأيام شاغل الساحة السياسية و الفنية و الاجتماعية السورية و اللبنانية ، فقدت الشام بالأمس القريب ظريفها و عاشقها ابن القنوات – شابكلية الصحفي و السياسي صديق الفنانين و الفقراء و الأغنياء و النواب و الوزراء و الزعماء و المساجين ... كان ابن بلد بامتياز صحفيا بارعا ، شهد كل الصراعات السياسيه التي عاشتها منطقتنا وشهد كل الانقلابات السورية منذ عهد حسني الزعيم ، وتعايش مع كل العهود و الأيام ، كان صديقا تاريخيا للفن و الفنانين للرحابنه و فايزه احمد و نجاه الصغيرة و فريد الأطرش و عبد الوهاب و دريد لحام ، كان نزيلا في سجون عبد الحميد السراج .. كان صديقا لكل الناس يأنسون و يتسارعون إلى سهرات السمر حين يعلمون أن أبو عامر الشربجي سيدها فيخشاه السياسيون لأنه كان لاذعا و يحبه الناس لأنه ( يفش لهم خلقهم ) كان شاهدا حقيقيا و فعالا على ستة و ثمانين سنه مرت على بلاد الشام ... عرفته منذ عشرات السنيين بطريق الصدفة ، فهو قريب زوجتي و حين أردت أن ابدأ في مسيرتي الحياتية معها تقدمت لخطبتها و علم هو في الأمر و أراد السؤال عني كعادة أهل الشام و غيرها من البلدان ، و علم من أهل زوجتي أنني اعمل صحفيا ، و كنت حينها قد أصدرت ديواني الشعري ( المجنون ) لدى مطبعه الآداب و العلوم لأصحابها من عائله الرتا التي تربطهم صداقه مع أبو عامر الشربجي فذهب إليهم يسأل عني فقالوا ما قالوه عني و أضافوا أنني صحفي و شاعر أيضا و هذا ديوان شعري له فاطلع عليه و دمدم بضع كلمات و ذهب إلى حماتي رحمها الله و قال لها : ( هاد ابن العجلاني مو صحفي و بس و شاعر كمان ما بدكم ياه هدول الشعراء بخوفوا .؟ ) و طبعا لم تأخذ حماتي بنصيحته ... و منذ تلك اللحظة أصبحنا أصدقاء و أقرباء ..
بالأمس القريب ترجل آخر ظرفاء الشام بصمت لم يزعج احد و ( هرت ) آخر ياسمينات الشام من سور بيت شربجي في حي القنوات بدمشق القديمة بصمت لم ينتبه لها احد و ماتت و عادت إلى التراب ... رحمك الله يا آخر ظرفاء الشام يا ورده تتفتح فوق كل جراح ...