رابطة الأدب الإسلامي تحيي ذكرى الكيلاني

رابطة الأدب الإسلامي

 تحيي ذكرى الكيلاني

صالح البوريني- عضو رابطة الأدب الإسلامي – الأردن

في مقرها في عمان أقامت رابطة الأدب الإسلامي مساء يوم السبت 13/3/2004 أمسية أحييت فيها الذكرى السنوية الأولى لوفاة الأديب الداعية مصطفى حيدر زيد الكيلاني شهدها عدد من أعضاء الرابطة ومن ذوي المرحوم وقرابته وأحبائه وقام بعرافة الأمسية عضو الرابطة الشاعر صالح البوريني الذي رحب بالحضور وقال: "إن الأخوة الإيمانية والمودة الروحية والوفاء الإنساني، ورحم العلم والأدب وسواها من الوشائج والمشاعر التي تجذبنا إلى روح فقيد الأدب والدعوة الأستاذ المربي والداعية المرحوم مصطفى الكيلاني (أبي أنمار) تجعل شخصيته حاضرة في ذاكرة رابطته التي اعتزّ بها، ودعا إلى طريقها حيث قال في هذا المكان وما يزال قوله مسجلاً وصوته مجلجلاً:

ولنأت     رابطة    تلمُّ    iiشتاتنا
أنعم  برابطة  غدت  في iiعصرنا
قم حي رابطة تنادي المسلمين من
 



 
وتحيطنا     بالحب     iiوالإكرام
مقصودة     ولها     مقام    iiسام
الدعاة     ومن    ذوي    الأقلام
 

إن محبة الفقيد الكيلاني في القلوب تجعل روحه محلقة في مخيلة إخوانه وكل من عرفه من أعضاء هذه الرابطة، هؤلاء الأعضاء الذين أحبهم الكيلاني وأفسح لهم في شعره وأشاد بعلمهم وإبداعهم فقال:

ضمت من الكتاب كـل iiمحقـق
ورعت من الشعراء من أشعارهم


 
أو   باحث   أو   ناقد   iiمقـدام
تخلو    من    التعقيد   iiوالإبهام

ثم تحدث الشاعر غازي الجمل عن الكيلاني شاعراً.. وأنشد نماذج راقية من شعره في موضوعات مختلفة منها حب النبي صلى الله عليه وسلم، ونكبة فلسطين، والاعتداد بالنفس، وعاطفة الأمومة وغيرها مما يتعلق بقضايا الأمة ومعاناة الإنسان، ونوّه الشاعر الجمل بقوة شعر الكيلاني وأشار إلى بعض جمالياته اللغوية والموسيقية.

قال في نكبة فلسطين:

ومزقوك  وما  زالوا  فوا iiألمي
وألبسوكَ   بروداً  من  نسيجهم
وشي يروق إلى الرائين ظاهره
 



 
في  كل شلو من الأشلاء iiسكين
في  كل  حين لها وشي وتلوين
وفي   بواطنه  تسعى  iiالثعابين
 

ومن قصيدة له في أمه يقول:

أمي  رعـاك الله يا iiأمي
أنت التي ما همني iiسبب


 
أنت المحبة دونمـا iiإثـم
إلا انبريت لتمسحي همي

ومن شواهد اعتداده بنفسه قوله:

وبين  جنبي  نفس  غير  iiصاغرة
حاشا   لمثلي  وإن  قلت  iiحوائجه
يا خافقي مت على الحرمان إن يداً
 



 
في  الحادثات  وقلب  غير iiرعديد
إطراقة   إلهام   أو  إحناءة  iiالجيد
قصّت  جناحيكَ  لم  تحفل  iiبغريد
 

ثم تحدث الأستاذ الشاعر علي الكيلاني ابن عم الفقيد صاحب الذكرى.. فقدم ترجمة لشخصية الكيلاني قال فيها: "إن المرحوم من مواليد عام 1923 في مدينة نابلس التي كان يقيم فيها مع أسرة والده –رحمه الله- الذي كان يعمل في سلك القضاء الشرعي في زمن الانتداب البريطاني على فلسطين في الناصرة، ثم انتقل إلى نابلس ثم رحل منها مع عائلته إلى الزرقاء في مطلع الثلاثينيات، حيث عمل إماماً وخطيباً في المسجد الذي يدعى اليوم مسجد عمر بن الخطاب، وقد عمل في مدارس المملكة المختلفة.

وألقى الشاعر علي فهيم الكيلاني قصيدة رثاء جاء فيها:

إذا   الأيام  غصّت  iiبالمنايا
سنجعلها  تطيب  بنا iiوتزكو
سنجعلها تفيض هدى iiوعدلاً
لسوف  نظل نذكر ما iiحيينا
وما طابت ورقت واستقامت





 
فنحن   دواؤها  iiوالمكرمات
ويشرق  وجهها  iiوالأمنيات
مغانيها    جنان    iiوارفات
أبا  أنمار  ما  قست  iiالحياة
فذاكرة   الوفاء  لها  iiالثبات

واستشهد بمقال الأستاذ إبراهيم العجلوني في تأبين الراحل نشر في زاويته بجريدة الرأي جاء فيه: "ها نحن أولاء نودع فارس قلم وفارس أخلاق، ونؤبن رجل تربية وتعليم وتقويم، هيهات يجود زماننا بمثله، صدق لهجة وصلابة روح وحماسة قلب ونزاهة ضمير، لقد كان أستاذنا الراحل مصطفى حيدر الكيلاني (أبو أنمار) ميزاناً غير ذي تخسير، نعرف به مبلغنا من الجد والهزل، ومرآة صافية نرى فيها ملامحنا وما هي عليه من استواء أو التواء.. وكان رحمه الله من أولئك الذين لا تأخذهم في الحق لومة لائم.. ولا يعبؤون وهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، أرضي الخلق أم انفجروا غضباً.. ولم يكن إنسان منا مهما كبر في عين نفسه أو في أعين الآخرين ولا حكومة ذات هيلمان، ولا جماعة ذات سلطان لتبلغ عنده إن تكون فوق النقد والتقريع".

وبعد ذلك قدمت الشاعرة نبيلة الخطيب شهادتين إحداهما نثرية والأخرى شعرية، قالت فيها: "فالرجال الذين يبقون في النفوس حاضرين متجددين لثلة من الآخرين، إنهم القابضون على الجمر حتى انطفاء الجسد.. عرفته –أي المرحوم الكيلاني- صاحب موقف يؤمن أنه الحق، فيعض عليه بالنواجذ، لا يغره الغرور، لا يداهن ولا يماري، شديد في الحق يصدع به.. رضي من رضي وسخط من سخط. ثم ألقت قصيدة نظمتها في موقف خلاف في الرأي بينها وبين المرحوم جاء فيها:

أغضي على الشوك أو أرميه بالورد
الله   يعلم   أن   القلب   ذو  iiورع
بعض  من  الظن  أدعو  الله iiيغفره
ويعيق   العمر   بشراً  في  iiخواتمه
وينزع   الغل   إخواناً  على  iiسرر
 





 
أصد   بالدفء  هجمات  من  iiالبرد
وما   صبأت   وما   عقلي   iiبمرتد
ويعمر   النفس   بعد   الصد  iiبالود
ويرفع   الذكر  بين  الناس  iiبالحمد
كأساً    دهاقاً   هنيئاً   جنة   iiالخلد
 

تحدث بعد ذلك الأستاذ عبد الرحمن البوريني مضيفاً بعداً جديداً إلى الأمسية الدافئة يزيدها دفئاً هو حديث التلميذ عن أستاذه، فكان مما قاله: "وتتابعت اللقاءات –يعني مع المرحوم الكيلاني- نتدارس فيها القرآن واللغة، وننهل من معينه الرحب، ولطالما شدنا كثيراً عندما كان يتحدث عن أمته حديثاً مليئاً بعنفوان الشباب في جلباب من حكمة الشيوخ.. كنت كلما نلتقي أحس أنه الأستاذ والصديق والوالد، كنت أحس أنني أوفر الموجودين في المجلس حظاً.. أسأل الله سبحانه أن يرحمه رحمة واسعة، وأن يجمعنا به في جنان النعيم".

ومن الجدير بالذكر أن المرحوم الكيلاني قد أمضى زهرة شبابه وسني عمره في خدمة دعوة الإسلام ولغة القرآن وتربية الأجيال، وكان مهتماً بعلوم العربية، ضليعاً في علم البلاغة ذا ولع بحفظ الشعر الرصين ونظمه. ومن مؤلفاته المطبوعة ديوان "أناشيد" و"كتاب "مضرب الأمثال" ومسرحية بعنوان "ليت الجبابرة يتعظون" وترك إنتاجاً غزيراً من الشعر في مختلف الأغراض ولا سيما في الغرض السياسي، ما يزال مخطوطاً. وكان قد تقلب في الأعمال التعليمية وخدم معلماً في المدارس حتى صار مديراً إلى أن تقاعد من وزارة التربية، ثم استأنف العمل في التدريس في الكلية العلمية الإسلامية، وعمل فيها موجهاً تربوياً، وكان محدثاً لبقاً، وخطيباً مفوّهاً، قوي الحجّة، واضح الإشارة، بليغ العبارة، سيّال القلم، وله كتابات كثيرة في الصحف.

رحمه الله وجعل الجنة مأواه.